منتدى الأصدقاء
{وَاللّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }يونس25
And God calls to the House of Peace and guides whom He wills to a Straight Path} Younis 25
نحن سعداء للمشاركة في (منتدى الأصدقاء)
We are pleased to join in ( Forum Friends )
يشرفنا تسجيلك
We are honored register you
إدارة المنتدى
Management of Forum

منتدى الأصدقاء
{وَاللّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }يونس25
And God calls to the House of Peace and guides whom He wills to a Straight Path} Younis 25
نحن سعداء للمشاركة في (منتدى الأصدقاء)
We are pleased to join in ( Forum Friends )
يشرفنا تسجيلك
We are honored register you
إدارة المنتدى
Management of Forum

منتدى الأصدقاء
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدى الأصدقاء
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

( أهلا وسهلا بكم في منتدى الأصدقاء Welcome to the forum Friends >> الرجاء تسجيل الدخول للتعرف على فضائل الأعمال التي يحبها الله Please log in to learn about the virtues of Business loved by God

المواضيع الأخيرة
» تعديل شاشة الكمبيوتر - الوضع الصحيح من المصنع - LG
 تفسير سورة إبراهيم - من آية 1 - إلى نهاية الآية 23 I_icon_minitimeالأحد نوفمبر 05, 2017 2:53 pm من طرف abubaker

»  إن كلمة “الله” هي علم على واجب الوجود. --- آية الكرسي
 تفسير سورة إبراهيم - من آية 1 - إلى نهاية الآية 23 I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:44 am من طرف abubaker

»  إن كلمة “الله” هي علم على واجب الوجود. --- آية الكرسي
 تفسير سورة إبراهيم - من آية 1 - إلى نهاية الآية 23 I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:44 am من طرف abubaker

»  إن كلمة “الله” هي علم على واجب الوجود -- آية الكرسي -- تابع ----
 تفسير سورة إبراهيم - من آية 1 - إلى نهاية الآية 23 I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:33 am من طرف abubaker

»  وكلمة (الله) عَلَمٌ على واجب الوجود؛ مَطمورة فيه كُلُّ صفات الكمال؛ / الرعد - ؛ فشاءتْ رحمتُه سبحانه أنْ سَهَّل لنا أن نفتتح أيَّ عمل باسمه الجامع لكل صفات الجمال والكمال (بسم الله الرحمن الرحيم). ولذلك يُسَمُّونه (عَلَمٌ على واجب الوجود).
 تفسير سورة إبراهيم - من آية 1 - إلى نهاية الآية 23 I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:18 am من طرف abubaker

» أما أسماء الله فحسنى؛ لأنها بلغتْ القمة في الكمال، ولأن الأسماء والصفات التي تنطبق عليها موجودة في الخالق الأعلى سبحانه
 تفسير سورة إبراهيم - من آية 1 - إلى نهاية الآية 23 I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:06 am من طرف abubaker

» وكلمة(اللهُ) عَلَم على واجب الوجود بكل صفات الكمال له - طه
 تفسير سورة إبراهيم - من آية 1 - إلى نهاية الآية 23 I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 3:57 am من طرف abubaker

» فاعمل لوجهه يكْفك كل الأوجه وتريح نفسك أن تتنازعك قوى شتى ومختلفة، ويُغنيك عن كل غنى.
 تفسير سورة إبراهيم - من آية 1 - إلى نهاية الآية 23 I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 3:51 am من طرف abubaker

» أتدرون ما هذان الكتابان فريق في الجنة وفريق في السعير
 تفسير سورة إبراهيم - من آية 1 - إلى نهاية الآية 23 I_icon_minitimeالثلاثاء يوليو 18, 2017 3:21 pm من طرف abubaker

ازرار التصفُّح
 البوابة
 الرئيسية
 قائمة الاعضاء
 البيانات الشخصية
 س .و .ج
 بحـث
التبادل الاعلاني

 

  تفسير سورة إبراهيم - من آية 1 - إلى نهاية الآية 23

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
abubaker

abubaker


ذكر
عدد المساهمات : 18649
تاريخ التسجيل : 23/12/2010
العمر : 74
الدولـة : jordan

 تفسير سورة إبراهيم - من آية 1 - إلى نهاية الآية 23 Empty
مُساهمةموضوع: تفسير سورة إبراهيم - من آية 1 - إلى نهاية الآية 23    تفسير سورة إبراهيم - من آية 1 - إلى نهاية الآية 23 I_icon_minitimeالجمعة مارس 15, 2013 12:52 pm

تفسير سورة إبراهيم



بِسْمِ اللّهِ الرّحْمـَنِ الرّحِيمِ

الَر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النّاسَ مِنَ الظّلُمَاتِ إِلَى النّورِ بِإِذْنِ رَبّهِمْ إِلَىَ صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ * اللّهِ الّذِي لَهُ مَا فِي السّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ وَوَيْلٌ لّلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ * الّذِينَ يَسْتَحِبّونَ الْحَيَاةَ الدّنْيَا عَلَى الاَخِرَةِ وَيَصُدّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجاً أُوْلَـَئِكَ فِي ضَلاَلٍ بَعِيدٍ



قد تقدم الكلام على الحروف المقطعة في أوائل السور {كتاب أنزلناه إليك} أي هذا كتاب أنزلناإليك يا محمد، وهو القرآن العظيم الذي هو أشرف كتاب أنزله الله من السماء، على أشرف رسول بعثه الله في الأرض إلى جميع أهلها عربهم وعجمهم {لتخرج الناس من الظلمات إلى النور} أي إنما بعثناك يا محمد بهذا الكتاب لتخرج الناس مما هم فيه من الضلال والغي إلى الهدى والرشد، كما قال تعالى: {الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور، والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات} الاَية. وقال تعالى: {هو الذي ينزل على عبده آيات بينات ليخرجكم من الظلمات إلى النور} الاَية

