41- باب تحريم العقوق وقطيعة الرحم
قال اللَّه تعالى: { فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض، وتقطعوا أرحامكم؛ أولئك الذين لعنهم اللَّه، فأصمهم وأعمى أبصارهم } .
وقال تعالى: { والذين ينقضون عهد اللَّه من بعد ميثاقه، ويقطعون ما أمر اللَّه به أن يوصل، ويفسدون في الأرض، أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار } .
وقال تعالى: { وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً، إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما، فلا تقل لهما أف، ولا تنهرهما، وقل لهما قولاً كريماً، واخفض لهما جناح الذل من الرحمة، وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيراً } .
336- وعن أبي بكرةَ نُفيْع بنِ الحارثِ رضي اللَّه عنه قال : قال رسولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : «أَلا أُنَبِّئُكمْ بِأكْبَرِ الْكَبائِرِ ؟ » ثلاثاً قُلنا : بلَى يا رسولَ اللَّه : قال : « الإِشْراكُ بِاللَّهِ، وعُقُوقُ الْوالِديْن » وكان مُتَّكِئاً فَجلَسَ ، فقال:«أَلا وقوْلُ الزُّورِ وشهادُة الزُّورِ »فَما زَال يكَرِّرُهَا حتَّى قُلنَا : ليْتهُ سكتْ .متفق عليه.
337- وعن عبد اللَّهِ بنِ عمرو بن العاص رضي اللَّه عنهما عن النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال : «الْكبائرُ : الإِشْراكُ بِاللَّه ، وعقُوق الْوالِديْنِ ، وقَتْلُ النَّفْسِ ، والْيمِينُ الْغَموس» رواه البخاري .
« اليمِين الْغَمُوسُ » التي يَحْلِفُهَا كَاذِباً عامِداً ، سُمِّيت غَمُوساً ، لأَنَّهَا تَغْمِسُ الحالِفَ في الإِثم .
338- وعنه أَن رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال : « مِنَ الْكبائِرِ شتْمُ الرَّجلِ والِدَيْهِ ،» قالوا : يا رسولَ اللَّه وهَلْ يشْتُمُ الرَّجُلُ والِديْهِ ؟، قاـل : « نَعمْ ، يَسُبُّ أَبا الرَّجُلِ، فيسُبُّ أَباه ، ويسُبُّ أُمَّهُ ، فَيسُبُّ أُمَّهُ » متفقٌ عليه .
وفي روايـةٍ : « إِنَّ مِنْ أَكْبرِ الكبائِرِ أَنْ يلْعنَ الرَّجُلُ والِدَيْهِ ، » قيل : يا رسـول اللَّهِ كيْفَ يلْعنُ الرجُلُ والِديْهِ ؟، قال : « يسُبُّ أَبا الرَّجُل ، فَيسُبُّ أَبَاهُ ، وَيَسبُّ أُمَّه ، فيسُبُّ أُمَّهُ».
339- وعن أبي محمد جُبيْرِ بنِ مُطعِمٍ رضي اللَّه عنه أَن رسولَ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال : «لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ قَاطِعٌ » قال سفيان في روايته : يعْني : قاطِع رحِم . متفقٌ عليه.
340- وعن أبي عِيسى المُغِيرةِ بنِ شُعْبةَ رضي اللَّه عنه عن النبيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال : « إِنَّ اللَّهُ تعالى حَرَّمَ عَلَيْكُمْ عُقُوقَ الأُمهَاتِ ، ومنْعاً وهات ، ووأْدَ البنَاتِ ، وكَرَهَ لكُمْ قِيل وقالَ ، وكثرة السَؤالِ ، وإِضَاعة المالِ » متفقٌ عليه .
قولُهُ : « منعاً » معنَاهُ : منعُ ما وجَبَ عَلَيْهِ وَ « هَاتِ » : طَلَبُ مَا لَيسَ لَهُ و « وَأْدَ البنَاتِ» معْنَاه : دَفْنُهُنَّ في الحَياةِ ، وَ « قِيلَ وقَالَ » مَعْنَاهُ : الحدِيثُ بِكُلِّ مَا يَسمعُهُ ، فيقُولُ: قيلَ كَذَا ، وقَالَ فُلانٌ كَذَا مِمَّا لا يَعلَمُ صِحَّتَهُ ، ولا يَظُنُّهَا ، وكَفى بالمرْءِ كذِباً أَنْ يُحَدِّث بِكُلِّ ما سَمِعَ . و « إِضَاعَةُ المال » : تبذيره وصرفُهُ في غَيْرِ الوُجُوهِ المأْذُون فِيهَا مِنْ مَقَاصِدِ الآخِرِةِ والدُّنيا ، وتَرْكُ حِفْظِهِ مع إِمْكَانِ الحفْظِ . و « كثرةُ السُّؤَالِ » الإِلحاحُ فِيمَا لا حاجةَ إِلَيْهِ .
وفي الباب أَحادِيثُ سبقَتْ في البابِ قبله كَحَدِيثَ « وأَقْطعُ مَنْ قَطَعكِ» وحديث«مَن قطَعني قَطَعهُ اللَّه » .
شروح الباب
شرح باب تحريم العقوق وقطيعة الرحم
باب فضل بر أصدقاء الأب والأم
استمع إلى باب فضل بر أصدقاء الأب والأم بصوت الشيخ أحمد القطان
42- باب فضل بر أصدقاء الأب والأم
والأقارب والزوجة وسائر من يندب إكرامه
241- عن ابن عمر رضي اللَّه عنهما أَن النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال : « إِن أَبرَّ البرِّ أَنْ يصِلَ الرَّجُلُ وُدَّ أَبِيهِ » .
342- وعن عبدِ اللَّهِ بن دينارٍ عن عبد اللَّه بن عمر رضي اللَّه عنهما أَنَّ رجُلاً مِنَ الأَعْرابِ لقِيهُ بِطرِيق مكَّة ، فَسلَّم عَليْهِ عَبْدُ اللَّه بْنُ عُمرَ ، وحملهُ على حمارٍ كَانَ يرْكَبُهُ، وأَعْطَاهُ عِمامةً كانتْ على رأْسِهِ ، قال ابنُ دِينَارٍ : فقُلنا لهُ : أَصْلَحكَ اللَّه إِنَّهمْ الأَعْرابُ وهُمْ يرْضَوْنَ بِاليسِيرِ . فقال عبدُ اللَّه بنُ عمر: إِنَّ هذا كَان ودّاً لِعُمَرَ بن الخطاب رضي اللَّه عنه ، وإِنِّي سمِعْتُ رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يقول: « إِنَّ أَبرَّ البِرِّ صِلةُ الرَّجُلِ أَهْلَ وُدِّ أَبِيهِ ».
وفي روايةٍ عن ابن دينار عن ابن عُمَر أَنَّهُ كَانَ إِذا خرج إلى مَكَّةَ كَانَ لَهُ حِمارٌ يَتَروَّحُ عليْهِ إذا ملَّ رُكُوب الرَّاحِلَةِ ، وعِمامةٌ يشُدُّ بِها رأْسهُ ، فَبيْنَا هُو يوْما على ذلِكَ الحِمَارِ إذْ مَرَّ بِهِ أَعْرابيٌّ ، فقال : أَلَسْتَ فُلانَ بْنَ فُلانٍ ؟ قال : بلَى : فَأَعْطَاهُ الحِمَارَ ، فقال : ارْكَبْ هذا ، وأَعْطاهُ العِمامةَ وقال : اشْدُدْ بِهَا رأْسَكَ ، فقال لَهُ بَعْضُ أَصْحابِهِ : غَفَر اللَّه لَكَ ، أَعْطَيْتَ هذَا الأَعْرابيِّ حِماراً كنْتَ تَروَّحُ عليْهِ ، وعِمامَةً كُنْتَ تشُدُّ بِهَا رأْسَكَ؟ فقال : إِنِّي سَمِعْتُ رسولَ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يُقولُ : « إِنْ مِنْ أَبَرِّ البِرِّ أَنْ يَصِلَ الرَّجُلُ أَهْلَ وُدِّ أَبِيهِ بَعْد أَنْ يُولِّىَ» وإِنَّ أَبَاهُ كَانَ صَدِيقاً لِعُمر رضي اللَّه عنه ، روى هذِهِ الرِّواياتِ كُلَّهَا مسلم .
343- وعن أبي أُسَيْد بضم الهمزة وفتح السين مالكِ بنِ ربِيعَةَ السَّاعِدِيِّ رضي اللَّه عنه قال : بَيْنا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ رسول اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم إذ جاءَهُ رجُلٌ مِنْ بني سَلَمة فقالَ : يارسولَ اللَّه هَلْ بقى مِن بِرِّ أَبويَّ شىءٌ أَبرُّهُمَا بِهِ بَعدَ مَوْتِهِمَا ؟ فقال : « نَعَمْ ، الصَّلاَة علَيْهِمَا ، والاسْتِغْفَارُ لَهُما ، وإِنْفاذُ عَهْدِهِما ، وصِلةُ الرَّحِمِ التي لا تُوصَلُ إِلاَّ بِهِمَا ، وإِكَرَامُ صَدِيقهما » رواه أبو داود .
344- وعن عائشة رضي اللَّه عنها قالت : ما غِرْتُ على أَحَدٍ مِنْ نِسَاءِ النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم مَا غِرْتُ على خديجةَ رضي اللَّه عنها . ومَا رَأَيْتُهَا قَطُّ ، ولَكنْ كَانَ يُكْثِرُ ذِكْرَهَا ، وَرُبَّما ذَبح الشَّاةَ ، ثُمَّ يُقَطِّعُهَا أَعْضَاء ، ثُمَّ يَبْعثُهَا في صدائِق خدِيجةَ ، فَرُبَّما قلتُ لَهُ : كَأَنْ لَمْ يكُنْ في الدُّنْيَا إِلاَّ خديجةُ ، فيقولُ : « إِنَّها كَانتْ وكَانَتْ وكَانَ لي مِنْهَا ولَدٌ » متفقٌ عليه .
وفي روايةٍ وإنْ كَانَ لَيذبحُ الشَّاةَ ، فَيُهْدِي في خَلائِلِهَا مِنْهَا مَا يسَعُهُنَّ .
وفي روايةٍ كَانَ إِذَا ذَبحَ الشَّاةَ يَقُولُ : « أَرْسِلُوا بِهَا إِلى أَصْدِقَاءِ خَدِيجةَ » .
وفي روايةٍ قالت : اسْتَأْذَنَتْ هَالَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ أُخُتُ خَديجَةَ عَلَى رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم، فَعَرفَ اسْتِئْذَانَ خديجة ، فَارْتَاحَ لَذَلِكَ فقالَ : « اللَّهُمَّ هَالَةُ بِنْتُ خوَيْلِدٍ » .
قوْلُهَا : « فَارتَاحَ » هو بِالحاءِ ، وفي الجمْعِ بين الصحيحين لَلْحُمَيْدِي : « فَارْتَاعَ» بِالعينِ ومعناه :اهْتَمَّ بِهِ .
345- وعن أَنس بن مالكٍ رضي اللَّه عنه قال : خَرجْتُ معَ جرير بن عبدِ اللَّه الْبَجَليِّ رضي اللَّه عنه في سَفَرٍ، فَكَانَ يَخْدُمُني فقلتُ لَهُ: لا تَفْعلْ، فقال : إِنِّي قَدْ رَأَيـْتُ الأَنصارَ تَصْنَعُ برسُول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم شَيْئاً آلَيْتُ عَلى نَفْسي أَنْ لا أَصْحبَ أَحداً مِنْهُمْ إِلاَّ خَدمْتُهُ متفقٌ عليه.
شروح الباب
شرح باب فضل بر أصدقاء الأب
باب إكرام أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وبيان فضلهم
استمع إلى باب إكرام أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وبيان فضلهم بصوت الشيخ أحمد القطان
43- باب إكرام أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وبيان فضلهم