65- باب ذكر الموت وقصر الأمل
قال اللَّه تعالى: { كل نفس ذائقة الموت، وإنما توفون أجوركم يوم القيامة، فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز، وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور } .
وقال تعالى: { وما تدري نفس ماذا تكسب غداً، وما تدري نفس بأي أرض تموت } .
وقال تعالى: { فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة، ولا يستقدمون } .
وقال تعالى: { يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر اللَّه، ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون، وأنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول: رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين، ولن يؤخر اللَّه نفساً إذا جاء أجلها، والله خبير بما تعملون } .
وقال تعالى: { حتى إذا جاء أحدهم الموت قال: رب ارجعون لعلي أعمل صالحاً فيما تركت. كلا إنها كلمة هو قائلها، ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون، فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون. فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون، ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون، تلفح وجوههم النار، وهم فيها كالِحُون. ألم تكن آياتي تتلى عليكم فكنتم بها تكذبون! } إلى قوله تعالى { قال كم لبثتم في الأرض عدد سنين؟ قالوا: لبثنا يوماً أو بعض يوم فاسأل العادين. قال: إن لبثتم إلا قليلاً لو أنكم كنتم تعلمون، أفحسبتم أنما خلقناكم عبثاً وأنكم إلينا لا ترجعون! } .
وقال تعالى: { ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر اللَّه وما نزل من الحق، ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم، وكثير منهم فاسقون } . والآيات في الباب كثيرة معلومة.
574- وعن ابن عمر رضي اللَّه عنهما قال : أَخَذَ رَسولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم بِمنكِبِي فَقَالَ : «كُنْ في الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ أَو عابرُ سَبِيلٍ » وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رضي اللَّه عنهما يقول : إِذا أَمسَيتَ، فَلا تَنْتَظِرِ الصَّبَاحَ ، وَإِذَا أَصْبَحْتَ ، فَلا تَنْتَظِرِ المَسَاءَ ، وخذ مِن صِحَّتِكَ لَمَرَضِك وَمِن حَيَاتِكَ لمَوتِكَ » رواه البخاري .
575- وعنه أَنَّ رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال : « ما حَقُّ امْرِيءٍ مُسلِمٍ لَهُ شَيءٌ يُوصِي فِيهِ . يبِيتُ لَيْلَتَيْنِ إِلاَّ وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ » متفقٌ عليه . هذا لفظ البخاري .
وفي روايةٍ لمسلمٍ : « يَبِيتُ ثَلاثَ لَيَالٍ » قال ابن عمر : مَا مَرَّتْ عَلَيَّ لَيْلَةٌ مُنذُ سَمِعتُ رسولَ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال ذلِكَ إِلاَّ وَعِنْدِي وَصِيَّتِي .
576- وعن أَنس رضي اللَّه عنه قال : خَطَّ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم خُطُوطاً فقال : « هَذا الإِنسَانُ وَهَذا أَجَلُهُ . فَبَيْنَما هو كَذَلِكَ إِذ جَاءَ الخَطُّ الأَقْرَبُ » رواه البخاري .
577- وعن ابن مسعُودٍ رضيَ اللَّه عنه قال : خَطَّ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم خَطًّا مُرَبَّعاً ، وخَطَّ خَطًّا في الْوَسَطِ خَارِجاً منْهُ ، وَخَطَّ خُططاً صِغَاراً إِلى هَذَا الَّذِي في الوَسَطِ مِنْ جَانِبِهِ الَّذِي في الوَسَطِ ، فَقَالَ : « هَذَا الإِنسَانُ ، وَهَذَا أَجَلُهُ مُحِيطاً بِهِ أو قَد أَحَاطَ بِهِ وَهَذَا الَّذِي هُوَ خَارِجٌ أَمَلُهُ وَهَذِهِ الُخطَطُ الصِّغَارُ الأَعْراضُ ، فَإِنْ أَخْطَأَهُ هَذَا ، نَهَشَهُ هَذا ، وَإِنْ أَخْطَأَهُ هَذا نَهَشَهُ هَذا » رواه البخاري . وَهَذِهِ صُورَتَهُ : الأجل -الأعراض -الأمل
578- وعن أبي هريرة رضيَ اللَّه عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال : « بَادِرُوا بِالأَعْمَالِ سَبْعاً، هَل تَنْتَظِرُونَ إلاَّ فَقْراً مُنْسِياً ، أَو غِنَى مُطغِياً ، أَوْ مَرَضاً مُفسِداً ، أو هَرَماً مُفَنِّداً، أَو مَوتاً مُجْهزِاً ، أَو الدَّجَّالَ ، فَشَرُّ غَائِبٍ يُنْتَظَرُ ، أَوِ السَّاعَةَ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وأَمَرُّ ؟، » رواهُ الترمذي وقال : حديثٌ حسنٌ .
579- وعنه قالَ : قالَ رسولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « أَكْثِرُوا ذِكْرَ هَاذِمِ اللَّذَّاتِ » يَعني المَوْتَ ، رواه الترمذي وقال : حديثٌ حسنٌ .
580- وعن أبي بن كعب رضي اللَّهُ عنه : كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم إِذا ذَهَبَ ثُلثُ اللَّيْلِ، قامَ فقالَ : « يا أَيها النَّاسُ اذْكُرُوا اللَّه جَاءَتِ الرَاجِفَةُ تَتْبَعُهُا الرَّادِفَةُ، جاءَ المَوْتُ بما فِيهِ ، جاءَ المَوْتُ بما فِيهِ » قلتُ : يا رَسُولَ اللَّهِ إني أكْثِرُ الصَّلاةَ عَلَيْكَ ، فَكَمْ أَجْعَلُ لكَ مِن صَلاتي ؟ قال: « ما شِئْتَ » قُلْتُ الرُّبُعَ ؟ قال : « ما شئْتَ ، فَإِنْ زِدتَ فَهُوَ خَيْرٌ لكَ » قُلُتُ : فَالنِّصْفَ ؟ قالَ « ما شِئْتَ ، فإِنْ زِدْتَ فهو خَيرٌ لكَ » قُلْتُ : فَالثلثَينِ ؟ قالَ : « ما شِئْتَ ، فإِنْ زِدْتَ فهو خَيرٌ لكَ » قُلْتُ : أَجْعَلُ لكَ صَلاتي كُلَّها ؟ قال : إذاً تُكْفي هَمَّكَ، ويُغُفَرُ لكَ ذَنْبُكَ » رواه الترمذي وقال : حديث حسن .
شروح الباب
شرح باب ذكر الموت وقصر الأمل
باب استحباب زيارة القبور للرجال وما يقوله الزائر
استمع إلى باب استحباب زيارة القبور للرجال وما يقوله الزائر بصوت الشيخ أحمد القطان
66- باب استحباب زيارة القبور للرجال وما يقوله الزائر
581- عن بُرَيْدَةَ ، رضي اللَّهُ عنه ، قال : قال رسُولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيارَة القُبُورِ فَزُوروها » رواهُ مسلم .
وفي رواية « فمن أراد أن يزور القبور فليزر فإنها تذكرنا بالآخرة » .
582- وعن عائشَةَ رضي اللَّهُ عنها قالت : كان رسُولُ اللَّهِ ، صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم ، كُلَّما كان لَيْلَتها منْ رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يَخْرُجُ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ إِلى البَقِيعِ ، فَيَقُولُ : « السَّلامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤمِنينَ ، وأَتَاكُمْ ما تُوعَدُونَ ، غَداً مُؤَجَّلُونَ ، وإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لاحِقُونَ ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لأَهْلِ بَقِيعِ الغَرْقَدِ » رواهُ مسلم .
583- وعن بُرَيْدَةَ رضي اللَّهُ عنهُ ، قال : كَانَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يُعَلِّمُهُمْ إِذا خَرَجُوا إِلى المَقابِرِ أَنْ يَقُولَ قَائِلُهُم : « السَّلامُ عَلَيكُمْ أَهْل الدِّيارِ مِنَ المُؤْمِنِينَ والمُسْلِمِينَ وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لاَحِقُونَ ، أَسْأَلُ اللَّه لَنَا وَلَكُمُ العافِيَةَ » رواه مسلم .
584- وعن ابن عَبَّاسٍ ، رَضَيَ اللَّه عنهما ، قال : مَرَّ رسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم بِقُبورٍ بالمَدِينَةِ فَأَقْبَلَ عَلَيْهِمْ بوَجْهِهِ فقالَ : « السَّلامُ عَلَيْكُمْ يا أَهْلَ القُبُورِ ، يَغْفِرُ اللَّهُ لَنا وَلَكُمْ ، أَنْتُم سَلَفُنا ونحْنُ بالأَثَرِ » رواهُ الترمذي وقال : حديثٌ حسن .
شروح الباب
شرح باب استحباب زيارة القبور للرجال وما يقوله الزائر
باب كراهية تمني الموت
استمع إلى باب كراهية تمني الموت بصوت الشيخ أحمد القطان
67- باب كراهية تمني الموت
بسبب ضرر نزل به ولا بأس به لخوف الفتنة في الدين
585- عنْ أبي هُريرة رضيَ اللَّهُ عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قالَ : « لا يَتَمَنَّ أَحَدُكُمُ المَوْتَ إِمَا مُحسِناً ، فَلَعَلَّهُ يَزْدادُ ، وَإِمَّا مُسِيئاً فَلَعَلَّهُ يَسْتَعْتِبُ » متفقٌ عليه، وهذا لفظ البخاري .
وفي روايةٍ لمسلم عن أبي هُريْرةَ رضي اللَّهُ عنه عَنْ رسُول اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال : « لا يَتَمَنَّ أَحَدُكُمُ المَوْتَ ، وَلا يَدْعُ بِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُ ، إِنَّهُ إِذا ماتَ انْقَطَعَ عَمَلُهُ ، وَإِنَّهُ لا يَزيدُ المُؤْمِنَ عُمْرُهُ إِلاَّ خَيراً » .
586- وعن أنسٍ رضي اللَّه عنه قال : قالَ رسولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : لا يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدُكُمُ المَوْتَ لِضُرٍّ أَصَابَهُ فَإِنْ كانْ لابُدَّ فاعِلاَ ، فَلْيَقُل : اللَّهُمَّ أَحْيِني ما كانَتِ الحَياةُ خَيْراً لي ، وتَوَفَّني إِذا كانَتِ الوفاةُ خَيراً لي » متفقٌ عليه .
587- وعَنْ قَيسِ بنِ أبي حازمٍ قال : دَخَلْنَا عَلى خَباب بنِ الأَرَتِّ رضيَ اللَّهُ عنهُ نَعُودُهُ وَقَدِ اكْتَوى سَبْعَ كَيَّاتٍ فقال : إِنَّ أَصْحابنا الَّذِينَ سَلَفُوا مَضَوْا ، ولَم تَنْقُصْهُمُ الدُّنْيَا ، وإِنَّا أَصَبْنَا ما لا نجِدُ لَهُ مَوْضِعاً إِلاَّ الترابَ ولَوْلاَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم نهانَا أَنْ نَدْعُوَ بالمَوْتِ لَدَعَوْتُ بِهِ ثُمَّ أَتَيْنَاهُ مَرَّةً أُخْرَى وهُوَ يَبْني حائطاً لَهُ ، فقال : إِنَّ المُسْلِمَ لَيُؤْجَرُ في كُلِّ شَيءٍ يُنْفِقُهُ إِلاَّ في شَيءٍ يَجْعَلُهُ في هذا الترابِ . متفقٌ عليه ، وهذا لفظ رواية البخاري .
شروح الباب
شرح باب كراهة تمني الموت بسبب ضر نزل به
باب الورع وترك الشبهات
استمع إلى باب الورع وترك الشبهات بصوت الشيخ أحمد القطان
68- باب الورع وترك الشبهات