وقوله: {بإذن ربهم} أي هو الهادي لمن قدر له الهداية على يدي رسوله المبعوث عن أمره يهديهم {إلى صراط العزيز}، أي العزيز الذين لا يمانع ولا يغالب، بل هو القاهر لكل ما سواه، {الحميد} أي المحمود في جميع أفعاله وأقواله وشرعه وأمره ونهيه الصادق في خبره. وقوله: {الله الذي له ما في السموات وما في الأرض} قرأ بعضهم مستأنفاً مرفوعاً وقرأ آخرون على الإتباع صفة للجلالة، كقوله تعالى: {قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً الذي له ملك السموات والأرض} الاَية. وقوله: {وويل للكافرين من عذاب شديد} أي ويل لهم يوم القيامة إذ خالفوك يا محمد وكذبوك، ثم وصفهم بأنهم يستحبون الحياة الدنيا على الاَخرة، أي يقدمونها ويؤثرونها عليها ويعملون للدنيا، ونسوا الاَخرة وتركوها وراء ظهورهم {ويصدون عن سبيل الله} وهي اتباع الرسل {ويبغونها عوجاً} أي ويحبون أن تكون سبيل الله عوجاً مائلة عائلة، وهي مستقيمة في نفسها لا يضرها من خالفها، ولا من خذلها فهم في ابتغائهم ذلك في جهل وضلال بعيد من الحق، لا يرجى لهم والحالة هذه صلاح



وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن رّسُولٍ إِلاّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيّنَ لَهُمْ فَيُضِلّ اللّهُ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِي مَن يَشَآءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ



هذا من لطفه تعالى بخلقه أنه يرسل إليهم رسلاً منهم بلغاتهم، ليفهموا عنهم ما يريدون، وما أرسلوا به إليهم، كما روى الإمام أحمد: حدثنا وكيع عن عمر بن ذر قال: قال مجاهد عن أبي ذر: قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لم يبعث الله عز وجل نبياً إلا بلغة قومه». وقوله: {فيضل الله من يشاء ويهدي من يشاء} أي بعد البيان وإقامة الحجة عليهم، يضل الله من يشاء عن وجه الهدى، ويهدي من يشاء إلى الحق {وهو العزيز} الذي ما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن، {الحكيم} في أفعاله، فيضل من يستحق الإضلال ويهدي من هو أهل لذلك، وقد كانت هذه سنته في خلقه أنه ما بعث نبياً في أمة إلا أن يكون بلغتهم، فاختص كل نبي بإبلاغ رسالته إلى أمته دون غيرهم، واختص محمد بن عبد الله رسول الله صلى الله عليه وسلم بعموم الرسالة إلى سائر الناس، كما ثبت في الصحيحين عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أعطيت خمساً لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي: نصرت بالرعب مسيرة شهر، وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً، وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي، وأعطيت الشفاعة، وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة» وله شواهد من وجوه كثيرة. وقال تعالى: {قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً}



وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىَ بِآيَاتِنَآ أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظّلُمَاتِ إِلَى النّورِ وَذَكّرْهُمْ بِأَيّامِ اللّهِ إِنّ فِي ذَلِكَ لاَيَاتٍ لّكُلّ صَبّارٍ شَكُورٍ



يقول تعالى: {وكما أرسلناك يا محمد وأنزلنا عليك الكتاب لتخرج الناس كلهم، تدعوهم إلى الخروج من الظلمات إلى النور، كذلك أرسلنا موسى إلى بني إسرائيل بآياتنا}، قال مجاهد: هي التسع الاَيات {أن أخرج قومك} أي أمرناه قائلين له {أخرج قومك من الظلمات إلى النور} أي ادعهم إلى الخير ليخرجوا من ظلمات ما كانوا فيه من الجهل والضلال إلى نور الهدى وبصيرة الإيمان، {وذكرهم بأيام الله} أي بأياديه ونعمه عليهم في إخراجه إياهم من أسر فرعون وقهره وظلمه وغشمه، وإنجائه إياهم من عدوهم، وفلقه لهم البحر، وتظليله إياهم بالغمام، وإنزاله عليهم المن والسلوى إلى غير ذلك من النعم، قال ذلك مجاهد وقتادة وغير واحد، وقد ورد فيه الحديث المرفوع الذي رواه عبد الله بن الإمام أحمد بن حنبل في مسند أبيه حيث قال حدثني يحيى بن عبد الله مولى بني هاشم، حدثنا محمد بن أبان الجعفي عن أبي إسحاق عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، عن أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى: {وذكرهم بأيام الله} قال: بنعم الله، ورواه ابن جرير وابن أبي حاتم من حديث محمد بن أبان به، ورواه عبد الله ابنه أيضاً موقوفاً وهو أشبه

وقوله: {إن في ذلك لاَيات لكل صبار شكور} أي إن فيما صنعنا بأوليائنا بني إسرائيل حين أنقذناهم من يد فرعون وأنجيناهم مما كانوا فيه من العذاب المهين لعبرة لكل صبار، أي في الضراء شكور أي في السراء، كما قال قتادة: نعم العبد عبد إذا ابتلي صبر، وإذا أعطي شكر. وكذا جاء في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن أمر المؤمن كله عجب، لا يقضي الله له قضاء إلا كان خيراً له، إن أصابته ضراء صبر، فكان خيراً له، وإن أصابته سراء شكر، فكان خيراً له»



وَإِذْ قَالَ مُوسَىَ لِقَوْمِهِ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنجَاكُمْ مّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوَءَ الْعَذَابِ وَيُذَبّحُونَ أَبْنَآءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَآءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلآءٌ مّن رّبّكُمْ عَظِيمٌ * وَإِذْ تَأَذّنَ رَبّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأزِيدَنّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ * وَقَالَ مُوسَىَ إِن تَكْفُرُوَاْ أَنتُمْ وَمَن فِي الأرْضِ جَمِيعاً فَإِنّ اللّهَ لَغَنِيّ حَمِيدٌ



يقول تعالى مخبراً عن موسى حين ذكر قومه بأيام الله عندهم ونعمه عليهم، إذ أنجاهم من آل فرعون، وما كانوا يسومونهم به من العذاب والإذلال، حيث كانوا يذبحون من وجد من أبنائهم، ويتركون إناثهم، فأنقذهم الله من ذلك، وهذه نعمة عظيمة، ولهذا قال: {وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم} أي نعمة عظيمة منه عليكم في ذلك، أنتم عاجزون عن القيام بشكرها وقيل: وفيما كان يصنعه بكم قوم فرعون من تلك الأفاعيل {بلاء} أي اختبار عظيم، ويحتمل أن يكون المراد هذا وهذا، والله أعلم، كقوله تعالى: {وبلوناهم بالحسنات والسيئات لعلهم يرجعون}. وقوله: {وإذ تأذن ربكم} أي آذنكم وأعلمكم بوعده لكم، ويحتمل أن يكون المعنى: وإذ أقسم ربكم وآلى بعزته وجلاله وكبريائه، كقوله تعالى: {وإذ تأذن ربك ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة}

وقوله: {لئن شكرتم لأزيدنكم} أي لئن شكرتم نعمتي عليكم لأزيدنكم منها، {ولئن كفرتم} أي كفرتم النعم وسترتموها وجحدتموها {إن عذابي لشديد}، وذلك بسلبها عنهم وعقابه إياهم على كفرها، وقد جاء في الحديث «إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه». وفي المسند أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، مر به سائل فأعطاه تمرة، فسخطها ولم يقبلها، ثم مر به آخر فأعطاه إياها، فقبلها وقال: تمرة من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأمر له بأربعين درهماً، أو كما قال: قال الإمام أحمد: حدثنا أسود، حدثنا عمارة الصيدلاني عن ثابت عن أنس، قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم سائل فأمر له بتمرة فلم يأخذها أو وحش بها ـ قال ـ: وأتاه آخر فأمر له بتمرة، فقال: سبحان الله تمرة من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال للجارية: «اذهبي إلى أم سلمة فأعطيه الأربعين درهماً التي عندها» تفرد به الإمام أحمد، وعمارة بن زاذان وثقه ابن حبان وأحمد ويعقوب بن سفيان. وقال ابن معين: صالح. وقال أبو زرعة: لا بأس به. وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به، ليس بالمتين. وقال البخاري: ربما يضطرب في حديثه، وعن أحمد أيضاً أنه قال: روى أحاديث منكرة. وقال أبو داود: ليس بذاك وضعفه الدارقطني. وقال ابن عدي: لا بأس به ممن يكتب حديثه

وقوله تعالى: {وقال موسى إن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعاً فإن الله لغني حميد} أي هو غني عن شكر عباده، وهو الحميد المحمود وإن كفره من كفره، كقوله: {إن تكفروا فإن الله غني عنكم} الاَية. وقوله: {فكفروا وتولوا واستغنى الله والله غني حميد}. وفي صحيح مسلم عن أبي ذر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عز وجل أنه قال: «يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم، ما زاد ذلك في ملكي شيئاً، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم، ما نقص ذلك في ملكي شيئاً، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد، فسألوني، فأعطيت كل إنسان مسألته، ما نقص ذلك من ملكي شيئاً إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر» فسبحانه وتعالى الغني الحميد



أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالّذِينَ مِن بَعْدِهِمْ لاَ يَعْلَمُهُمْ إِلاّ اللّهُ جَآءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيّنَاتِ فَرَدّوَاْ أَيْدِيَهُمْ فِيَ أَفْوَاهِهِمْ وَقَالُوَاْ إِنّا كَفَرْنَا بِمَآ أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنّا لَفِي شَكّ مّمّا تَدْعُونَنَآ إِلَيْهِ مُرِيبٍ



قال ابن جرير: هذا من تمام قول موسى لقومه يعني وتذكيره إياهم بأيام الله بانتقامه من الأمم المكذبة بالرسل، وفيما قال ابن جرير نظر، والظاهر أنه خبر مستأنف من الله تعالى لهذه الأمة، فإنه قد قيل: إن قصة عاد وثمود ليست في التوراة، فلو كان هذا من كلام موسى لقومه وقصصه عليهم، لا شك أن تكون هاتان القصتان في التوراة، والله أعلم، وبالجملة فالله تعالى قد قص علينا خبر قوم نوح وعاد وثمود وغيرهم من الأمم المكذبة للرسل مما لا يحصي عددهم إلا الله عز وجل {جاءتهم رسلهم بالبينات} أي بالحجج والدلائل الواضحات الباهرات القاطعات، وقال ابن إسحاق عن عمرو بن ميمون، عن عبد الله أنه قال في قوله: {لا يعلمهم إلا الله} كذب النسابون. وقال عروة بن الزبير: ما وجدنا أحداً يعرف ما بعد معد بن عدنان

وقوله: {فردوا أيديهم في أفواههم} اختلف المفسرون في معناه، قيل: معناه أنهم أشاروا إلى أفواه الرسل بأمرهم بالسكوت عنهم لما دعوهم إلى الله عز وجل. وقيل: بل وضعوا أيديهم على أفواههم تكذيباً لهم. وقيل: بل هو عبارة عن سكوتهم عن جواب الرسل. وقال مجاهد ومحمد بن كعب وقتادة: ومعناه أنهم كذبوهم وردوا عليهم قولهم بأفواههم. قال ابن جرير: وتوجيهه أن في هنا بمعنى الباء، قال: وقد سمع من العرب أدخلك الله بالجنة يعنون في الجنة، وقال الشاعر

وأرغب فيها عن لقيط ورهطه ولكنني عن سنبس لست أرغب

يريد أرغب بها. قلت: ويؤيد مجاهد تفسير ذلك بتمام الكلام {وقالوا إنا كفرنا بما أرسلتم به وإنا لفي شك مما تدعوننا إليه مريب} فكأن هذا ـ والله أعلم ـ تفسير لمعنى {فردوا أيديهم في أفواههم}. وقال سفيان الثوري وإسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله في قوله: {فردوا أيديهم في أفواههم} قال: عضوا عليها غيظاً. وقال شعبة عن أبي إسحاق عن أبي هبيرة بن يريم، عن عبد الله أنه قال ذلك أيضاً. وقد اختاره عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، ووجهه ابن جرير مختاراً له بقوله تعالى عن المنافقين {وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيط}. وقال العوفي عن ابن عباس: لما سمعوا كلام الله عجبوا ورجعوا بأيديهم إلى أفواههم، وقالوا: إنا كفرنا بما أرسلتم به الاَية، يقولون: لا نصدقكم فيما جئتم به، فإن عندنا فيه شكاً قوياً



قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللّهِ شَكّ فَاطِرِ السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مّن ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخّرَكُمْ إِلَىَ أَجَلٍ مّسَـمّـى قَالُوَاْ إِنْ أَنتُمْ إِلاّ بَشَرٌ مّثْلُنَا تُرِيدُونَ أَن تَصُدّونَا عَمّا كَانَ يَعْبُدُ آبَآؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مّبِينٍ * قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِن نّحْنُ إِلاّ بَشَرٌ مّثْلُكُمْ وَلَـَكِنّ اللّهَ يَمُنّ عَلَىَ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ وَمَا كَانَ لَنَآ أَن نّأْتِيَكُمْ بِسُلْطَانٍ إِلاّ بِإِذْنِ اللّهِ وَعلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكّلِ الْمُؤْمِنُونَ * وَمَا لَنَآ أَلاّ نَتَوَكّلَ عَلَى اللّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنّ عَلَىَ مَآ آذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكّلِ الْمُتَوَكّلُونَ



يخبر تعالى عما دار بين الكفار وبين رسلهم من المجادلة، وذلك أن أممهم لما واجهوهم بالشك فيما جاءوهم به من عبادة الله وحده لا شريك له، قالت الرسل: {أفي الله شك} وهذا يحتمل شيئين (أحدهما) أفي وجوده شك، فإن الفطر شاهدة بوجوده ومجبولة على الإقرار به، فإن الاعتراف به ضروري في الفطر السليمة، ولكن قد يعرض لبعضها شك واضطراب، فتحتاج إلى النظر في الدليل الموصل إلى وجوده، ولهذا قالت لهم الرسل ترشدهم إلى طريق معرفته بأنه {فاطر السموات والأرض} الذي خلقهما وابتدعهما على غير مثال سبق، فإن شواهد الحدوث والخلق والتسخير ظاهر عليهما، فلا بد لهما من صانع وهو الله لا إله إلا الله هو خالق كل شيء وإلاهه ومليكه (والمعنى الثاني: في قولهم: {أفي الله شك} أي أفي إلهيته وتفرده بوجوب العبادة له شك، وهو الخالق لجميع الموجودات، ولا يستحق العبادة إلا هو وحده لا شريك له، فإن غالب الأمم كانت مقرة بالصانع، ولكن تعبد معه غيره من الوسائط التي يظنونها تنفعهم أو تقربهم من الله زلفى، وقالت لهم رسلهم: {يدعوكم ليغفر لكم من ذنوبكم} أي في الدار الاَخرة {ويؤخركم إلى أجل مسمى} أي في الدنيا كما قال تعالى: {وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يمتعكم متاعاً حسناً إلى أجل مسمى ويؤت كل ذي فضل فضله} الاَية، فقالت لهم الأمم محاجين في مقام الرسالة بعد تقدير تسليمهم المقام الأول، وحاصل ما قالوه {إن أنتم إِلا بشر مثلنا} أي كيف نتبعكم بمجرد قولكم ولما نر منكم معجزة، {فأتونا بسلطان مبين} أي خارق نقترحه عليكم {قالت لهم رسلهم إِن نحن إِلا بشر مثلكم} أي صحيح إنا بشر مثلكم في البشرية {ولكن الله يمنّ على من يشاء من عباده} أي بالرسالة والنبوة {وما كان لنا أن نأتيكم بسلطان} على وفق ما سألتم {إِلا بإِذن الله} أي بعد سؤالنا إِياه وإِذنه لنا في ذلك {وعلى الله فليتوكل المؤمنون} أي في جميع أمورهم، ثم قالت الرسل: {وما لنا أن لا نتوكل على الله} أي وما يمنعنا من التوكل عليه، وقد هدانا لأقوم الطرق وأوضحها وأبينها {ولنصبرن على ما آذيتمونا} أي من الكلام السيء والأفعال السخيفة {وعلى الله فليتوكل المتوكلون}



وَقَالَ الّذِينَ كَفَرُواْ لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنّـكُمْ مّنْ أَرْضِنَآ أَوْ لَتَعُودُنّ فِي مِلّتِنَا فَأَوْحَىَ إِلَيْهِمْ رَبّهُمْ لَنُهْلِكَنّ الظّالِمِينَ * وَلَنُسْكِنَنّـكُمُ الأرْضَ مِن بَعْدِهِمْ ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ * وَاسْتَفْتَحُواْ وَخَابَ كُلّ جَبّارٍ عَنِيدٍ * مّن وَرَآئِهِ جَهَنّمُ وَيُسْقَىَ مِن مّآءٍ صَدِيدٍ * يَتَجَرّعُهُ وَلاَ يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِن كُلّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيّتٍ وَمِن وَرَآئِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ

يخبر تعالى عما توعدت به الأمم الكافرة رسلهم من الإخراج من أرضهم والنفي من بين أظهرهم، كما قال قوم شعيب له ولمن آمن به: {لنخرجنك يا شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا} الاَية. وكما قال قوم لوط: {أخرجوا آل لوط من قريتكم} الاَية، وقال تعالى إِخباراً عن مشركي قريش: {وإِن كادوا ليستفزونك من الأرض ليخرجوك منها وإِذاً لا يلبثون خلافك إِلا قليلاً}. وقال تعالى: {وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين} وكان من صنعه تعالى أنه أظهر رسوله ونصره، وجعل له بسبب خروجه من مكة أنصاراً وأعواناً وجنداً يقاتلون في سبيل الله تعالى، ولم يزل يرقيه تعالى من شيء إلى شيء حتى فتح له مكة التي أخرجته، ومكن له فيها، وأرغم أنوف أعدائه منهم ومن سائر أهل الأرض حتى دخل الناس في دين الله أفواجاً، وظهرت كلمة الله ودينه على سائر الأديان في مشارق الأرض ومغاربها في أيسر زمان، ولهذا قال تعالى: {فأوحى إليهم ربهم لنهلكن الظالمين ولنسكننكم الأرض من بعدهم} وكما قال: {ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين * إِنهم لهم المنصورون وإِن جندنا لهم الغالبون}، وقال تعالى: {كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إِن الله قوي عزيز}، وقال تعالى: {ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر} الاَية، {وقال موسى لقومه استعينوا بالله واصبروا إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين}، وقال تعالى: {وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون} وقوله: {ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد} أي وعيدي هذا لمن خاف مقامي بين يدي يوم القيامة وخشي من وعيدي وهو تخويفي وعذابي كما قال تعالى: {فأما من طغى وآثر الحياة الدنيا فإن الجحيم هي المأوى} وقال {ولمن خاف مقام ربه جنتان}

وقوله: {واستفتحوا} أي استنصرت الرسل ربها على قومها، قاله ابن عباس ومجاهد وقتادة، وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: استفتحت الأمم على أنفسها كما قالوا: {اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم} ويحتمل أن يكون هذا مراداً وهذا مراداً، كما أنهم استفتحوا على أنفسهم يوم بدر واستفتح رسول الله صلى الله عليه وسلم واستنصر، وقال الله تعالى للمشركين: {إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح وإن تنتهوا فهو خير لكم} الاَية، والله أعلم، {وخاب كل جبار عنيد} أي متجبر في نفسه عنيد معاند للحق، كقوله تعالى: {ألقيا في جهنم كل كفار عنيد، مناع للخير معتد مريب، الذي جعل مع الله إلهاً آخر فألقياه في العذاب الشديد} وفي الحديث «إنه يؤتى بجهنم يوم القيامة، فتنادي الخلائق، فتقول: إني وكلت بكل جبار عنيد» الحديث أي خاب وخسر حين اجتهد الأنبياء في الابتهال إلى ربها العزيز المقتدر

وقوله: {ومن ورائه جهنم} وراء هنا بمعنى أمام، كقوله تعالى: {وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصباً} وكان ابن عباس يقرؤها: وكان أمامهم ملك، أي من وراء الجبار العنيد جهنم، أي هي له بالمرصاد يسكنها مخلداً يوم المعاد، ويعرض عليها غدواً وعشياً إلى يوم التناد {ويسقى من ماء صديد} أي في النار ليس له شراب إلا من حميم وغساق، فهذا حار في غاية الحرارة، وهذا بارد في غاية البرد والنتن، كما قال: {هذا فليذوقوه حميم وغساق وآخر من شكله أزواج} وقال مجاهد وعكرمة: الصديد من القيح والدم. وقال قتادة: هو ما يسيل من لحمه وجلده، وفي رواية عنه: الصديد ما يخرج من جوف الكافر قد خالط القيح والدم. وفي حديث شهر بن حوشب عن أسماء بنت يزيد بن السكن قالت: قلت يا رسول الله ما طينة الخبال ؟ قال «صديد أهل النار». وفي رواية «عصارة أهل النار»

وقال الإمام أحمد: حدثنا علي بن إسحاق، أنبأنا عبد الله، أخبرنا صفوان بن عمرو عن عبيد الله بن بسر، عن أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: {ويسقى من ماء صديد يتجرعه} قال: «يقرب إليه فيكرهه، فإذا أدني منه شوىَ وجهه، ووقعت فروة رأسه، فإذا شربه قطع أمعاءه حتى يخرج من دبره» يقول الله تعالى: {وسقوا ماء حميماً فقطع أمعاءهم} ويقول: {وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه} الاَية، وهكذا رواه ابن جرير من حديث عبد الله بن المبارك به. ورواه هو وابن أبي حاتم من حديث بقية بن الوليد عن صفوان بن عمرو به

وقوله: {يتجرعه} أي يتغصصه ويتكرهه، أي يشربه قهراً وقسراً لا يضعه في فمه حتى يضربه الملك بمطراق من حديد، كما قال تعالى: {ولهم مقامع من حديد} {ولا يكاد يسيغه} أي يزدرده لسوء طعمه ولونه وريحه وحرارته أو برده الذي لا يستطاع {ويأتيه الموت من كل مكان} أي يألم له جميع بدنه وجوارحه وأعضائه. قال عمرو بن ميمون بن مهران: من كل عظم وعصب وعرق. وقال عكرمة: حتى من أطراف شعره، وقال إبراهيم التيمي: من موضع كل شعرة، أي من جسده حتى من أطراف شعره. وقال ابن جرير: {ويأتيه الموت من كل مكان} أي من أمامه وخلفه، وفي رواية: وعن يمينه وشماله، ومن فوقه ومن تحت أرجله، ومن سائر أعضاء جسده

وقال الضحاك عن ابن عباس {ويأتيه الموت من كل مكان} قال: أنواع العذاب الذي يعذبه الله بها يوم القيامة في نار جهنم، ليس منها نوع إلا يأتيه الموت منه لو كان يموت، ولكن لا يموت لأن الله تعالى قال: {لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها} ومعنى كلام ابن عباس رضي الله عنه أنه ما من نوع من هذه الأنواع من العذاب إلا إذا ورد عليه اقتضى أن يموت منه لو كان يموت، ولكنه لا يموت ليخلد في دوام العذاب والنكال، ولهذا قال تعالى: {ويأتيه الموت من كل مكان وما هو بميت}

وقوله: {ومن ورائه عذاب غليظ} أي وله من بعد هذه الحال عذاب آخر غليظ، أي مؤلم صعب شديد أغلظ من الذي قبله، وأدهى وأمر، وهذا كما قال تعالى عن شجرة الزقوم: {إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم * طلعها كأنه رؤوس الشياطين * فإنهم لاَكلون منها فمالئون منها البطون * ثم إن لهم عليها لشوباً من حميم * ثم إن مرجعهم لاإلى الجحيم} فأخبر أنهم تارة يكونون في أكل زقوم، وتارة في شرب حميم، وتارة يردون إلى جحيم، عياذاً بالله من ذلك، وهكذا قال تعالى: {هذه جهنم التي يكذب بها المجرمون يطوفون بينها وبين حميم آن}، وقال تعالى: {إن شجرة الزقوم طعام الأثيم، كالمهل يغلي في البطون كغلي الحميم، خذوه فاعتلوه إلى سواء الجحيم، ثم صبوا فوق رأسه من عذاب الحميم، ذق إنك أنت العزيز الكريم، إن هذا ما كنتم به تمترون}، وقال: {وأصحاب الشمال ما أصحاب الشمال في سموم وحميم وظل من يحموم لا بارد ولا كريم}، وقال تعالى: {هذا وإن للطاغين لشر مآب، جهنم يصلونها فبئس المهاد، هذا فليذوقوه حميم وغساق وآخر من شكله أزواج} إلى غير ذلك من الاَيات الدالة على تنوع العذاب عليهم، وتكراره وأنواعه، وأشكاله مما لا يحصيه إلا الله عز وجل جزاءً وفاقاً {وما ربك بظلام للعبيد}





مّثَلُ الّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدّتْ بِهِ الرّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لاّ يَقْدِرُونَ مِمّا كَسَبُواْ عَلَىَ شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضّلاَلُ الْبَعِيدُ



هذا مثل ضربه الله تعالى لأعمال الكفار الذين عبدوا معه غيره، وكذبوا رسله، وبنوا أعمالهم على غير أساس صحيح، فانهارت وعدموها أحوج ما كانوا إليها، فقال تعالى: {مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم} أي مثل أعمالهم يوم القيامة إذا طلبوا ثوابها من الله تعالى، لأنهم كانوا يحسبون أنهم كانوا على شيء فلم يجدو شيئاً، ولا ألفوا حاصلاً إلا كما يتحصل من الرماد إذا اشتدت به الريح العاصفة {في يوم عاصف} أي ذي ريح شديدة عاصفة قوية، فلم يقدروا على شيء من أعمالهم التي كسبوا في الدنيا إلا كما يقدرون على جمع هذا الرماد في هذا اليوم، كقوله تعالى: {وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثوراً}، وقوله تعالى: {مثل ما ينفقون في هذه الحياة الدنيا كمثل ريح فيها صر أصابت حرث قوم ظلموا أنفسهم فأهلكته وما ظلمهم الله. ولكن أنفسهم يظلمون}، وقوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى كالذي ينفق ماله رئاء الناس ولا يؤمن بالله واليوم الاَخر فمثله كمثل صفوان عليه تراب فأصابه وابل فتركه صلداً لا يقدرون على شيء مما كسبوا والله لا يهدي القوم الكافرين}، وقوله في هذه الاَية {ذلك هو الضلال البعيد} أي سعيهم وعملهم على غير أساس ولا استقامة، حتى فقدوا ثوابهم أحوج ما كانوا إليه {ذلك هو الضلال البعيد}



أَلَمْ تَرَ أَنّ اللّهَ خَلَقَ السّمَاوَاتِ وَالأرْضَ بِالْحقّ إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ * وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللّهِ بِعَزِيزٍ



