منتدى الأصدقاء
{وَاللّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }يونس25
And God calls to the House of Peace and guides whom He wills to a Straight Path} Younis 25
نحن سعداء للمشاركة في (منتدى الأصدقاء)
We are pleased to join in ( Forum Friends )
يشرفنا تسجيلك
We are honored register you
إدارة المنتدى
Management of Forum

منتدى الأصدقاء
{وَاللّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }يونس25
And God calls to the House of Peace and guides whom He wills to a Straight Path} Younis 25
نحن سعداء للمشاركة في (منتدى الأصدقاء)
We are pleased to join in ( Forum Friends )
يشرفنا تسجيلك
We are honored register you
إدارة المنتدى
Management of Forum

منتدى الأصدقاء
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدى الأصدقاء
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

( أهلا وسهلا بكم في منتدى الأصدقاء Welcome to the forum Friends >> الرجاء تسجيل الدخول للتعرف على فضائل الأعمال التي يحبها الله Please log in to learn about the virtues of Business loved by God

المواضيع الأخيرة
» تعديل شاشة الكمبيوتر - الوضع الصحيح من المصنع - LG
 تفسير سورة الإسراء - من آية 45 - نهاية الآية 77   I_icon_minitimeالأحد نوفمبر 05, 2017 2:53 pm من طرف abubaker

»  إن كلمة “الله” هي علم على واجب الوجود. --- آية الكرسي
 تفسير سورة الإسراء - من آية 45 - نهاية الآية 77   I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:44 am من طرف abubaker

»  إن كلمة “الله” هي علم على واجب الوجود. --- آية الكرسي
 تفسير سورة الإسراء - من آية 45 - نهاية الآية 77   I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:44 am من طرف abubaker

»  إن كلمة “الله” هي علم على واجب الوجود -- آية الكرسي -- تابع ----
 تفسير سورة الإسراء - من آية 45 - نهاية الآية 77   I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:33 am من طرف abubaker

»  وكلمة (الله) عَلَمٌ على واجب الوجود؛ مَطمورة فيه كُلُّ صفات الكمال؛ / الرعد - ؛ فشاءتْ رحمتُه سبحانه أنْ سَهَّل لنا أن نفتتح أيَّ عمل باسمه الجامع لكل صفات الجمال والكمال (بسم الله الرحمن الرحيم). ولذلك يُسَمُّونه (عَلَمٌ على واجب الوجود).
 تفسير سورة الإسراء - من آية 45 - نهاية الآية 77   I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:18 am من طرف abubaker

» أما أسماء الله فحسنى؛ لأنها بلغتْ القمة في الكمال، ولأن الأسماء والصفات التي تنطبق عليها موجودة في الخالق الأعلى سبحانه
 تفسير سورة الإسراء - من آية 45 - نهاية الآية 77   I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:06 am من طرف abubaker

» وكلمة(اللهُ) عَلَم على واجب الوجود بكل صفات الكمال له - طه
 تفسير سورة الإسراء - من آية 45 - نهاية الآية 77   I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 3:57 am من طرف abubaker

» فاعمل لوجهه يكْفك كل الأوجه وتريح نفسك أن تتنازعك قوى شتى ومختلفة، ويُغنيك عن كل غنى.
 تفسير سورة الإسراء - من آية 45 - نهاية الآية 77   I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 3:51 am من طرف abubaker

» أتدرون ما هذان الكتابان فريق في الجنة وفريق في السعير
 تفسير سورة الإسراء - من آية 45 - نهاية الآية 77   I_icon_minitimeالثلاثاء يوليو 18, 2017 3:21 pm من طرف abubaker

ازرار التصفُّح
 البوابة
 الرئيسية
 قائمة الاعضاء
 البيانات الشخصية
 س .و .ج
 بحـث
التبادل الاعلاني

 

  تفسير سورة الإسراء - من آية 45 - نهاية الآية 77

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
abubaker

abubaker


ذكر
عدد المساهمات : 18649
تاريخ التسجيل : 23/12/2010
العمر : 74
الدولـة : jordan

 تفسير سورة الإسراء - من آية 45 - نهاية الآية 77   Empty
مُساهمةموضوع: تفسير سورة الإسراء - من آية 45 - نهاية الآية 77     تفسير سورة الإسراء - من آية 45 - نهاية الآية 77   I_icon_minitimeالجمعة مارس 15, 2013 12:05 pm

وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالاَخِرَةِ حِجَاباً مّسْتُوراً * وَجَعَلْنَا عَلَىَ قُلُوبِهِمْ أَكِنّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِيَ آذَانِهِمْ وَقْراً وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلّوْاْ عَلَىَ أَدْبَارِهِمْ نُفُوراً



يقول تعالى لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم : وإذا قرأت يا محمد على هؤلاء المشركين القرآن، جعلنا بينك وبينهم حجاباً مستوراً. قال قتادة وابن زيد: هو الأكنة على قلوبهم، كما قال تعالى: {وقالوا قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه وفي آذاننا وقر ومن بيننا وبينك حجاب} أي مانع حائل أن يصل إلينا مما تقول شيء. وقوله {حجاباً مستوراً} بمعنى ساتر كميمون ومشؤوم بمعنى يامن وشائم، لأنه من يمنهم وشؤمهم، وقيل: مستوراً عن الأبصار فلا تراه وهو مع ذلك حجاب بينهم وبين الهدى، ومال إلى ترجيحه ابن جرير رحمه الله

وقال الحافظ أبو يعلى الموصلي: حدثنا أبو موسى الهروي إسحاق بن إبراهيم، حدثنا سفيان عن الوليد بن كثير، عن يزيد بن تدرس، عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله تعالى عنها قالت: لما نزلت {تبت يدا أبي لهب} جاءت العوراء أم جميل ولها ولولة وفي يدها فهر وهي تقول: مذمماً أتينا ـ أو أبينا ـ قال أبو موسى: الشك مني، ودينه قلينا، وأمره عصينا، ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس وأبو بكر إلى جنبه فقال أبو بكر رضي الله عنه: لقد أقبلت هذه وأنا أخاف أن تراك، فقال «إنها لن تراني» وقرأ قرآناً اعتصم به منها {وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالاَخرة حجاباً مستوراً} قال: فجاءت حتى قامت على أبي بكر فلم تر النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا أبا بكر، بلغني أن صاحبك هجاني، قال أبو بكر: لا ورب هذا البيت ما هجاك، قال: فانصرفت وهي تقول: لقد علمت قريش أني بنت سيدها

وقوله: {وجعلنا على قلوبهم أكنة} وهي جمع كنان الذي يغشى القلب {أن يفقهوه} أي لئلا يفهموا القرآن {وفي آذانهم وقراً} وهو الثقل الذي منعهم من سماع القرآن سماعاً ينفعهم ويهتدون به. وقوله تعالى: {وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده} أي إذا وحدت الله في تلاوتك، وقلت لا إله إلا الله، {ولّوْا} أي أدبروا راجعين {على أدبارهم نفوراً} ونفور جمع نافر، وكقعود جمع قاعد، ويجوز أن يكون مصدراً من غير الفعل، والله أعلم. كما قال تعالى: {وإذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالاَخرة} الاَية، قال قتادة في قوله {وإذا ذكرت ربك في القرآن} الاَية، إن المسلمين لما قالوا لا إله إلا الله، أنكر ذلك المشركون، كبرت عليهم وضاقها إبليس وجنوده، فأبى الله إلا أن يمضيها ويعليها وينصرها ويظهرها على من ناوأها، إنها كلمة من خاصم بها فلح، ومن قاتل بها نصر، إنما يعرفها أهل هذه الجريزة من المسلمين التي يقطعها الراكب في ليال قلائل، ويسير الدهر في فئام من الناس لا يعرفونها ولا يقرون بها

قول آخر في الاَية :

روى ابن جرير: حدثني الحسين بن محمد الذارع، حدثنا روح بن المسيب أبو رجاء الكلبي، وحدثنا عمرو بن مالك عن أبي الجوزاء، عن ابن عباس في قوله: {وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولّوْوا على أدبارهم نفوراً} هم الشياطين، وهذا غريب جداً في تفسيرها، وإلا فالشياطين إذا قرىء القرآن أو نودي بالأذان أو ذكر الله انصرفوا



نّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوَىَ إِذْ يَقُولُ الظّالِمُونَ إِن تَتّبِعُونَ إِلاّ رَجُلاً مّسْحُوراً * انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُواْ لَكَ الأمْثَالَ فَضَلّواْ فَلاَ يَسْتَطِيعْونَ سَبِيلاً



يخبر تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بما يتناجى به رؤساء قريش حين جاؤوا يستمعون قراءته صلى الله عليه وسلم سراً من قومهم بما قالوا من أنه رجل مسحور من السحر على المشهور، أو من السحر وهو الرئة، أي إن تتبعون إن اتبعتم محمداً إلا بشراً يأكل، كما قال الشاعر

فإن تسألينا فيم نحن فإننا عصافير من هذا الأنام المسحر



وقال الراجز

نسحر بالطعام وبالشراب

أي يغذي، وقد صوب هذا القول ابن جرير، وفيه نظر لأنهم أرادوا ههنا أنه مسحور له رئي يأتيه بما استمعوه من الكلام الذي يتلوه، ومنهم من قال: شاعر. ومنهم من قال: كاهن. ومنهم من قال: مجنون ومنهم من قال: ساحر، ولهذا قال تعالى: {انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا فلا يستطيعون سبيلاً} أي فلا يهتدون إلى الحق ولا يجدون إليه مخلصاً، قال محمد بن إسحاق في السيرة: حدثني محمد بن مسلم بن شهاب الزهري أنه حدث أن أبا سفيان بن حرب وأبا جهل بن هشام والأخنس بن شريق بن عمرو بن وهب الثقفي حليف بني زهرة، خرجوا ليلة ليستمعوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي بالليل في بيته، فأخذ كل واحد منهم مجلساً يستمع فيه، وكل لا يعلم بمكان صاحبه، فباتوا يستمعون له حتى إذا طلع الفجر تفرقوا، حتى إذا جمعتهم الطريق تلاوموا، وقال بعضهم لبعض: لا تعودوا فلو رآكم بعض سفهائكم لأوقعتم في نفسه شيئاً، ثم انصرفوا حتى إذا كانت الليلة الثانية، عاد كل رجل منهم إلى مجلسه فباتوا يستمعون له، حتى إذا طلع الفجر تفرقوا وجمعتهم الطريق، فقال بعضهم لبعض مثل ما قاله أول مرة، ثم انصرفوا حتى إذا كانت الليلة الثالثة أخذ كل رجل مجلسه فباتوا يستمعون له، حتى إذا طلع الفجر تفرقوا فجمعتهم الطريق، فقال بعضهم لبعض لا نبرح حتى نتعاهد لا نعود، فتعاهدوا على ذلك ثم تفرقوا، فلما أصبح الأخنس بن شريق أخذ عصاه ثم خرج حتى أتى أبا سفيان بن حرب في بيته، فقال: أخبرني يا أبا حنظلة عن رأيك فيما سمعت من محمد. قال: يا أبا ثعلبة والله لقد سمعت أشياء أعرفها وأعرف ما يراد بها، وسمعت أشياء ما عرفت معناها ولا ما يراد بها، قال الأخنس: وأنا والذي حلفت به. قال: ثم خرج من عنده حتى أتى أبا جهل فدخل عليه بيته، فقال: يا أبا الحكم ما رأيك فيما سمعت من محمد ؟ قال: ماذا سمعت ؟ قال: تنازعنا نحن وبنو عبد مناف الشرف: أطعموا فأطعمنا، وحملوا فحملنا وأعطوا فأعطينا، حتى إذا تجاثينا على الركب وكنا كفرسي رهان، قالوا: منا نبي يأتيه الوحي من السماء، فمتى ندرك هذه والله لا نؤمن به أبداً ولا نصدقه. قال: فقام عنه الأخنس وتركه



وَقَالُوَاْ أَإِذَا كُنّا عِظَاماً وَرُفَاتاً أَإِنّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً * قُلْ كُونُواْ حِجَارَةً أَوْ حَدِيداً * أَوْ خَلْقاً مّمّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ فَسَيَقُولُونَ مَن يُعِيدُنَا قُلِ الّذِي فَطَرَكُمْ أَوّلَ مَرّةٍ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُوسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتَىَ هُوَ قُلْ عَسَىَ أَن يَكُونَ قَرِيباً * يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنّونَ إِن لّبِثْتُمْ إِلاّ قَلِيلاً



يقول تعالى مخبراً عن الكفار المستبعدين وقوع المعاد القائلين استفهام إنكار منهم لذلك {أئذا كنا عظاماً ورفاتاً} أي تراباً، قاله مجاهد. وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما: غباراً، {أئنا لمبعوثون خلقاً جديداً} أي يوم القيامة بعدما بلينا وصرنا عدماً لا نذكر، كما أخبر عنهم في الموضع الاَخر {يقولون أئنا لمردودون في الحافرة * أئذا كنا عظاماً نخرة * قالوا تلك إذا كرة خاسرة}. وقوله تعالى: {وضرب لنا مثلاً ونسي خلقه} الاَيتين، فأمر الله سبحانه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجيبهم فقال: {قل كونوا حجارة أو حديداً} إذ هما أشد امتناعاً من العظام والرفات {أو خلقاً مما يكبر في صدروكم} قال ابن إسحاق عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: سألت ابن عباس عن ذلك، فقال: هو الموت، وروى عطية عن ابن عمر أنه قال في تفسير هذه الاَية: لو كنتم موتى لأحييتكم، وكذا قال سعيد بن جبير وأبو صالح والحسن وقتادة والضحاك وغيرهم، ومعنى ذلك أنكم لو فرضتم أنكم لو صرتم إلى الموت الذي هو ضد الحياة، لأحياكم الله إذا شاء، فإنه لا يمتنع عليه شيء إذا أراده

وقد ذكر ابن جرير ههنا حديثاً «يجاء بالموت يوم القيامة وكأنه كبش أملح، فيوقف بين الجنة والنار، ثم يقال: يا أهل الجنة أتعرفون هذا ؟ فيقولون: نعم، ثم يقال: يا أهل النار أتعرفون هذا ؟ فيقولون: نعم، فيذبح بين الجنة والنار، ثم يقال: يا أهل الجنة خلود بلا موت، ويا أهل النار خلود بلا موت» وقال مجاهد {أو خلقاً مما يكبر في صدروكم} يعني السماء والأرض والجبال، وفي رواية: ما شئتم فكونوا فسيعيدكم الله بعد موتكم، وقد وقع في التفسير المروي عن الإمام مالك عن الزهري في قوله: {أو خلقاً مما يكبر في صدوركم} قال النبي صلى الله عليه وسلم : قال مالك ويقولون هو الموت

وقوله تعالى: {فسيقولون من يعيدنا} أي من يعيدنا إذا كنا حجارة أو حديداً أو خلقاً آخر شديداً {قل الذي فطركم أول مرة} أي الذي خلقكم ولم تكونوا شيئاً مذكوراً ثم صرتم بشراً تنتشرون، فإنه قادر على إعادتكم ولو صرتم إلى أي حال {وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه} الاَية، وقوله تعالى: {يُنفضون إليك رؤوسهم} قال ابن عباس وقتادة: يحركونها استهزاء، وهذا الذي قالاه هو الذي تعرفه العرب من لغاتها، لأن إنغاض هو التحرك من أسفل أعلى أو من أعلى إلى أسفل، ومنه قيل للظليم وهو ولد النعامة نغض، لأنه إذا مشى عجل بمشيته وحرك رأسه، ويقال: نفصت سنّه إذا تحركت وارتفعت من منبتها ، وقال الراجز :

ونغضت من هرم أسنانها

وقوله: {ويقولون متى هو} إخبار عنهم بالإستبعاد منهم لوقوع ذلك، كما قال تعالى: {ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين} وقال تعالى: {يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها}. وقوله: {قل عسى أن يكون قريباً} أي احذروا ذلك، فإنه قريب سيأتيكم لا محالة، فكل ما هو آت آت. وقوله تعالى: {يوم يدعوكم} أي الرب تبارك وتعالى: {إذا دعاكم دعوة من الأرض إذا أنتم تخرجون} أي إذا أمركم بالخروج منها، فإنه لا يخالف ولا يمانع، بل كما قال تعالى: {وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر} {إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون}. وقوله {فإنما هي زجرة واحدة * فإذا هم بالساهرة} أي إنما هو أمر واحد بانتهار، فإذا الناس قد خرجوا من باطن الأرض إلى ظاهرها، كما قال تعالى: {يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده} أي تقومون كلكم إجابة لأمره وطاعة لإرادته. قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: فتستجيبون بحمده، أي بأمره، وكذا قال ابن جريج: وقال قتادة بمعرفته وطاعته

وقال بعضهم {يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده} أي وله الحمد في كل حال. وقد جاء في الحديث «ليس على أهل لا إله إلا الله وحشة في قبورهم، كأني بأهل لا إله إلا الله يقومون من قبورهم ينفضون التراب عن رؤوسهم يقولون لا إله إلا الله» وفي رواية يقولون {الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن} وسيأتي في سورة فاطر. وقوله تعالى: {وتظنون} أي يوم تقومون من قبوركم {إن لبثتم} أي في الدار الدنيا {إلا قليلاً}، وكقوله تعالى: {كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها}، وقال تعالى: {يوم ينفخ في الصور ونحشر المجرمين يومئذ زرقاً * يتخافتون بينهم إن لبثتم إلا عشرا * نحن أعلم بما يقولون إذ يقول أمثلهم طريقة إن لبثتم إلا يوماً}، وقال تعالى: {ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة كذلك كانوا يؤفكون}، وقال تعالى: {قال كم لبثتم في الأرض عدد سنين ؟ قالوا لبثنا يوماً أو بعض يومٍ فاسأل العادين، قال إن لبثتم إلا قليلاً لو أنكم كنتم تعلمون}



وَقُل لّعِبَادِي يَقُولُواْ الّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنّ الشّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنّ الشّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوّاً مّبِيناً



يأمر تبارك وتعالى عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم أن يأمر عباد الله المؤمنين أن يقولوا في مخاطبتهم ومحاورتهم الكلام الأحسن والكلمة الطيبة، فإنهم إن لم يفعلوا ذلك، نزع الشيطان بينهم، وأخرج الكلام إلى الفعال، وأوقع الشر والمخاصمة والمقاتلة، فإنه عدو لاَدم وذريته من حين امتنع عن السجود لاَدم، وعداوته ظاهرة بينة، ولهذا نهى أن يشير الرجل إلى أخيه المسلم بحديدة، فإن الشيطان ينزع في يده أي فربما أصابه بها

وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر عن همام عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لا يشيرن أحدكم إلى أخيه بالسلاح، فإنه لا يدري أحدكم لعل الشيطان أن ينزغ في يده فيقع في حفرة من النار»أخرجاه من حديث عبد الرزاق. وقال الإمام أحمد: حدثنا عفان، حدثنا حماد، أنبأنا علي بن زيد عن الحسن قال: حدثني رجل من بني سليط قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو في رفَلة من الناس فسمعته يقول «المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله التقوى ههنا» قال حماد: وقال بيده إلى صدره «وما تواد رجلان في الله ففرق بينهما إلا حدث يحدثه أحدهما، المحدث شر والمحدث شر والمحدث شر»



رّبّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِن يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِن يَشَأْ يُعَذّبْكُمْ وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً * وَرَبّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَلَقَدْ فَضّلْنَا بَعْضَ النّبِيّينَ عَلَىَ بَعْضٍ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُوراً



يقول تعالى: {ربكم أعلم بكم} أيها الناس أي أعلم بمن يستحق منكم الهداية ومن لا يستحق {إن يشأ يرحمكم} بأن يوفقكم لطاعته والإنابة إليه {أو إن يشأ يعذبكم وما أرسلناك ـ يا محمد ـ عليهم وكيلا} أي إنما أرسلناك نذيراً، فمن أطاعك دخل الجنة، ومن عصاك دخل النار. وقوله {وربك أعلم بمن في السموات والأرض} أي بمراتبهم في الطاعة والمعصية {ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض} وكما قال تعالى {تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات} وهذا لا ينافي ما ثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تفضلوا بين الأنبياء» فإن المراد من ذاك هو التفضيل بمجرد التشهي والعصبية لا بمقتضى الدليل فإذا دل الدليل على شيء وجب اتباعه، ولا خلاف أن الرسل أفضل من بقية الأنبياء، وأن أولي العزم منهم أفضلهم، وهم الخمسة المذكورون نصاً في آيتين من القرآن في سورة الأحزاب {وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم} وفي الشورى قوله: {شرع لكم من الدين ما وصى به نوحاً والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه} ولا خلاف أن محمداً صلى الله عليه وسلم أفضلهم، ثم بعده إبراهيم، ثم موسى ثم عيسى عليهم السلام على المشهور، وقد بسطناه بدلائله في غير هذا الموضع، والله الموفق. وقوله تعالى: {وآتينا داود زبورا} تنبيه على فضله وشرفه. قال البخاري: حدثنا إسحاق بن نصر، أخبرنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر عن همام عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «خفف على داود القرآن، فكان يأمر بدابته فتسرج، فكان يقرؤه قبل أن يفرغ» يعني القرآن



قُلِ ادْعُواْ الّذِينَ زَعَمْتُم مّن دُونِهِ فَلاَ يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضّرّ عَنْكُمْ وَلاَ تَحْوِيلاً * أُولَـَئِكَ الّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَىَ رَبّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنّ عَذَابَ رَبّكَ كَانَ مَحْذُوراً



يقول تعالى: {قل} يا محمد لهؤلاء المشركين الذين عبدوا غير الله {ادعوا الذين زعمتم من دونه} من الأصنام والأنداد فارغبوا إليهم {فـ} إنهم {لا يملكون كشف الضر عنكم} أي بالكلية {ولا تحويلا} أي بأن يحولوه إلى غيركم، والمعنى أن الذي يقدر ذلك هو الله وحده لا شريك له الذي له الخلق والأمر. قال العوفي عن ابن عباس في قوله: {قل ادعوا الذين زعمتم} الاَية، قال: كان أهل الشرك يقولون نعبد الملائكة والمسيح وعزيراً، وهم الذين يدعون يعني في الملائكة والمسيح وعزيراً

وقوله تعالى: {أولئك الذين يدعون} الاَية، روى البخاري من حديث سليمان بن مهران الأعمش، عن إبراهيم عن أبي معمر عن عبد الله في قوله {أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة} قال: ناس من الجن كانوا يعبدون فأسلموا، وفي رواية: قال: كان ناس من الإنس يعبدون ناساً من الجن، فأسلم الجن وتمسك هؤلاء بدينهم، وقال قتادة عن معبد بن عبد الله الزماني عن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن ابن مسعود في قوله {أولئك الذين يدعون} الاَية، قال: نزلت في نفر من العرب كانوا يعبدون نفراً من الجن، فأسلم الجنيون والإنس الذين كانوا يعبدونهم، لا يشعرون بإسلامهم، فنزلت هذه الاَية، وفي رواية عن ابن مسعود كانوا يعبدون صنفاً من الملائكة يقال لهم الجن فذكره

وقال السدي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله {أولئك الذي يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب} قال: عيسى وأمه وعزير، وقال مغيرة عن إبراهيم: كان ابن عباس يقول في هذه الاَية: هم عيسى وعزير والشمس والقمر. وقال مجاهد: عيسى والعزير والملائكة. واختار ابن جرير قول ابن مسعود لقوله {يبتغون إلى ربهم الوسيلة} وهذا لا يعبر به عن الماضي، فلا يدخل فيه عيسى والعزير والملائكة، وقال والوسيلة هي القربة، كما قال قتادة، ولهذا قال: {أيهم أقرب}. وقوله تعالى: {ويرجون رحمته ويخافون عذابه} لا تتم العبادة إلا بالخوف والرجاء فبالخوف ينكف عن المناهي، وبالرجاء يكثر من الطاعات. وقوله تعالى: {إن عذاب ربك كان محذوراً} أي ينبغي أن يحذر منه ويخاف من وقوعه وحصوله، عياذاً بالله منه



وَإِن مّن قَرْيَةٍ إِلاّ نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذّبُوهَا عَذَاباً شَدِيداً كَانَ ذَلِك فِي الْكِتَابِ مَسْطُوراً



هذا إخبار من الله عز وجل بأنه قد حتم وقضى بما عنده في اللوح المحفوظ: أنه ما من قرية إلا سيهلكها بأن يبيد أهلها جميعهم أو يعذبهم {عذاباً شديداً} إما بقتل أو ابتلاء بما يشاء، وإنما يكون ذلك بسبب ذنوبهم وخطاياهم، كما قال تعالى عن الأمم الماضين {وما ظلمناهم ولكن ظلموا أنفسهم} وقال تعالى: {فذاقت وبال أمرها وكان عاقبة أمرها خسراً} وقال {وكأين من قرية عتت عن أمر ربها ورسله} الاَيات



وَمَا مَنَعَنَآ أَن نّرْسِلَ بِالاَيَاتِ إِلاّ أَن كَذّبَ بِهَا الأوّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُواْ بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالاَيَاتِ إِلاّ تَخْوِيفاً



قال سنيد عن حماد بن زيد عن أيوب، عن سعيد بن جبير قال: قال المشركون: يا محمد إنك تزعم أنه كان قبلك أنبياء فمنهم من سخرت له الريح، ومنهم من كان يحيي الموتى، فإن سرك أن نؤمن بك ونصدقك، فادع ربك أن يكون لنا الصفا ذهباً، فأوحى الله إليه: إني قد سمعت الذي قالوا فإن شئت أن نفعل الذي قالوا فإن لم يؤمنوا نزل العذاب، فإنه ليس بعد نزول الاَية مناظرة، وإن شئت أن نستأني بقومك استأنيت بهم. قال: «يا رب استأن بهم» وكذا قال قتادة وابن جريج وغيرهما، وروى الإمام أحمد: حدثنا عثمان بن محمد، حدثنا جرير عن الأعمش عن جعفر بن إياس، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: سأل أهل مكة النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعل لهم الصفا ذهباً، وأن ينحي الجبال عنهم فيزرعوا، فقيل له: إن شئت أن نستأني بهم، وإن شئت أن يأتيهم الذي سألوا فإن كفروا هلكوا، كما أهلكت من كان قبلهم من الأمم. وقال «لا، بل استأن بهم» وأنزل الله تعالى: {وما منعنا أن نرسل بالاَيات إلا أن كذب بها الأولون} الاَية، ورواه النسائي وابن جرير به

وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرحمن، حدثنا سفيان عن سلمة بن كهيل عن عمران بن حكيم، عن ابن عباس، قال: قالت قريش للنبي صلى الله عليه وسلم : ادع لنا ربك أن يجعل لنا الصفا ذهباً ونؤمن بك. قال «وتفعلون ؟» قالوا: نعم. قال: فدعا فأتاه جبريل فقال: إن ربك يقرأ عليك السلام ويقول لك: إن شئت أصبح لهم الصفا ذهباً، فمن كفر منهم بعد ذلك عذبته عذاباً لا أعذبه أحداً من العالمين»، وإن شئت فتحت لهم أبواب التوبة والرحمة، فقال: «بل باب التوبة والرحمة»

وقال الحافظ أبو يعلى في مسنده: حدثنا محمد بن إسماعيل بن علي الأنصاري، حدثنا خلف بن تميم المصيصي عن عبد الجبار بن عمر الأيلي، عن عبد الله بن عطاء بن إبراهيم عن جدته أم عطاء مولاة الزبير بن العوام قالت: سمعت الزبير يقول لما نزلت {وأنذر عشيرتك الأقربين} صاح رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي قبيس «يا آل عبد مناف إني نذير» فجاءته قريش فحذرهم وأنذرهم، فقالوا: تزعم أنك نبي يوحى إليك، وإن سليمان سخر له الريح والجبال، وإن موسى سخر له البحر، وإن عيسى كان يحيي الموتى فادع الله أن يسير عنا هذه الجبال ويفجر لنا الأرض أنهاراً، فنتخذها محارث فنزرع ونأكل، وإلا فادع الله أن يحيي لنا موتانا لنكلمهم ويكلمونا، وإلا فادع الله أن يصيّر لنا هذه الصخرة التي تحتك ذهباً فننحت منها وتغنينا عن رحلة الشتاء والصيف، فإنك تزعم أنك كهيئتهم. وقال: فبينا نحن حوله إذ نزل عليه الوحي، فلما سرّي عنه، قال: «والذي نفسي بيده، لقد أعطاني ما سألتم ولو شئت لكان، ولكنه خيرني بين أن تدخلوا باب الرحمة فيؤمن مؤمنكم، وبين أن يكلكم إلى ما اخترتم لأنفسكم فتضلوا عن باب الرحمة، فلا يؤمن منكم أحد، فاخترت باب الرحمة فيؤمن مؤمنكم، وأخبرني أنه إن أعطاكم ذلك ثم كفرتم أنه يعذبكم عذاباً لا يعذبه أحداً من العالمين» ونزلت {وما منعنا أن نرسل بالاَيات إلا أن كذب بها الأولون} وقرأ ثلاث آيات ونزلت {ولو أن قرآناً سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض أو كلم به الموتى} الاَية. ولهذا قال تعالى: {وما منعنا أن نرسل بالاَيات} أي نبعث الاَيات ونأتي بها على ما سأل قومك منك فإنه سهل علينا يسير لدينا إلا أنه قد كذب بها الأولون بعد ما سألوها، وجرت سنتنا فيهم وفي أمثالهم أنهم لا يؤخرون إن كذبوا بها بعد نزولها، كما قال الله تعالى في المائدة {قال الله إني منزلها عليكم فمن يكفر بعد منكم فإني أعذبه عذاباً لا أعذبه أحداً من العالمين} وقال تعالى عن ثمود حين سألوا آية ناقة تخرج من صخرة عينوها، فدعا صالح عليه السلام ربه فأخرج لهم منها ناقة على ما سألوه، فلما ظلموا بها أي كفروا بمن خلقها وكذبوا رسوله وعقروها، فقال {تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب}. ولهذا قال تعالى: {وآتينا ثمود الناقة مبصرة فظلموا بها} أي دالة على وحدانية من خلقها وصدق رسوله الذي أجيب دعاؤه فيها {فظلموا بها} أي كفروا بها ومنعوها شربها وقتلوها، فأبادهم الله عن آخرهم وانتقم منهم وأخذهم أخذ عزيز مقتدر

وقوله تعالى: {وما نرسل بالاَيات إلا تخويفاً} قال قتادة: إن الله تعالى يخوف الناس بما شاء من الاَيات لعلهم يعتبرون ويذكرون ويرجعون، ذكر لنا أن الكوفة رجفت على عهد ابن مسعود رضي الله عنه، فقال: يا أيها الناس إن ربكم يستعتبكم فأعتبوه، وهكذا روي أن المدينة زلزلت على عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه مرات، فقال عمر: أحدثتم والله لئن عادت لأفعلن ولأفعلن. وكذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه «إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله وإنهما لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، ولكن الله عز وجل يخوف بهما عباده، فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى ذكره ودعائه واستغفاره ـ ثم قال ـ يا أمة محمد والله ما أحد أغير من الله أن يزني عبده أو تزني أمته، يا أمة محمد والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً»



وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنّ رَبّكَ أَحَاطَ بِالنّاسِ وَمَا جَعَلْنَا الرّؤيَا الّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاّ فِتْنَةً لّلنّاسِ وَالشّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي القُرْآنِ وَنُخَوّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاّ طُغْيَاناً كَبِيراً



يقول تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم محرضاً على إبلاغ رسالته مخبراً له بأنه قد عصمه من الناس، فإنه القادر عليهم وهم في قبضته وتحت قهره وغلبته. وقال مجاهد وعروة بن الزبير والحسن وقتادة وغيرهم في قوله: {وإذ قلنا لك إن ربك أحاط بالناس} أي عصمك منهم، وقوله: {وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس} الاَية، قال البخاري: حدثنا علي بن عبد الله حدثنا سفيان عن عمرو عن عكرمة، عن ابن عباس {وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس} قال: هي رؤيا عين أريها رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به، {والشجرة الملعونة في القرآن} شجرة الزقوم، وكذا رواه أحمد وعبد الرزاق وغيرهما عن سفيان بن عيينة به. وكذا رواه العوفي عن ابن عباس

وهكذا فسر ذلك بليلة الإسراء مجاهد وسعيد بن جبير والحسن ومسروق وإبراهيم وقتادة وعبد الرحمن بن زيد، وغير واحد، وقد تقدمت أحاديث الإسراء في أول السورة مستوفاة ولله الحمد والمنة. وتقدم أن ناساً رجعوا عن دينهم بعد ما كانوا على الحق، لأنه لم تحمل قلوبهم وعقولهم ذلك، فكذبوا بما لم يحيطوا بعلمه، وجعل الله ذلك ثباتاً ويقيناً لاَخرين، ولهذا قال {إلا فتنة} أي اختباراً وامتحاناً، وأما الشجرة الملعونة فهي شجرة الزقوم، كما أخبرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه رأى الجنة والنار، ورأى شجرة الزقوم فكذبوا بذلك حتى قال أبو جهل عليه لعائن الله: هاتوا لنا تمراً وزبداً، وجعل يأكل من هذا بهذا، ويقول: تزقموا فلا نعلم الزقوم غير هذا، حكى ذلك ابن عباس ومسروق وأبو مالك والحسن البصري وغير واحد، وكل من قال إنها ليلة الإسراء، فسره كذلك بشجرة الزقوم. وقيل: المراد بالشجرة الملعونة بنو أمية، وهو غريب ضعيف

وقال ابن جرير: حدثت عن محمد بن الحسن بن زبالة، حدثنا عبد المهيمن بن عباس بن سهل بن سعد، حدثني أبي عن جدي قال: رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم بني فلان ينزون على منبره نزو القرود، فساءه ذلك، فما استجمع ضاحكاً حتى مات، قال: وأنزل الله في ذلك {وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس} الاَية، وهذا السند ضعيف جداً فإن محمد بن الحسن بن زبالة متروك، وشيخه أيضاً ضعيف بالكلية، ولهذا اختار ابن جرير أن المراد بذلك ليلة الإسراء، وأن الشجرة الملعونة هي شجرة الزقوم، قال لإجماع الحجة من أهل التأويل على ذلك أي في الرؤيا والشجرة، وقوله: {ونخوفهم} أي الكفار بالوعيد والعذاب والنكال، {فما يزيدهم إلا طغياناً كبيراً} أي تمادياً فيما هم فيه من الكفر والضلال، وذلك من خذلان الله لهم



وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلآئِكَةِ اسْجُدُواْ لاَدَمَ فَسَجَدُواْ إَلاّ إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً * قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَـَذَا الّذِي كَرّمْتَ عَلَيّ لَئِنْ أَخّرْتَنِ إِلَىَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ لأحْتَنِكَنّ ذُرّيّتَهُ إَلاّ قَلِيلاً



يذكر تبارك وتعالى عداوة إبليس لعنه الله وذريته وأنها عداوة قديمة منذ خلق آدم فإنه تعالى أمر الملائكة بالسجود لاَدم فسجدوا كلهم إلا إبليس استكبر وأبى أن يسجد له افتخاراً عليه واحتقاراً له {قال أأسجد لمن خلقت طيناً} كما قال في الاَية الأخرى {أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين} وقال أيضاً أرأيتك يقول للرب جراءة وكفراً والرب يحلم وينظر {قال أرأيت هذا الذي كرمت علي} الاَية، قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس يقول لأستولين على ذريته إلا قليلاً وقال مجاهد لأحتوينّ وقال ابن زيد لأضلنهم وكلها متقاربة والمعنى أرأيتك هذا الذي شرفته وعظمته علي لإن أنظرتني لأضلن ذريته إلا قليلاً منهم



قَالَ اذْهَبْ فَمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنّ جَهَنّمَ جَزَآؤُكُمْ جَزَاءً مّوْفُوراً * وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الأمْوَالِ وَالأوْلادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشّيْطَانُ إِلاّ غُرُوراً * إِنّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَىَ بِرَبّكَ وَكِيلاً



لما سأل إبليس النظرة قال الله له {اذهب} فقد أنظرتك كما قال في الاَية الأخرى قال: {فإنك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم} ثم أوعده ومن اتبعه من ذرية آدم جهنم {قال اذهب فمن تبعك منهم فإن جهنم جزاؤكم} أي على أعمالكم {جزاءً موفوراً} قال مجاهد وافراً، وقال قتادة موفوراً عليكم لا ينقص لكم منه. وقوله تعالى: {واستفزز من استطعت منهم بصوتك} قيل هو الغناء قال مجاهد باللهو والغناء أي استخفهم بذلك وقال ابن عباس في قوله {واستفزز من استطعت منهم بصوتك} قال كل داع دعا إلى معصية الله عز وجل وقال قتادة واختاره ابن جرير، وقوله تعالى: {وأجلب عليهم بخيلك ورجلك} يقول واحمل عليهم بجنودك خيالتهم ورجلتهم فإن الرجل جمع راجل كما أن الركب جمع راكب وصحب جمع صاحب ومعناه تسلط عليهم بكل ما تقدر عليه وهذا أمر قدري كقوله تعالى {ألم تر أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزاً} أي تزعجهم إلى المعاصي إزعاجاً وتسوقهم إليها سوقاً وقال ابن عباس ومجاهد في قوله {وأجلب عليهم بخيلك ورجلك} قال كل راكب وماش في معصية الله وقال قتادة: إن له خيلاً ورجالاً من الجن والإنس وهم الذين يطيعونه تقول العرب أجلب فلان على فلان إذا صاح عليه ومنه نهى في المسابقة عن الجلب والجنب ومنه اشتقاق الجلبة وهي ارتفاع الأصوات، وقوله تعالى: {وشاركهم في الأموال والأولاد} قال ابن عباس ومجاهد: هو ما أمرهم به من إنفاق الأموال في معاصي الله، وقال عطاء: هو الربا، وقال الحسن: هو جمعها من خبيث وإنفاقها في حرام، وكذا قال قتادة، وقال العوفي عن ابن عباس رضي الله عنهما أما مشاركته إياهم في أموالهم فهو ما حرموه من أنعامهم يعني من البحائر والسوائب ونحوها وكذا قال الضحاك وقتادة وقال ابن جرير والأولى أن يقال إن الاَية تعم ذلك كله، وقوله {والأولاد} قال العوفي عن ابن عباس ومجاهد والضحاك يعني أولاد الزنا، وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس هو ما كانوا قتلوه من أولادهم سفهاً بغير علم، وقال قتادة والحسن البصري: قد والله شاركهم في الأموال والأولاد مجسوا وهودوا ونصروا وصبغوا على غير صبغة الإسلام، وجزؤوا أموالهم جزءاً للشيطان، وكذا قال)قتادة سواء، وقال أبو صالح عن ابن عباس هو تسميتهم أولادهم عبد الحارث وعبد الشمس وعبد فلان قال ابن جرير وأولى الأقوال بالصواب أن يقال كل مولود ولدته أنثى عصى الله فيه بتسميته بما يكرهه الله أو بإدخاله في غير الدين الذي ارتضاه الله أو بالزنا بأمه أو بقتله أو غير ذلك من الأمور التي يعصى الله بفعله به أو فيه فقد دخل في مشاركة إبليس فيه من ولد ذلك الولد له أو منه لأن الله لم يخصص بقوله {وشاركهم في الأموال والأولاد} معنى الشركة فيه بمعنى دون معنى فكل ما عصي الله فيه أو به او أطيع الشيطان فيه أو به فهو مشاركة، وهذا الذي قاله متجه وكل من السلف رحمهم الله فسر بعض المشاركة فقد ثبت في صحيح مسلم عن عياض بن حماد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال «يقول الله عز وجل إني خلقت عبادي حنفاء فجاءتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم وحرمت عليهم ما أحللت لهم» وفي الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لو أن أحدهم إذا أراد أن يأتي أهله قال بسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا فإنه إن يقدر بينهما ولد في ذلك لم يضره الشيطان أبداً» وقوله تعالى: {وعدهم وما يعدهم الشيطان إلا غروراً} كما أخبر تعالى عن إبليس أنه يقول إذا حصحص الحق يوم يقضي بالحق {إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم} الاَية وقوله تعالى {إن عبادي ليس لك عليهم سلطان} إخبار بتأييده تعالى عباده المؤمنين وحفظه إياهم وحراسته لهم من الشيطان الرجيم ولهذا قال تعالى {وكفى بربك وكيلاً} أي حافظاً ومؤيداً ونصيراً، وقال الإمام أحمد حدثنا قتيبة حدثنا ابن لهيعة عن موسى بن وردان عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن المؤمن لينضي شياطينه كما ينضي أحدكم بعيره في السفر» ينضي أي يأخذ بناصيته ويقهره



رّبّكُمُ الّذِي يُزْجِي لَكُمُ الْفُلْكَ فِي الْبَحْرِ لِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ إِنّهُ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً



ويخبر تعالى عن لطفه بخلقه في تسخيره لعباده الفلك في البحر وتسهيله لمصالح عباده لابتغائهم من فضله في التجارة من إقليم إلى إقليم ولهذا قال: {إنه كان بكم رحيماً} أي إنما فعل هذا بكم في فضله عليكم ورحمته بكم



وَإِذَا مَسّكُمُ الْضّرّ فِي الْبَحْرِ ضَلّ مَن تَدْعُونَ إِلاّ إِيّاهُ فَلَمّا نَجّاكُمْ إِلَى الْبَرّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الإِنْسَانُ كَفُوراً



يخبر تبارك وتعالى أن الناس إذا مسهم ضر دعوه منيبين إليه مخلصين له الدين ولهذا قال تعالى: {وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه} أي ذهب عن قلوبكم كل ما تعبدون غير الله تعالى كما اتفق لعكرمة بن أبي جهل لما ذهب فاراً من رسول الله صلى الله عليه وسلم حين فتح مكة فذهب هارباً فركب في البحر يدخل الحبشة فجاءتهم ريح عاصف فقال القوم بعضهم لبعض إنه لا يغني عنكم إلا أن تدعوا الله وحده فقال عكرمة في نفسه والله إن كان لا ينفع في البحر غيره فإنه لا ينفع في البر غيره اللهم لك علي عهد لإن أخرجتني منه لأذهبن فلأضعن يدي في يدي محمد فلأ جدنه رؤوفاً رحيماً، فخرجوا من البحر فرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أسلم وحسن إسلامه رضي الله عنه وأرضاه. وقوله تعالى {فلما نجاكم إلى البر أعرضتم} أي نسيتم ما عرفتم من توحيده وأعرضتم عن دعائه وحده لا شريك له {وكان الإنسان كفوراً} أي سجيته هذا ينسى النعم ويجحدها إلا من عصم الله



