منتدى الأصدقاء
{وَاللّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }يونس25
And God calls to the House of Peace and guides whom He wills to a Straight Path} Younis 25
نحن سعداء للمشاركة في (منتدى الأصدقاء)
We are pleased to join in ( Forum Friends )
يشرفنا تسجيلك
We are honored register you
إدارة المنتدى
Management of Forum

منتدى الأصدقاء
{وَاللّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }يونس25
And God calls to the House of Peace and guides whom He wills to a Straight Path} Younis 25
نحن سعداء للمشاركة في (منتدى الأصدقاء)
We are pleased to join in ( Forum Friends )
يشرفنا تسجيلك
We are honored register you
إدارة المنتدى
Management of Forum

منتدى الأصدقاء
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدى الأصدقاء
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

( أهلا وسهلا بكم في منتدى الأصدقاء Welcome to the forum Friends >> الرجاء تسجيل الدخول للتعرف على فضائل الأعمال التي يحبها الله Please log in to learn about the virtues of Business loved by God

المواضيع الأخيرة
» تعديل شاشة الكمبيوتر - الوضع الصحيح من المصنع - LG
 تفسير سورة الحج -  من آية 18 - إلى نهاية الآية 29 I_icon_minitimeالأحد نوفمبر 05, 2017 2:53 pm من طرف abubaker

»  إن كلمة “الله” هي علم على واجب الوجود. --- آية الكرسي
 تفسير سورة الحج -  من آية 18 - إلى نهاية الآية 29 I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:44 am من طرف abubaker

»  إن كلمة “الله” هي علم على واجب الوجود. --- آية الكرسي
 تفسير سورة الحج -  من آية 18 - إلى نهاية الآية 29 I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:44 am من طرف abubaker

»  إن كلمة “الله” هي علم على واجب الوجود -- آية الكرسي -- تابع ----
 تفسير سورة الحج -  من آية 18 - إلى نهاية الآية 29 I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:33 am من طرف abubaker

»  وكلمة (الله) عَلَمٌ على واجب الوجود؛ مَطمورة فيه كُلُّ صفات الكمال؛ / الرعد - ؛ فشاءتْ رحمتُه سبحانه أنْ سَهَّل لنا أن نفتتح أيَّ عمل باسمه الجامع لكل صفات الجمال والكمال (بسم الله الرحمن الرحيم). ولذلك يُسَمُّونه (عَلَمٌ على واجب الوجود).
 تفسير سورة الحج -  من آية 18 - إلى نهاية الآية 29 I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:18 am من طرف abubaker

» أما أسماء الله فحسنى؛ لأنها بلغتْ القمة في الكمال، ولأن الأسماء والصفات التي تنطبق عليها موجودة في الخالق الأعلى سبحانه
 تفسير سورة الحج -  من آية 18 - إلى نهاية الآية 29 I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:06 am من طرف abubaker

» وكلمة(اللهُ) عَلَم على واجب الوجود بكل صفات الكمال له - طه
 تفسير سورة الحج -  من آية 18 - إلى نهاية الآية 29 I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 3:57 am من طرف abubaker

» فاعمل لوجهه يكْفك كل الأوجه وتريح نفسك أن تتنازعك قوى شتى ومختلفة، ويُغنيك عن كل غنى.
 تفسير سورة الحج -  من آية 18 - إلى نهاية الآية 29 I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 3:51 am من طرف abubaker

» أتدرون ما هذان الكتابان فريق في الجنة وفريق في السعير
 تفسير سورة الحج -  من آية 18 - إلى نهاية الآية 29 I_icon_minitimeالثلاثاء يوليو 18, 2017 3:21 pm من طرف abubaker

ازرار التصفُّح
 البوابة
 الرئيسية
 قائمة الاعضاء
 البيانات الشخصية
 س .و .ج
 بحـث
التبادل الاعلاني

 

  تفسير سورة الحج - من آية 18 - إلى نهاية الآية 29

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
abubaker

abubaker


ذكر
عدد المساهمات : 18649
تاريخ التسجيل : 23/12/2010
العمر : 74
الدولـة : jordan

 تفسير سورة الحج -  من آية 18 - إلى نهاية الآية 29 Empty
مُساهمةموضوع: تفسير سورة الحج - من آية 18 - إلى نهاية الآية 29    تفسير سورة الحج -  من آية 18 - إلى نهاية الآية 29 I_icon_minitimeالجمعة مارس 15, 2013 12:56 am

أَلَمْ تَرَ أَنّ اللّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السّمَاوَاتِ وَمَن فِي الأرْضِ وَالشّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشّجَرُ وَالدّوَآبّ وَكَثِيرٌ مّنَ النّاسِ وَكَثِيرٌ حَقّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَن يُهِنِ اللّهُ فَمَا لَهُ مِن مّكْرِمٍ إِنّ اللّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَآءُ



يخبر تعالى أنه المستحق للعبادة وحده لا شريك له، فإنه يسجد لعظمته كل شيء طوعاً وكرهاً، وسجود كل شيء مما يختص به، كما قال تعالى: {أو لم يروا إلى ما خلق الله من شيء يتفيأ ظلاله عن اليمين والشمائل سجداً لله وهم داخرون} وقال ههنا: {ألم تر أن الله يسجد له من في السموات ومن في الأرض} أي من الملائكة في أقطار السموات، والحيوانات في جميع الجهات من الإنس والجن والدواب والطير {وإن من شيء إلا يسبح بحمده} وقوله: {والشمس والقمر والنجوم} إنما ذكر هذه على التنصيص، لأنها قد عبدت من دون الله فبين أنها تسجد لخالقها وأنها مربوبة مسخرة {لاتسجدوا للشمس ولاللقمر واسجدوالله الذي خلقهن} الاَية، وفي الصحيحين عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أتدري أين تذهب هذه الشمس ؟» قلت: الله ورسوله أعلم. قال: «فإنها تذهب فتسجد تحت العرش، ثم تستأمر فيوشك أن يقال لها ارجعي من حيث جئت» وفي المسند وسنن أبي داود والنسائي وابن ماجه في حديث الكسوف «إن الشمس والقمر خلقان من خلق الله، وإنما لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، ولكن الله عز وجل إذا تجلى لشيء من خلقه خشع له»

وقال أبو العالية: ما في السماء نجم ولا شمس ولا قمر إلا يقع لله ساجداً حين يغيب، ثم لا ينصرف حتى يؤذن له فيأخذ ذات اليمين حتى يرجع إلى مطلعه، وأما الجبال والشجر فسجودهما بفيء ظلالهما عن اليمين والشمائل، وعن ابن عباس قال: جاء رجل فقال: يا رسول الله إني رأيتني الليلة وأنا نائم كأني أصلي خلف شجرة فسجدت، فسجدت الشجرة لسجودي، فسمعتها وهي تقول: اللهم اكتب لي بها عندك أجراً، وضع عني بها وزراً، واجعلها لي عندك ذخراً، وتقبلها مني كما تقبلتها من عبدك داود، قال ابن عباس: فقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم : سجدة ثم سجد، فسمعته وهو يقول مثل ما أخبره الرجل عن قول الشجرة، رواه الترمذي وابن ماجه وابن حبان في صحيحه

وقوله: {والدواب} أي الحيوانات كلها، وقد جاء في الحديث عن الإمام أحمد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، نهى عن اتخاذ ظهور الدواب منابر، فرب مركوبة خير وأكثر ذكراً لله تعالى من راكبها. وقوله: {وكثير من الناس} أي يسجد لله طوعاً مختاراً متعبداً بذلك {وكثير حق عليه العذاب} أي ممن امتنع وأبى واستكبر {ومن يهن الله فما له من مكرم إن الله يفعل ما يشاء}. وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أحمد بن شيبان الرملي، حدثنا القداح عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي قال: قيل لعلي: إن ههنا رجلاً يتكلم في المشيئة، فقال له علي: يا عبد الله خلقك الله كما يشاء أو كما شئت ؟ قال: بل كما شاء. قال: فيمرضك إذا شاء أو إذا شئت ؟ قال: بل إذا شاء. قال: فيشفيك إذا شاء أو إذا شئت ؟ قال: بل إذا شاء. قال: فيدخلك حيث شئت أو حيث شاء ؟ قال: بل حيث يشاء. قال: والله لو قلت غير ذلك لضربت الذي فيه عيناك بالسيف

وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إذا قرأ ابن آدم السجدة اعتزل الشيطان يبكي، يقول: يا ويله أمر ابن آدم بالسجود فسجد فله الجنة، وأمرت بالسجود فأبيت فلي النار» رواه مسلم. وقال الإمام أحمد: حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم وأبو عبد الرحمن المقرىء قالا: حدثنا ابن لهيعة، قال: حدثنا مشرح بن هاعان أبو مصعب المعافري قال: سمعت عقبة بن عامر قال: قلت يا رسول الله أفضلت سورة الحج على سائر القرآن بسجدتين ؟ قال «نعم فمن لم يسجد بهما فلا يقرأهما» ورواه أبو داود والترمذي من حديث عبد الله بن لهيعة به. وقال الترمذي: ليس بقوي، وفي هذا نظر، فإن ابن لهيعة قد صرح فيه بالسماع، وأكثر ما نقموا عليه تدليسه

وقد قال أبو داود في المراسيل: حدثنا أحمد بن عمرو بن السرح، أنبأنا ابن وهب، أخبرني معاوية بن صالح عن عامر بن جشب عن خالد بن معدان رحمه الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «فضلت سورة الحج على سائر القرآن بسجدتين» ثم قال أبو داود: وقد أسند هذا، يعني من غير هذا الوجه ولا يصح. وقال الحافظ أبو بكر الإسماعيلي: حدثني ابن أبي داود، حدثنا يزيد بن عبد الله، حدثنا الوليد، حدثنا أبو عمرو، حدثنا حفص بن عنان، حدثني نافع قال: حدثني أبو الجهم أن عمر سجد سجدتين في الحج وهو بالجابية، وقال: إن هذه فضلت بسجدتين. وروى أبو داود وابن ماجه من حديث الحارث بن سعيد العتقي عن عبد الله بن منين عن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أقرأه خمس عشرة سجدة في القرآن، منها ثلاث في المفصل وفي سورة الحج سجدتان، فهذه شواهد يشد بعضها بعضاً





هَـَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُواْ فِي رَبّهِمْ فَالّذِينَ كَفَرُواْ قُطّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مّن نّارِ يُصَبّ مِن فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ * يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ * وَلَهُمْ مّقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ * كُلّمَآ أَرَادُوَاْ أَن يَخْرُجُواْ مِنْهَا مِنْ غَمّ أُعِيدُواْ فِيهَا وَذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ



ثبت في الصحيحين من حديث أبي مجلز عن قيس بن عباد عن أبي ذر: أنه كان يقسم قسماً أن هذه الاَية {هذان خصمان اختصموا في ربهم} نزلت في حمزة وصاحبيه، وعتبة وصاحبيه يوم برزوا في بدر، لفظ البخاري عند تفسيرها، ثم قال البخاري: حدثنا حجاج بن المنهال، حدثنا المعتمر بن سليمان، سمعت أبي، حدثنا أبو مجلز عن قيس بن عباد عن علي بن أبي طالب أنه قال: أنا أول من يجثو بين يدي الرحمن للخصومة يوم القيامة، قال قيس: وفيهم نزلت: {هذان خصمان اختصموا في ربهم} قال: هم الذين بارزوا يوم بدر علي وحمزة وعبيدة وشيبة بن ربيعة وعتبة بن ربيعة والوليد بن عتبة. انفرد به البخاري

وقال سعيد بن أبي عروبة عن قتادة في قوله: {هذان خصمان اختصموا في ربهم} قال: اختصم المسلمون وأهل الكتاب، فقال أهل الكتاب: نبينا قبل نبيكم وكتابنا قبل كتابكم، فنحن أولى بالله منكم، وقال المسلمون: كتابنا يقضي على الكتب كلها ونبينا خاتم الأنبياء، فنحن أولى بالله منكم، فأفلج الله الإسلام على من ناوأه، وأنزل {هذان خصمان اختصموا في ربهم} وكذا روى العوفي عن ابن عباس: وقال شعبة عن قتادة في قوله: {هذان خصمان اختصموا في ربهم} قال: مصدق ومكذب وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد في هذه الاَية: مثل الكافر والمؤمن اختصما في البعث، وقال في رواية هو وعطاء في هذه الاَية: هم المؤمنون والكافرون

وقال عكرمة: {هذان خصمان اختصموا في ربهم} قال: هي الجنة والنار، قالت النار: اجعلني للعقوبة، وقالت الجنة: اجعلني للرحمة. وقول مجاهد وعطاء: إن المراد بهذه الكافرون والمؤمنون يشمل الأقوال كلها، وينتظم فيه قصة يوم بدر وغيرها، فإن المؤمنين يريدون نصرة دين الله عز وجل، والكافرون يريدون إطفاء نور الإيمان وخذلان الحق وظهور الباطل، وهذا اختيار ابن جرير، وهو حسن، ولهذا قال {فالذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار} أي فصلت لهم مقطعات من النار، قال سعيد بن جبير: من نحاس، وهو أشد الأشياء حرارة إذا حمي {يصب من فوق رؤوسهم الحميم * يصهر به ما في بطونهم والجلود} أي إذا صب على رؤوسهم الحميم وهو الماء الحار في غاية الحرارة. وقال سعيد بن جبير: هو النحاس المذاب، أذاب ما في بطونهم من الشحم والأمعاء، قاله ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير وغيرهم، وكذلك تذوب جلودهم، وقال ابن عباس وسعيد: تساقط

وقال ابن جرير: حدثني محمد بن المثنى، حدثني إبراهيم أبو إسحاق الطالقاني، حدثنا ابن المبارك عن سعيد بن يزيد عن أبي السمح عن ابن حجيرة، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الحميم ليصب على رؤوسهم فينفذ الجمجمة حتى يخلص إلى جوفه، فيسلت ما في جوفه حتى يبلغ قدميه، وهو الصهر، ثم يعاد كما كان» ورواه الترمذي من حديث ابن المبارك وقال: حسن صحيح، وهكذا رواه ابن أبي حاتم عن أبيه عن أبي نعيم عن ابن المبارك به. ثم قال ابن أبي حاتم: حدثنا علي بن الحسين، حدثنا أحمد بن أبي الحواري

قال: سمعت عبد الله بن السري قال: يأتيه الملك يحمل الإناء بكلبتين من حرارته، فإذا أدناه من وجهه تكرهه، قال: فيرفع مقمعة معه فيضرب بها رأسه فيفرغ دماغه، ثم يفرغ الإناء من دماغه فيصل إلى جوفه من دماغه، فذلك قوله: {يصهر به ما في بطونهم والجلود}

وقوله: {ولهم مقامع من حديد} قال الإمام أحمد: حدثنا حسن بن موسى، حدثنا ابن لهيعة، حدثنا دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لو أن مقمعاً من حديد وضع في الأرض، فاجتمع له الثقلان ما أقلوه من الأرض» وقال الإمام أحمد: حدثنا موسى بن داود، حدثنا ابن لهيعة، حدثنا دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لو ضرب الجبل بمقمع من حديد لتفتت، ثم عاد كما كان، ولو أن دلواً من غساق يهراق في الدنيا لأنتن أهل الدنيا» وقال ابن عباس في قوله: {ولهم مقامع من حديد} قال: يضربون بها، فيقع كل عضو على حياله فيدعون بالثبور

وقوله: {كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم أعيدوا فيها} قال الأعمش عن أبي ظبيان عن سلمان قال: النار سوداء مظلمة لا يضيء لهبها ولا جمرها، ثم قرأ {كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم أعيدوا فيها} وقال زيد بن أسلم في هذه الاَية {كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم أعيدوا فيها} قال: بلغني أن أهل النار في النار لا يتنفسون، وقال الفضيل بن عياض: والله ما طمعوا في الخروج، إن الأرجل لمقيدة وإن الأيدي لموثقة، ولكن يرفعهم لهبها وتردهم مقامعها. وقوله: {وذوقوا عذاب الحريق} كقوله: {وقيل لهم ذوقوا عذاب النار الذي كنتم به تكذبون} ومعنى الكلام أنهم يهانون بالعذاب قولاً وفعلاً





إِنّ اللّهَ يُدْخِلُ الّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصّالِحَاتِ جَنّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنْهَارُ يُحَلّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ * وَهُدُوَاْ إِلَى الطّيّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوَاْ إِلَىَ صِرَاطِ الْحَمِيدِ



لما أخبر تعالى عن حال أهل النار عياذاً بالله من حالهم وما هم فيه من العذاب والنكال والحريق والأغلال وما أعد لهم من الثياب من النار، ذكر حال أهل الجنة نسأل الله من فضله وكرمه أن يدخله الجنة، فقال: {إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار} أي تتخرق في أكنافها وأرجائها وجوانبها وتحت أشجارها وقصورها، يصرفونها حيث شاؤوا وأين أرادوا {يحلون فيها} من الحلية {من أساور من ذهب ولؤلؤاً} أي في أيديهم، كما قاله النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه: «تبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء». وقال كعب الأحبار: إن في الجنة ملكاً لو شئت أن أسميه لسميته يصوغ لأهل الجنة الحلي منذ خلقه الله إلى يوم القيامة لو أبرز قلب منها ـ أي سوار منها ـ لرد شعاع الشمس كما ترد الشمس نور القمر

وقوله: {ولباسهم فيها حرير} في مقابلة ثياب أهل النار التي فصلت لهم، لباس هؤلاء من الحرير إستبرقه وسندسه، كما قال: {عاليهم ثياب سندس خضر وإستبرق وحلوا أساور من فضة وسقاهم ربهم شراباً طهوراً * إن هذا كان لكم جزاء وكان سعيكم مشكوراً} وفي الصحيح «لا تلبسوا الحرير ولا الديباج في الدنيا، فإنه من لبسه في الدنيا لم يلبسه في الاَخرة» قال عبد الله بن الزبير: من لم يلبس الحرير في الاَخرة لم يدخل الجنة، قال الله تعالى: {ولباسهم فيها حرير}. وقوله: {وهدوا إلى الطيب من القول} كقوله تعالى: {وأدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها بإذن ربهم تحيتهم فيها سلام} وقوله: {والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار} وقوله: {لا يسمعون فيها لغواً ولا تأثيماً إلا قيلاً سلاماً سلاما} فهدوا إلى المكان الذي يسمعون فيه الكلام الطيب، وقوله: {ويلقون فيها تحية وسلاماً} لا كما يهان أهل النار بالكلام الذي يوبخون به ويقرعون به يقال لهم: {ذوقوا عذاب الحريق}. وقوله: {وهدوا إلى صراط الحميد} أي إلى المكان الذي يحمدون فيه ربهم على ما أحسن إليهم وأنعم به وأسداه إليهم كما جاء في الحديث الصحيح «إنهم يلهمون التسبيح والتحميد كما يلهمون النّفس» وقد قال بعض المفسرين في قوله: {وهدوا إلى الطيب من القول} أي القرآن وقيل: لا إله إلا الله وقيل: الأذكار المشروعة {وهدوا إلى صراط الحميد} أي الطريق المستقيم في الدنيا وكل هذا لا ينافي ما ذكرناه والله أعلم





إِنّ الّذِينَ كَفَرُواْ وَيَصُدّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنّاسِ سَوَآءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نّذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ



يقول تعالى منكراً على الكفار في صدهم المؤمنين عن إتيان المسجد الحرام وقضاء مناسكهم فيه ودعواهم أنهم أولياؤه {وما كانوا أولياءه إن أولياؤه إلا المتقون} الاَية، وفي هذه الاَية دليل على أنها مدنية، كما قال في سورة البقرة: {يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام وإخراج أهله منه أكبر عند الله} وقال ههنا: {إن الذين كفروا ويصدون عن سبيل الله والمسجد الحرام} أي ومن صفتهم أنهم مع كفرهم يصدون عن سبيل الله والمسجد الحرام، أي ويصدون عن المسجد الحرام من أراده من المؤمنين الذين هم أحق الناس به في نفس الأمر، وهذا التركيب في هذه الاَية كقوله تعالى: {الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب} أي ومن صفتهم أنهم تطمئن قلوبهم بذكر الله

وقوله: {الذي جعلناه للناس سواء العاكف فيه والباد} أي يمنعون الناس عن الوصول إلى المسجد الحرام، وقد جعله الله شرعاً سواء لا فرق فيه بين المقيم فيه والنائي عنه البعيد الدار منه {سواء العاكف فيه والباد} ومن ذلك استواء الناس في رباع مكة وسكناها، كما قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله: {سواء العاكف فيه والباد} قال: ينزل أهل مكة وغيرهم في المسجد الحرام. وقال مجاهد: {سواء العاكف فيه والباد} أهل مكة وغيرهم فيه سواء في المنازل، وكذا قال أبو صالح وعبد الرحمن بن سابط وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم وقال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة: سواء فيه أهله وغير أهله، وهذه المسألة هي التي اختلف فيها الشافعي وإسحاق بن راهويه بمسجد الخيف، وأحمد بن حنبل حاضر أيضاً، فذهب الشافعي رحمه الله إلى أن رباع مكة تملك وتورث وتؤجر، واحتج بحديث الزهري عن علي بن الحسين عن عمرو بن عثمان عن أسامة بن زيد قال: قلت يا رسول الله أتنزل غداً في دارك بمكة ؟ فقال: «وهل ترك لنا عقيل من رباع ؟» ثم قال: «لا يرث الكافر المسلم ولا المسلم الكافر» وهذا الحديث مخرج في الصحيحين، وبما ثبت أن عمر بن الخطاب اشترى من صفوان بن أمية داراً بمكة، فجعلها سجناً، بأربعة آلاف درهم، وبه قال طاوس وعمرو بن دينار، وذهب إسحاق بن راهويه إلى أنها لا تورث ولا تؤجر، وهو مذهب طائفة من السلف، ونص عليه مجاهد وعطاء، واحتج إسحاق بن راهويه بما رواه ابن ماجه عن أبي بكر بن أبي شيبة عن عيسى بن يونس عن عمر بن سعيد بن أبي حسين، عن عثمان بن أبي سليمان عن علقمة بن نضلة قال: توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وما تدعي رباع مكة إلا السوائب من احتاج سكن ومن استغنى أسكن

وقال عبد الرزاق عن ابن مجاهد عن أبيه عن عبد الله بن عمرو أنه قال: لا يحل بيع دور مكة ولا كراؤها، وقال أيضاً عن ابن جريج: كان عطاء ينهى عن الكراء في الحرم، وأخبرني أن عمر بن الخطاب كان ينهى عن تبويب دور مكة لأن ينزل الحاج في عرصاتها، فكان أول من بوب داره سهيل بن عمرو، فأرسل إليه عمر بن الخطاب في ذلك، فقال: أنظرني يا أمير المؤمنين إني كنت امرأ تاجراً، فأردت أن أتخذ بابين يحبسان لي ظهري، قال: فلك ذلك إذاً. وقال عبد الرزاق عن معمر عن منصور عن مجاهد أن عمر بن الخطاب قال: يا أهل مكة لا تتخذوا لدوركم أبواباً لينزل البادي حيث يشاء، قال: وأخبرنا معمر عمن سمع عطاء يقول: {سواء العاكف فيه والباد} قال: ينزلون حيث شاؤوا، وروى الدارقطني من حديث ابن أبي نجيح عن عبد الله بن عمرو موقوفاً «من أكل كراء بيوت مكة أكل ناراً» وتوسط الإمام أحمد فقال: تملك وتورث ولا تؤجر جمعاً بين الأدلة، والله أعلم. وقوله: {ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم} قال بعض المفسرين من أهل العربية: الباء ههنا زائدة، كقوله: {تنبت بالدهن} أي تنبت الدهن، وكذا قوله: {ومن يرد فيه بإلحاد} تقديره إلحاداً، وكما قال الأعشى

ضمنت برزق عيالنا أرماحنا بين المراجل والصريح الأجرد

وقال الاَخر

بواد يمان ينبت الشث صدره وأسفله بالمرخ والشبهان

والأجود أنه ضمن الفعل ههنا معنى يهم، ولهذا عداه بالباء فقال: {ومن يرد فيه بإلحاد} أي يهم فيه بأمر فظيع من المعاصي الكبار: وقوله: {بظلم} أي عامداً قاصداً أنه ظلم ليس بمتأول، كما قال ابن جريج عن ابن عباس هو التعمد

وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: بظلم بشرك، وقال مجاهد: أن يعبد فيه غير الله، وكذا قال قتادة وغير واحد. وقال العوفي عن ابن عباس: بظلم هو أن تستحل من الحرم ما حرم الله عليك من إساءة أو قتل، فتظلم من لا يظلمك وتقتل من لا يقتلك، فإذا فعل ذلك فقد وجب له العذاب الأليم، وقال مجاهد: بظلم يعمل فيه عملاً سيئا، وهذا من خصوصية الحرم أنه يعاقب البادي فيه الشر إذا كان عازماً عليه وإن لم يوقعه، كما قال ابن أبي حاتم في تفسيره، حدثنا أحمد بن سنان، حدثنا يزيد بن هارون، أنبأنا شعبة عن السدي أنه سمع مرة يحدث عن عبد الله يعني ابن مسعود في قوله: {ومن يرد فيه بإلحاد بظلم} قال: لو أن رجلاً أراد فيه بإلحاد بظلم وهو بعدن أبين، لأذاقه الله من العذاب الأليم، قال شعبة: هو رفعه لنا وأنا لا أرفعه لكم. قال يزيد: هو قد رفعه، ورواه أحمد عن يزيد بن هارون به، قلت: هذا الإسناد صحيح على شرط البخاري، ووقفه أشبه من رفعه، ولهذا صمم شعبة على وقفه من كلام ابن مسعود، وكذلك رواه أسباط وسفيان الثوري عن السدي، عن مرة، عن ابن مسعود موقوفاً، والله أعلم. وقال الثوري عن السدي عن مرة عن عبد الله قال: ما من رجل يهم بسيئة فتكتب عليه، ولو أن رجلاً بعدن أبين همّ أن يقتل رجلاً بهذا البيت لأذاقه الله من العذاب الأليم، وكذا قال الضحاك بن مزاحم، وقال سفيان الثوري عن منصور، عن مجاهد: إلحاد فيه لا والله وبلى والله، وروي عن مجاهد، عن عبد الله بن عمرو مثله، وقال سعيد بن جبير: شتم الخادم ظلم فما فوقه، وقال سفيان الثوري عن عبد الله بن عطاء، عن ميمون بن مهران، عن ابن عباس في قوله: {ومن يرد فيه بإلحاد بظلم} قال: تجارة الأمير فيه. وعن ابن عمر: بيع الطعام بمكة إلحاد

وقال حبيب بن أبي ثابت: {ومن يرد فيه بإلحاد بظلم} قال: المحتكر بمكة، وكذا قال غير واحد. وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا عبد الله بن إسحاق الجوهري، أنبأنا أبو عاصم عن جعفر بن يحيى، عن عمه عمارة بن ثوبان، حدثني موسى بن باذان عن يعلى بن أمية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «احتكار الطعام بمكة إلحاد» وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو زرعة، حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير، حدثنا ابن لهيعة، حدثنا عطاء بن دينار، حدثني سعيد بن جبير قال: قال ابن عباس في قوله الله: {ومن يرد فيه بإلحاد بظلم} قال: نزلت في عبد الله بن أنيس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه مع رجلين: أحدهما مهاجر، والاَخر من الأنصار، فافتخروا في الأنساب فغضب عبد الله بن أنيس فقتل الأنصاري، ثم ارتد عن الإسلام، وهرب إلى مكة، فنزلت فيه {ومن يرد فيه بإلحاد بظلم} يعني من لجأ إلى الحرم بإلحاد، يعني بميل عن الإسلام، وهذه الاَثار وإن دلت على أن هذه الأشياء من الإلحاد، ولكن هو أعم من ذلك بل فيها تنبيه على ما هو أغلظ منها، ولهذا لما هم أصحاب الفيل على تخريب البيت أرسل الله عليهم طيراً أبابيل، {ترميهم بحجارة من سجيل، فجعلهم كعصف مأكول}، أي دمرهم وجعلهم عبرة ونكالاً لكل من أراده بسوء، ولذلك ثبت في الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يغزو هذا البيت جيش حتى إذا كانوا ببيداء من الأرض خسف بأولهم وآخرهم» الحديث

وقال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن كناسة، حدثنا إسحاق بن سعيد عن أبيه قال: أتى عبد الله بن عمر عبد الله بن الزبير فقال: يا ابن الزبير إياك والإلحاد في حرم الله، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إنه سيلحد فيه رجل من قريش، لو توزن ذنوبه بذنوب الثقلين لرجحت» فانظر لا تكن هو، وقال أيضاً في مسند عبد الله بن عمرو بن العاص: حدثنا هاشم، حدثنا إسحاق بن سعيد، حدثنا سعيد بن عمرو قال: أتى عبد الله بن عمر عبد الله بن الزبير وهو جالس في الحجر فقال: يا ابن الزبير، إياك والإلحاد في الحرم، فاني أشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «يحلها ويحل به رجل من قريش، لو وزنت ذنوبه بذنوب الثقلين لوزنتها» قال: فانظر لا تكن هو، ولم يخرجه أحد من أصحاب الكتب من هذين الوجهين





وَإِذْ بَوّأْنَا لإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَن لاّ تُشْرِكْ بِي شَيْئاً وَطَهّرْ بَيْتِيَ لِلطّآئِفِينَ وَالْقَآئِمِينَ وَالرّكّعِ السّجُودِ * وَأَذّن فِي النّاسِ بِالْحَجّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَىَ كُلّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلّ فَجّ عَميِقٍ



هذا فيه تقريع وتوبيخ لمن عبد غير الله وأشرك به من قريش في البقعة التي أسست من أول يوم على توحيد الله وعبادته وحده لا شريك له، فذكر تعالى أنه بوأ إبراهيم مكان البيت، أي أرشده إليه وسلمه له وأذن له في بنائه، واستدل به كثير ممن قال: إن إبراهيم عليه السلام هو أول من بنى البيت العتيق، وأنه لم يبن قبله، كما ثبت في الصحيحين عن أبي ذر، قلت: يا رسول الله أي مسجد وضع أول ؟ قال «المسجد الحرام». قلت: ثم أي ؟ قال: «بيت المقدس». قلت: كم بينهما ؟ قال: «أربعون سنة». وقد قال الله تعالى: {إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركاً} الاَيتين، وقال تعالى: {وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود} وقد قدمنا ذكر ما ورد في بناء البيت من الصحاح والاَثار بما أغنى عن إعادته ههنا، وقال تعالى ههنا {أن لا تشرك بي شيئاً} أي ابنه على اسمي وحدي {وطهر بيتي} قال قتادة ومجاهد: من الشرك {للطائفين والقائمين والركع السجود} أي اجعله خالصاً لهؤلاء الذين يعبدون الله وحده لا شريك له، فالطائف به معروف، وهو أخص العبادات عند البيت، فإنه لا يفعل ببقعة من الأرض سواها {والقائمين} أي في الصلاة، ولهذا قال: {والركع السجود} فقرن الطواف بالصلاة لأنهما لا يشرعان إلا مختصين بالبيت، فالطواف عنده والصلاة إليه في غالب الأحوال، إلا ما استثني من الصلاة عند اشتباه القبلة وفي الحرب وفي النافلة في السفر، والله أعلم

وقوله: {وأذن في الناس بالحج} أي ناد في الناس بالحج، داعياً لهم إلى الحج إلى هذا البيت الذي أمرناك ببنائه، فذكر أنه قال: يا رب وكيف أبلغ الناس وصوتي لا ينفذهم ؟ فقال: ناد وعلينا البلاغ، فقام على مقامه، وقيل على الحجر، وقيل على الصفا، وقيل على أبي قبيس، وقال: يا أيها الناس إن ربكم قد اتخذ بيتاً فحجوه، فيقال إن الجبال تواضعت حتى بلغ الصوت أرجاء الأرض، وأسمع من في الأرحام والأصلاب، وأجابه كل شيء سمعه من حجر ومدر وشجر، ومن كتب الله أنه يحج إلى يوم القيامة، لبيك اللهم لبيك، وهذا مضمون ما روي عن ابن عباس ومجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير وغير واحد من السلف، والله أعلم، أوردها ابن جرير وابن أبي حاتم مطولة

وقوله: {يأتوك رجالاً وعلى كل ضامر} الاَية، قد يستدل بهذه الاَية من ذهب من العلماء إلى أن الحج ماشياً لمن قدر عليه أفضل من الحج راكباً، لأنه قدمهم في الذكر، فدل على الاهتمام بهم وقوة هممهم وشدة عزمهم، وقال وكيع عن أبي العميس، عن أ بي حلحلة، عن محمد بن كعب، عن ابن عباس قال: ما أساء علي شيء إلا أخي وددت أني كنت حججت ماشياً، لأن الله يقول: {يأتوك رجالاً} والذي عليه الأكثرون أن الحج راكباً أفضل، اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه حج راكباً مع كمال قوته عليه السلام. وقوله: {يأتين من كل فج} يعني طريق، كما قال: {وجعلنا فيها فجاجاً سبلاً} وقوله: {عميق} أي بعيد، قاله مجاهد وعطاء والسدي وقتادة ومقاتل بن حيان والثوري وغير واحد، وهذه الاَية كقوله تعالى إخباراً عن إبراهيم حيث قال في دعائه: {فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم} فليس أحد من أهل الإسلام إلا وهو يحن إلى رؤية الكعبة والطواف، فالناس يقصدونها من سائر الجهات والأقطار





لّيَشْهَدُواْ مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُواْ اسْمَ اللّهِ فِيَ أَيّامٍ مّعْلُومَاتٍ عَلَىَ مَا رَزَقَهُمْ مّن بَهِيمَةِ الأنْعَامِ فَكُلُواْ مِنْهَا وَأَطْعِمُواْ الْبَآئِسَ الْفَقِيرَ * ثُمّ لْيَقْضُواْ تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُواْ نُذُورَهُمْ وَلْيَطّوّفُواْ بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ



قال ابن عباس: {ليشهدوا منافع لهم} قال: منافع الدنيا والاَخرة، أما منافع الاَخرة فرضوان الله تعالى، وأما منافع الدنيا فما يصيبون من منافع البدن، والذبائح والتجارات، وكذا قال مجاهد وغير واحد: إنها منافع الدنيا والاَخرة كقوله: {ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلاً من ربكم}. وقوله: {ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام}، قال شعبة وهشيم عن أبي بشر، عن سعيد، عن ابن عباس رضي الله عنهما: الأيام المعلومات أيام العشر، وعلقه البخاري عنه بصيغة الجزم به. وروي مثله عن أبي موسى الأشعري ومجاهد وقتادة وعطاء وسعيد بن جبير والحسن والضحاك وعطاء الخراساني وإبراهيم النخعي، وهو مذهب الشافعي والمشهور عن أحمد بن حنبل

وقال البخاري: حدثنا محمد بن عرعرة، حدثنا شعبة عن سليمان، عن مسلم البطين، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما العمل في أيام أفضل منها في هذه» قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله ؟ قال: «ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل يخرج يخاطر بنفسه وماله فلم يرجع بشيء»، رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه بنحوه. وقال الترمذي: حديث حسن، غريب، صحيح، وفي الباب عن ابن عمر وأبي هريرة وعبد الله بن عمرو وجابر، قلت: وقد تقصيت هذه الطرق، وأفردت لها جزءاً على حدته، فمن ذلك ما قال الإمام أحمد: حدثنا عثمان أنبأنا أبو عوانة عن يزيد بن أبي زياد عن مجاهد، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد» وروي من وجه آخر عن مجاهد عن ابن عمر بنحوه. وقال البخاري: وكان ابن عمر وأبو هريرة يخرجان إلى السوق في أيام العشر فيكبران ويكبر الناس بتكبيرهما

وقد روى أحمد عن جابر مرفوعاً أن هذا هو العشر الذي أقسم به في قوله: {والفجر وليال عشر}. وقال بعض السلف: أنه المراد بقوله: {وأتممناها بعشر} وفي سنن أبي داود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصوم هذا العشر، وهذا العشر مشتمل على يوم عرفة الذي ثبت في صحيح مسلم عن أبي قتادة قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيام يوم عرفة، فقال: أحتسب على الله أن يكفر به السنة الماضية والاَتية، ويشتمل على يوم النحر الذي هو يوم الحج الأكبر، وقد ورد في حديث أنه أفضل الأيام عند الله وبالجملة، فهذا العشر قد قيل إنه أفضل أيام السنة، كما نطق به الحديث، وفضله كثير على عشر رمضان الأخير، لأن هذا يشرع فيه ما يشرع في ذلك من صلاة وصيام وصدقة وغيره، ويمتاز هذا باختصاصه بأداء فرض الحج فيه. وقيل ذلك أفضل لا شتماله على ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، وتوسط آخرون فقالوا: أيام هذا أفضل، وليالي ذاك أفضل، وبهذا يجتمع شمل الأدلة، والله أعلم

قول ثان) في الأيام المعلومات. قال الحكم عن مقسم عن ابن عباس: الأيام المعلومات يوم النحر وثلاثة أيام بعده، ويروى هذا عن ابن عمر وإبراهيم النخعي، وإليه ذهب أحمد بن حنبل في رواية عنه

قول ثالث) قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا علي بن المديني، حدثنا يحيى بن سعيد، حدثنا ابن عجلان، حدثني نافع أن ابن عمر كان يقول: الأيام المعلومات والمعدودات هن جميعهن أربعة أيام، فالأيام المعلومات: يوم النحر، ويومان بعده، والأيام المعدودات ثلاثة أيام بعد يوم النحر، هذا إسناد صحيح إليه، وقاله السدي، وهو مذهب الإمام مالك بن أنس، ويعضد هذا القول والذي قبله قوله تعالى: {على ما رزقهم من بهيمة الأنعام} يعني ذكر الله عند ذبحها

قول رابع) أنها يوم عرفة ويوم النحر ويوم آخر بعده، وهو مذهب أبي حنيفة. وقال ابن وهب: حدثني ابن زيد بن أسلم عن أبيه أنه قال: المعلومات يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق

وقوله: {على ما رزقهم من بهيمة الأنعام} يعني الإبل والبقر والغنم كما فصلها تعالى في سورة الأنعام {ثمانية أزواج} الاَية، وقوله: {فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير} استدل بهذه الاَية من ذهب إلى وجوب الأكل من الأضاحي، وهو قول غريب، والذي عليه الأكثرون أنه من باب الرخصة أو الاستحباب، كما ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نحر هديه أمر من كل بدنة ببضعة فتطبخ، فأكل من لحمها وحسا من مرقها. قال عبد الله بن وهب: قال لي مالك: أحب أن يأكل من أضحيته، لأن الله يقول: {فكلوا منها} قال ابن وهب: وسألت الليث، فقال لي مثل ذلك، وقال سفيان الثوري عن منصور عن إبراهيم {فكلوا منها} قال: كان المشركون لا يأكلون من ذبائحهم فرخص للمسلمين، فمن شاء أكل ومن لم يشأ لم يأكل، وروي عن مجاهد وعطاء نحو ذلك

قال هشيم عن حصين عن مجاهد في قوله: {فكلوا منها} قال: هي كقوله: {فإذا حللتم فاصطادوا} {فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض} وهذا اختيار ابن جرير في تفسيره، واستدل من نصر القول بأن الأضاحي يتصدق فيها بالنصف بقوله في هذه الاَية: {فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير} فجزأها نصفين: نصف للمضحي ونصف للفقراء، والقول الاَخر أنها تجزأ ثلاثة أجزاء: ثلث له وثلث يهديه وثلث يتصدق به، لقوله تعالى في الاَية الأخرى: {فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر} وسيأتي الكلام عليها عندها إن شاء الله وبه الثقة

وقوله: {البائس الفقير} قال عكرمة: هو المضطر الذي يظهر عليه البؤس والفقير المتعفف، وقال مجاهد: هو الذي لا يبسط يده، وقال قتادة: هو الزمن، وقال مقاتل بن حيان: هو الضرير. وقوله: {ثم ليقضوا تفثهم} قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: وهو وضع الإحرام من حلق الرأس ولبس الثياب وقص الأظافر ونحو ذلك، وهكذا روى عطاء ومجاهد عنه، وكذا قال عكرمة ومحمد بن كعب القرظي. وقال عكرمة عن ابن عباس {ثم ليقضوا تفثهم} قال: التفث المناسك. وقوله: {وليوفوا نذورهم} قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: يعني نحر ما نذر من أمر البدن. وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد {وليوفوا نذورهم} نذر الحجوالهدي وما نذر الإنسان من شيء يكون في الحج. وقال إبراهيم بن ميسرة عن مجاهد {وليوفوا نذورهم} قال: الذبائح. وقال ليث بن أبي سليم عن مجاهد {وليوفوا نذورهم} كل نذر إلى أجل وقال عكرمة {وليوفوا نذورهم} قال: حجهم. وكذا روى الإمام أحمد وابن أبي حاتم: حدثنا أبي. حدثنا ابن أبي عمر، حدثنا سفيان في قوله: {وليوفوا نذورهم} قال: نذور الحج، فكل من دخل الحج فعليه من العمل فيه الطواف بالبيت وبين الصفا والمروة وعرفة والمزدلفة ورمي الجمار على ما أمروا به، وروي عن مالك نحو هذا

وقوله: {وليطوفوا بالبيت العتيق} قال مجاهد: يعني الطواف الواجب يوم النحر، وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا حماد عن أبي حمزة قال: قال لي ابن عباس: أتقرأ سورة الحج يقول الله تعالى: {وليطوفوا بالبيت العتيق} فإن آخر المناسك الطواف بالبيت العتيق، قلت: وهكذا صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه لما رجع إلى منى يوم النحر بدأ برمي الجمرة، فرماها بسبع حصيات، ثم نحر هديه وحلق رأسه، ثم أفاض فطاف بالبيت، وفي الصحيحين عن ابن عباس أنه قال: أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت الطواف إلا أنه خفف عن المرأة الحائض

وقوله: {بالبيت العتيق} فيه مستدل لمن ذهب إلى أنه يجب الطواف من وراء الحجر، لأنه من أصل البيت الذي بناه إبراهيم، ون كانت قريش قد أخرجوه من البيت حين قصرت بهم النفقة، ولهذا طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم من وراء الحجر وأخبر أن الحجر من البيت ولم يستلم الركنين الشاميين لأنهما لم يتمما على قواعد إبراهيم العتيقة، ولهذا قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا ابن أبي عمر العدني، حدثنا سفيان عن هشام بن حجر عن رجل عن ابن عباس قال: لما نزلت هذه الاَية {وليطوفوا بالبيت العتيق} طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم من ورائه، وقال قتادة عن الحسن البصري في قوله: {وليطوفوا بالبيت العتيق} قال: لأنه أول بيت وضع للناس، وكذا قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وعن عكرمة أنه قال: إنما سمي البيت العتيق لأنه أعتق يوم الغرق زمان نوح، وقال خصيف: إنما سمي بالبيت العتيق لأنه لم يظهر عليه جبار قط

وقال ابن أبي نجيح وليث عن مجاهد: أعتق من الجبابرة أن يسلطوا عليه، وكذا قال قتادة. وقال حماد بن سلمة عن حميد عن الحسن بن مسلم عن مجاهد: لأنه لم يرده أحد بسوء إلا هلك، وقال عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن ابن الزبير قال: إنما سمي البيت العتيق لأن الله أعتقه من الجبابرة، وقال الترمذي: حدثنا محمد بن إسماعيل وغير واحد، حدثنا عبد الله بن صالح، أخبرني الليث عن عبد الرحمن بن خالد عن ابن شهاب عن محمد بن عروة عن عبد الله بن الزبير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إنما سمي البيت العتيق لأنه لم يظهر عليه جبار» وكذا رواه ابن جرير عن محمد بن سهل النجاري عن عبد الله بن صالح به، وقال: إن كان صحيحاً، وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب، ثم رواه من وجه آخر عن الزهري
مرسلاً


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://abubaker.jordanforum.net
 
تفسير سورة الحج - من آية 18 - إلى نهاية الآية 29
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» تفسير سورة الحج - من آية 1 - إلى نهاية الآية 17
»  تفسير سورة الحج - من آية 30 - إلى نهاية الآية 48
»  تفسير سورة الحج - من آية 49 - إلى نهاية الآية 78
» تفسير سورة هود - من آية 1 - إلى نهاية الآية 24
» تفسير سورة ص - من آية 1 - إلى نهاية الآية 33

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الأصدقاء :: هدايات وإرشادات وتوجيهات إسلامية :: تفسير القران الكريم "ابن كثير"-
انتقل الى: