حديث (اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت عليك توكلت.... ) هل هذا الحديث صحيح؟ روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من قال هذه الكلمات أول نهاره لم تصبه مصيبة حتى يمسي، ومن قالها آخر نهاره لم تصبه مصيبة حتى يصبح، وهي: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، عليك توكلت وأنت رب العرش، ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، أعلم أن الله على كل شيء قدير، وأن الله قد أحاط بكل شيء علماً، اللهم إني أعوذ بك من شر نفسي، ومن شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها، إن ربي على صراط مستقيم)، وفي راوية (لم يصبه في نفسه ولا أهله ولا ماله شيء يكرهه)، إذا كان هذا الحديث صحيحاً فما مقدار هذه المصيبة، وهل هي دون الموت أم يدخل ضمنها الموت؟ أفيدونا أفادكم الله.
ما هو الدعاء الذي يحفظ من الحريق ؟ .
تم النشر بتاريخ: 2006-05-02
الحمد لله
أولا :
الحريق من الآفات العظام التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يتعوذ منها ، ويسأل الله تعالى أن يقيه منه ومن غيره من المصائب .
عن أبي اليسر رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( الَّلهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ التَّرَدِّي وَالهَدمِ وَالغَرَقِ وَالحَرِيقِ ، وَأَعُوذُ بِكَ أَن يَتَخَبَّطَنِي الشَّيطَانُ عِندَ المَوتِ ، وَأَعُوذُ بِكَ أَن أَمُوتَ فِي سَبِيلِكَ مُدبِرًا ، وَأَعُوذُ بِكَ أَن أَمُوتَ لَدِيغًا ) رواه النسائي (5531) والحاكم في المستدرك (1/713) وقال : صحيح الإسناد ولم يخرجاه ، وقال الحافظ ابن حجر في "بذل الماعون" (199) : ثابت ، وصححه الألباني في صحيح النسائي .
ولا أعرف في السنة دعاء صحيحا خاصا يقوله المسلم فيحفظه الله تعالى من الحريق ، إنما يدعو أن يحفظه الله تعالى من الأذى والمكروه ، ويسأل الله تعالى العافية والستر ، ويتعوذ مما كان النبي صلى الله عليه وسلم يتعوذ منه ، كما في الحديث السابق ، والله سبحانه وتعالى خيرٌ حافظا وهو أرحم الراحمين .
انظر جواب السؤال رقم (22816)
ثانيا :
روي في الحفظ من الحريق وغيره من الآفات حديث ضعيف ، لعل السائل يقصده ، وهو :
عن طلق بن حبيب قال : جاء رجل إلى أبي الدرداء رضي الله عنه فقال : يا أبا الدرداء قد احترق بيتك . قال : ما احترق ، قد علمت أن الله عز وجل لم يكن ليفعل ذلك لكلمات سمعتهن من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ، من قالهن أول نهاره لم تصبه مصيبة حتى يمسي ، ومن قالهن آخر النهار لم تصبه مصيبة حتى يصبح : اللهم أنت ربي ، لا إله إلا أنت ، عليك توكلت وأنت رب العرش العظيم ، ما شاء الله كان ، وما لم يشأ لم يكن ، لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، أعلم أن الله على كل شيء قدير ، وأن الله قد أحاط بكل شيء علمًا ، اللهم إني أعوذ بك من شر نفسي ، ومن شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها ، إن ربي على صراط مستقيم .
أخرجه ابن السني في كتابه "عمل اليوم والليلة" (25/ح27) ، والطبراني في الدعاء ( 2 / 954 )
قال ابن الجوزي في " العلل المتناهية " ( 2 / 836 ، 837 ):
" هذا حديث لا يثبت ، وآفته من الأغلب بن تميم ، قال يحيى بن معين: ليس بشيء ، وقال البخاري: منكر الحديث " انتهى .
وقد جاء الحديث من طريق أخرى بلفظ مقارب لما سبق ، أخرجها الحارث بن أبي أسامة في "مسنده" (2/953) قال : " حدثنا يزيد بن هارون ، ثنا معاذ أبو عبد الله قال : حدثني رجل عن الحسن به "
وهذا سند ضعيف لإبهام الرجل الذي يحدث عن الحسن .
وقد ضعف الحديث العراقي في "تخريج إحياء علوم الدين" (1/316) ، والشيخ الألباني في "تحقيق الكلم الطيب" (74) .
ثالثا :
إذا قدر الله وقوع الحريق ، فإن بعض أهل العلم يستحب التكبير عنده أثناء إطفائه ، ويقولون إن التكبير عند الحريق ينفع في إطفائه ومنع ضرره وأذاه .
ويُروَى حديث في ذلك عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( إِذَا رأيْتُمُ الحَرِيقَ فَكَبِّرُوا فَإِنَّ التَّكْبِيرَ يُطْفئُهُ ) أخرجه ابن السني في "عمل اليوم والليلة" (295) ، والطبراني في "الدعاء" (1/307) ، ولكنه حديث ضعيف ، انظر "السلسلة الضعيفة" للألباني (2603)
يقول ابن تيمية رحمه الله تعالى في "الفتاوى الكبرى" (5/188) :
" ولهذا كان شعار الصلوات والأذان والأعياد هو : التكبير ، وكان مستحبا في الأمكنة العالية كالصفا والمروة وإذا علا الإنسان شرفا أو ركب دابة ونحو ذلك ، وبه يطفأ الحريق وإن عظم ، وعند الأذان يهرب الشيطان " انتهى .
ويقول ابن القيم رحمه الله في "زاد المعاد" (4/194) :
" لما كان الحريق سببه النار ، وهي مادة الشيطان التي خلق منها ، وكان فيه من الفساد العام ما يناسب الشيطان بمادته وفعله ، كان للشيطان إعانة عليه وتنفيذ له ، وكانت النار تطلب بطبعها العلو والفساد ، وهذان الأمران - وهما العلو في الأرض والفساد - هما هدي الشيطان ، وإليهما يدعو ، وبهما يُهلِك بني آدم ، فالنار والشيطان كل منهما يريد العلو في الأرض والفساد ، وكبرياء الرب عز وجل تقمع الشيطان وفعله ، ولهذا كان تكبير الله عز وجل له أثر في إطفاء الحريق ؛ فإن كبرياء الله عز وجل لا يقوم لها شئ ، فإذا كبر المسلم ربه أثَّر تكبيره في خمود النار وخمود الشيطان التي هي مادته ، فيطفئ الحريق ، وقد جربنا نحن وغيرنا هذا فوجدناه كذلك ، والله أعلم " انتهى .
والله أعلم .