فصل: اشتملت هذه السورة الكريمة وهي سبع آيات على حمد الله وتمجيده والثناء عليه بذكر أسمائه الحسنى المستلزمة لصفاته العليا وعلى ذكر المعاد وهو يوم الدين وعلى إرشاده عبيده إلى سؤاله والتضرع إليه والتبرى من حولهم وقوتهم إلى إخلاص العبادة له وتوحيده بالألوهية تبارك وتعالى وتنزيهه أن يكون له شريك أو نظير أو مماثل، وإلى سؤالهم إياه الهداية إلى الصراط المستقيم وهو الدين القويم وتثبيتهم عليه حتى يقضي لهم بذلك إلى جواز الصراط الحسية يوم القيامة المفضي بهم إلى جنات النعيم في جوار النبيين والصديقين والشهداء الصالحين، واشتملت على الترغيب في الأعمال الصالحة ليكونوا مع أهلها يوم القيامة والتحذير من مسالك الباطل لئلا يحشروا مع سالكيها يوم القيامة وهم المغضوب عليهم والضالون وما أحسن ما جاء إسناد الإنعام إليه في قوله تعالى {صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم} وحذف الفاعل في الغضب في قوله تعالى {غير المغضوب عليهم} وإن كان هو الفاعل لذلك في الحقيقة كما قال تعالى {ألم تر إلى الذين تولوا قوماً غضب الله عليهم} الاَية. وكذلك إسناد الضلال إلى من قام به وإن كان هو الذي أضلهم بقدره كما قال تعالى {من يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً} وقال {من يضلل الله فلا هادي له ويذرهم في طغيانهم يعمهون} إلى غير ذلك من الاَيات الدالة على أنه سبحانه هو المنفرد بالهداية والإضلال لا كما تقول الفرقة القدرية ومن حذا حذوهم من أن العباد هم الذين يختارون ذلك ويفعلون ويحتجون على بدعتهم بمتشابه من القرآن ويتركون ما يكون فيه صريحاً في الرد عليهم: وهذا حال أهل الضلال والغي وقد ورد في الحديث الصحيح «إذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم» يعني في قوله تعالى {فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله} فليس بحمد الله، لمبتدع في القرآن حجة صحيحة لأن القرآن جاء ليفصل الحق من الباطل مفرقاً بين الهدى والضلال وليس فيه تناقض ولا اختلاف لأنه من عند الله تنزيل من حكيم حميد
فصل: يستحب لمن يقرأ الفاتحة أن يقول بعدها آمين