يقول تعالى مخبراً عن قدرته على معاد الأبدان يوم القيامة بأنه خلق السموات والأرض التي هي أكبر من خلق الناس، أفليس الذي قدر على خلق هذه السموات في ارتفاعها واتساعها وعظمتها، وما فيها من الكواكب الثوابت والسيارات، والحركات المختلفات، والاَيات الباهرات، وهذه الأرض بما فيها من مهاد ووهاد وأوتاد، وبراري وصحارى، وقفار وبحار، وأشجار ونبات، وحيوان على اختلاف أصنافها ومنافعها وأشكالها وألوانها {أو لم يروا أن الله الذي خلق السموات والأرض ولم يعي بخلقهن بقادر على أن يحيي الموتى، بلى إنه على كل شيء قدير} وقال تعالى: {أو لم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين * وضرب لنا مثلاً ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم ؟ * قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم * الذي جعل لكم من الشجر الأخضر ناراً فإذا أنتم منه توقدون * أوليس الذي خلق السموات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم بلى وهو الخلاق العليم * إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون * فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء وإليه ترجعون} وقوله {إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد * وما ذلك على الله بعزيز} أي بعظيم ولا ممتنع بل هو سهل عليه إذا خالفتم أمره أن يذهبكم ويأت بآخرين على غير صفتكم كما قال: {يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد * إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد * وما ذلك على الله بعزيز} وقال: {وإن تتولوا يستبدل قوماً غيركم * ثم لا يكونوا أمثالكم} وقال: {يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه} وقال: {إن يشأ يذهبكم أيها الناس ويأت بآخرين وكان الله على ذلك قديراً}



وَبَرَزُواْ للّهِ جَمِيعاً فَقَالَ الضّعَفَاءُ لِلّذِينَ اسْتَكْبَرُوَاْ إِنّا كُنّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنتُمْ مّغْنُونَ عَنّا مِنْ عَذَابِ اللّهِ مِن شَيْءٍ قَالُواْ لَوْ هَدَانَا اللّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ سَوَآءٌ عَلَيْنَآ أَجَزِعْنَآ أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِن مّحِيصٍ



يقول تعالى: {وبرزوا} أي برزت الخلائق كلها برها وفاجرها لله الواحد القهار، أي اجتمعوا له في براز من الأرض وهو المكان الذي ليس فيه شيء يستر أحداً {فقال الضعفاء} وهم الأتباع لقادتهم وسادتهم وكبرائهم {للذين استكبروا} عن عبادة الله وحده لا شريك له وعن موافقة الرسل قالوا لهم: {إنا كنا لكم تبعاً} أي مهما أمرتمونا ائتمرنا وفعلنا {فهل أنتم مغنون عنا من عذاب الله من شيء} أي فهل تدفعون عنا شيئاً من عذاب الله كما كنتم تعدوننا وتمنوننا، فقالت القادة لهم: {لو هدانا الله لهديناكم} ولكن حق علينا قول ربنا، وسبق فينا وفيكم قدر الله، وحقت كلمة العذاب على الكافرين، {سواء علينا أجزعنا أم صبرنا مالنا من محيص} أي ليس لنا خلاص مما نحن فيه إن صبرنا عليه أو جزعنا منه

قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: إن أهل النار قال بعضهم لبعض: تعالوا فإنما أدرك أهل الجنة الجنة ببكائهم وتضرعهم إلى الله عز وجل، تعالوا نبك ونتضرع إلى الله فبكوا وتضرعوا فلما رأوا أنه لا ينفعهم قالوا: إنما أدرك أهل الجنة الجنة بالصبر، تعالوا حتى نصبر فصبروا صبراً لم ير مثله، فلم ينفعهم ذلك، فعند ذلك قالوا {سواء علينا أجزعنا أم صبرنا} الاَية، قلت: والظاهر أن هذه المراجعة في النار بعد دخولهم إليها، كما قال تعالى: {وإذ يتحاجون في النار فيقول الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعاً فهل أنتم مغنون عنا نصيباً من النار، قال الذين استكبروا إنا كل فيها إن الله قد حكم بين العباد} وقال تعالى: {قال ادخلوا في أمم قد خلت من قبلكم من الجن والإنس في النار كلما دخلت أمة لعنت أختها حتى إذا اداركوا فيها جميعاً قالت أخراهم لأولاهم ربنا هؤلاء أضلونا فآتهم عذاباً ضعفاً من النار، قال لكل ضعف ولكن لا تعلمون * وقالت أولاهم لأخراهم فما كان لكم علينا من فضل فذوقوا العذاب بما كنتم تكسبون}، وقال تعالى: {ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا، ربنا آتهم ضعفين من العذاب والعنهم لعناً كبيراً} وأما تخاصمهم في المحشر، فقال تعالى: {ولو ترى إذ الظالمون موقوفون عند ربهم يرجع بعضهم إلى بعض القول، يقول الذين استضعفوا للذين استكبروا لولا أنتم لكنا مؤمنين قال الذين استكبروا للذين استضعفوا أنحن صددناكم عن الهدى بعد إذ جاءكم، بل كنتم مجرمين. وقال الذين استضعفوا للذين استكبروا بل مكر الليل والنهار إذ تأمروننا أن نكفر بالله ونجعل له أنداداً وأسروا الندامة لما رأوا العذاب وجعلنا الأغلال في أعناق الذين كفروا هل يجزون إلا ما كانوا يعملون}



وَقَالَ الشّيْطَانُ لَمّا قُضِيَ الأمْرُ إِنّ اللّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقّ وَوَعَدتّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مّن سُلْطَانٍ إِلاّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُوَاْ أَنفُسَكُمْ مّآ أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَآ أَنتُمْ بِمُصْرِخِيّ إِنّي كَفَرْتُ بِمَآ أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ إِنّ الظّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * وَأُدْخِلَ الّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصّالِحَاتِ جَنّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبّهِمْ تَحِيّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ



يخبر تعالى عما خاطب به إبليس أتباعه بعدما قضى الله بين عباده، فأدخل المؤمنين الجنات، وأسكن الكافرين الدركات، فقام فيهم إبليس لعنه الله يومئذ خطيباً ليزيدهم حزناً إلى حزنهم، وغبناً إلى غبنهم، وحسرة إلى حسرتهم، فقال: {إن الله وعدكم وعد الحق} أي على ألسنة رسله، ووعدكم في اتباعهم النجاة والسلامة، وكان وعداً حقاً وخبراً صدقاً، وأما أنا فوعدتكم فأخلفتكم، كما قال الله تعالى: {يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إلا غروراً}، ثم قال: {وما كان لي عليكم من سلطان} أي ما كان لي دليل فيما دعوتكم إليه ولا حجة فيما وعدتكم به {إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي} بمجرد ذلك، هذا وقد أقامت عليكم الرسل الحجج والأدلة الصحيحة على صدق ما جاءوكم به، فخالفتموهم فصرتم إلى ما أنتم فيه {فلا تلوموني} اليوم {ولوموا أنفسكم} فإن الذنب لكم لكونكم خالفتم الحجج واتبعتموني بمجرد ما دعوتكم إلى الباطل {ما أنا بمصرخكم} أي بنافعكم ومنقذكم ومخلصكم مما أنتم فيه، {وما أنتم بمصرخيّ} أي بنافعي بإنقاذي مما أنا فيه من العذاب والنكال {إني كفرت بما أشركتمون من قبل} قال قتادة: أي بسبب ما أشركتمون من قبل، وقال ابن جرير: يقول: إني جحدت أن أكون شريكاً لله عز وجل، وهذا الذي قاله هو الراجح، كما قال تعالى: {ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون * وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين}، قال: {كلاّ سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضداً}

وقوله: {إن الظالمين} أي في إعراضهم عن الحق واتباعهم الباطل، لهم عذاب أليم، والظاهر من سياق الاَية أن هذه الخطبة تكون من إبليس بعد دخولهم النار كما قدمنا، ولكن قد ورد في حديث رواه ابن أبي حاتم، وهذا لفظه، وابن جرير من رواية عبد الرحمن بن زياد: حدثني دخين الحجري عن عقبة بن عامر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا جمع الله الأولين والاَخرين فقضى بينهم ففرغ من القضاء، قال المؤمنون: قد قضى بيننا ربنا، فمن يشفع لنا ؟ فيقولون، انطلقوا بنا إلى آدم، وذكر نوحاً وإبراهيم وموسى وعيسى فيقول عيسى: أدلكم على النبي الأمي، فيأتوني، فيأذن الله لي أن أقوم إليه فيثور من مجلسي من أطيب ريح شمها أحد قط، حتى آتي ربي فيشفعني ويجعل لي نوراً من شعر رأسي إلى ظفر قدمي، ثم يقول الكافرون: هذا قد وجد المؤمنون من يشفع لهم، فمن يشفع لنا ؟ ما هو إلا إبليس هو الذي أضلنا، فيأتون إبليس فيقولون: قد وجد المؤمنون من يشفع لهم، فقم أنت فاشفع لنا، فإنك أنت أضللتنا فيقوم فيثور من مجلسه من أنتن ريح شمها أحد قط، ثم يعظم نحيبهم {وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم} وهذا سياق ابن أبي حاتم، ورواه المبارك عن رشدين بن سعد عن عبد الرحمن بن زياد بن نعيم، عن دخين عن عقبة به مرفوعاً

وقال محمد بن كعب القرظي رحمه الله: لما قال أهل النار {سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص} قال لهم إبليس {إن الله وعدكم وعد الحق} الاَية، فلما سمعوا مقالته، مقتوا أنفسهم فنودوا {لمقت الله أكبر من مقتكم أنفسكم إذ تدعون إلى الإيمان فتكفرون} وقال عامر الشعبي: يقوم خطيبان يوم القيامة على رؤوس الناس، يقول الله تعالى لعيسى ابن مريم: {أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله ؟} إلى قوله {قال الله هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم} قال: ويقوم إبليس لعنه الله فيقول {وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي} الاَية. ثم لما ذكر تعالى مآل الأشقياء وما صاروا إليه من الخزي والنكال، وأن خطيبهم إبليس عطف بمآل السعداء، فقال {وأدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار} سارحة فيها حيث ساروا وأين ساروا {خالدين فيها} ماكثين أبداً لا يحولون ولا يزولون {بإذن ربهم تحيتهم فيها سلام}، كما قال تعالى: {حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابها وقال لهم خزنتها سلام عليكم}، وقال تعالى: {والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم}، وقال تعالى: {ويلقون فيها تحية وسلاماً}، وقال تعالى: {دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام وآخر دعواهم أن الحمد لله رب الع
المين}


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://abubaker.jordanforum.net
 
تفسير سورة إبراهيم - من آية 1 - إلى نهاية الآية 23
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  تفسير سورة إبراهيم - من آية 24 - إلى نهاية الآية 30
»  تفسير سورة إبراهيم - من آية 31 - إلى نهاية الآية 52
»  تفسير سورة يس - من آية 30 - إلى نهاية الآية 54
»  تفسير سورة طه - من آية 105 - إلى نهاية الآية 135
» تفسير سورة ص - من آية 1 - إلى نهاية الآية 33

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الأصدقاء :: هدايات وإرشادات وتوجيهات إسلامية :: تفسير القران الكريم "ابن كثير"-
انتقل الى: