منتدى الأصدقاء
{وَاللّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }يونس25
And God calls to the House of Peace and guides whom He wills to a Straight Path} Younis 25
نحن سعداء للمشاركة في (منتدى الأصدقاء)
We are pleased to join in ( Forum Friends )
يشرفنا تسجيلك
We are honored register you
إدارة المنتدى
Management of Forum

منتدى الأصدقاء
{وَاللّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }يونس25
And God calls to the House of Peace and guides whom He wills to a Straight Path} Younis 25
نحن سعداء للمشاركة في (منتدى الأصدقاء)
We are pleased to join in ( Forum Friends )
يشرفنا تسجيلك
We are honored register you
إدارة المنتدى
Management of Forum

منتدى الأصدقاء
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدى الأصدقاء
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

( أهلا وسهلا بكم في منتدى الأصدقاء Welcome to the forum Friends >> الرجاء تسجيل الدخول للتعرف على فضائل الأعمال التي يحبها الله Please log in to learn about the virtues of Business loved by God

المواضيع الأخيرة
» تعديل شاشة الكمبيوتر - الوضع الصحيح من المصنع - LG
 تفسير سورة الشعراء - من آية 105- إلى نهاية الآية 212 I_icon_minitimeالأحد نوفمبر 05, 2017 2:53 pm من طرف abubaker

»  إن كلمة “الله” هي علم على واجب الوجود. --- آية الكرسي
 تفسير سورة الشعراء - من آية 105- إلى نهاية الآية 212 I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:44 am من طرف abubaker

»  إن كلمة “الله” هي علم على واجب الوجود. --- آية الكرسي
 تفسير سورة الشعراء - من آية 105- إلى نهاية الآية 212 I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:44 am من طرف abubaker

»  إن كلمة “الله” هي علم على واجب الوجود -- آية الكرسي -- تابع ----
 تفسير سورة الشعراء - من آية 105- إلى نهاية الآية 212 I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:33 am من طرف abubaker

»  وكلمة (الله) عَلَمٌ على واجب الوجود؛ مَطمورة فيه كُلُّ صفات الكمال؛ / الرعد - ؛ فشاءتْ رحمتُه سبحانه أنْ سَهَّل لنا أن نفتتح أيَّ عمل باسمه الجامع لكل صفات الجمال والكمال (بسم الله الرحمن الرحيم). ولذلك يُسَمُّونه (عَلَمٌ على واجب الوجود).
 تفسير سورة الشعراء - من آية 105- إلى نهاية الآية 212 I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:18 am من طرف abubaker

» أما أسماء الله فحسنى؛ لأنها بلغتْ القمة في الكمال، ولأن الأسماء والصفات التي تنطبق عليها موجودة في الخالق الأعلى سبحانه
 تفسير سورة الشعراء - من آية 105- إلى نهاية الآية 212 I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:06 am من طرف abubaker

» وكلمة(اللهُ) عَلَم على واجب الوجود بكل صفات الكمال له - طه
 تفسير سورة الشعراء - من آية 105- إلى نهاية الآية 212 I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 3:57 am من طرف abubaker

» فاعمل لوجهه يكْفك كل الأوجه وتريح نفسك أن تتنازعك قوى شتى ومختلفة، ويُغنيك عن كل غنى.
 تفسير سورة الشعراء - من آية 105- إلى نهاية الآية 212 I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 3:51 am من طرف abubaker

» أتدرون ما هذان الكتابان فريق في الجنة وفريق في السعير
 تفسير سورة الشعراء - من آية 105- إلى نهاية الآية 212 I_icon_minitimeالثلاثاء يوليو 18, 2017 3:21 pm من طرف abubaker

ازرار التصفُّح
 البوابة
 الرئيسية
 قائمة الاعضاء
 البيانات الشخصية
 س .و .ج
 بحـث
التبادل الاعلاني

 

  تفسير سورة الشعراء - من آية 105- إلى نهاية الآية 212

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
abubaker

abubaker


ذكر
عدد المساهمات : 18649
تاريخ التسجيل : 23/12/2010
العمر : 74
الدولـة : jordan

 تفسير سورة الشعراء - من آية 105- إلى نهاية الآية 212 Empty
مُساهمةموضوع: تفسير سورة الشعراء - من آية 105- إلى نهاية الآية 212    تفسير سورة الشعراء - من آية 105- إلى نهاية الآية 212 I_icon_minitimeالخميس مارس 14, 2013 1:42 pm

[color=black][size=24]كَذّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلاَ تَتّقُونَ * إِنّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ * فَاتّقُواْ اللّهَ وَأَطِيعُونِ * وَمَآ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاّ عَلَىَ رَبّ الْعَالَمِينَ * فَاتّقُواْ اللّهَ وَأَطِيعُونِ



هذا إخبار من الله عز وجل عن عبده ورسوله نوح عليه السلام، وهو أول رسول بعثه الله إلى أهل الأرض بعد ما عبدت الأصنام والأنداد، فبعثه الله ناهياً عن ذلك ومحذراً من وبيل عقابه، فكذبه قومه، فاستمروا على ما هم عليه من الفعال الخبيثة في عبادتهم أصنامهم مع الله تعالى: ونزل الله تعالى تكذيبهم له منزلة تكذيبهم جميع الرسل، فلهذا قال تعالى: {كذبت قوم نوح المرسلين * إذ قال لهم أخوهم نوح ألا تتقون} أي ألا تخافون الله في عبادتكم غيره {إني لكم رسول أمين} أي إني رسول من الله إليكم، أمين فيما بعثني الله به، أبلغكم رسالات ربي ولا أزيد فيها ولا أنقص منها {فاتقوا الله وأطيعون وما أسألكم عليه من أجر} الاَية، أي لا أطلب منكم جزاء على نصحي لكم، بل أدّخر ثواب ذلك عند الله {فاتقوا الله وأطيعون} فقد وضح لكم وبان صدقي ونصحي وأمانتي فيما بعثني الله به وائتمنني عليه





قَالُوَاْ أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتّبَعَكَ الأرْذَلُونَ * قَالَ وَمَا عِلْمِي بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ * إِنْ حِسَابُهُمْ إِلاّ عَلَىَ رَبّي لَوْ تَشْعُرُونَ * وَمَآ أَنَاْ بِطَارِدِ الْمُؤْمِنِينَ * إِنْ أَنَا إِلاّ نَذِيرٌ مّبِينٌ



يقولون: لا نؤمن لك، ولا نتبعك ونتساوى في ذلك بهؤلاء الأراذل، الذين اتبعوك وصدقوك وهم أراذلنا، ولهذا {قالوا أنؤمن لك واتبعك الأرذلون * قال وما علمي بما كانوا يعملون} أي وأي شيء يلزمني من اتباع هؤلاء لي ؟ ولو كانوا على أي شيء كانوا عليه، لا يلزمني التنقيب عنهم والبحث والفحص، إنما علي أن أقبل منهم تصديقهم إياي، وأكل سرائرهم إلى الله عز وجل {إن حسابهم إلا على ربي لو تشعرون * وما أنا بطارد المؤمنين} كأنهم سألوا منه أن يبعدهم عنه ويتابعوه، فأبى عليهم ذلك وقال {وما أنا بطارد المؤمنين * إن أنا إلا نذير مبين} أي إنما بعثت نذيراً، فمن أطاعني واتبعني وصدقني كان مني وأنا منه، سواء كان شريفاً أو وضيعاً، أو جليلاً أو حقيراً





قَالُواْ لَئِنْ لّمْ تَنْتَهِ يَنُوحُ لَتَكُونَنّ مِنَ الْمُجْرِمِينَ * قَالَ رَبّ إِنّ قَوْمِي كَذّبُونِ * فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحاً وَنَجّنِي وَمَن مّعِي مِنَ الْمُؤْمِنِينَ * فَأَنجَيْنَاهُ وَمَن مّعَهُ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ * ثُمّ أَغْرَقْنَا بَعْدُ الْبَاقِينَ * إِنّ فِي ذَلِكَ لاَيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مّؤْمِنِينَ * وَإِنّ رَبّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرّحِيمُ



لما طال مقام نبي الله بين أظهرهم، يدعوهم إلى الله تعالى ليلاً ونهاراً، وسراً وجهاراً، وكلما كرر عليهم الدعوة صمموا على الكفر الغليظ والامتناع الشديد، وقالوا في الاَخر {لئن لم تنته يا نوح لتكونن من المرجومين} أي لئن لم تنته من دعوتك إيانا إلى دينك، {لتكونن من المرجومين} أي لنرجمنك، فعند ذلك دعا عليهم دعوة استجاب الله منه، فقال {رب إن قومي كذبون * فافتح بيني وبينهم فتحاً} الاَية، كما قال في الاَية الأخرى {فدعا ربه أني مغلوب فانتصر} إلى آخر الاَية. وقال ههنا {فأنجيناه ومن معه في الفلك المشحون * ثم أغرقنا بعد الباقين} والمشحون هو المملوء بالأمتعة والأزواج التي حمل فيها من كل زوجين اثنين، أي أنجينا نوحاً ومن اتبعه كلهم، وأغرقنا من كفر به وخالف أمره كلهم أجمعين {إن في ذلك لاَية وما كان أكثرهم مؤمنين * وإن ربك لهو العزيز الرحيم}





كَذّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلاَ تَتّقُونَ * إِنّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ * فَاتّقُواْ اللّهَ وَأَطِيعُونِ * وَمَآ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاّ عَلَىَ رَبّ الْعَالَمِينَ * أَتَبْنُونَ بِكُلّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ * وَتَتّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلّكُمْ تَخْلُدُونَ * وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبّارِينَ * فَاتّقُواْ اللّهَ وَأَطِيعُونِ * وَاتّقُواْ الّذِيَ أَمَدّكُمْ بِمَا تَعْلَمُونَ * أَمَدّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ * وَجَنّاتٍ وَعُيُونٍ * إِنّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ



وهذا إخبار من الله تعالى عن عبده ورسوله هود عليه السلام، أنه دعا قومه عاداً، وكان قومه يسكنون الأحقاف، وهي جبال الرمل قريباً من حضرموت، من جهة بلاد اليمن، وكان زمانهم بعد قوم نوح، كما قال في سورة الأعراف {واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح وزادكم في الخلق بسطة} وذلك أنهم كانوا في غاية من قوة التركيب والقوة والبطش الشديد، والطول المديد، والأرزاق الدارة، والأموال والجنات والأنهار، والأبناء والزروع والثمار، وكانوا مع ذلك يعبدون غير الله معه، فبعث الله هوداً إليهم رجلاً منهم رسولاً وبشيراً ونذيراً، فدعاهم إلى الله وحده، وحذرهم نقمته وعذابه في مخالفته وبطشه، فقال لهم كما قال نوح لقومه إلى أن قال {أتبنون بكل ريع آية تعبثون} اختلف المفسرون في الريع بما حاصله أنه المكان المرتفع عند جواد الطرق المشهورة، يبنون هناك بنياناً محكماً هائلاً باهراً، ولهذا قال {أتبنون بكل ريع آية} أي معلماً بناء مشهوراً {تعبثون} أي وإنما تفعلون ذلك عبثاً لا للاحتياج إليه بل لمجرد اللعب واللهو وإظهار القوة، ولهذا أنكر عليه نبيهم عليهم السلام ذلك، لأنه تضييع للزمان وإتعاب للأبدان في غير فائدة، واشتغال بما لا يجدي في الدنيا ولا في الاَخرة، ولهذا قال {وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون} قال مجاهد: والمصانع البروج المشيدة والبنيان المخلد، وفي رواية عنه: بروج الحمام. وقال قتادة: هي مأخذ الماء

قال قتادة: وقرأ بعض الكوفيين {وتتخذون مصانع كأنكم خالدون}. وفي القراءة المشهورة {وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون} أي لكي تقيموا فيها أبداً وذلك ليس بحاصل لكم بل زائل عنكم، كما زال عمن كان قبلكم. وروى ابن أبي حاتم رحمه الله: حدثنا أبي، حدثنا الحكم بن موسى، حدثنا الوليد، حدثنا ابن عجلان، حدثني عون بن عبد الله بن عتبة أن أبا الدرداء رضي الله عنه لما رأى ما أحدث المسلمون في الغوطة من البنيان ونصب الشجر، قام في مسجدهم فنادى: يا أهل دمشق، فاجتمعوا إليه، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: ألا تستحيون، ألا تستحيون، تجمعون ما لا تأكلون، وتبنون ما لا تسكنون، وتأملون ما لا تدركون، إنه قد كانت قبلكم قرون يجمعون فيوعون، ويبنون فيوثقون، ويأملون فيطيلون، فأصبح أملهم غروراً، وأصبح جمعهم بوراً، وأصبحت مساكنهم قبوراً، ألا إن عاداً ملكت ما بين عدن وعمان خيلاً وركاباً، فمن يشتري مني ميراث عاد بدرهمين ؟

وقوله {وإذا بطشتم بطشتم جبارين} أي يصفهم بالقوة والغلظة والجبروت {فاتقوا الله وأطيعون} أي اعبدوا ربكم وأطيعوا رسولكم، ثم شرع يذكرهم نعم الله عليهم، فقال {واتقوا الذي أمدكم بما تعلمون، أمدكم بأنعام وبنين وجنات وعيون * إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم} أي إن كذبتم وخالفتم، فدعاهم إلى الله بالترغيب والترهيب، فما نفع فيهم





قَالُواْ سَوَآءٌ عَلَيْنَآ أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مّنَ الْوَاعِظِينَ * إِنْ هَـَذَا إِلاّ خُلُقُ الأوّلِينَ * وَمَا نَحْنُ بِمُعَذّبِينَ * فَكَذّبُوهُ فَأَهْلَكْنَاهُمْ إِنّ فِي ذَلِكَ لاَيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مّؤْمِنِينَ * وَإِنّ رَبّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرّحِيمُ



يقول تعالى مخبراً عن جواب قوم هود له بعد ما حذرهم وأنذرهم، ورغبهم ورهبهم، وبين لهم الحق)ووضحه {قالوا سواء علينا أوعظت أم لم تكن من الواعظين} أي لا نرجع عما نحن عليه {وما نحن بتاركي آلهتنا عن قولك، وما نحن لك بمؤمنين} وهكذا الأمر، فإن الله تعالى قال {إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون} وقال تعالى: {إن الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون} الاَية، وقولهم {إن هذا إلا خلق الأولين} قرأ بعضهم {إن هذا إلا خَلْق الأولين} بفتح الخاء وتسكين اللام. قال ابن مسعود والعوفي عن عبد الله بن عباس وعلقمة ومجاهد: يعنون ما هذا الذي جئتنا به إلاأخلاق الأولين، كما قال المشركون من قريش {وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلاً} وقال {وقال الذين كفروا إن هذا إلا إفك افتراه وأعانه عليه قوم آخرون * فقد جاءوا ظلماً وزوراً * وقالوا أساطير الأولين} وقال {وإذا قيل لهم ماذا أنزل ربكم قالوا أساطير الأولين} وقرأ آخرون {إن هذا إلا خلق الأولين} بضم الخاء واللام، يعنون دينهم وما هم عليه من الأمر هو دين الأولين من الاَباء والأجداد، ونحن تابعون لهم سالكون وراءهم، نعيش كما عاشوا، ونموت كما ماتوا، ولا بعث ولامعاد، ولهذا قالوا {وما نحن بمعذبين} قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {إن هذا إلا خلق الأولين} يقول: دين الأولين. وقاله عكرمة وعطاء الخراساني وقتادة وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم، واختاره ابن جرير

وقوله تعالى: {فكذبوه فأهلكناهم} أي استمروا على تكذيب نبي الله هود ومخالفته وعناده، فأهلكهم الله وقد بين سبب إهلاكه إياهم في غير موضع من القرآن بأنه أرسل عليهم ريحاً صرصراً عاتية، أي ريحاً شديدة الهبوب، ذات برد شديد جداً، فكان سبب إهلاكهم من جنسهم، فإنهم كانوا أعتى شيء وأجبره، فسلط الله عليهم ما هو أعتى منهم وأشد قوة، كما قال تعالى: {ألم ترَ كيف فعل ربك بعاد * إرم ذات العماد} وهم عاد الأولى، كما قال تعالى: {وأنه أهلك عاداً الأولى} وهم من نسل إرم بن سام بن نوح {ذات العماد} الذين كانو يسكنون العمد، ومن زعم أن إرم مدينة، فإنما أخذ ذلك من الإسرائيليات من كلام كعب ووهب، وليس لذلك أصل أصيل، ولهذا قال {التي لم يخلق مثلها في البلاد} أي لم يخلق مثل هذه القبيلة في قوتهم وشدتهم وجبروتهم، ولو كان المراد بذلك مدينة لقال: التي لم يبن مثلها في البلاد، وقال تعالى: {فأما عاد فاستكبروا في الأرض بغير الحق وقالوا من أشد منا قوة ؟ أو لم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة وكانوا بآياتنا يجحدون} وقد قدمنا أن الله تعالى لم يرسل عليهم من الريح إلا مقدار أنف الثور، عتت على الخزنة، فأذن الله لها في ذلك، فسلكت فحصبت بلادهم، فحصبت كل شيء لهم، كما قال تعالى: {تدمر كل شيء بأمر ربها} الاَية، وقال تعالى: {وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية ـ إلى قوله ـ حسوماً ـ أي كاملة ـ فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية} أي بقوا أبداناً بلا رؤوس، وذلك أن الريح كانت تأتي الرجل منهم فتقتلعه وترفعه في الهواء، ثم تنكسه على أم رأسه، فتشدخ دماغه وتكسر رأسه وتلقيه، كأنهم أعجاز نخل منقعر، وقد كانو تحصنوا في الجبال والكهوف والمغارات، وحفروا لهم في الأرض إلى أنصافهم، فلم يغن عنهم ذلك من أمر الله شيئاً {إن أجل الله إذا جاء لا يؤخر} ولهذا قال تعالى: {فكذبوه فأهلكناهم} الاَية





كَذّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلا تَتّقُونَ * إِنّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ * فَاتّقُواْ اللّهَ وَأَطِيعُونِ * وَمَآ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاّ عَلَىَ رَبّ الْعَالَمِينَ



وهذا إخبار من الله عز وجل عن عبده ورسوله صالح عليه السلام، أنه بعثه إلى قومه ثمود، وكانوا عرباً يسكنون مدينة الحِجْر التي بين وداي القرى وبلاد الشام، ومساكنهم معروفة مشهورة، وقد قدمنا في سورة الأعراف الأحاديث المروية في مرور رسول الله صلى الله عليه وسلم بهم حين أراد غزو الشام، فوصل إلى تبوك ثم عاد إلى المدينة ليتأهب لذلك، وكانوا بعد عاد وقبل الخليل عليه السلام. فدعاهم نبيهم صالح إلى الله عز وجل أن يعبدوه وحده لا شريك له، وأن يطيعوه فيما بلغهم من الرسالة، فأبوا عليه وكذبوه وخالفوه، وأخبرهم أنه لا يبتغي بدعوتهم أجراً منهم، وإنما يطلب ثواب ذلك من الله عز وجل، ثم ذكرهم آلاء الله علهيم، فقال





أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَآ آمِنِينَ * فِي جَنّاتٍ وَعُيُونٍ * وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ * وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتاً فَارِهِينَ * فَاتّقُواْ اللّهَ وَأَطِيعُونِ * وَلاَ تُطِيعُوَاْ أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ * الّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الأرْضِ وَلاَ يُصْلِحُونَ



يقول لهم واعظاً لهم، ومحذرهم نقم الله أن تحل بهم، ومذكراً بأنعم الله عليهم فيما رزقهم من الأرزاق الدارة وجعلهم في أمن من المحذورات، وأنبت لهم من الجنات، وفجر لهم من العيون الجاريات، وأخرج لهم من الزروع والثمرات، ولهذا قال {ونخل طلعها هضيم}. قال العوفي عن ابن عباس: أينع وبلغ، فهو هضيم. وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {ونخل طلعها هضيم} يقول: معشبة. وقال إسماعيل بن أبي خالد عن عمرو بن أبي عمرو ـ وقد أدرك الصحابة ـ عن ابن عباس في قوله {ونخل طلعها هضيم} قال: إذا رطب واسترخى، رواه ابن أبي حاتم، ثم قال: وروي عن أبي صالح نحو هذا

وقال أبو إسحاق عن أبي العلاء {ونخل طلعها هضيم} قال: هو المذنب من الرطب، وقال مجاهد: هو الذي إذا يبس تهشم وتفتت وتناثر، وقال ابن جريج: سمعت عبد الكريم، وأبا أمية، سمعت مجاهداً يقول {ونخل طلعها هضيم} قال: حين يطلع تقبض عليه فتهضمه، فهو من الرطب الهضيم، ومن اليابس الهشيم، تقبض عليه فتهشمه. وقال عكرمة وقتادة: الهضيم الرطب اللين. وقال الضحاك: إذا كثر حمل الثمرة وركب بعضها بعضاً، فهو هضيم. وقال مرة: هو الطلع حين يتفرق ويخضر. وقال الحسن البصري: هو الذي لا نوى له، وقال أبو صخر: ما رأيت الطلع حين ينشق عنه الكم ؟ فترى الطلع قد لصق بعضه ببعض، فهو الهضيم

وقوله {وتنحتون من الجبال بيوتاً فارهين} قال ابن عباس وغير واحد: يعني حاذقين. وفي رواية عنه: شرهين أشرين، وهو اختيار مجاهد وجماعة، ولا منافاة بينهما، فإنهم كانوا يتخذون تلك البيوت المنحوتة في الجبال أشراً وبطراً وعبثاً من غير حاجة إلى سكناها، وكانوا حاذقين متقنين لنحتها ونقشها، كما هو المشاهد من حالهم لمن رأى منازلهم، ولهذا قال {فاتقوا الله وأطيعون} أي أقبلوا على ما يعود نفعه عليكم في الدنيا والاَخرة من عبادة ربكم الذي خلقكم ورزقكم لتعبدوه وتوحدوه وتسبحوه بكرة وأصيلا {ولا تطيعوا أمر المسرفين الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون} يعني رؤساءهم وكبراءهم، الدعاة لهم إلى الشرك والكفر ومخالفة الحق





قَالُوَاْ إِنّمَآ أَنتَ مِنَ الْمُسَحّرِينَ * مَآ أَنتَ إِلاّ بَشَرٌ مّثْلُنَا فَأْتِ بِآيَةٍ إِن كُنتَ مِنَ الصّادِقِينَ * قَالَ هَـَذِهِ نَاقَةٌ لّهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مّعْلُومٍ * وَلاَ تَمَسّوهَا بِسُوَءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ * فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُواْ نَادِمِينَ * فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ إِنّ فِي ذَلِكَ لاَيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مّؤْمِنِينَ * وَإِنّ رَبّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرّحِيمُ



يقول تعالى مخبراً عن ثمود في جوابهم لنبيهم صالح عليه السلام حين دعاهم إلى عبادة ربهم عز وجل أنهم {قالوا إنما أنت من المسحرين} قال مجاهد وقتادة: يعنون من المسحورين. وروى أبو صالح عن ابن عباس {من المسحرين} يعني من المخلوقين، واستشهد بعضهم على هذا بقول الشاعر

فإن تسألينا: فيم نحن ؟ فإنناعصافير من هذا الأنام المسحر

يعني الذين لهم سحور، والسحر هو الرئة. والأظهر في هذا قول مجاهد وقتادة أنهم يقولون: إنما أنت في قولك هذا مسحور لا عقل لك، ثم قالوا {ما أنت إلا بشر مثلنا} يعني فكيف أوحي إليك دوننا ؟ كما قالوا في الاَية الأخرى {أءلقي الذكر عليه من بيننا ؟ بل هو كذاب أشر * سيعلمون غداً من الكذاب الأشر} ثم إنهم اقترحوا عليه آية يأتيهم بها ليعلموا صدقه بما جاءهم به من ربهم، وقد اجتمع ملؤهم، وطلبوا منه أن يخرج لهم الاَن من هذه الصخرة ناقة عشراء إلى صخرة عندهم ـ من صفتها كذا وكذا، فعند ذلك أخذ عليهم نبي الله صالح. العهود والمواثيق لئن أجابهم إلى ما سألوا ليؤمنن به وليتبعنه، فأعطوه ذلك، فقام نبي الله صالح عليه السلام فصلى، ثم دعا الله عز وجل أن يجيبهم إلى سؤالهم، فانفطرت تلك الصخرة التي أشاروا إليها عن ناقة عشراء على الصفة التي وصفوها، فآمن بعضهم وكفر أكثرهم {قال هذه ناقة لها شرب ولكم شرب يوم معلوم} يعني ترد ماءكم يوماً، ويوماً تردونه أنتم {ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب يوم عظيم} فحذرهم نقمة الله إن أصابوها بسوء، فمكثت الناقة بين أظهرهم حيناً من الدهر، ترد الماء وتأكل الورق والمرعى ـ وينتفعون بلبنها يحلبون منها ما يكفيهم شرباً ورياً، فلما طال عليهم الأمد وحضر شقاؤهم، تمالؤوا على قتلها وعقرها {فعقروها فأصبحوا نادمين فأخذهم العذاب} وهو أن أرضهم زلزلت زلزالاً شديداً، وجاءتهم صيحة عظيمة اقتلعت القلوب من محالها، وأتاهم من الأمر ما لم يكونوا يحتسبون، وأصبحوا في ديارهم جاثمين {إن في ذلك لاَية وما كان أكثرهم مؤمنين * وإن ربك لهو العزيز الرحيم}





كَذّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلا تَتّقُونَ * إِنّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ * فَاتّقُواْ اللّهَ وَأَطِيعُونِ * وَمَآ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاّ عَلَىَ رَبّ الْعَالَمِينَ



يقول تعالى مخبراً عن عبده ورسوله لوط عليه السلام، وهو لوط بن هاران بن آزار وهو ابن أخي إبراهيم الخليل عليه السلام، وكان الله تعالى قد بعثه إلى أمة عظيمة في حياة إبراهيم عليهما السلام، وكانوا يسكنون سدوم وأعمالها التي أهلكها الله بها، وجعل مكانها بحيرة منتنة خبيثة، وهي مشهورة ببلاد الغور بناحية متاخمة لجبال البيت المقدس، بينها وبين بلاد الكرك والشوبك، فدعاهم إلى الله عز وجل أن يعبدوه وحده لا شريك له، وأن يطيعوا رسولهم الذي بعثه الله إليهم، ونهاهم عن معصية الله وارتكاب ما كانوا قد ابتدعوه في العالم مما لم يسبقهم أحد من الخلائق إلى فعله، من إتيان الذكور دون الإناث، ولهذا قال تعالى





أَتَأْتُونَ الذّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ * وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبّكُمْ مّنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ * قَالُواْ لَئِن لّمْ تَنتَهِ يَلُوطُ لَتَكُونَنّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ * قَالَ إِنّي لِعَمَلِكُمْ مّنَ الْقَالِينَ * رَبّ نّجِنِي وَأَهْلِي مِمّا يَعْمَلُونَ * فَنَجّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ * إِلاّ عَجُوزاً فِي الْغَابِرِينَ * ثُمّ دَمّرْنَا الاَخَرِينَ * وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مّطَراً فَسَآءَ مَطَرُ الْمُنذَرِينَ * إِنّ فِي ذَلِكَ لاَيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مّؤْمِنِينَ * وَإِنّ رَبّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرّحِيمُ



لما نهاهم نبي الله عن ارتكاب الفواحش، وغشيانهم الذكور، وأرشدهم إلى إتيان نسائهم اللاتي خلقهن الله لهم، ما كان جوابهم له إلا أن قالوا {لئن لم تنته يا لوط} أي عما جئتنا به {لتكونن من المخرجين} أي ننفيك من بين أظهرنا، كما قال تعالى: {فما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهرون} فلما رأى أنهم لا يرتدعون عما هم فيه وأنهم مستمرون على ضلالتهم، تبرأ منهم وقال {إني لعملكم من القالين} أي المبغضين، لا أحبه ولا أرضى به، وإني بريء منكم، ثم دعا الله عليهم فقال {رب نجني وأهلي مما يعملون} قال الله تعالى: {فنجيناه وأهله أجمعين} أي كلهم {إلا عجوزاً في الغابرين} وهي امرأته، وكانت عجوز سوء بقيت فهلكت مع من بقي من قومها، وذلك كما أخبر الله تعالى عنهم في سورة الأعراف وهود، وكذا في الحجر حين أمره الله أن يسري بأهله إلا امرأته، وأنهم لا يلتفتوا إذا سمعوا الصيحة حين تنزل على قومه، فصبروا لأمر الله واستمروا، وأنزل الله على أولئك العذاب الذي عم جميعهم، وأمطر عليهم حجارة من سجيل منضود، ولهذا قال تعالى: {ثم دمرنا الاَخرين * وأمطرنا عليهم مطراً ـ إلى قوله ـ وإن ربك لهو العزيز الرحيم}





كَذّبَ أَصْحَابُ الأيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلاَ تَتّقُونَ * إِنّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ * فَاتّقُواْ اللّهَ وَأَطِيعُونِ * وَمَآ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاّ عَلَىَ رَبّ الْعَالَمِينَ



هؤلاء ـ يعني أصحاب الأيكة ـ هم أهل مدين على الصحيح وكان نبي الله شعيب من أنفسهم وإنما لم يقل ههنا أخوهم شعيب لأنهم نسبوا إلى عبادة الأيكة، وهي شجرة، وقيل شجر ملتف كالغيضة كانوا يعبدونها، فلهذا لما قال: كذب أصحاب الاَيكة المرسلين لم يقل: إذ قال لهم أخوهم شعيب، وإنما قال {إذ قال لهم شعيب} فقطع نسب الأخوة بينهم للمعنى الذي نسبوا إليه، وإن كان أخاهم نسباً. ومن الناس من لم يفطن لهذه النكتة، فظن أن أصحاب الاَيكة غير أهل مدين، فزعم أن شعيباً عليه السلام بعثه الله إلى أمتين، ومنهم من قال: ثلاث أمم. وقد روى إسحاق بن بشر الكاهلي ـ وهو ضعيف ـ حدثني ابن السدي عن أبيه، وزكريا بن عمر عن خصيف عن عكرمة، قالا: ما بعث الله نبياً مرتين إلا شعيباً، مرة إلى مدين فأخذهم الله بالصيحة، ومرة إلى أصحاب الأيكة، فأخذهم الله تعالى بعذاب يوم الظلة، وروى أبو القاسم البغوي عن هدبة عن همام عن قتادة في قوله تعالى: {وأصحاب الرس} قوم شعيب

وقوله {وأصحاب الأيكة} قوم شعيب، وقاله إسحاق بن بشر. وقال غير جويبر: أصحاب الأيكة ومدين هما واحد، والله أعلم. وقد روى الحافظ ابن عساكر في ترجمة شعيب من طريق محمد بن عثمان بن أبي شيبة، عن أبيه عن معاوية بن هشام عن هشام بن سعد، عن سعيد بن أبي هلال عن ربيعة بن سيف عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إن قوم مدين وأصحاب الأيكة أمتان، بعث الله إليهما شعيباً النبي عليه السلام» وهذا غريب، وفي رفعه نظر، والأشبه أن يكون موقوفاً، والصحيح أنهم أمة واحدة وصفوا في كل مقام بشيء، ولهذا وعظ هؤلاء وأمرهم بوفاء المكيال والميزان، كما في قصة مدين سواء بسواء، فدل ذلك على أنهما أمة واحدة





أَوْفُواْ الْكَيْلَ وَلاَ تَكُونُواْ مِنَ الْمُخْسِرِينَ * وَزِنُواْ بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ * وَلاَ تَبْخَسُواْ النّاسَ أَشْيَآءَهُمْ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأرْضِ مُفْسِدِينَ * وَاتّقُواْ الّذِي خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلّةَ الأوّلِينَ



يأمرهم الله تعالى بإيفاء المكيال والميزان، وينهاهم عن التطفيف فيهما، فقال {أوفوا الكيل ولا تكونوا من المخسرين} أي إذا دفعتم للناس فكملوا الكيل لهم، ولا تبخسوا الكيل فتعطوه ناقصاً، وتأخذوه إذا كان لكم تاماً وافياً، ولكن خذوا كما تعطون، وأعطوا كما تأخذون {وزنوا بالقسطاس المستقيم} والقسطاس هو الميزان، وقيل هو القبان. قال بعضهم: هو معرب من الرومية. قال مجاهد: القسطاس المستقيم هو العدل بالرومية. وقال قتادة القسطاس العدل. وقوله {ولا تبخسوا الناس أشياءهم} أي لا تنقصوهم أموالهم {ولا تعثوا في الأرض مفسدين} يعني قطع الطريق، كما قال في الاَية الأخرى {ولا تقعدوا بكل صراط توعدون}

وقوله {واتقوا الذي خلقكم والجبلة الأولين} يخوفهم بأس الله الذي خلقهم وخلق آباءهم الأوائل، كما قال موسى عليه السلام {ربكم ورب آبائكم الأولين} قال ابن عباس ومجاهد والسدي وسفيان بن عيينة وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم {والجبلة الأولين} يقول: خلق الأولين وقرأ ابن زيد {ولقد أضل منكم جبلاً كثيراً}





قَالُوَاْ إِنّمَآ أَنتَ مِنَ الْمُسَحّرِينَ * وَمَآ أَنتَ إِلاّ بَشَرٌ مّثْلُنَا وَإِن نّظُنّكَ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ * فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفاً مّنَ السّمَآءِ إِن كُنتَ مِنَ الصّادِقِينَ * قَالَ رَبّيَ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ * فَكَذّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظّلّةِ إِنّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ * إِنّ فِي ذَلِكَ لاَيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مّؤْمِنِينَ * وَإِنّ رَبّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرّحِيمُ



يخبر تعالى عن جواب قومه له بمثل ما أجابت به ثمود لرسولها، تشابهت قلوبهم حيث قالوا {إنما أنت من المسحرين} يعنون من المسحورين كما تقدم {وما أنت إلا بشر مثلنا وإن نظنك لمن الكاذبين} أي تتعمد الكذب فيما تقوله لا أن الله أرسلك إلينا {فأسقط علينا كسفاً من السماء} قال الضحاك: جانباً من السماء. وقال قتادة: قطعاً من السماء. وقال السدي: عذاباً من السماء. وهذا شبيه بما قالت قريش فيما أخبر الله عنهم في قوله تعالى: {وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعاً} إلى أن قالوا {أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفاً أو تأتي بالله والملائكة قبيلاً} وقوله {وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء} الاَية، وهكذا قال هؤلاء الكفار الجهلة {فأسقط علينا كسفاً من السماء} الاَية، {قال ربي أعلم بما تعملون} يقول: الله أعلم بكم، فإن كنتم تستحقون ذلك جازاكم به، وهو غير ظالم لكم، وهكذا وقع بهم جزاء كما سألوا جزاء وفاقاً، ولهذا قال تعالى: {فكذبوه فأخذهم عذاب يوم الظلة إنه كان عذاب يوم عظيم} وهذا من جنس ما سألوه من إسقاط الكسف عليهم، فإن الله سبحانه وتعالى جعل عقوبتهم أن أصابهم حر عظيم مدة سبعة أيام، لا يكنهم منه شيء، ثم أقبلت إليهم سحابة أظلتهم، فجعلوا ينطلقون إليها يستظلون بظلها من الحر، فلما اجتمعوا كلهم تحتها، أرسل الله تعالى عليهم منها شرراً من نار ولهباً ووهجاً عظيماً، ورجفت بهم الأرض، وجاءتهم صيحة عظيمة أزهقت أرواحهم، ولهذا قال تعالى: {إنه كان عذاب يوم عظيم}

وقد ذكر الله تعالى صفة إهلاكهم في ثلاثة مواطن، كل موطن بصفة تناسب ذلك السياق ففي الأعراف ذكر أنهم أخذتهم الرجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين، وذلك لأنهم قالوا {لنخرجنك يا شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا أو لتعودن في ملتنا} فأرجفوا نبي الله ومن اتبعه فأخذتهم الرجفة، وفي سورة هود قال {فأخذتهم الصيحة} وذلك لأنهم استهزءوا بنبي الله في قولهم {أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء إنك لأنت الحليم الرشيد} قالوا ذلك على سبيل التهكم والازدراء، فناسب أن تأتيهم صيحة تسكتهم، فقال {فأخذتهم الصيحة} الاَية، وههنا قالوا {فأسقط علينا كسفاً من السماء} الاَية، على وجه التعنت والعناد، فناسب أن يحقق عليهم ما استبعدوا وقوعه {فأخذهم عذاب يوم الظلة إنه كان عذاب يوم عظيم}

قال قتادة: قال عبد الله بن عمر رضي الله عنه: إن الله سلط عليهم الحر سبعة أيام حتى ما يظلهم منه شيء، ثم إن الله تعالى أنشأ لهم سحابة، فانطلق إليها أحدهم فاستظل بها فأصاب تحتها برداً وراحة، فأعلم بذلك قومه فأتوها جميعاً فاستظلوا تحتها فأججت عليهم ناراً، وهكذا روي عن عكرمة وسعيد بن جبير والحسن وقتادة وغيرهم. وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: بعث الله إليهم الظلة حتى إذا اجتمعوا كلهم كشف الله عنهم الظلة وأحمى عليهم الشمس، فاحترقوا كما يحترق الجراد في المقلى، وقال محمد بن كعب القرظي: إن أهل مدين عذبوا بثلاثة أصناف من العذاب: أخذتهم الرجفة في دارهم حتى خرجوا منها، فلما خرجوا منها أصابهم فزع شديد، ففرقوا أن يدخلوا إلى البيوت فتسقط عليهم، فأرسل الله عليهم الظلة، فدخل تحتها رجل فقال: ما رأيت كاليوم ظلاً أطيب ولا أبرد من هذا، هلموا أيها الناس، فدخلوا جميعاً تحت الظلة، فصاح بهم صيحة واحدة، فماتوا جميعاً، ثم تلا محمد بن كعب {فأخذهم عذاب يوم الظلة إنه كان عذاب يوم عظيم}

وقال محمد بن جرير: حدثني الحارث، حدثني الحسن، حدثني سعيد بن زيد أخو حماد بن زيد، حدثنا حاتم بن أبي صغيرة، حدثني يزيد الباهلي، سألت ابن عباس عن هذه الاَية {فأخذهم عذاب يوم الظلة} الاَية، قال: بعث الله عليهم رعداً وحراً شديداً، فأخذ بأنفاسهم فخرجوا من البيوت هراباً إلى البرية، فبعث الله عليهم سحابة فأظلتهم من الشمس، فوجدوا لها برداً ولذة، فنادى بعضهم بعضاً حتى إذا اجتمعوا تحتها أرسل الله عليهم ناراً. قال ابن عباس: فذلك عذاب يوم الظلة إنه كان عذاب يوم عظيم {إن في ذلك لاَية وما كان أكثرهم مؤمنين، وإن ربك لهو العزيز الرحيم} أي العزيز في انتقامه من الكافرين، الرحيم بعباده المؤمنين





وَإِنّهُ لَتَنزِيلُ رَبّ الْعَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرّوحُ الأمِينُ * عَلَىَ قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيّ مّبِينٍ



يقول تعالى مخبراً عن الكتاب الذي أنزله على عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم {وإنه} أي القرآن ذكره في أول السورة في قوله {وما يأتيهم من ذكر من الرحمن محدث} الاَية {لتنزيل رب العالمين} أي أنزله الله عليك وأوحاه إليك {نزل به الروح الأمين} وهو جبريل عليه السلام، قاله غير واحد من السلف: ابن عباس ومحمد بن كعب وقتادة وعطية العوفي والسدي والضحاك والزهري وابن جريج، وهذا مما لا نزاع فيه. قال الزهري: وهذه كقوله {قل من كان عدواً لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله مصدقا لما بين يديه} وقال مجاهد: من كلمه الروح الأمين لا تأكله الأرض {على قلبك لتكون من المنذرين} أي نزل به ملك كريم أمين ذو مكانة عند الله مطاع في الملأ الأعلى {على قلبك} يا محمد سالماً من الدنس والزيادة والنقص {لتكون من المنذرين} أي لتنذر به بأس الله ونقمته على من خالفه وكذبه، وتبشر به المؤمنين المتبعين له

وقوله تعالى: {بلسان عربي مبين} أي هذا القرآن الذي أنزلناه إليك، أنزلناه بلسانك العربي الفصيح الكامل الشامل، ليكون بيناً واضحاً ظاهراً، قاطعاً للعذر، مقيماً للحجة دليلاً إلى المحجة. قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا عبد الله بن أبي بكر العتكي، حدثنا عباد بن عباد المهلبي عن موسى بن محمد عن إبراهيم التيمي عن أبيه قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أصحابه في يوم دجن إذ قال لهم «كيف ترون بواسقها ؟» قالوا: ما أحسنها وأشد تراكمها. قال «فكيف ترون قواعدها ؟» قالوا: ما أحسنها وأشد تمكنها. قال «فكيف ترون جريها ؟» قالوا: ما أحسنه وأشد سواده. قال «فيكف ترون رحاها استدارت» قالوا: ما أحسنها وأشد استدارتها. قال «فكيف ترون برقها: أوميض أم خَفق أم يشق شقاً ؟» قالوا: بل يشق شقاً. قال «الحياء الحياء إن شاء الله». قال: فقال رجل: يا رسول الله، بأبي وأمي، ما أفصحك، ما رأيت الذي هو أعرب منك. قال: فقال «حق لي وإنما أنزل القرآن بلساني والله يقول {بلسان عربي مبين}» وقال سفيان الثوري: لم ينزل وحي إلا بالعربية، ثم ترجم كل نبي لقومه، واللسان يوم القيامة بالسريانية، فمن دخل الجنة تكلم بالعربية، رواه ابن أبي حاتم





وَإِنّهُ لَفِي زُبُرِ الأوّلِينَ * أَوَ لَمْ يَكُن لّهُمْ آيَةً أَن يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِيَ إِسْرَائِيلَ * وَلَوْ نَزّلْنَاهُ عَلَىَ بَعْضِ الأعْجَمِينَ * فَقَرَأَهُ عَلَيْهِم مّا كَانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ



يقول تعالى: وإن ذكر هذا القرآن والتنويه به لموجود في كتب الأولين المأثورة عن أنبيائهم الذين بشروا به في قديم الدهر وحديثه، كما أخذ الله عليهم الميثاق بذلك حتى قام آخرهم خطيباً في ملئه بالبشارة بأحمد {وإذ قال عيسى ابن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقاً لما بين يدي من التوراة ومبشراً برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد} والزبر ههنا هي الكتب، وهي جمع زبور، وكذلك الزبور وهو كتاب داود، وقال الله تعالى: {وكل شيء فعلوه في الزبر} أي مكتوب عليهم في صحف الملائكة، ثم قال تعالى: {أو لم يكن لهم آية أن يعلمه علماء بني إسرائيل} أي أو ليس يكفيهم من الشاهد الصادق على ذلك أن العلماء من بني إسرائيل يجدون ذكر هذا القرآن في كتبهم التي يدرسونها، والمراد العدول منهم الذين يعترفون بما في أيديهم من صفة محمد صلى الله عليه وسلم ومبعثه وأمته، كما أخبر بذلك من آمن منهم، كعبد الله بن سلام وسلمان الفارسي عمن أدركه منهم ومن شاكلهم، قال الله تعالى: {الذين يتبعون الرسول النبي الأمي} الاَية

ثم قال تعالى مخبراً عن شدة كفر قريش وعنادهم لهذا القرآن: أنه لو نزل على رجل من الأعاجم ممن لا يدري من العربية كلمة وأنزل عليه هذا الكتاب ببيانه وفصاحته لا يؤمنون به، ولهذا قال {ولو نزلناه على بعض الأعجمين فقرأه عليهم ما كانوا به مؤمنين} كما أخبر عنهم في الاَية الأخرى {ولو فتحنا عليهم باباً من السماء فظلوا فيه يعرجون لقالوا إنما سكرت أبصارنا} الاَية، وقال تعالى: {ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة وكلمهم الموتى} الاَية، وقال تعالى: {إن الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون} الاَية





كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ * لاَ يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتّىَ يَرَوُاْ الْعَذَابَ الألِيمَ * فَيَأْتِيَهُم بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ * فَيَقُولُواْ هَلْ نَحْنُ مُنظَرُونَ * أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ * أَفَرَأَيْتَ إِن مّتّعْنَاهُمْ سِنِينَ * ثُمّ جَآءَهُم مّا كَانُواْ يُوعَدُونَ * مَآ أَغْنَىَ عَنْهُمْ مّا كَانُواْ يُمَتّعُونَ * وَمَآ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ إِلاّ لَهَا مُنذِرُونَ * ذِكْرَىَ وَمَا كُنّا ظَالِمِينَ



يقول تعالى: كذلك سلكنا التكذيب والكفر والجحود والعناد، أي أدخلناه في قلوب المجرمين {لا يؤمنون به} أي بالحق {حتى يروا العذاب الأليم} أي حيث لا ينفع الظالمين معذرتهم، ولهم اللعنة ولهم سوء الدار {فيأتيهم بغتة} أي عذاب الله بغتة {وهم لا يشعرون فيقولوا هل نحن منظرون} أي يتمنون حين يشاهدون العذاب أن لو أنظروا قليلاً ليعملوا في زعمهم بطاعة الله، كما قال الله تعالى: {وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب ـ إلى قوله ـ ما لكم من زوال} فكل ظالم وفاجر إذا شاهد عقوبته ندم ندماً شديداً، هذا فرعون لما دعا عليه الكليم بقوله {ربنا إنك آتيت فرعون وملأه زينة وأموالاً في الحياة الدنيا ـ إلى قوله ـ قال قد أجيبت دعوتكما} فأثرت هذه الدعوة في فرعون، فما آمن حتى رأى العذاب الأليم {حتى إذا أدركه الغرق قال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل ـ إلى قوله ـ وكنت من المفسدين} وقال تعالى: {فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده} الاَيات

وقوله تعالى: {أفبعذابنا يستعجلون} إنكار عليهم وتهديد لهم، فإنهم كانوا يقولون للرسول تكذيباً واستبعاداً: ائتنا بعذاب الله، كما قال تعالى: {ويستعجلونك بالعذاب} الاَيات، ثم قال {أفرأيت إن متعناهم سنين ثم جاءهم ما كانوا يوعدون ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون} أي لو أخرناهم وأنظرناهم وأملينا لهم برهة من الدهر وحيناً من الزمان وإن طال، ثم جاءهم أمر الله أي شيء يجدي عنهم ما كانوا فيه من النعيم {كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها} وقال تعالى: {يود أحدهم لو يعمر ألف سنة وما هو بمزحزحه من العذاب أن يعمر} وقال تعالى: {وما يغني عنه ماله إذا تردى} ولهذا قال تعالى: {ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون}

وفي الحديث الصحيح «يؤتى بالكافر فيغمس في النار غمسة ثم يقال له: هل رأيت خيراً قط ؟ هل رأيت نعيماً قط ؟ فيقول: لا والله يا رب، ويؤتى بأشد الناس بؤساً كان في الدنيا، فيصبغ في الجنة صبغة، ثم يقال له: هل رأيت بؤساً قط ؟ فيقول: لا والله يا رب» أي ما كأن شيئاً كان. ولهذا كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يتمثل بهذا البيت

كأنك لم تؤثر من الدهر ليلةإذا أنت أدركت الذي أنت تطلب

ثم قال تعالى مخبراً عن عدله في خلقه أنه ما أهلك أمة من الأمم إلا بعد الإعذار إليهم، والإنذار لهم، وبعثة الرسل إليهم، وقيام الحجة عليهم، ولهذا قال تعالى: {وما أهلكنا من قرية إلا لها منذرون * ذكرى وما كنا ظالمين} كما قال تعالى: {وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً} وقال تعالى: {وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها رسولاً يتلو عليهم آياتنا ـ إلى قوله ـ وأهلها ظالمون}





وَمَا تَنَزّلَتْ بِهِ الشّيَاطِينُ * وَمَا يَنبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ * إِنّهُمْ عَنِ السّمْعِ لَمَعْزُولُونَ



يقول تعالى مخبراً عن كتابه العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد أنه نزل به الروح الأمين المؤيد من الله {وما تنزلت به الشياطين} ثم ذكر أنه يمتنع عليهم ذلك من ثلاثة أوجه: أحدها أنه ما ينبغي لهم، أي ليس هو من بغيتهم ولا من طلبتهم، لأن من سجاياهم الفساد وإضلال العباد، وهذا فيه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ونور وهدى وبرهان عظيم، فبينه وبين الشياطين منافاة عظيمة، ولهذا قال تعالى: {وما ينبغي لهم}

وقوله تعالى: {وما يستطيعون} أي ولو انبغى لهم ما استطاعوا ذلك، قال الله تعالى: {لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعاً متصدعاً من خشية الله} ثم بين أنه لو انبغى لهم واستطاعوا حمله وتأديته، لما وصلوا إلى ذلك، لأنهم بمعزل عن استماع القرآن حال نزوله، لأن السماء ملئت حرساً شديداً وشهباً في مدة إنزال القرآن على رسول الله، فلم يخلص أحد من الشياطين إلى استماع حرف واحد منه لئلا يشتبه الأمر، وهذا من رحمة الله بعباده، وحفظه لشرعه، وتأييده لكتابه ولرسوله، ولهذا قال تعالى: {إنهم عن السمع لمعزولون} كما قال تعالى مخبراً عن الجن {وأنا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرساً شديداً وشهباً * وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الاَن يجد له شهاباً رصداً * ـ إلى قوله ـ أم أراد بهم ربهم
رشداً}




الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://abubaker.jordanforum.net
 
تفسير سورة الشعراء - من آية 105- إلى نهاية الآية 212
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» تفسير سورة الشعراء - من آية 1 - إلى نهاية الآية 104
» تفسير سورة الشعراء - من آية 213 - إلى نهاية الآية 227
» تفسير سورة طه - من آية 36 - إلى نهاية الآية 40
» تفسير سورة سبأ - من آية 1 - إلى نهاية الآية 17
» تفسير سورة طه - من آية 1 - إلى نهاية الآية 35

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الأصدقاء :: هدايات وإرشادات وتوجيهات إسلامية :: تفسير القران الكريم "ابن كثير"-
انتقل الى: