باب وجوب أمر أهله وأولاده المميزين وسائر من في رعيته بطاعة الله تعالى ونهيهم عن المخالفة وتأديبهم ومنعهم عن ارتكاب منهى عنه
قال الله تعالى { وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها } وقال تعالى { يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا }
298 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال أخذ الحسن بن علي رضي الله عنهما تمرة من تمر الصدقة فجعلها في فيه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كخ كخ إرم بها أما علمت أنا لا نأكل الصدقة متفق عليه وفي رواية إنا لا تحل لنا الصدقة وقوله كخ كخ يقال بإسكان الخاء ويقال بكسرها مع التنوين وهي كلمة زجر للصبي عن المستقذرات وكان الحسن رضي الله عنه صبيا
الشَّرْحُ
قال المؤلف رحمه الله باب وجوب أمر أهله وأولاده المميزين وسائر من في رعيته بطاعة الله تعالى ونهيهم عن المخالفة وتأديبهم ومنعهم من ارتكاب منهى عنه ووجه المناسبة أن المؤلف رحمه الله لما ذكر ما يجب للأهل من غذاء الجسم ذكر لهم ما يجب من غذاء الروح على أبيهم ومن له ولاية عليهم وأولى ما يؤمر به وأوجب وأفضل هي الصلاة كما قال الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقا نحن نرزقك والعاقبة للتقوى فأمره أن يأمر أهله بالصلاة والأهل كل من في البيت من زوجة وابن وبنت وعمة وخالة وأم كل من في البيت أهل أمره أن يأمرهم بالصلاة وأمره أن يصطبر عليهم يعني يحض نفسه على الصبر ولهذا جاءت التاء التي فيها زيادة البنية وفيها زيادة المعنى اصطبر لأن أصلها اصبر عليها وذكر الله عن إسماعيل أبي محمد صلى الله عليه وسلم إذ أنه أحد أجداده أنه كان يأمر أهله بالصلاة والزكاة وكان عند ربه مرضيا فالإنسان مسئول عن أهله مسئول عن تربيتهم حتى ولو كانوا صغارا إذا كانوا مميزين أما غير المميز فإنه يؤمر بما يتحمله عقله ثم ذكر حديث الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما أنه أخذ تمرة من الصدقة فجعلها في فيه فقال النبي صلى الله عليه وسلم كخ كخ يعني أنها لا تصلح لك ثم أمره أن يخرجها من فيه وقال إننا لا تحل لنا الصدقة فالصدقة لا تحل لآل محمد وذلك لأنهم أشرف الناس والصدقات والزكوات أوساخ الناس ولا يتناسب لأشراف الناس أن يأخذوا أوساخ الناس كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لعمه العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه إنا آل محمد لا تحل لنا الصدقة إنما هي أوساخ الناس ففي هذا دليل على أن الإنسان يجب عليه أن يؤدب أولاده عن فعل المحرم كما يجب عليه أن يؤدبهم على فعل الواجب
299 - وعن أبي حفص عمر بن أبي سلمة عبد الله بن عبد الأسد ربيب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كنت غلاما في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت يدي تطيش في الصحفة فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم يا غلام سم الله تعالى وكل بيمينك وكل مما يليك فما زالت تلك طعمتي بعد متفق عليه وتطيش تدور في نواحي الصحفة
الشَّرْحُ
ذكر المؤلف رحمه الله تعالى فيما نقله عن عمر بن أبي سلمة رضي الله عنه وكان ربيب النبي صلى الله عليه وسلم لأنه ابن زوجته أم سلمة رضي الله عنها أنه كان مع النبي صلى الله عليه وسلم في طعام يأكل فجعلت يده تطيش في الصحفة يعني يمينا وشمالا فقال له النبي صلى الله عليه وسلم يا غلام سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك فهذه ثلاثة آداب علمها النبي صلى الله عليه وسلم هذا الغلام وهي أولا قال سم الله وهذا عند الأكل فعند ابتداء الأكل يجب أن يقول الإنسان بسم الله ولا يحل له أن يتركها لأنه إذا تركها شاركه الشيطان في أكله أعدى عدو له يشاركه في الأكل إذا لم يقل بسم الله ولو زاد الرحمن الرحيم فلا بأس لأن قول الرسول صلى الله عليه وسلم سم الله يعني اذكر اسم الله والتسمية الكاملة هي أن يقول الإنسان بسم الله الرحمن الرحيم كما ابتدأ الله بها كتابه وكما أرسل بها سليمان صلى الله عليه وسلم إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم فإن اقتصرت على قول بسم الله فلا حرج وإن زدت الرحمن الرحيم فلا حرج الأمر في هذا واسع وأما التسمية على الذبيحة فهي شرط من شروط التذكية إذا لم تسم على الذبيحة فهي حرام ميتة كأنما ماتت بغير ذبح ولكن العلماء يقولون لا ينبغي أن يقول بسم الله الرحمن الرحيم لأنه الآن يريد أن يذبحها فالفعل ينافي القول بالنسبة لهذه الذبيحة لأنها ستذبح هكذا علل بعض العلماء ولكن لو قالها أيضا فلا حرج الأدب الثاني قوله وكل بيمينك وهذا أمر على سبيل الوجوب فيجب على الإنسان أن يأكل بيمينه وأن يشرب بيمينه لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يأكل الإنسان بشماله أو أن يشرب بشماله وقال إن الشيطان يفعل هذا فإن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله وقد نهينا عن اتباع خطوات الشيطان قال الله تعالى { يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر } ولهذا كان القول الراجح وجوب الأكل باليمين ووجوب الشرب باليمين وأن الأكل بالشمال أو الشرب بالشمال حرم ثم إن الأكل بالشمال والشرب بالشمال مع كونه من هدى الشيطان فهو أيضا من هدى الكفار لأن الكفار يأكلون بشمائلهم ويشربون بشمائلهم ثم إن بعض الناس إذا كان على الأكل وأراد أن يشرب فإنه يمسك الكأس باليسار ويشرب ويقول أخشى أن تتلوث الكأس إذا شربت باليمين فنقول لتتلوث فإنها إذا تلوثت فإنما تتلوث بطعام ولم تتلوث ببول ولا غائط تلوثت بطعام ثم تغسل وبإمكانك أن تمسك الكأس من الأسفل بين إبهامك والسبابة وتجعلها كالحلقة ولا يتلوث منه إلا شيء يسير ولا عذر لأحد بالشرب بالشمال من أجل هذا لأن المسألة على سبيل التحريم والحرام لا يجوز إلا عند الضرورة والضرورة مثل أن تكون اليد اليمنى شلاء لا يمكن أن يرفعها إلى فيه أو مكسورة لا يمكن أن يرفعها إلى فيه فهذه ضرورة أو تكون متجرحة لا يمكن أن يأكل بها أو يشرب المهم إذا كان هناك ضرورة فلا بأس باليسار وإلا فلا يحل للمسلم أن يأكل باليسار ولا أن يشرب باليسار الأدب الثالث قوله وكل مما يليك يعني لا تأكل من حافة غيرك بل كل من الذي يليك لأنك إذا اعتديت على حافة غيرك فهذا سوء أدب فكل من الذي يليك إلا إذا كان الطعام أنواعا مثل أن يكون هناك لحم في غير الذي يليك فلا بأس أن تأكل أو يكون هناك قرع أو ما أشبه ذلك مما يقصد فلا بأس أن تأكل من الذي لا يليك لأن أنس بن مالك رضي الله عنه قال أكلت مع النبي صلى الله عليه وسلم فكان يتتبع الدباء من حوالي القصعة الدباء القرع يتتبعه يعني يلقطه من على الصحفة ليأكله هذا لا بأس به .
وفي هذا الحديث من الفوائد أنه يجب على الإنسان أن يؤدب أولاده على كيفية الأكل والشرب وعلى ما ينبغي أن يقول في الأكل والشرب كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم في ربيبه وفي هذا حسن خلق النبي صلى الله عليه وسلم وتعليمه لأنه لم يزجر هذا الغلام حين جعلت يده تطيش في الصحفة ولكن علمه برفق وناداه برفق يا غلام سم الله وكل بيمينك وليعلم أن تعليم الصغار لمثل هذه الآداب لا ينسى يعني أن الطفل لا ينسى إذا علمته وهو صغير لكن إذا كبر ربما ينسى إذا علمته وربما يتمرد عليك بعض الشيء إذا كبر لكن مادام صغيرا وعلمته يكون أكثر إقبالا ومن اتقى الله في أولاده اتقوا الله فيه ومن ضيع حق أولاده ضيعوا حقه إذا احتاج إليهم
301 - وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين واضربوهم عليها وهم أبناء عشر وفرقوا بينهم في المضاجع حديث حسن رواه أبو داود
302 - وعن أبي ثرية سبرة بن معبد الجهني رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم علموا الصبي الصلاة لسبع سنين واضربوه عليها ابن عشر سنين حديث حسن رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن ولفظ أبي داود مروا الصبي بالصلاة إذا بلغ سبع سنين
الشَّرْحُ
ذكر المؤلف رحمه الله تعالى فيما نقله عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين واضربوهم عليها وهم أبناء عشر وهو حديث حسن له شاهد من حديث سبرة بن معبد الجهني رضي الله عنه وهذا من حقوق الأولاد على آبائهم أن يأمروهم بالصلاة إذا بلغوا سبع سنوات وأن يضربوهم عليها أي على التفريط فيها وإضاعتها إذا بلغوا عشر سنين ولكن بشرط أن يكونوا ذوي عقل فإن بلغوا سبع سنين أو عشر سنين وهم لا يعقلون يعني فيهم جنون فإنهم لا يؤمرون بشيء ولا يضربون على شيء لكن يمنعون من الإفساد سواء في البيت أو خارج البيت وقوله اضربوهم عليها وهم أبناء عشر سنين المراد بالضرب الذي يحصل به التأديب بلا ضرر فلا يجوز للأب أن يضرب أولاده ضربا مبرحا ولا يجوز أن يضربهم ضربا مكررا لا حاجة إليه بل إذا احتاج إليه مثل ألا يقوم الولد للصلاة إلا بالضرب فإنه يضربه ضربا غير مبرح بل ضربا معتادا لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أمر بضربهم لا لإيلامهم ولكن لتأديبهم وتقويمهم وفي هذا الحديث إشارة إلى أن ما ذهب إليه بعض المتأخرين ممن يدعون أنهم أصحاب تربية من أن الصغار لا يضربون في المدارس إذا أهملوا ففي هذا الحديث الرد عليهم وهو دليل على بطلان فكرتهم وأنها غير صحيحة لأن بعض الصغار لا ينفعهم الكلام في الغالب ولكن الضرب ينفعهم أكثر فلو أنهم تركوا بدون ضرب لضيعوا الواجب عليه وفرطوا في الدروس وأهملوا فلابد من ضربهم ليعتادوا النظام ويقوموا بما ينبغي أن يقوموا به وإلا لصارت المسألة فوضى إلا أنه كما قلنا لابد أن يكون الضرب للتأديب لا للإيلام والإيجاع فيضرب ضربا يليق بحاله ضربا غير مبرح لا يفعل كما يفعل بعض المعلمين في الزمن السابق يضرب الضرب العظيم الموجع ولا يهمل كما يدعي هؤلاء المربون الذين هم من أبعد الناس عن التربية لا يقال لهم شيء لأن الصبي لا يمتثل ولا يعرف لكن الضرب يؤدبه
باب حق الجار والوصية به
قال الله تعالى { واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم }
303 - وعن ابن عمر وعائشة رضي الله عنهما قالا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه متفق عليه
304 - وعن أبي ذر رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أبا ذر إذا طبخت مرقة فأكثر ماءها وتعاهد جيرانك رواه مسلم وفي رواية له عن أبي ذر قال إن خليلي صلى الله عليه وسلم أوصاني إذا طبخت مرقا فأكثر ماءه ثم انظر أهل بيت من جيرانك فأصبهم منها بمعروف
305 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن قيل من يا رسول الله قال الذي لا يأمن جاره بوائقه متفق عليه وفي رواية لمسلم لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه البوائق الغوائل والشرور
306 - وعنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا نساء المسلمات لا تحقرن جارة لجارتها ولو فرسن شاة متفق عليه
307 - وعنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يمنع جار جاره أن يغرز خشبة في جداره ثم يقول أبو هريرة مالي أراكم عنها معرضين والله لأرمين بها بين أكتافكم متفق عليه روى خشبه بالإضافة والجمع وروى خشبة بالتنوين على الإفراد وقوله مالي أراكم عنها معرضين يعني عن هذه السنة
الشَّرْحُ
قال المؤلف رحمه الله تعالى باب حق الجار والوصية به الجار هو الملاصق لك في بيتك والقريب من ذلك وقد وردت بعض الآثار بما يدل على أن الجار أربعون دارا من كل جانب ولا شك أن الملاصق للبيت جار وأما ما وراء ذلك فإن صحت الأخبار بذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم فالحق ما جاءت به وإلا فإنه يرجع في ذلك إلى العرف فما عده الناس جوارا فهو جوار ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى آية سورة النساء واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب الجار ذي القربى يعني الجار القريب والجار الجنب يعني الجار البعيد الأجنبي منك قال أهل العلم والجيران ثلاثة 1 - جار قريب مسلم فله حق الجوار والقرابة والإسلام 2 - وجار مسلم غير قريب فله حق الجوار والإسلام 3 - وجار كافر فله حق الجوار وإن كان قريبا فله حق القرابة أيضا فهؤلاء الجيران لهم حقوق حقوق واجبة وحقوق يجب تركها ثم ذكر المؤلف رحمه الله خمسة أحاديث عن ابن عمر وعن أبي ذر وعن أبي هريرة أما حديث ابن عمر ففيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه أي سينزل الوحي بتوريثه وليس المعنى أن جبريل يشرع توريثه لأن جبريل ليس له حق في ذلك لكن المعنى أنه سينزل الوحي الذي يأتي به جبريل بتوريث الجار وذلك من شدة إيصاء جبريل به النبي صلى الله عليه وسلم وأما حديث أبي ذر ففيه أن على الإنسان إذا وسع الله عليه برزق أن يصيب منه جاره بعض الشيء بالمعروف حيث قال صلى الله عليه وسلم إذا طبخت مرقة فأكثر ماءها وتعاهد جيرانك أكثر ماءها يعني زدها في الماء لتكثر وتوزع على جيرانك منها والمرقة عادة تكون من اللحم أو من غيره مما يؤتدم به وهكذا أيضا إذا كان عندك طعام غير المرق أو شراب كفضل اللبن مثلا وما أشبهه ينبغي لك أن تعاهد جيرانك به لأن لهم حقا عليك وأما أحاديث أبي هريرة ففيها أن النبي صلى الله عليه وسلم أقسم ثلاث مرات فقال والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن قالوا من يا رسول الله قال من لا يأمن جاره بوائقه يعني غدره وخيانته وظلمه وعدوانه فالذي لا يأمن جاره من ذلك ليس بمؤمن وإذا كان يفعل ذلك ويوقعه فعلا فهو أشد وفي هذا دليل على تحريم العدوان على الجار سواء كان ذلك بالقول أو بالفعل أما بالقول فأن يسمع منه ما يزعجه ويقلقه كالذين يفتحون الراديو أو التليفزيون أو غيرهما مما يسمع فيزعج الجيران فإن هذا لا يحل له حتى لو فتحه على كتاب الله وهو مما يزعج الجيران بصوته فإنه معتد عليهم ولا يحل له أن يفعل ذلك وأما بالفعل فيكون بإلقاء الكناسة حول بابه والتضييق عليه عند مداخل بابه أو بالدق أو ما أشبه ذلك مما يضره ومن هذا أيضا إذا كان له نخلة أو شجرة حول جدار جاره فكان يسقيها حتى يؤذي جاره بهذا السقي فإن ذلك من بوائق الجار فلا يحل له إذن يحرم على الجار أن يؤذي جاره بأي شيء فإن فعل فإنه ليس بمؤمن والمعنى أنه ليس متصفا بصفات المؤمنين في هذه المسألة التي خالف بها الحق وأما ما ذكره في حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يمنع جار جاره أن يغرز خشبة في جداره يعني إذا كان جارك يريد أن يسقف بيته ووضع الخشب على الجدار فإنه لا يحل لك منعه لأن وضع الخشب على الجدار لا يضر بل يزيده قوة ويمنع السيل منه ولاسيما فيما سبق حيث كان البناء من اللبن فإن الخشب يمنع هطول المطر على الجدار فيحميه وهو أيضا يشده ويقويه ففيه مصلحة للجار وفيه مصلحة للجدار فلا يحل للجار أن يمنع جاره من وضع الخشب على جداره وإن فعل ومنع فإنه يجبر على أن يوضع الخشب رغما عن أنفه ولهذا قال أبو هريرة مالي أراكم عنها معرضين والله لأرمين بها بين أكتافكم يعني من لم يمكن من وضع الخشب على جداره وضعناه على متن جسده بين أكتافه وهذا قاله رضي الله عنه حينما كان أميرا على المدينة في زمن مروان بن الحكم وهذا نظير ما قاله أمير المؤمنين عمر بن الخطاب في المشاجرة التي جرت بين محمد بن مسلمة وجاره حيث أراد أن يجري الماء إلى بستانه وحال بينه وبينه بستان جاره فمنعه الجار من أن يجري الماء من على أرضه فترافعا إلى عمر فقال والله لئن منعته لأجرينه على بطنك وألزمه أن يجري الماء لأن إجراء الماء ليس فيه ضرر لأن كل بستان زرع فإذا جرى الماء الساقي انتفعت الأرض وانتفع ما حول الساقي من الزرع وانتفع الجار نعم لو كان الجار يريد أن يبنيها بناء وقال لا أريد أن يجري الماء على الأرض فله المنع أما إذا كان يريد أن يزرعها فالماء لا يزيده إلا خيرا وبناء على هذا فتجب مراعاة حقوق الجيران فيجب الإحسان إليهم بقدر الإمكان ويحرم الاعتداء عليهم بأي عدوان وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليحسن إلى جاره
باب بر الوالدين وصلة الأرحام