أَفَأَمِنْتُمْ أَن يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ الْبَرّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِباً ثُمّ لاَ تَجِدُواْ لَكُمْ وَكِيلاً



يقول تعالى أفحسبتم بخروجكم إلى البر أمنتم من انتقامه وعذابه أن يخسف بكم جانب البر أو يرسل عليكم حاصباً وهو المطر الذي فيه حجارة قاله مجاهد وغير واحد كما قال تعالى {إنا أرسلنا عليهم حاصباً إلا آل لوط نجيناهم بسحر نعمة من عندنا} وقد قال في الاَية الأخرى {وأمطرنا عليهم حجارة من طين} وقال {أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور * أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصباً فستعملون كيف نذير} وقوله {ثم لا تجدوا لكم وكيلا} أي ناصراً يرد ذلك عنكم وينقذكم منه



أَمْ أَمِنْتُمْ أَن يُعِيدَكُمْ فِيهِ تَارَةً أُخْرَىَ فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفاً مّنَ الرّيحِ فَيُغْرِقَكُم بِمَا كَفَرْتُمْ ثُمّ لاَ تَجِدُواْ لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعاً



يقول تبارك وتعالى {أم أمنتم} أيها المعرضون عنا بعدما اعترفوا بتوحيدنا في البحر وخرجوا إلى البر {أن يعيدكم} في البحر مرة ثانية {فيرسل عليكم قاصفاً من الريح} أي يقصف الصواري ويغرق المراكب قال ابن عباس وغيره: القاصف ريح البحار التي تكسر المراكب وتغرقها وقوله: {فيغرقكم بما كفرتم} أي بسبب كفركم وإعراضكم عن الله تعالى وقوله: {ثم لا تجدوا لكم علينا به تبيعاً} قال ابن عباس نصيراً وقال مجاهد نصيراً ثائراً أي يأخذ بثأركم بعدكم. وقال قتادة ولا نخاف أحداً يتبعنا بشيء من ذلك



وَلَقَدْ كَرّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مّنَ الطّيّبَاتِ وَفَضّلْنَاهُمْ عَلَىَ كَثِيرٍ مّمّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً



ويخبر تعالى عن تشريفه لبني آدم وتكريمه إياهم في خلقه لهم على أحسن الهيئات وأكلمها كقوله تعالى {لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم} أي يمشي قائماً منتصباً على رجليه ويأكل بيديه، وغيره من الحيوانات يمشي على أربع ويأكل بفمه وجعل له سمعاً وبصراً وفؤاداً يفقه بذلك كله وينتفع به ويفرق بين الأشياء ويعرف منافعها وخواصها ومضارها في الأمور الدينية والدنيوية {وحملناهم في البر} أي على الدواب من الأنعام والخيل والبغال وفي البحر أيضاً على السفن الكبار والصغار {ورزقناهم من الطيبات} أي من زروع ثمار ولحوم وألبان من سائر أنواع الطعوم والألوان المشتهاة اللذيذة والمناظر الحسنة والملابس الرفيعة من سائر الأنواع على اختلاف أصنافها وألوانها وأشكالها مما يصنعونه لأنفسهم ويجلبه إليهم غيرهم من أقطار الأقاليم والنواحي {وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلاً} أي من سائر الحيوانات وأصناف المخلوقات وقد استدل بهذه الاَية الكريمة على أفضلية جنس البشر على جنس الملائكة. قال عبد الرزاق: أخبرنا معمر عن زيد بن أسلم قال: قالت الملائكة يا ربنا إنك أعطيت بني آدم الدينا يأكلون منها ويتنعمون ولم تعطنا ذلك فأعطنا الاَخرة فقال الله تعالى «وعزتي وجلالي لا أجعل صالح ذرية من خلقت بيدي كمن قلت كن فكان» وهذا الحديث مرسل من هذا الوجه، وقد روي من وجه آخر متصلاً. وقال الحافظ أبو القاسم الطبراني: حدثنا أحمد بن محمد بن صدقة البغدادي حدثنا إبراهيم بن عبد الله بن خالد المصيصي حدثنا حجاج بن محمد حدثنا أبو غسان محمد بن مطرف عن صفوان بن سليم عن عطاء بن يسار عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الملائكة قالت يا ربنا أعطيت بني آدم الدنيا يأكلون فيها ويشربون ويلبسون ونحن نسبح بحمدك ولا نأكل ولا نشرب ولا نلهو فكما جعلت لهم الدنيا فاجعل لنا الاَخرة قال لا أجعل صالح ذرية من خلقت بيدي كمن قلت له كن فكان» وقد روى ابن عساكر من طريق محمد بن أيوب الرازي حدثنا الحسن بن علي بن خلف الصيدلاني حدثنا سليمان بن عبد الرحمن حدثني عثمان بن حصن عن عبيدة بن علاق سمعت عروة بن رويم اللخمي حدثني أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال «إن الملائكة قالوا ربنا خلقتنا وخلقت بني آدم وجعلتهم يأكلون الطعام ويشربون الشراب ويلبسون الثياب ويتزوجون النساء ويركبون الدواب ينامون ويستريحون ولم تجعل لنا من ذلك شيئاً فاجعل لهم الدنيا ولنا الاَخرة فقال الله عز وجل: «لا أجعل من خلقته بيدي ونفخت فيه من روحي كمن قلت له كن فكان» وقال الطبراني: حدثنا عبدان بن أحمد حدثنا عمر بن سهل حدثنا عبيد الله بن تمام عن خالد الحذاء عن بشر بن شغاف عن أبيه عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ما شيء أكرم على الله يوم القيامة من ابن آدم» قيل يا رسول الله ولا الملائكة قال «ولا الملائكة، الملائكة مجبورون بمنزلة الشمس والقمر» وهذا حديث غريب جداً



يَوْمَ نَدْعُواْ كُلّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُوْلَـَئِكَ يَقْرَؤونَ كِتَابَهُمْ وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً * وَمَن كَانَ فِي هَـَذِهِ أَعْمَىَ فَهُوَ فِي الاَخِرَةِ أَعْمَىَ وَأَضَلّ سَبِيلاً



يخبر تبارك وتعالى عن يوم القيامة أنه يحاسب كل أمة بإمامهم، وقد اختلفوا في ذلك فقال مجاهد وقتادة بنبيهم وهذا كقوله تعالى {ولكل أمة رسول فإذا جاء رسولهم قضي بينهم بالقسط} الاَية وقال بعض السلف هذا أكبر شرف لأصحاب الحديث لأن إمامهم النبي صلى الله عليه وسلم وقال ابن زيد لكتابهم الذي أنزل على نبيهم من التشريع واختاره ابن جرير وروي عن ابن أبي نجيح عن مجاهد أنه قال: بكتبهم فيحتمل أن يكون أراد هذا وأن يكون أراد ما رواه العوفي عن ابن عباس في قوله {يوم ندعو كل أناس بإمامهم} أي بكتاب أعمالهم وكذا قال أبو العالية والحسن والضحاك وهذا القول هو الأرجح لقوله تعالى {وكل شيء أحصيناه في إمام مبين} وقال تعالى: {ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه} الاَية ويحتمل أن المراد بإمامهم أي كل قوم بمن يأتمون به فأهل الإيمان ائتموا بالأنبياء عليهم السلام وأهل الكفر اتئموا بأئمتهم كما قال {وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار} وفي الصحيحين «لتتبع كل أمة ما كانت تعبد فيتبع من كان يعبد الطواغيت» الحديث وقال تعالى {وترى كل أمة جاثية كل أمة تدعى إلى كتابها اليوم تجزون ما كنتم تعملون * هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعلمون} وهذا لا ينافي أن يجاء بالنبي إذا حكم الله بين أمته فإنه لا بد أن يكون شاهداً على أمته بأعمالها كقوله تعالى {وأشرقت الأرض بنور ربها ووضع الكتاب وجيء بالنبيين والشهداء} وقوله تعالى: {فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيداً} ولكن المراد ههنا بالإمام هو كتاب الأعمال ولذا قال تعالى: {يوم ندعو كل أناس بإمامهم فمن أوتي كتابه بيمينه فأولئك يقرؤون كتابهم} أي من فرحته وسروره بما فيه من العمل الصالح يقرأه ويحب قراءته كقوله: {فأما من أوتي كتابه بيمينه فيقول هاؤم اقرؤوا كتابيه ـ إلى قوله ـ وأما من أوتي كتابه بشماله} الاَيات، وقوله تعالى {ولا يظلمون فتيلاً} قد تقدم أن الفتيل هو الخيط المستطيل في شق النواة. وقد روى الحافظ أبو بكر البزار حديثاً في هذا فقال: حدثنا محمد بن يعمر ومحمد بن عثمان بن كرامة قالا: حدثنا عبيد الله بن موسى عن إسرائيل عن السدي عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في قول الله تعالى: {يوم ندعو كل أناس بإمامهم} قال: «يدعى أحدهم فيعطى كتابه بيمينه ويمد له في جسمه ويبيض وجهه ويجعل على رأسه تاج من لؤلؤة يتلألأ فينطلق إلى أصحابه فيرونه من بعيد فيقولون اللهم آتنا بهذا وبارك لنا في هذا فيأتيهم فيقول لهم أبشروا فإن لكل رجل منكم مثل هذا، وأما الكافر فيسود وجهه ويمد له جسمه ويراه أصحابه فيقولون أعوذ بالله من هذا أو من شر هذا اللهم لا تأتنا به فيأتيهم فيقولون اللهم اخزه فيقول أبعدكم الله فإن لكل رجل منكم مثل هذا» ثم قال البزار لا يروى إلا من هذا الوجه، وقوله تعالى: {ومن كان في هذه أعمى} الاَية، قال ابن عباس ومجاهد وقتادة وابن زيد {ومن كان في هذه} أي في الحياة الدنيا {أعمى} أي عن حجة الله وآياته وبيناته {فهو في الاَخرة أعمى} أي كذلك يكون {وأضل سبيلاً} أي وأضل منه كما كان في الدنيا عياذاً بالله من ذلك



وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الّذِي أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ لِتفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذاً لاّتّخَذُوكَ خَلِيلاً * وَلَوْلاَ أَن ثَبّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً * إِذاً لأذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمّ لاَ تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيراً



يخبر تعالى عن تأييده رسوله صلوات الله عليه وسلامه، وتثبيته وعصمته وسلامته من شر الأشرار وكيد الفجار، وأنه تعالى هو المتولي أمره ونصره، وأنه لا يكله إلى أحد من خلقه بل هو وليه وحافظه وناصره مؤيده ومظفره ومظهر دينه على من عاداه وخالفه وناوأه في مشارق الأرض ومغاربها، صلى الله عليه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين



وَإِن كَادُواْ لَيَسْتَفِزّونَكَ مِنَ الأرْضِ لِيُخْرِجوكَ مِنْهَا وَإِذاً لاّ يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلاّ قَلِيلاً * سُنّةَ مَن قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِن رّسُلِنَا وَلاَ تَجِدُ لِسُنّتِنَا تَحْوِيلاً



قيل: نزلت في اليهود إذ أشاروا على رسول الله صلى الله عليه وسلم بسكنى الشام بلاد الأنبياء وترك سكنى المدينة، وهذا القول ضعيف، لأن هذه الاَية مكية وسكنى المدينة بعد ذلك، وقيل: إنها نزلت بتبوك وفي صحته نظر. روى البيهقي عن الحاكم عن الأصم عن أحمد بن عبد الجبار العطاردي، عن يونس بن بكير عن عبد الحميد بن بهرام، عن شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم أن اليهود أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً فقالوا: يا أبا القاسم إن كنت صادقاً أنك نبي فالحق بالشام، فإن الشام أرض المحشر وأرض الأنبياء، فصدق ما قالوا فغزا تبوك لا يريد إلا الشام، فلما بلغ تبوك أنزل الله عليه آيات من سورة بني إسرائيل بعد ما ختمت السورة {وإن كادوا ليستفزونك من الأرض ليخرجوك منها ـ إلى قوله ـ تحويلا} فأمره الله بالرجوع إلى المدينة، وقال: فيها محياك ومماتك ومنه تبعث. وفي هذا الإسناد نظر، والأظهر أن هذا ليس بصحيح، فإن النبي لم يغز تبوك عن قول اليهود، وإنما غزاها امتثالاً لقوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذي يلونكم من الكفار} ولقوله تعالى: {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الاَخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون} وغزاها ليقتص وينتقم ممن قتل أهل مؤتة من أصحابه، والله أعلم، ولو صح هذا لحمل عليه الحديث الذي رواه الوليد بن مسلم عن عفير بن معدان، عن سليم بن عامر عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أنزل القرآن في ثلاثة أمكنة: مكة، والمدينة، والشام» قال الوليد: يعني بيت المقدس، وتفسير الشام بتبوك أحسن، مما قال الوليد إنه بيت المقدس، والله أعلم. وقيل نزلت في كفار قريش، هموا بإخراج رسول الله صلى الله عليه وسلم من بين أظهرهم، فتوعدهم الله بهذه الاَية، وأنهم لو أخرجوه لما لبثوا بعده بمكة إلا يسيراً، وكذلك وقع فإنه لم يكن بعد هجرته من بين أظهرهم بعد ما اشتد أذاهم له إلا سنة ونصف، حتى جمعهم الله وإياه ببدر على غير ميعاد، فأمكنه منهم وسلطه عليهم وأظفره بهم، فقتل أشرافهم وسبى ذراريهم، ولهذا قال تعالى: {سنة من قد أرسلنا} الاَية، أي هكذا عادتنا في الذين كفروا برسلنا وآذوهم بخروج الرسول من بين أظهرهم يأتيهم العذاب، ولولا أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم رسول الرحمة لجاءهم من النقم في الدنيا ما لا قبل لأحد به، ولهذا قال تعالى: {وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم
} الاَية


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://abubaker.jordanforum.net
 
تفسير سورة الإسراء - من آية 45 - نهاية الآية 77
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  تفسير سورة الإسراء - من آية 2 - نهاية الآية 15
»  تفسير سورة الإسراء - من آية 16- نهاية الآية 44
»  تفسير سورة الإسراء - من آية 78 - نهاية الآية 89
» تفسير سورة الإسراء - من آية 90 - نهاية الآية 111
» تفسير سورة هود - من آية 1 - إلى نهاية الآية 24

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الأصدقاء :: هدايات وإرشادات وتوجيهات إسلامية :: تفسير القران الكريم "ابن كثير"-
انتقل الى: