منتدى الأصدقاء
{وَاللّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }يونس25
And God calls to the House of Peace and guides whom He wills to a Straight Path} Younis 25
نحن سعداء للمشاركة في (منتدى الأصدقاء)
We are pleased to join in ( Forum Friends )
يشرفنا تسجيلك
We are honored register you
إدارة المنتدى
Management of Forum

منتدى الأصدقاء
{وَاللّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }يونس25
And God calls to the House of Peace and guides whom He wills to a Straight Path} Younis 25
نحن سعداء للمشاركة في (منتدى الأصدقاء)
We are pleased to join in ( Forum Friends )
يشرفنا تسجيلك
We are honored register you
إدارة المنتدى
Management of Forum

منتدى الأصدقاء
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدى الأصدقاء
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

( أهلا وسهلا بكم في منتدى الأصدقاء Welcome to the forum Friends >> الرجاء تسجيل الدخول للتعرف على فضائل الأعمال التي يحبها الله Please log in to learn about the virtues of Business loved by God

المواضيع الأخيرة
» تعديل شاشة الكمبيوتر - الوضع الصحيح من المصنع - LG
تفسير سورة يونس 3 I_icon_minitimeالأحد نوفمبر 05, 2017 2:53 pm من طرف abubaker

»  إن كلمة “الله” هي علم على واجب الوجود. --- آية الكرسي
تفسير سورة يونس 3 I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:44 am من طرف abubaker

»  إن كلمة “الله” هي علم على واجب الوجود. --- آية الكرسي
تفسير سورة يونس 3 I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:44 am من طرف abubaker

»  إن كلمة “الله” هي علم على واجب الوجود -- آية الكرسي -- تابع ----
تفسير سورة يونس 3 I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:33 am من طرف abubaker

»  وكلمة (الله) عَلَمٌ على واجب الوجود؛ مَطمورة فيه كُلُّ صفات الكمال؛ / الرعد - ؛ فشاءتْ رحمتُه سبحانه أنْ سَهَّل لنا أن نفتتح أيَّ عمل باسمه الجامع لكل صفات الجمال والكمال (بسم الله الرحمن الرحيم). ولذلك يُسَمُّونه (عَلَمٌ على واجب الوجود).
تفسير سورة يونس 3 I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:18 am من طرف abubaker

» أما أسماء الله فحسنى؛ لأنها بلغتْ القمة في الكمال، ولأن الأسماء والصفات التي تنطبق عليها موجودة في الخالق الأعلى سبحانه
تفسير سورة يونس 3 I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:06 am من طرف abubaker

» وكلمة(اللهُ) عَلَم على واجب الوجود بكل صفات الكمال له - طه
تفسير سورة يونس 3 I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 3:57 am من طرف abubaker

» فاعمل لوجهه يكْفك كل الأوجه وتريح نفسك أن تتنازعك قوى شتى ومختلفة، ويُغنيك عن كل غنى.
تفسير سورة يونس 3 I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 3:51 am من طرف abubaker

» أتدرون ما هذان الكتابان فريق في الجنة وفريق في السعير
تفسير سورة يونس 3 I_icon_minitimeالثلاثاء يوليو 18, 2017 3:21 pm من طرف abubaker

ازرار التصفُّح
 البوابة
 الرئيسية
 قائمة الاعضاء
 البيانات الشخصية
 س .و .ج
 بحـث
التبادل الاعلاني

 

 تفسير سورة يونس 3

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
abubaker

abubaker


ذكر
عدد المساهمات : 18649
تاريخ التسجيل : 23/12/2010
العمر : 74
الدولـة : jordan

تفسير سورة يونس 3 Empty
مُساهمةموضوع: تفسير سورة يونس 3   تفسير سورة يونس 3 I_icon_minitimeالأربعاء سبتمبر 28, 2016 8:49 am

وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمّ نَقُولُ لِلّذِينَ أَشْرَكُواْ مَكَانَكُمْ أَنتُمْ وَشُرَكَآؤُكُمْ فَزَيّلْنَا بَيْنَهُمْ وَقَالَ شُرَكَآؤُهُمْ مّا كُنتُمْ إِيّانَا تَعْبُدُونَ * فَكَفَىَ بِاللّهِ شَهِيداً بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ إِن كُنّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَافِلِينَ * هُنَالِكَ تَبْلُواْ كُلّ نَفْسٍ مّآ أَسْلَفَتْ وَرُدّوَاْ إِلَى اللّهِ مَوْلاَهُمُ الْحَقّ وَضَلّ عَنْهُمْ مّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ



يقول تعالى: {ويوم نحشرهم} أي أهل الأرض كلهم من جن وإنس وبر وفاجر كقوله: {وحشرناهم فلم نغادر منهم أحداً} {ثم نقول للذين أشركوا} الاَية أي الزموا أنتم وهم مكاناً معيناً امتازوا فيه عن مقام المؤمنين كقوله تعالى: {وامتازوا اليوم أيها المجرمون} وقوله: {ويوم تقوم الساعة يومئذ يتفرقون} وفي الاَية الأخرى {يومئذ يصدعون} أي يصيرون صدعين وهذا يكون إذا جاء الرب تبارك وتعالى لفصل القضاء ولهذا قيل ذلك بياض في الأصل يستشفع المؤمنون إلى الله تعالى أن يأتي لفصل القضاء ويريحنا من مقامنا هذا، وفي الحديث الاَخر «نحن يوم القيامة على كوم فوق الناس» وقال الله تعالى في هذه الاَية الكريمة إخباراً عما يأمر به المشركين وأوثانهم يوم القيامة {مكانكم أنتم وشركاؤكم، فزيلنا بينهم} الاَية أنهم أنكروا عبادتهم وتبرؤوا منهم كقوله: {كلا سيكفرون بعبادتهم} الاَية وقوله: {إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا} وقوله: {ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون * وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء} الاَية وقوله في هذه الاَية إخباراً عن قول الشركاء فيما راجعوا فيه عابديهم عند ادعائهم عبادتهم: {فكفى بالله شهيداً بيننا وبينكم} الاَية أي ما كنا نشعر بها ولا نعلم بها، وإنما كنتم تعبدوننا من حيث لا ندري بكم والله شهيد بيننا وبينكم أنا ما دعوناكم إلى عبادتنا ولا أمرناكم بها ولا رضينا منكم بذلك

وفي هذا تبكيت عظيم للمشركين الذين عبدوا مع الله غيره ممن لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنهم شيئاً، ولم يأمرهم بذلك ولا رضي به ولا أراده بل تبرأ منهم وقت أحوج ما يكونون إليه وقد تركوا عبادة الحي القيوم السميع البصير القادر على كل شيء العليم بكل شيء، وقد أرسل رسله وأنزل كتبه آمراً بعبادته وحده لا شريك له ناهياً عن عبادة ما سواه كما قال تعالى: {ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة} وقال تعالى: {وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون} وقال: {واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون ؟} والمشركون أنواع وأقسام كثيرون قد ذكرهم الله في كتابه وبين أحوالهم وأقوالهم ورد عليهم فيما هم فيه أتم رد، وقال تعالى: {هنالك تبلو كل نفس ما أسلفت} أي في موقف الحساب يوم القيامة تختبر كل نفس وتعلم ما سلف من عملها من خير وشر كقوله تعالى: {يوم تبلى السرائر} وقال تعالى: {ينبأ الإنسان يومئذ بما قدم وأخر} وقال تعالى: {ونخرج له يوم القيامة كتاباً يلقاه منشوراً * اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيباً} وقد قرأ بعضهم {هنالك تبلو كل نفس ما أسلفت} وفسرها بعضهم بالقراءة، وفسرها بعضهم بمعنى تتبع ما قدمت من خير وشر وفسرها بعضهم بحديث «لتتبع كل أمة ما كانت تعبد، فيتبع من كان يعبد الشمس الشمس ويتبع من كان يعبد القمر القمر، ويتبع من كان يعبد الطواغيت الطواغيت» الحديث، وقوله: {وردوا إلى الله مولاهم الحق} أي ورجعت الأمور كلها إلى الله الحكم العدل ففصلها وأدخل أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار {وضل عنهم} أي ذهب عن المشركين {ما كانوا يفترون} أي ما كانوا يعبدون من دون الله افتراء عليه





قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مّنَ السّمَآءِ وَالأرْضِ أَمّن يَمْلِكُ السّمْعَ والأبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيّ مِنَ الْمَيّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيّتَ مِنَ الْحَيّ وَمَن يُدَبّرُ الأمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللّهُ فَقُلْ أَفَلاَ تَتّقُونَ * فَذَلِكُمُ اللّهُ رَبّكُمُ الْحَقّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقّ إِلاّ الضّلاَلُ فَأَنّىَ تُصْرَفُونَ * كَذَلِكَ حَقّتْ كَلِمَةُ رَبّكَ عَلَى الّذِينَ فَسَقُوَاْ أَنّهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ



يحتج تعالى على المشركين باعترافهم بوحدانيته وربوبيته على وحدانية إلاهيته فقال تعالى: {قل من يرزقكم من السماء والأرض} أي من ذا الذي ينزل من السماء ماء المطر فيشق الأرض شقاً بقدرته ومشيئته فيخرج منها {حباً وعنباً وقضباً وزيتوناً ونخلاً وحدائق غلباً وفاكهةً وأباً} أإله مع الله ؟ فسيقولون الله {أمن هذا الذي يرزقكم إن أمسك رزقه ؟} وقوله: {أمّن يملك السمع والأبصار} أي الذي وهبكم هذه القوة السامعة، والقوة الباصرة، ولو شاء لذهب بها ولسلبكم إياها كقوله تعالى: {قل هو الذي أنشأكم وجعل لكم السمع والأبصار} الاَية. وقال: {قل أرأيتم إن أخذ الله سمعكم وأبصاركم} الاَية وقوله: {ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي} أي بقدرته العظيمة ومنته العميمة، وقد تقدم ذكر الخلاف في ذلك وأن الاَية عامة لذلك كله وقوله: {ومن يدبر الأمر} أي من بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه وهو المتصرف الحاكم الذي لا معقب لحكمه، ولا يسأل عما يفعل وهم يسألون {يسأله من في السموات والأرض كل يوم هو في شأن} فالملك كله العلوي والسفلي وما فيهما من ملائكة وإنس وجان فقيرون إليه عبيد له خاضعون لديه {فسيقولون الله} أي وهم)يعلمون ذلك ويعترفون به

{فقل أفلا تتقون} أي أفلا تخافون منه أن تعبدوا معه غيره بآرائكم وجهلكم وقوله: {فذلكم الله ربكم الحق} الاَية أي فهذا الذي اعترفتم بأنه فاعل ذلك كله هو ربكم وإلهكم الحق الذي يستحق أن يفرد بالعبادة {فماذا بعد الحق إلا الضلال} أي فكل معبود سواه باطل لا إله إلا هو واحد لا شريك له {فأنى تصرفون} أي فكيف تصرفون عن عبادته إلى عبادة ما سواه وأنتم تعلمون أنه الرب الذي خلق كل شيء والمتصرف في كل شيء، وقوله: {كذلك حقت كلمة ربك على الذين فسقوا} الاَية أي كما كفر هؤلاء المشركون واستمروا على شركهم وعبادتهم مع الله غيره مع أنهم يعترفون بأنه الخالق المتصرف في الملك وحده الذي بعث رسله بتوحيده، فلهذا حقت عليهم كلمة الله أنهم أشقياء من ساكني النار كقوله: {قالوا بلى ولكن حقت كلمة العذاب على الكافرين}





قُلْ هَلْ مِن شُرَكَآئِكُمْ مّن يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمّ يُعِيدُهُ قُلِ اللّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمّ يُعِيدُهُ فَأَنّىَ تُؤْفَكُونَ * قُلْ هَلْ مِن شُرَكَآئِكُمْ مّن يَهْدِيَ إِلَى الْحَقّ قُلِ اللّهُ يَهْدِي لِلْحَقّ أَفَمَن يَهْدِيَ إِلَى الْحَقّ أَحَقّ أَن يُتّبَعَ أَمّن لاّ يَهِدّيَ إِلاّ أَن يُهْدَىَ فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ * وَمَا يَتّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلاّ ظَنّاً إَنّ الظّنّ لاَ يُغْنِي مِنَ الْحَقّ شَيْئاً إِنّ اللّهَ عَلَيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ



وهذا إبطال لدعواهم فيما أشركوا بالله غيره، وعبدوا من الأصنام والأنداد {قل هل من شركائكم من يبدؤا الخلق ثم يعيده ؟} أي من بدأ خلق هذه السموات والأرض ثم ينشىء ما فيهما من الخلائق، ويفرق أجرام السموات والأرض ويبدلهما بفناء ما فيهما ثم يُعيد الخلق خلقاً جديداً {قل الله} هو الذي يفعل هذا ويستقل به وحده لا شريك له {فأنى تؤفكون} أي فكيف تصرفون عن طريق الرشد إلى الباطل {قل هل من شركائكم من يهدي إلى الحق ؟ قل الله يهدي للحق} أي أنتم تعلمون أن شركاءكم لا تقدر على هداية ضال، وإنما يهدي الحيارى والضلال ويقلب القلوب من الغي إلى الرشد الله الذي لا إله إلا هو {أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلا أن يهدى} أي أفيتبع العبد الذي يهدي إلى الحق ويبصر بعد العمى أم الذي لا يهدي إلى شيء إلا أن يهدى لعماه وبكمه كما قال تعالى إِخباراً عن إبراهيم أنه قال: {يا أبت لم تعبد مالا يسمع ولا يبصر ولا يُغني عنك شيئاً} وقال لقومه: {أتعبدون ما تنحتون والله خلقكم وما تعملون} إلى غير ذلك من الاَيات وقوله: {فما لكم كيف تحكمون} أي فما بالكم أن يذهب بعقولكم كيف سويتم بين الله وبين خلقه وعدلتم هذا بهذا وعبدتم هذا وهذا، وهلا أفردتم الرب جل جلاله المالك الحاكم الهادي من الضلالة بالعبادة وحده وأخلصتم إليه الدعوة والإنابة، ثم بين تعالى أنهم لا يتبعون في دينهم هذا دليلاً ولا برهاناً وإنما هو ظن منهم أي توهم وتخيل، وذلك لا يغني عنهم شيئاً {إن الله عليم بما يفعلون} تهديد لهم ووعيد شديد لأنه تعالى أخبر أنه سيجازيهم على ذلك أتم الجزاء





وَمَا كَانَ هَـَذَا الْقُرْآنُ أَن يُفْتَرَىَ مِن دُونِ اللّهِ وَلَـَكِن تَصْدِيقَ الّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لاَ رَيْبَ فِيهِ مِن رّبّ الْعَالَمِينَ * أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مّثْلِهِ وَادْعُواْ مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مّن دُونِ اللّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ * بَلْ كَذّبُواْ بِمَا لَمْ يُحِيطُواْ بِعِلْمِهِ وَلَمّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذّبَ الّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظّالِمِينَ * وَمِنهُمْ مّن يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُمْ مّن لاّ يُؤْمِنُ بِهِ وَرَبّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ



هذا بيان لإعجاز القرآن وأنه لا يستطيع البشر أن يأتوا بمثله ولا بعشر سور ولا بسورة من مثله لأنه بفصاحته وبلاغته ووجازته وحلاوته واشتماله على المعاني العزيزة النافعة في الدنيا والاَخرة لا تكون إلا من عند الله الذي لا يشبهه شيء في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله وأقواله فكلامه لا يشبه كلام المخلوقين ولهذا قال تعالى: {وما كان هذا القرآن أن يفترى من دون الله} أي مثل هذا القرآن لا يكون إلا من عند الله ولا يشبه هذا كلام البشر {ولكن تصديق الذي بين يديه} أي من الكتب المتقدمة ومهيمناً عليه ومُبيناً لما وقع فيها من التحريف والتأويل والتبديل وقوله: {وتفصيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين} أي وبيان الأحكام والحلال والحرام بياناً شافياً كافياً حقاً لا مرية فيه من الله رب العالمين كما تقدم في حديث الحارث الأعور عن علي بن أبي طالب فيه خبر ما قبلكم ونبأ ما بعدكم وفصل ما بينكم أي خبر عما سلف وعما سيأتي وحكم فيما بين الناس بالشرع الذي يحبه الله ويرضاه. وقوله: {أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورة مثله وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين} أي إن ادعيتم وافتريتم وشككتم في أن هذا من عند الله وقلتم كذباً وميناً إن هذا من عند محمد فمحمد بشر مثلكم وقد جاء فيما زعمتم بهذا القرآن فأتوا أنتم بسورة مثله، أي من جنس هذا القرآن واستعينوا على ذلك بكل من قدرتم عليه من إنس وجان

وهذا هو المقام الثالث في التحدي فإنه تعالى تحداهم ودعاهم إن كانوا صادقين في دعواهم أنه من عند محمد فليعارضوه بنظير ما جاء به وحده وليستعينوا بمن شاءوا وأخبر أنهم لا يقدرون على ذلك ولا سبيل لهم إليه فقال تعالى: {قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً} ثم تقاصر معهم إلى عشر سور منه فقال في أول سورة هود: {أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين} ثم تنازل إلى سورة فقال في هذه السورة: {أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورة مثله وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين} وكذا في سورة البقرة وهي مدنية تحداهم بسورة منه وأخبر أنهم لا يستطيعون ذلك أبداً فقال: {فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار} الاَية، هذا وقد كانت الفصاحة من سجاياهم، وأشعارهم ومعلقاتهم إليها المنتهى في هذا الباب، ولكن جاءهم من الله مالا قبل لأحد به، ولهذا آمن من آمن منهم بما عرف من بلاغة هذا الكلام وحلاوته وجزالته وطلاوته وإفادته وبراعته فكانوا أعلم الناس به وأفهمهم له وأتبعهم له وأشدّهم له انقياداً كما عرف السحرة لعلمهم بفنون السحر أن هذا الذي فعله موسى عليه السلام لا يصدر إِلا عن مؤيد مسدد مرسل من الله وأن هذا لا يستطاع لبشر إِلا بإِذن الله. وكذلك عيسى عليه السلام بعث في زمان علماء الطب ومعالجة المرضى فكان يبرىء الأكمه والأبرص ويحيي الموتى بإذن الله، ومثل هذا لا مدخل للعلاج والدواء فيه فعرف من عرف منهم أنه عبد الله ورسوله

ولهذا جاء في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال «ما من نبي من الأنبياء إلا وقد أوتي من الاَيات ما آمن على مثله البشر، وإنما كان الذي أوتيته وحياً أوحاه الله إليّ فأرجو أن أكون أكثرهم تابعاً». وقوله: {بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله} يقول بل كذب هؤلاء بالقرآن ولم يفهموه ولا عرفوه {ولما يأتهم تأويله} أي ولم يحصلوا ما فيه من الهدى ودين الحق إلى حين تكذيبهم به جهلاً وسفهاً {كذلك كذب الذين من قبلهم} أي من الأمم السالفة {فانظر كيف كان عاقبة الظالمين} أي فانظر كيف أهلكناهم بتكذيبهم رسلنا ظلماً وعلواً وكفراً وعناداً وجهلاً فاحذروا أيها المكذبون أن يصيبكم ما أصابهم. وقوله: {ومنهم من يؤمن به} الاَية، أي ومن هؤلاء الذين بعثت إليهم يا محمد من يؤمن بهذا القرآن ويتبعك وينتفع بما أرسلت به {ومنهم من لا يؤمن به} بل يموت على ذلك ويبعث عليه {وربك أعلم بالمفسدين} أي وهو أعلم بمن يستحق الهداية فيهديه ؟ ومن يستحق الضلالة فيضله، وهو العادل الذي لا يجور، بل يعطي كلاً ما يستحقه تبارك وتعالى وتقدس وتنزه لا إله إلا هو





وَإِن كَذّبُوكَ فَقُل لّي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنتُمْ بَرِيَئُونَ مِمّآ أَعْمَلُ وَأَنَاْ بَرِيَءٌ مّمّا تَعْمَلُونَ * وَمِنْهُمْ مّن يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ أَفَأَنتَ تُسْمِعُ الصّمّ وَلَوْ كَانُواْ لاَ يَعْقِلُونَ * وَمِنهُمْ مّن يَنظُرُ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تَهْدِي الْعُمْيَ وَلَوْ كَانُواْ لاَ يُبْصِرُونَ * إِنّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ النّاسَ شَيْئاً وَلَـَكِنّ النّاسَ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ



يقول تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم وإن كذبك هؤلاء المشركون فتبرأ منهم ومن عملهم {فقل لي عملي ولكم عملكم} كقوله تعالى: {قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون} إلى آخرها، وقال إبراهيم الخليل وأتباعه لقومهم المشركين {إنا برآء منكم ومما تعبدون من دون الله} الاَية، وقوله: {ومنهم من يستمعون إليك} أي يسمعون كلامك الحسن والقرآن العظيم والأحاديث الصحيحة الفصيحة النافعة في القلوب والأديان والأبدان وفي هذا كفاية عظيمة، ولكن ليس ذلك إليك ولا إليهم فإنك لا تقدر على إسماع الأصم وهو الأطرش فكذلك لا تقدر على هداية هؤلاء إلا أن يشاء الله {ومنهم من ينظر إليك} أي ينظرون إليك وإلى ما أعطاك الله من التؤدة والسمت الحسن والخلق العظيم، والدلالة الظاهرة على نبوتك لأولي البصائر والنهى. وهؤلاء ينظرون كما ينظر غيرهم ولا يحصل لهم من الهداية شيء كما يحصل لغيرهم، بل المؤمنون ينظرون إليك بعين الوقار، وهؤلاء الكفار ينظرون إليك بعين الاحتقار {وإذا رأوك إن يتخذونك إلا هزواً} الاَية

ثم أخبر تعالى أنه لا يظلم أحداً شيئاً وإن كان قد هدى به من هدى وبصر به من العمى، وفتح به أعيناً عمياً وآذاناً صماً، وقلوباً غلفاً، وأضل به عن الإيمان آخرين، فهو الحاكم المتصرف في ملكه بما يشاء الذي لا يسأل عما يفعل وهم يسألون لعلمه وحكمته وعدله، ولهذا قال تعالى: {إن الله لا يظلم الناس شيئاً ولكن الناس أنفسهم يظلمون} وفي الحديث عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عز وجل «يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا ـ إلى أن قال في آخره ـ يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها فمن وجد خيراً فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه» رواه مسلم بطوله





وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَن لّمْ يَلْبَثُوَاْ إِلاّ سَاعَةً مّنَ النّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ قَدْ خَسِرَ الّذِينَ كَذّبُواْ بِلِقَآءِ اللّهِ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ



يقول تعالى مذكراً للناس قيام الساعة وحشرهم من أجداثهم إلى عرصات القيامة: {ويوم يحشرهم} الاَية. كقوله: {كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار} وكقوله: {كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها} وقال تعالى: {يوم ينفخ في الصور ونحشر المجرمين يومئذ رزقاً * يتخافتون بينهم إن لبثتم إلا عشراً * نحن أعلم بما يقولون إذ يقول أمثلهم طريقة إن لبثتم إلا يوماً} وقال تعالى: {ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة} الاَيتين، وهذا كله دليل على استقصار الحياة الدنيا في الدار الاَخرة كقوله: {قال كم لبثتم في الأرض عدد سنين ؟ قالوا لبثنا يوماً أو بعض يوم فاسأل العادين * قال إن لبثتم إلا قليلاً لو أنكم كنتم تعلمون}، وقوله: {يتعارفون بينهم} أي يعرف الأبناء الاَباء والقرابات بعضهم لبعض كما كانوا في الدنيا ولكن كل مشغول بنفسه {فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم} الاَية، وقال تعالى: {ولا يسأل حميم حميماً} الاَيات، وقوله: {قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله وما كانوا مهتدين} كقوله تعالى: {ويل يومئذ للمكذبين} لأنهم خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة ألا ذلك هو الخسران المبين ولا خسارة أعظم من خسارة من فرق بينه وبين أحبته يوم الحسرة والندامة





وَإِمّا نُرِيَنّكَ بَعْضَ الّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفّيَنّكَ فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمّ اللّهُ شَهِيدٌ عَلَىَ مَا يَفْعَلُونَ * وَلِكُلّ أُمّةٍ رّسُولٌ فَإِذَا جَآءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ



يقول تعالى مخاطباً لرسوله صلى الله عليه وسلم : {وإما نرينك بعض الذي نعدهم} أي ننتقم منهم في حياتك لتقر عينك منهم {أو نتوفينك فإلينا مرجعهم} أي مصيرهم ومنقلبهم والله شهيد على أفعالهم بعدك وقد قال الطبراني: حدثنا عبد الله بن أحمد حدثنا عقبة بن مكرم حدثنا أبو بكر الحنفي حدثنا داود بن الجارود عن أبي السليل عن حذيفة بن أسيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «عرضت عليّ أمتي البارحة لدى هذه الحجرة أولها وآخرها» فقال رجل: يارسول الله عرض عليك من خلق فكيف من لم يخلق ؟ فقال: «صوروا لي في الطين حتى أني لأعرف بالإنسان منهم من أحدكم بصاحبه» ورواه عن محمد بن عثمان بن أبي شيبة عن عقبة بن مكرم عن يونس بن بكير عن زياد بن المنذر عن أبي الطفيل عن حذيفة بن أسيد به نحوه. وقوله: {ولكل أمة رسول فإذا جاء رسولهم} قال مجاهد: يعني يوم القيامة {قضي بينهم بالقسط} الاَية، كقوله تعالى: {وأشرقت الأرض بنور ربها} الاَية، فكل أمة تعرض على الله بحضرة رسولها وكتاب أعمالها من خير وشر موضوع شاهد عليهم وحفظتهم من الملائكة شهود أيضاً أمة بعد أمة وهذه الأمة الشريفة وإن كانت آخر الأمم في الخلق إلا أنها أول الأمم يوم القيامة يفصل بينهم ويقضي لهم كما جاء في الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «نحن الاَخرون السابقون يوم القيامة، المقضي يفصل لهم قبل الخلائق» فأمته إنما حازت قصب السبق بشرف رسولها صلوات الله وسلامه عليه دائماً إلى يوم الدين





وَيَقُولُونَ مَتَىَ هَـَذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ * قُل لاّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرّاً وَلاَ نَفْعاً إِلاّ مَا شَآءَ اللّهُ لِكُلّ أُمّةٍ أَجَلٌ إِذَا جَآءَ أَجَلُهُمْ فَلاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ * قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُهُ بَيَاتاً أَوْ نَهَاراً مّاذَا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ * أَثُمّ إِذَا مَا وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ الاَنَ وَقَدْ كُنتُم بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ * ثُمّ قِيلَ لِلّذِينَ ظَلَمُواْ ذُوقُواْ عَذَابَ الْخُلْدِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلاّ بِمَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ



يقول تعالى مخبراً عن كفر هؤلاء المشركين في استعجالهم العذاب وسؤالهم عن وقته قبل التعيين مما لا فائدة لهم فيه كقوله: {يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها والذين آمنوا مشفقون منها ويعلمون أنها الحق} أي كائنة لا محالة وواقعة وإن لم يعلموا وقتها عيناً، ولهذا أرشد تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم إلى جوابهم فقال: {قل لا أملك لنفسي ضراً ولا نفعاً} الاَية، أي لا أقول إلا ما علمني ولا أقدر على شيء مما استأثر به إلا أن يطلعني الله عليه فأنا عبده ورسوله إليكم وقد أخبرتكم بمجيء الساعة وأنها كائنة ولم يطلعني على وقتها ولكن {لكل أمة أجل} أي لكل قرن مدة من العمر مقدرة فإذا انقضى أجلهم {فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون} كقوله: {ولن يؤخر الله نفساً إذا جاء أجلها} الاَية، ثم أخبر أن عذاب الله سيأتيهم بغتة فقال: {قل أرأيتم إن أتاكم عذابه بياتاً أو نهاراً ؟} أي ليلاً أونهاراً {ماذا يستعجل منه المجرمون * أثم إذا ما وقع آمنتم به آلاَن وقد كنتم به تستعجلون} يعني أنهم إذا جاءهم العذاب قالوا {ربنا أبصرنا وسمعنا} الاَية، وقال تعالى: {فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده وكفرنا بما كنا به مشركين * فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا سنة الله التي قد خلت في عباده وخسر هنالك الكافرون} {ثم قيل للذين ظلموا ذوقوا عذاب الخلد} أي يوم القيامة يقال لهم هذا تبكيتاً وتقريعاً كقوله: {يوم يدعون إلى نار جهنم دعاً هذه النار التي كنتم بها تكذبون * أفسحر هذا أم أنتم لا تبصرون * اصلوها فاصبروا أو لا تصبروا سواء عليكم إنما تجزون ما كنتم تعملون}





وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبّيَ إِنّهُ لَحَقّ وَمَآ أَنتُمْ بِمُعْجِزِينَ * وَلَوْ أَنّ لِكُلّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ مَا فِي الأرْضِ لاَفْتَدَتْ بِهِ وَأَسَرّواْ النّدَامَةَ لَمّا رَأَوُاْ الْعَذَابَ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ



شا يقول تعالى ويستخبرونك {أحق هو} أي المعاد والقيامة من الأجداث بعد صيرورة الأجسام تراباً {قل إي وربي إنه لحق وما أنتم بمعجزين} أي ليس صيرورتكم تراباً بمعجز الله عن إعادتكم كما بدأكم من العدم فـ {إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون} وهذه الاَية ليس لها نظير في القرآن إلا آيتان أخريان يأمر الله تعالى رسوله أن يقسم به على من أنكر المعاد في سورة سبأ {وقال الذين كفروا لا تأتيناالساعة قل بلى وربي لتأتينكم} وفي التغابن {زعم الذين كفروا أ لن يبعثوا قل بلى وربي لتبعثن ثم لتنبؤن بما عملتم وذلك على الله يسير} ثم أخبر تعالى أنه إذا قامت القيامة يود الكافر لو افتدى من عذاب الله بملء الأرض ذهباً {وأسروا الندامة لما رأوا العذاب وقضي بينهم بالقسط} أي بالحق {وهم لا يظلمون}





أَلآ إِنّ للّهِ مَا فِي السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ أَلاَ إِنّ وَعْدَ اللّهِ حَقّ وَلَـَكِنّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ * هُوَ يُحْيِـي وَيُمِيتُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ



يخبر تعالى أنه مالك السموات والأرض وأن وعده حق كائن لا محالة وأنه يحيي ويميت وإليه مرجعهم، وأنه القادر على ذلك العليم بما تفرق من الأجسام وتمزق في سائر أقطار الأرض والبحار والقفار





يَأَيّهَا النّاسُ قَدْ جَآءَتْكُمْ مّوْعِظَةٌ مّن رّبّكُمْ وَشِفَآءٌ لّمَا فِي الصّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لّلْمُؤْمِنِينَ * قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مّمّا يَجْمَعُونَ



يقول تعالى ممتناً على خلقه بما أنزله من القرآن العظيم على رسوله الكريم: {يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم} أي زاجر عن الفواحش {وشفاء لما في الصدور} أي من الشبه والشكوك وهو إزالة ما فيها من رجس ودنس، وهدى ورحمة أي يحصل به الهداية والرحمة من الله تعالى، وإنما ذلك للمؤمنين به والمصدقين الموقنين بما فيه، كقوله تعالى: {وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خساراً} وقوله: {قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء} الاَية، وقوله تعالى: {قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا} أي بهذا الذي جاءهم من الله من الهدى ودين الحق فليفرحوا، فإنه أولى ما يفرحون به {هو خير مما يجمعون} أي من حطام الدنيا وما فيها من الزهرة الفانية الذاهبة لا محالة، كما قال ابن أبي حاتم في تفسير هذه الاَية، وذكر بسنده عن بقية بن الوليد عن صفوان بن عمرو، سمعت أيفع بن عبد الكلاعي يقول: لما قدم خراج العراق إلى عمر رضي الله عنه، خرج عمر ومولى له فجعل عمر يعد الإبل فإذا هي أكثر من ذلك، فجعل عمر يقول الحمد لله تعالى، ويقول مولاه هذا والله من فضل الله ورحمته، فقال عمر: كذبت ليس هذا، هو الذي يقول الله تعالى: {قل بفضل الله وبرحمته} الاَية، وهذا مما يجمعون، وقد أسنده الحافظ أبو القاسم الطبراني، فرواه عن أبي زرعة الدمشقي عن حيوة بن شريح عن بقية فذكره





قُلْ أَرَأَيْتُمْ مّآ أَنزَلَ اللّهُ لَكُمْ مّن رّزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مّنْهُ حَرَاماً وَحَلاَلاً قُلْ ءَآللّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللّهِ تَفْتَرُونَ * وَمَا ظَنّ الّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنّ اللّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النّاسِ وَلَـَكِنّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَشْكُرُونَ



قال ابن عباس ومجاهد والضحاك وقتادة وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم وغيرهم: نزلت إنكاراً على المشركين فيماكانوا يحللون ويحرمون من البحائر والسوائب والوصايل، كقوله تعالى: {وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيباً} الاَيات، وقال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة عن أبي إسحاق، سمعت أبا الأحوص، وهو عوف بن مالك بن نضلة، يحدث عن أبيه قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا رث الهيئة فقال: «هل لك مال ؟ قلت نعم. قال من أي المال ؟ قال قلت من كل المال من الإِبل والرقيق والخيل والغنم، فقال: «إِذا آتاك الله مالاً فلير عليك ـ وقال! هل تنتج إِبلك صحاحاً آذانها فتعمد إلى موسى فتقطع آذانها فتقول هذه بحر، وتشق جلودها وتقول هذه صرم وتحرمها عليك وعلى أهلك» قال نعم قال «فإن ما آتاك الله لك حل، ساعد الله أشد من ساعدك وموسى الله أحدّ من موساك» وذكر تمام الحديث

ثم رواه عن سفيان بن عيينة عن أبي الزهراء عمرو بن عمرو عن عمه أبي الأحوص، وعن بهز بن أسد عن حماد بن سلمة عن عبد الملك بن عمير عن أبي الأحوص به، وهذا حديث جيد قوي الإسناد، وقد أنكر الله تعالى على من حرم ما أحل الله أو أحل ما حرم بمجرد الاَراء والأهواء التي لا مستند لها ولا دليل عليها، ثم توعدهم على ذلك يوم القيامة فقال: {وما ظن الذين يفترون على الله الكذب يوم القيامة} أي ما ظنهم أن يصنع بهم يوم مرجعهم إلينا يوم القيامة، وقوله: {إن الله لذو فضل على الناس} قال ابن جرير: في تركه معاجلتهم بالعقوبة في الدنيا (قلت) ويحتمل أن يكون المراد لذو فضل على الناس فيما أباح لهم مما خلقه من المنافع في الدنيا ولم يحرم عليهم إلا ما هو ضار لهم في دنياهم أو دينهم {ولكن أكثرهم لا يشكرون} بل يحرمون ما أنعم الله به عليهم، ويضيقون على أنفسهم فيجعلون بعضاً حلالاً وبعضاً حراماً. وهذا قد وقع فيه المشركون فيما شرعوه لأنفسهم، وأهل الكتاب فيما ابتدعوه في دينهم

وقال ابن أبي حاتم في تفسير هذه الاَية حدثنا أبي حدثنا أحمد بن أبي الحواري حدثنا رباح حدثنا عبد الله بن سليمان حدثنا موسى بن الصباح في قوله عز وجل: {إن الله لذو فضل على الناس} قال إذا كان يوم القيامة يؤتى بأهل ولاية الله عز وجل فيقومون بين يدي الله عز وجل ثلاثة أصناف قال فيؤتى برجل من الصنف الأول فيقول: عبدي لماذا عملت ؟ فيقول يا رب خلقت الجنة وأشجارها وثمارها وأنهارها وحورها ونعيمها وما أعددت لأهل طاعتك فيها فأسهرت ليلي وأظمأت نهاري شوقاً إليها ـ قال! فيقول الله تعالى: عبدي إنما عملت للجنة هذه الجنة فادخلها ومن فضلي عليك قد أعتقتك من النار ومن فضلي عليك أن أدخلك جنتي فيدخل هو ومن معه الجنة ـ قال ـ ثم يؤتى برجل من الصنف الثاني فيقول عبدي لماذا عملت فيقول يا رب خلقت ناراً وخلقت أغلالها وسعيرها وسمومها ويحمومها وما أعددت لأعدائك وأهل معصيتك فيها فأسهرت ليلي وأظمأت نهاري خوفاً منها فيقول عبدي إنما عملت ذلك خوفاً من ناري فإني قد أعتقتك من النار ومن فضلي عليك أن أدخلك جنتي فيدخل هو ومن معه الجنة. ثم يؤتى برجل من الصنف الثالث فيقول عبدي لماذا عملت ؟ فيقول رب حباً لك وشوقاً إليك وعزتك لقد أسهرت ليلي وأظمأت نهاري شوقاً إليك وحباً لك. فيقول تبارك وتعالى: عبدي إنما عملت حباً لي وشوقاً إلي فيتجلى له الرب جل جلاله ويقول ها أنا ذا فانظر إليّ ثم يقول: من فضلي عليك أن أعتقك من النار وأبيحك جنتي وأزيرك ملائكتي وأسلم عليك بنفسي: فيدخل هو ومن معه الجنة





وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُواْ مِنْهُ مِن قُرْآنٍ وَلاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاّ كُنّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَن رّبّكَ مِن مّثْقَالِ ذَرّةٍ فِي الأرْضِ وَلاَ فِي السّمَآءِ وَلاَ أَصْغَرَ مِن ذَلِكَ وَلآ أَكْبَرَ إِلاّ فِي كِتَابٍ مّبِينٍ



يخبر تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم أنه يعلم جميع أحواله وأحوال أمته وجميع الخلائق في كل ساعة وأوان ولحظة وأنه لا يعزب عن علمه وبصره مثقال ذرة في حقارتها وصغرها في السموات ولا في الأرض ولا أصغر منها ولا أكبر إلا في كتاب مبين كقوله: {وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر، وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين} فأخبر تعالى أنه يعلم حركة الأشجار وغيرها من الجمادات وكذلك الدواب السارحة في قوله: {وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم} الاَية وقال تعالى: {وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها} الاَية وإذا كان هذا علمه بحركات هذه الأشياء فكيف علمه بحركات المكلفين المأمورين بالعبادة كما قال تعالى: {وتوكل على العزيز الرحيم الذي يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين} ولهذا قال تعالى: {وما تكون في شأن وما تتلو منه من قرآن ولا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهوداً إذ تفيضون فيه} أي إذ تأخذون في ذلك الشيء نحن مشاهدون لكم راءون سامعون ولهذا قال صلى الله عليه وسلم لما سأله جبريل عن الإحسان «أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك»





أَلآ إِنّ أَوْلِيَآءَ اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ * الّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَىَ فِي الْحَياةِ الدّنْيَا وَفِي الاَخِرَةِ لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ



يخبر تعالى أن أولياءه هم الذين آمنوا وكانوا يتقون كما فسرهم ربهم، فكل من كان تقياً كان لله ولياً فـ {ـلا خوف عليهم} أي فيمايستقبلونه من أهوال الاَخرة {ولا هم يحزنون} على ما وراءهم في الدنيا، وقال عبد الله بن مسعود وابن عباس وغير واحد من السلف أولياء الله الذين إذا رؤوا ذكر الله، وقد ورد هذا في حديث مرفوع كما قال البزار حدثنا علي بن حرب الرازي حدثنا محمد بن سعيد بن سابق حدثنا يعقوب بن عبد الله الأشعري وهو القمي عن جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: قال رجل: يا رسول الله من أولياء الله ؟ قال «الذين إِذا رؤوا ذكر الله» ثم قال البزار وقد روي عن سعيد مرسلاً، وقال ابن جرير حدثنا أبو هشام الرفاعي حدثنا أبو فضيل حدثنا أبي عمارة بن القعقاع عن أبي زرعة عن عمرو بن جرير البجلي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إن من عباد الله عباداً يغبطهم الأنبياء والشهداء» قيل من هم يا رسول الله لعلنا نحبهم ؟ قال: «هم قوم تحابوا في الله من غير أموال ولا أنساب وجوههم نور على منابر من نور لا يخافون إذا خاف الناس ولا يحزنون إذا حزن الناس» ثم قرأ {ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون} ثم رواه أيضاً أبو داود من حديث جرير عن عمارة بن القعقاع عن أبي زرعة عن عمرو بن جرير عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثله وهذا أيضاً إسناد جيد إلا أنه منقطع بين أبي زرعة وعمر بن الخطاب والله أعلم، وفي حديث الإمام أحمد عن أبي النضر عن عبد الحميد بن بهرام عن شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم عن أبي مالك الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «يأتي من أفناء الناس ونوازع القبائل قوم لم تتصل بينهم أرحام متقاربة تحابوا في الله وتصافوا في الله يضع الله لهم يوم القيامة منابر من نور فيجلسهم عليها يفزع الناس ولايفزعون وهم أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون» والحديث مطول

وقال الإمام أحمد حدثنا عبد الرزاق أخبرنا سفيان عن الأعمش عن ذكوان أبي صالح عن رجل عن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: {لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الاَخرة} قال «الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو ترى له» وقال ابن جرير: حدثني أبو السائب حدثنا معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن عطاء بن يسار عن رجل من أهل مصر عن أبي الدرداء في قوله: {لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الاَخرة} قال سأل رجل أبا الدرداء عن هذه الاَية فقال: لقد سألت عن شيء ما سمعت أحداً سأل عنه بعد رجل سأل عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «هي الرؤيا الصالحة يراها الرجل المسلم أو ترى له بشراه في الحياة الدنيا وبشراه في الاَخرة الجنة» ثم رواه ابن جرير عن سفيان عن ابن المنكدر عن عطاء بن يسار عن رجل من أهل مصر أنه سأل أبا الدرداء عن هذه الاَية فذكر نحو ما تقدم ثم قال ابن جرير حدثني المثنى حدثنا حجاج بن منهال حدثنا حماد بن زيد عن عاصم بن بهدلة عن أبي صالح قال: سمعت أبا الدرداء سئل عن هذه الاَية {الذين آمنوا وكانوا يتقون لهم البشرى} فذكر نحوه سواء وقال الإمام أحمد حدثنا عفان حدثنا أبان حدثنا يحيى عن أبي سلمة عن عبادة بن الصامت أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أرأيت قول الله تعالى: {لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الاَخرة} فقال: «لقد سألتني عن شيء ما سألني عنه أحد من أمتي أو قال أحد قبلك ـ تلك الرؤيا الصالحة يراها الرجل أو ترى له» وكذا رواه أبو داود الطيالسي عن عمران القطان عن يحيى بن أبي كثير به، ورواه الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير فذكره ورواه علي بن المبارك عن يحيى عن أبي سلمة قال: نبئنا عن عبادة بن الصامت سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الاَية فذكره

وقال ابن جرير حدثني أبو حميد الحمصي حدثنا يحيى بن سعيد حدثنا عمر بن عمرو بن عبد الأحموسي عن حميد بن عبد الله المزني قال: أتى رجل عبادة بن الصامت فقال: آية في كتاب الله أسألك عنها قول الله تعالى: {لهم البشرى في الحياة الدنيا} فقال عبادة ما سألني عنها أحد قبلك سألت عنها نبي الله فقال مثل ذلك «ما سألني عنها أحد قبلك الرؤيا الصالحة يراها العبد المؤمن في المنام أو ترى له» ثم رواه من حديث موسى بن عبيدة عن أيوب بن خالد بن صفوان عن عبادة بن الصامت أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : {لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الاَخرة} فقد عرفنا بشرى الاَخرة الجنة فما بشرى الدنيا ؟ قال «الرؤيا الصالحة يراها العبد أو ترى له. وهي جزء من أربعة وأربعين جزءاً أو سبعين جزءاً من النبوة» وقال الإمام أحمد أيضاً حدثنا بهز حدثنا حماد حدثنا أبو عمران عن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر أنه قال يا رسول الله: الرجل يعمل العمل ويحمده الناس عليه، ويثنون عليه به فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «تلك عاجل بشرى المؤمن» رواه مسلم، وقال أحمد أيضاً حدثنا حسن يعني الأشيب حدثنا بن لهيعة حدثنا دراج عن عبد الرحمن بن جبير عن عبد الله بن عمرو عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «{لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الاَخرة} ـ قال ـ الرؤيا الصالحة يبشرها المؤمن جزء من تسعة وأربعين جزءاً من النبوة فمن رأى ذلك فليخبر بها، ومن رأى سوى ذلك فإنما هو من الشيطان ليحزنه فلينفث عن يساره ثلاثاً وليكبر ولا يخبر بها أحداً» لم يخرجوه. وقال ابن جرير حدثني يونس أنبأنا ابن وهب حدثني عمرو بن الحارث أن دراجاً أبا السمح حدثه عن عبد الرحمن بن جبير عن عبد الله بن عمرو عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لهم البشرى في الحياة الدنيا الرؤيا الصالحة يبشرها المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة» وقال أيضاً ابن جرير حدثني محمد بن أبي حاتم المؤدب حدثنا عمار بن محمد حدثنا الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم «{لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الاَخرة} ـ قال ـ في الدنيا الرؤيا الصالحة يراها العبد أو ترى له وهي في الاَخرة الجنة» ثم رواه عن أبي كريب عن أبي بكر بن عياش عن أبي حصين عن أبي صالح عن أبي هريرة أنه قال: الرؤيا الحسنة بشرى من الله، وهي من المبشرات هكذا رواه من هذا الطريق موقوفاً، وقال أيضاً حدثنا أبو كريب حدثنا أبو بكر حدثنا هشام عن ابن سيرين عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «الرؤيا الحسنة هي البشرى يراها المسلم أو ترى له»

وقال ابن جرير حدثني أحمد بن حماد الدولابي حدثنا سفيان عن عبيد الله بن أبي يزيد عن أبيه عن سباع بن ثابت عن أم كريز الكعبية سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ذهبت النبوة وبقيت المبشرات» وهكذا روي عن ابن مسعود وأبي هريرة وابن عباس ومجاهد وعروة بن الزبير ويحيى بن أبي كثير وإبراهيم النخعي وعطاء بن أبي رباح وغيرهم أنهم فسروا ذلك بالرؤيا الصالحة. وقيل: المراد بذلك بشرى الملائكة للمؤمن عند احتضاره بالجنة والمغفرة كقوله تعالى: {إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون * نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الاَخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون * نزلاً من غفور رحيم} وفي حديث البراء رضي الله عنه أن المؤمن إذا حضره الموت جاءه ملائكة بيض الوجوه بيض الثياب فقالوااخرجي أيتها الروح الطيبة إلى روح وريحان ورب غير غضبان فتخرج من فمه كما تسيل القطرة من فم السقاء وأما بشراهم في الاَخرة فكما قال تعالى: {لا يحزنهم الفزع الأكبر وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون} وقال تعالى: {يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم بشراكم اليوم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك هو الفوز العظيم} وقوله: {لا تبديل لكلمات الله} أي هذا الوعد لا يبدل ولا يخلف ولا يغير بل هو مقرر مثبت كائن لا محالة {ذلك هو الفوز العظيم}





وَلاَ يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ إِنّ الْعِزّةَ للّهِ جَمِيعاً هُوَ السّمِيعُ الْعَلِيمُ * أَلآ إِنّ للّهِ مَن فِي السّمَاوَات وَمَنْ فِي الأرْضِ وَمَا يَتّبِعُ الّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ شُرَكَآءَ إِن يَتّبِعُونَ إِلاّ الظّنّ وَإِنْ هُمْ إِلاّ يَخْرُصُونَ * هُوَ الّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْلّيْلَ لِتَسْكُنُواْ فِيهِ وَالنّهَارَ مُبْصِراً إِنّ فِي ذَلِكَ لاَيَاتٍ لّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ



يقول تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم : {ولا يحزنك} قول هؤلاء المشركين واستعن بالله عليهم وتوكل عليه فإن العزة لله جميعاً أي جميعها له ولرسوله وللمؤمنين {هو السميع العليم} أي السميع لأقوال عباده العليم بأحوالهم، ثم أخبر تعالى أن له ملك السموات والأرض وأن المشركين يعبدون الأصنام وهي لا تملك شيئاً لا ضراً ولا نفعاً ولا دليل لهم على عبادتها، بل إنما يتبعون في ذلك ظنونهم وتخرصهم وكذبهم وإفكهم، ثم أخبر أنه الذي جعل لعباده الليل ليسكنوا فيه، أي يستريحون من نصبهم وكلهم وحركاتهم {والنهار مبصراً} أي مضيئاً لمعاشهم وسعيهم وأسفارهم ومصالحهم {إن في ذلك لاَيات لقوم يسمعون} أي يسمعون هذه الحجج والأدلة فيعتبرون بها ويستدلون على عظمة خالقها ومقدرها ومسيرها





قَالُواْ اتّخَذَ اللّهُ وَلَداً سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيّ لَهُ مَا فِي السّمَاوَات وَمَا فِي الأرْضِ إِنْ عِندَكُمْ مّن سُلْطَانٍ بِهَـَذَآ أَتقُولُونَ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ * قُلْ إِنّ الّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ * مَتَاعٌ فِي الدّنْيَا ثُمّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمّ نُذِيقُهُمُ الْعَذَابَ الشّدِيدَ بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ



يقول تعالى منكراً على من ادعى أن له: {ولداً سبحانه هو الغني} أي تقدس عن ذلك هو الغني عن كل ما سواه وكل شيء فقير إليه {له ما في السموات وما في الأرض} أي فكيف يكون له ولد مما خلق وكل شيء مملوك له عبد له {إن عندكم من سلطان بهذا} أي ليس عندكم دليل على ما تقولونه من الكذب والبهتان {أتقولون على الله ما لا تعلمون} إنكار ووعيد أكيد وتهديد شديد كقوله تعالى: {وقالوا اتخذ الرحمن ولداً لقد جئتم شيئاً إدّا * تكاد السموات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدّاً * أن دعوا للرحمن ولداً * وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولداً * إن كل من في السموات والأرض إلا آتي الرحمن عبداً * لقد أحصاهم وعدهم عدّاً * وكلهم آتيه يوم القيامة فرداً} ثم توعد تعالى الكاذبين عليه المفترين ممن زعم أن له ولداً بأنهم لا يفلحون في الدنيا ولا في الاَخرة فأما في الدنيا فإنهم إذا استدرجهم وأملى لهم متعهم قليلاً {ثم يضطرهم إلى عذاب غليظ} كما قال تعالى ههنا: {متاع في الدنيا} أي مدة قريبة {ثم إلينا مرجعهم} أي يوم القيامة {ثم نذيقهم العذاب الشديد} أي الموجع المؤلم {بما كانوا يكفرون} أي بسبب كفرهم وافترائهم وكذبهم على الله فيما ادعوا من الإفك والزور





وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَقَوْمِ إِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مّقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللّهِ فَعَلَى اللّهِ تَوَكّلْتُ فَأَجْمِعُوَاْ أَمْرَكُمْ وَشُرَكَآءَكُمْ ثُمّ لاَ يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمّةً ثُمّ اقْضُوَاْ إِلَيّ وَلاَ تُنظِرُونَ * فَإِن تَوَلّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مّنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاّ عَلَى اللّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ * فَكَذّبُوهُ فَنَجّيْنَاهُ وَمَن مّعَهُ فِي الْفُلْكِ وَجَعَلْنَاهُمْ خَلاَئِفَ وَأَغْرَقْنَا الّذِينَ كَذّبُواْ بِآيَاتِنَا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://abubaker.jordanforum.net
 
تفسير سورة يونس 3
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» تفسير سورة يونس 4
» تفسير سورة يونس 2
» تفسير سورة يونس 1
» تفسير سورة يونس - من آية 1 - إلى نهاية الآية 17
» روابط تفسير جميع سور القرآن الكريم - تفسير ابن كثير على المايكروسوفت - التفسير الشامل + موقع تفسير ابن كثير من سورة البقرة إلى سورة الإخلاص

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الأصدقاء :: هدايات وإرشادات وتوجيهات إسلامية :: تفسير القران الكريم "ابن كثير" قراءة وتصفح ومواقع وروابط-
انتقل الى: