منتدى الأصدقاء
{وَاللّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }يونس25
And God calls to the House of Peace and guides whom He wills to a Straight Path} Younis 25
نحن سعداء للمشاركة في (منتدى الأصدقاء)
We are pleased to join in ( Forum Friends )
يشرفنا تسجيلك
We are honored register you
إدارة المنتدى
Management of Forum

منتدى الأصدقاء
{وَاللّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }يونس25
And God calls to the House of Peace and guides whom He wills to a Straight Path} Younis 25
نحن سعداء للمشاركة في (منتدى الأصدقاء)
We are pleased to join in ( Forum Friends )
يشرفنا تسجيلك
We are honored register you
إدارة المنتدى
Management of Forum

منتدى الأصدقاء
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدى الأصدقاء
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

( أهلا وسهلا بكم في منتدى الأصدقاء Welcome to the forum Friends >> الرجاء تسجيل الدخول للتعرف على فضائل الأعمال التي يحبها الله Please log in to learn about the virtues of Business loved by God

المواضيع الأخيرة
» تعديل شاشة الكمبيوتر - الوضع الصحيح من المصنع - LG
 تفسير سورة مريم  3  I_icon_minitimeالأحد نوفمبر 05, 2017 2:53 pm من طرف abubaker

»  إن كلمة “الله” هي علم على واجب الوجود. --- آية الكرسي
 تفسير سورة مريم  3  I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:44 am من طرف abubaker

»  إن كلمة “الله” هي علم على واجب الوجود. --- آية الكرسي
 تفسير سورة مريم  3  I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:44 am من طرف abubaker

»  إن كلمة “الله” هي علم على واجب الوجود -- آية الكرسي -- تابع ----
 تفسير سورة مريم  3  I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:33 am من طرف abubaker

»  وكلمة (الله) عَلَمٌ على واجب الوجود؛ مَطمورة فيه كُلُّ صفات الكمال؛ / الرعد - ؛ فشاءتْ رحمتُه سبحانه أنْ سَهَّل لنا أن نفتتح أيَّ عمل باسمه الجامع لكل صفات الجمال والكمال (بسم الله الرحمن الرحيم). ولذلك يُسَمُّونه (عَلَمٌ على واجب الوجود).
 تفسير سورة مريم  3  I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:18 am من طرف abubaker

» أما أسماء الله فحسنى؛ لأنها بلغتْ القمة في الكمال، ولأن الأسماء والصفات التي تنطبق عليها موجودة في الخالق الأعلى سبحانه
 تفسير سورة مريم  3  I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:06 am من طرف abubaker

» وكلمة(اللهُ) عَلَم على واجب الوجود بكل صفات الكمال له - طه
 تفسير سورة مريم  3  I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 3:57 am من طرف abubaker

» فاعمل لوجهه يكْفك كل الأوجه وتريح نفسك أن تتنازعك قوى شتى ومختلفة، ويُغنيك عن كل غنى.
 تفسير سورة مريم  3  I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 3:51 am من طرف abubaker

» أتدرون ما هذان الكتابان فريق في الجنة وفريق في السعير
 تفسير سورة مريم  3  I_icon_minitimeالثلاثاء يوليو 18, 2017 3:21 pm من طرف abubaker

ازرار التصفُّح
 البوابة
 الرئيسية
 قائمة الاعضاء
 البيانات الشخصية
 س .و .ج
 بحـث
التبادل الاعلاني

 

  تفسير سورة مريم 3

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
abubaker

abubaker


ذكر
عدد المساهمات : 18649
تاريخ التسجيل : 23/12/2010
العمر : 74
الدولـة : jordan

 تفسير سورة مريم  3  Empty
مُساهمةموضوع: تفسير سورة مريم 3     تفسير سورة مريم  3  I_icon_minitimeالثلاثاء سبتمبر 27, 2016 6:59 pm

وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنّهُ كَانَ صِدّيقاً نّبِيّاً * إِذْ قَالَ لاَِبِيهِ يَأَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لاَ يَسْمَعُ وَلاَ يَبْصِرُ وَلاَ يُغْنِي عَنكَ شَيْئاً * يَأَبَتِ إِنّي قَدْ جَآءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتّبِعْنِيَ أَهْدِكَ صِرَاطاً سَوِيّاً * يَأَبَتِ لاَ تَعْبُدِ الشّيْطَانَ إِنّ الشّيْطَانَ كَانَ لِلرّحْمَـَنِ عَصِيّاً * يَأَبَتِ إِنّيَ أَخَافُ أَن يَمَسّكَ عَذَابٌ مّنَ الرّحْمَـَنِ فَتَكُونَ لِلشّيْطَانِ وَلِيّاً



يقول تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : {واذكر في الكتاب إبراهيم} واتل على قومك هؤلاء الذين يعبدون الأصنام،)واذكر لهم ما كان من خبر إبراهيم خليل الرحمن. الذين هم من ذريته ويدعون أنهم على ملته، وقد كان صديقاً نبياً مع أبيه، كيف نهاه عن عبادة الأصنام، فقال: {يا أبت لم تعبد ما لايسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئاً} أي لا ينفعك ولا يدفع عنك ضرراً {ياأبت إني قد جاءني من العلم ما لم يأتك} يقول: وإن كنت من صلبك وتراني أصغر منك لأني ولدك، فاعلم أني قد أطلعت من العلم من الله على ما لم تعلمه أنت، و لا أطلعت عليه و لا جاءك {فاتبعني أهدك صراطاً سوياً} أي طريقاً مستقيماً موصلاً إلى نيل المطلوب، والنجاة من المرهوب {ياأبت لا تعبد الشيطان} أي لا تطعه في عبادتك هذه الأصنام، فإنه هو الداعي إلى ذلك والراضي به، كما قال تعالى: {ألم أعهد إليكم يابني آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين} وقال: {إن يدعون من دونه إلا إناثاً وإن يدعون إلا شيطاناً مريداً}

وقوله {إن الشيطان كان للرحمن عصياً} أي مخالفاً مستكبراً عن طاعة ربه، فطرده وأبعده، فلا تتبعه تصر مثله {ياأبت إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن} أي على شركك وعصيانك لما آمرك به {فتكون للشيطان ولياً} يعني فلا يكون لك مولى ولا ناصراً ولا مغيثاً إلا إبليس، وليس إليه ولا إلى غيره من الأمر شيء، بل اتباعك له موجب لإحاطة العذاب بك، كما قال تعالى: {تا لله لقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فزين لهم الشيطان أعمالهم، فهو وليهم اليوم ولهم عذاب أليم}



قَالَ أَرَاغِبٌ أَنتَ عَنْ آلِهَتِي يَإِبْرَاهِيمُ لَئِن لّمْ تَنتَهِ لأرْجُمَنّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيّاً * قَالَ سَلاَمٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبّيَ إِنّهُ كَانَ بِي حَفِيّاً * وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ وَأَدْعُو رَبّي عَسَىَ أَلاّ أَكُونَ بِدُعَآءِ رَبّي شَقِيّاً



يقول تعالى مخبراً عن جواب أبي إبراهيم لولده إبراهيم فيما دعاه إليه أنه قال: {أراغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم ؟} يعني إن كنت لا تريد عبادتها ولا ترضاها، فانته عن سبها وشتمها وعيبها، فإنك إن لم تنته عن ذلك اقتصصت منك وشتمتك وسببتك، وهو قوله: {لأرجمنك} قاله ابن عباس والسدي وابن جريج والضحاك وغيرهم، وقوله: {واهجرني ملياً} قال مجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير ومحمد بن إسحاق: يعني دهراً. وقال الحسن البصري: زماناً طويلاً. وقال السدي {واهجرني ملياً} قال: أبداً. وقال علي بن أبي طلحة والعوفي عن ابن عباس {واهجرني ملياً} قال: سوياً سالماً قبل أن تصيبك مني عقوبة، وكذا قال الضحاك وقتادة وعطية الجدلي ومالك وغيرهم، واختاره ابن جرير، فعندما قال إبراهيم لأبيه: {سلام عليك} كما قال تعالى في صفة المؤمنين: {وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً} وقال تعالى: {وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين} ومعنى قول إبراهيم لأبيه {سلام عليك} يعني أما أنا فلا ينالك مني مكروه ولا أذى وذلك لحرمة الأبوة {سأستغفر لك ربي} ولكن سأسأل الله فيك أن يهديك ويغفر ذنبك {إنه كان بي حفياً} قال ابن عباس وغيره: لطيفاً، أي في أن هداني لعبادته والإخلاص له

وقال قتادة ومجاهد وغيرهما: {إنه كان بي حفيا} قال عوده الإجابة. وقال السدي: الحفي الذي يهتم بأمره، وقد استغفر إبراهيم صلى الله عليه وسلم لأبيه مدة طويلة وبعد أن هاجر إلى الشام، وبنى المسجد الحرام، وبعد أن ولد له إسماعيل وإسحاق عليهما السلام في قوله: {ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب} وقد استغفر المسلمون لقراباتهم وأهليهم من المشركين في ابتداء الإسلام، وذلك اقتداء بإبراهيم الخليل في ذلك حتى أنزل الله تعالى: {قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برآء منكم ومما تعبدون من دون الله ـ إلى قوله ـ إلا قول إبراهيم لأبيه لأستغفرن لك وما أملك لك من الله من شي} الاَية، يعني إلا في هذا القول، فلا تتأسوا به، ثم بين تعالى أن إبراهيم أقلع عن ذلك ورجع عنه، فقال تعالى: {ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ـ إلى قوله ـ وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه إن إبراهيم لأواه حليم}. وقوله: {وأعتزلكم وما تدعون من دون الله وأدعو ربي}. أي وأعبد ربي وحده لاشريك له {عسى أن لاأكون بدعاء ربي شقياً} وعسى هذه موجبة لا محالة، فإنه عليه السلام سيد الأنبياء بعد محمد صلى الله عليه وسلم



فَلَمّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلاّ جَعَلْنَا نَبِيّاً * وَوَهَبْنَا لَهْمْ مّن رّحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيّاً



يقول تعالى: فلما اعتزل الخليل أباه وقومه في الله، أبدله الله من هو خير منهم، ووهب له إسحاق ويعقوب يعني ابنه وابن إسحاق، كما قال في الاَ ية الأخرى: {ويعقوب نافلة} وقال{ومن وراء إسحاق يعقوب} ولاخلاف أن إسحاق والد يعقوب، وهو نص القرآن في سورة البقرة: {أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي ؟ قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق} ولهذا إنما ذكر ههنا إسحاق ويعقوب، أي جعلنا له نسلاً وعقباً أنبياء أقر الله بهم عينه في حياته، ولهذا قال: {وكلاً جعلنا نبياً} فلو لم يكن يعقوب عليه السلام قد نبىء في حياة إبراهيم لما اقتصر عليه ولذكر ولده يوسف، فإنه نبي أيضاً كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق على صحته حين سئل عن خير الناس، فقال: «يوسف نبي الله ابن يعقوب نبي الله ابن إسحاق نبي الله ابن إبراهيم خليل الله»، وفي اللفظ الاَخر «إن الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم». وقوله {ووهبنا لهم من رحمتنا وجعلنا لهم لسان صدق عليا} قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: يعني الثناء الحسن، وكذا قال السدي ومالك بن أنس، وقال ابن جرير: إنما قال عليا لأن جميع الملل والأديان يثنون عليهم ويمدحونهم، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين



وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَىَ إِنّهُ كَانَ مُخْلِصاً وَكَانَ رَسُولاً نّبِيّاً * وَنَادَيْنَاهُ مِن جَانِبِ الطّورِ الأيْمَنِ وَقَرّبْنَاهُ نَجِيّاً * وَوَهَبْنَا لَهُ مِن رّحْمَتِنَآ أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيّاً



لما ذكر تعالى إبراهيم الخليل وأثنى عليه، عطف بذكر الكليم، فقال: {واذكر في الكتاب موسى إنه كان مخلصاً} قرأ بعضهم بكسر اللام من الإخلاص في العبادة. قال الثوري عن عبد العزيز بن رفيع، عن أبي لبابة قال: قال الحواريون: يا روح الله أخبرنا عن المخلص لله ؟ قال: الذي يعمل لله لا يحب أن يحمده الناس، وقرأ الاَخرون بفتحها بمعنى أنه كان مصطفى، كما قال تعالى: {إني اصطفيتك على الناس} {وكان رسولاً نبياً} جمع الله له بين الوصفين، فإنه كان من المرسلين الكبار أولي العزم الخمسة، وهم: نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلوات الله عليهم وعلى سائر الأنبياء أجمعين

وقوله: {وناديناه من جانب الطور} أي الجبل {الأيمن} من موسى حين ذهب يبتغي من تلك النار جذوة فرآها تلوح، فقصدها فوجدها في جانب الطور الأيمن منه عند شاطىء الوادي، فكلمه الله تعالى وناداه وقربه فناجاه. روى ابن جرير: حدثنا ابن بشار، حدثنا يحيى هو القطان، حدثنا سفيان عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس {وقربناه نجيا} قال: أدني حتى سمع صريف القلم، وهكذا قال مجاهد وأبو العالية وغيرهم: يعنون صريف القلم بكتابة التوارة. وقال السدي: {وقربناه نجياً} قال: أدخل في السماء فكلم، وعن مجاهد نحوه

وقال عبد الرزاق عن معمر، عن قتادة {وقربناه نجيا} قال: نجا بصدقه. وروى ابن أبي حاتم: حدثنا عبد الجبار بن عاصم، حدثنا محمد بن سلمة الحراني عن أبي واصل، عن شهر بن حوشب، عن عمرو بن معد يكرب قال: لما قرب الله موسى نجيا بطور سيناء قال: يا موسى إذا خلقت لك قلباً شاكراً ولساناً ذاكراً وزوجة تعين على الخير، فلم أخزن عنك من الخير شيئاً، ومن أخزن عنه هذا فلم أفتح له من الخير شيئاً، وقوله: {ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبياً} أي وأجبنا سؤاله وشفاعته في أخيه، فجعلناه نبياً، كما قال في الاَية الأخرى {وأخي هارون هو أفصح مني لساناً فأرسله معي ردءاً يصدقني إني أخاف أن يكذبون} وقال: {قد أوتيت سؤلك يا موسى} وقال: {فأرسل إلى هارون ولهم علي ذنب فأخاف أن يقتلون} ولهذا قال بعض السلف: ما شفع أحد في أحد شفاعة في الدنيا أعظم من شفاعة موسى في هارون أن يكون نبياً، قال الله تعالى: {ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبياً} قال ابن جرير: حدثنا يعقوب، حدثنا ابن علية عن داود عن عكرمة قال: قال ابن عباس قوله: {ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبياً} قال: كان هارون أكبر من موسى، ولكن أراد وهب نبوته له، وقد ذكره ابن أبي حاتم معلقاً عن يعقوب وهو ابن إبراهيم الدّورقي به



وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولاً نّبِيّاً * وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصّـلاَةِ وَالزّكَـاةِ وَكَانَ عِندَ رَبّهِ مَرْضِيّاً



هذا ثناء من الله تعالى على إسماعيل بن إبراهيم الخليل عليهماالسلام، وهو والد عرب الحجاز كلهم بأنه كان صادق الوعد. قال ابن جريج: لم يعد ربه عدة إلا أنجزها، يعني ما التزم عبادة قط بنذر إلا قام بها ووفاها حقها. وقال ابن جرير: حدثني يونس، أنبأنا ابن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث أن سهل بن عقيل حدثه أن إسماعيل النبي عليه السلام وعد رجلاً مكاناً أن يأتيه فيه، فجاء ونسي الرجل، فظل به إسماعيل وبات حتى جاء الرجل من الغد، فقال: ما برحت من ههنا ؟ قال: لا. قال: إني نسيت قال: لم أكن أبرح حتى تأتيني، فلذلك {كان صادق الوعد} وقال سفيان الثوري: يلغني أنه أقام في ذلك المكان ينتظره حولاً حتى جاءه وقال ابن شوذب: بلغني أنه اتخذ ذلك الموضع مسكناً

وقد روى أبو داود في سننه، وأبو بكر محمد بن جعفر الخرائطي في كتابه مكارم الأخلاق، من طريق إبراهيم بن طهمان عن بديل بن ميسرة عن عبد الكريم يعني ابن عبد الله بن شقيق، عن أبيه عن عبد الله بن أبي الحمساء، قال: بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يبعث، فبقيت له علي بقية، فوعدته أن آتيه بها في مكانه ذلك، قال: فنسيت يومي والغد، فأتيته في اليوم الثالث وهو في مكانه ذلك، فقال لي: «يا فتى لقد شققت عليّ، أنا ههنا منذ ثلاث أنتظرك» لفظ الخرائطي وساق آثاراً حسنة في ذلك، ورواه ابن منده أبو عبد الله في كتاب معرفة الصحابة بإسناده عن إبراهيم بن طهمان، عن بديل بن ميسرة عن عبد الكريم به

وقال بعضهم: إنما قيل له: {صادق الوعد} لأنه قال لأبيه: {ستجدني إن شاء الله من الصابرين} فصدق في ذلك، فصدق الوعد من الصفات الحميدة كما أن خلفه من الصفات الذميمة، قال الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون * كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون} وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا أؤتمن خان» ولما كانت هذه صفات المنافقين، كان التلبس بضدها من صفات المؤمنين، ولهذا أثنى الله على عبده ورسوله إسماعيل بصدق الوعد، وكذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم صادق الوعد أيضاً لا يعد أحداً شيئاً إلا وفى له به، وقد أثنى على أبي العاص بن الربيع زوج ابنته زينب، فقال: «حدثني فصدقني، ووعدني فوفى لي» ولما توفي النبي صلى الله عليه وسلم قال الخليفة أبو بكر الصديق من كان له عند رسول الله صلى الله عليه وسلم عدة أو دين فليأتني أنجز له، فجاء جابر بن عبد الله فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لو قد جاء مال البحرين أعطيتك هكذا وهكذا وهكذا» يعني ملء كفيه، فلما جاء مال البحرين أمر الصديق جابراً فغرف بيديه من المال، ثم أمره بعده فإذا هو خمسمائة درهم فأعطاه مثليها معها

وقوله: {وكان رسولاً نبياً} في هذا دلالة على شرف إسماعيل على أخيه إسحاق، لأنه إنما وصف بالنبوة فقط، وإسماعيل وصف بالنبوة والرسالة. وقد ثبت في صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله اصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل» وذكر تمام الحديث، فدل على صحة ما قلناه. وقوله: {وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة وكان عند ربه مرضياً} هذا أيضاً من الثناء الجميل والصفة الحميدة، والخلة السديدة، حيث كان مثابراً على طاعة ربه عز وجل، آمراً بها لأهله، كما قال تعالى لرسوله: {وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها} الاَية، وقال: {يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون} أي مروهم بالمعروف وانهوهم عن المنكر ولا تدعوهم هملاً، فتأكلهم النار يوم القيامة، وقد جاء في الحديث عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «رحم الله رجلاً قام من الليل فصلى وأيقظ امرأته، فإن أبت نضح في وجهها الماء. رحم الله امرأة قامت من الليل فصلت وأيقظت زوجها، فإن أبى نضحت في وجهه الماء» أخرجه أبو داود وابن ماجه. وعن أبي سعيد وأبي هريرة رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا استيقظ الرجل من الليل وأيقظ امرأته فصليا ركعتين، كتبا من الذاكرين الله كثيراً والذاكرات» رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه واللفظ له



وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنّهُ كَانَ صِدّيقاً نّبِيّاً * وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً



ذكر إدريس عليه السلام بالثناء عليه بأنه كان صديقاً نبياً، وأن الله رفعه مكاناً علياً، وقد تقدم في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر به في ليلة الإسراء وهو في السماء الرابعة. وقد روى ابن جرير ههنا أثراً غريباً عجيباً فقال: حدثني يونس بن عبد الأعلى، أنبأنا ابن وهب، أخبرني جرير بن حازم عن سليمان الأعمش عن شمر بن عطية عن هلال بن يساف قال: سأل ابن عباس كعباً وأنا حاضر فقال له: ما قول الله عز وجل لإدريس {ورفعناه مكاناً علياً} فقال كعب: أما إدريس، فإن الله أوحى إليه أني أرفع لك كل يوم مثل عمل جميع بني آدم، فأحب أن يزداد عملاً، فأتاه خليل له من الملائكة فقال له: إن الله أوحى إلي كذا وكذا، فكلم لي ملك الموت فليؤخرني حتى أزداد عملاً، فحمله بين جناحيه حتى صعد به إلى السماء، فلما كان في السماء الرابعة تلقاهم ملك الموت منحدراً، فكلم ملك الموت في الذي كلمه فيه إدريس، فقال: وأين إدريس ؟ فقال: هوذا على ظهري. قال ملك الموت: العجب، بعثت وقيل لي: اقبض روح إدريس في السماء الرابعة، فجعلت أقول: كيف أقبض روحه في السماء الرابعة وهو في الأرض ؟ فقبض روحه هناك، فذلك قول الله {ورفعناه مكاناً علياً} هذا من أخبار كعب الأحبار الإسرائيليات، وفي بعضه نكارة، والله أعلم

وقد رواه ابن أبي حاتم من وجه آخر عن ابن عباس أنه سأل كعباً فذكر نحو ما تقدم، غير أنه قال لذلك الملك: هل لك أن تسأله، يعني ملك الموت، كم بقي من أجلي لكي أزداد من العمل، وذكر باقيه وفيه: أنه لما سأله عما بقي من أجلي، قال: لا أدري حتى أنظر، فنظر ثم قال: إنك تسألني عن رجل ما بقي من عمره إلا طرفة عين، فنظر الملك تحت جناحه فإذا هو قد قبض عليه السلام وهو لا يشعر به، ثم رواه من وجه آخر عن ابن عباس أن إدريس كان خياطاً، فكان لا يغرز إبرة إلا قال: سبحان الله، فكان يمسي حين يمسي وليس في الأرض أحد أفضل عملاً منه، وذكر بقيته كالذي قبله أو نحوه

وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله: {ورفعناه مكاناً علياً} قال إدريس رفع ولم يمت كما رفع عيسى، وقال سفيان عن منصور عن مجاهد {ورفعناه مكاناً علياً} قال: السماء الرابعة، وقال العوفي عن ابن عباس {ورفعناه مكاناً علياً} قال: رفع إلى السماء السادسة فمات بها وهكذا قال الضحاك بن مزاحم وقال الحسن وغيره في قوله: {ورفعناه مكاناً علياً} قال: الجنة



أُولَـَئِكَ الّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مّنَ النّبِيّيْنَ مِن ذُرّيّةِ ءادَمَ وَمِمّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِن ذُرّيّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَآ إِذَا تُتْلَىَ عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرّحْمَـَنِ خَرّواْ سُجّداً وَبُكِيّاً

يقول تعالى: هؤلاء النبيون ـ وليس المراد المذكورين في هذه السورة فقط بل جنس الأنبياء عليهم السلام استطرد من ذكر الأشخاص إلى الجنس ـ {الذين أنعم الله عليهم من النبيين من ذرية آدم} الاَية، قال السدي وابن جرير رحمه الله. فالذي عنى به من ذرية آدم إدريس، والذي عنى به من ذرية من حملنا مع نوح إبراهيم والذي عنى به من ذرية إبراهيم إسحاق ويعقوب وإسماعيل، والذي عنى به من ذرية إسرائيل موسى وهارون وزكريا ويحيى وعيسى ابن مريم، قال ابن جرير: ولذلك فرق أنسابهم وإن كان يجمع جميعهم آدم، لأن فيهم من ليس من ولد من كان مع نوح في السفينة وهو إدريس، فإنه جد نوح (قلت) هذا هو الأظهر أن إدريس في عمود نسب نوح عليهما السلام، وقد قيل إنه من أنبياء بني إسرائيل أخذ من حديث الإسراء، حيث قال في سلامه على النبي صلى الله عليه وسلم : مرحباً بالنبي الصالح والأخ الصالح، ولم يقل والولد الصالح، كما قال آدم وإبراهيم عليهما السلام

وروى ابن أبي حاتم: حدثنا يونس، أنبأنا ابن وهب، أخبرني ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن عبد الله بن محمد أن إدريس أقدم من نوح، فبعثه الله إلى قومه فأمرهم أن يقولوا لا إله إلا الله، ويعملوا ما شاؤوا، فأبوا فأهلكهم الله عز وجل، ومما يؤيد أن المراد بهذه الاَية جنس الأنبياء أنها كقوله تعالى في سورة الأنعام: {وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه نرفع درجات من نشاء إن ربك حكيم عليم * ووهبنا له إسحاق ويعقوب كلاً هدينا ونوحاً هدينا من قبل ومن ذريته داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون وكذلك نجزي المحسنين * وزكريا ويحيى وعيسى وإلياس كل من الصالحين * وإسماعيل واليسع ويونس ولوطاً وكلاً فضلنا على العالمين * ومن آبائهم وذرياتهم وإخوانهم واجتبيناهم وهديناهم إلى صراط مستقيم * ـ إلى قوله ـ أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده} وقال سبحانه وتعالى: {منهم من قصصنا عليك ومنهم من لم نقصص عليك}. وفي صحيح البخاري عن مجاهد أنه سأل ابن عباس: أفي {ص} سجدة ؟ فقال: نعم، ثم تلا هذه الاَية: {أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده} فنبيكم ممن أمر أن يقتدي بهم، قال: وهو منهم، يعني داود. وقال الله تعالى في هذه الاَية الكريمة: {إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجداً وبكياً} أي إذا سمعوا كلام الله المتضمن حججه ودلائله وبراهينه، سجدوا لربهم خضوعاً واستكانة وحمداً وشكراً على ما هم فيه من النعم العظيمة، والبكي جمع باك، فلهذا أجمع العلماء على شرعية السجود ههنا اقتداء بهم واتباعاً لمنوالهم. قال سفيان الثوري عن الأعمش عن إبراهيم عن أبي معمر قال: قرأ عمر بن الخطاب رضي الله عنه سورة مريم، فسجد وقال: هذا السجود فأين البكي ؟ يريد البكاء، رواه ابن أبي حاتم وابن جرير، وسقط من رواته ذكر أبي معمر فيما رأيت، فالله أعلم



فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُواْ الصّلاَةَ وَاتّبَعُواْ الشّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقُونَ غَيّاً * إِلاّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَأُوْلَـَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ شَيْئاً



لما ذكر تعالى حزب السعداء وهم الأنبياء عليهم السلام، ومن اتبعهم من القائمين بحدود الله وأوامره، المؤدين فرائض الله التاركين لزواجره، ذكر أنه {خلف من بعدهم خلف} أي قرون أخر {أضاعوا الصلاة} وإذا أضاعوها فهم لما سواها من الواجبات أضيع، لأنها عماد الدين وقوامه وخير أعمال العباد، وأقبلوا على شهوات الدنيا وملاذها ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها، فهؤلاء سيلقون غياً، أي خساراً يوم القيامة، وقد اختلفوا في المراد بإضاعة الصلاة ههنا فقال قائلون: المراد بإضاعتها تركها بالكلية، قاله محمد بن كعب القرظي وابن زيد بن أسلم والسدي، واختاره ابن جرير ولهذا ذهب من ذهب من السلف والخلف والأئمة كما هو المشهور عن الإمام أحمد، وقول عن الشافعي إلى تكفير تارك الصلاة للحديث «بين العبد وبين الشرك ترك الصلاة». والحديث الاَخر «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر» وليس هذا محل بسط هذه المسألة

وقال الأوزاعي عن موسى بن سليمان عن القاسم بن مخيمرة في قوله: {فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة} قال: أي أضاعوا المواقيت ولو كان تركاً كان كفراً. وقال وكيع عن المسعودي عن القاسم بن عبد الرحمن والحسن بن سعد عن ابن مسعود أنه قيل له: إن الله يكثر ذكر الصلاة في القرآن {الذين هم عن صلاتهم ساهون} و{على صلاتهم دائمون} و{على صلاتهم يحافظون} فقال ابن مسعود: على مواقيتها. قالوا: ما كنا نرى ذلك إلا على الترك، قال ذلك الكفر، قال مسروق: لا يحافظ أحد على الصلوات الخمس فيكتب من الغافلين، وفي إفراطهن الهلكة، وإفراطهن إضاعتهن عن وقتهن، وقال الأوزاعي عن إبراهيم بن يزيد: أن عمر بن عبد العزيز قرأ: {فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غياً} ثم قال: لم تكن إضاعتهم تركها ولكن أضاعوا الوقت، وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد {فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات} قال: عند قيام الساعة وذهاب صالحي أمة محمد صلى الله عليه وسلم ينزو بعضهم على بعض في الأزقة، وكذا روى ابن جريج عن مجاهد مثله، وروى جابر الجعفي عن مجاهد وعكرمة وعطاء بن أبي رباح أنهم من هذه الأمة، يعنون في آخر الزمان

وقال ابن جرير: حدثني الحارث، حدثنا الحسن الأشيب، حدثنا شريك عن إبراهيم بن مهاجر عن مجاهد {فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات} قال: هم في هذه الأمة يتراكبون تراكب الأنعام والحمر في الطرق، لا يخافون الله في السماء، ولا يستحيون من الناس في الأرض وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أحمد بن سنان الواسطي، حدثنا أبو عبد الرحمن المقري، حدثنا حيوة، حدثنا بشير بن أبي عمرو الخولاني أن الوليد بن قيس حدثه أنه سمع أبا سيعد الخدري يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «يكون خلف بعد ستين سنة أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات، فسوف يلقون غياً، ثم يكون خلف يقرؤون القرآن لا يعدو تراقيهم، ويقرأ القرآن ثلاثة: مؤمن، ومنافق وفاجر» وقال بشير: قلت للوليد: ما هؤلاء الثلاثة ؟ قال: المؤمن مؤمن به، والمنافق كافر به. والفاجر يأكل به» وهكذا رواه أحمد عن أبي عبد الرحمن المقري به

وقال ابن أبي حاتم أيضاً: حدثني أبي، حدثنا إبراهيم بن موسى، أنبأنا عيسى بن يونس، حدثنا عبيد الله بن عبد الرحمن بن وهب عن مالك عن أبي الرجال أن عائشة كانت ترسل بالشيء صدقة لأهل الصفة، وتقول: لا تعطوا منه بربرياً، ولا بربرية، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «هم الخلف الذين قال الله تعالى فيهم: فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة» هذا الحديث غريب. وقال أيضاً: حدثني أبي، حدثنا عبد الرحمن بن الضحاك، حدثنا الوليد حدثنا حريز عن شيخ من أهل المدينة أنه سمع محمد بن كعب القرظي يقول في قول الله: {فخلف من بعدهم خلف} الاَية، قال: هم أهل الغرب يملكون وهم شر من ملك

وقال كعب الأحبار: والله إني لأجد صفة المنافقين في كتاب الله عز وجل: شرّابين للقهوات، ترّاكين للصّلوات، لعّابين بالكعبات، رقّادين عن العتمات، مفرطين في الغدوات، ترّاكين للجماعات، قال: ثم تلا هذه الاَية {فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غياً} وقال الحسن البصري: عطلوا المساجد ولزموا الضيعات. وقال أبو الأشهب العطاردي: أوحى الله إلى داود عليه السلام: يا داود حذر وأنذر أصحابك أكل الشهوات، فإن القلوب المعلقة بشهوات الدنيا عقولها عني محجوبة، وإن أهون ما أصنع بالعبد من عبيدي إذا آثر شهوة من شهواته أن أحرمه من طاعتي

وقال الإمام أحمد: حدثنا زيد بن الحباب، حدثنا أبو السمح التميمي عن أبي قبيل أنه سمع عقبة بن عامر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إني أخاف على أمتي اثنتين: القرآن، واللبن» أما اللبن فيتبعون الريف ويتبعون الشهوات ويتركون الصلاة، أما القرآن فيتعلمه المنافقون فيجادلون به المؤمنين، ورواه عن حسن بن موسى عن ابن لهيعة: حدثنا أبو قبيل عن عقبة به، مرفوعاً بنحوه، تفرد به

وقوله: {فسوف يلقون غياً} قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {فسوف يلقون غياً} أي خسراناً، وقال قتادة: شراً، وقال سفيان الثوري وشعبة ومحمد بن إسحاق عن أبي إسحاق السبيعي عن أبي عبيدة، عن عبد الله بن مسعود {فسوف يلقون غياً} قال: واد في جهنم بعيد القعر، خبيث الطعم. وقال الأعمش عن زياد عن أبي عياض في قوله: {فسوف يلقون غياً} قال: واد في جهنم من قيح ودم. وقال الإمام أبو جعفر بن جرير: حدثني عباس بن أبي طالب، حدثنا محمد بن زياد، حدثنا شرقي بن قطامي عن لقمان بن عامر الخزاعي قال: جئت أبا أمامة صدي بن عجلان الباهلي، فقلت: حدثنا حديثاً سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فدعا بطعام، ثم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لو أن صخرة زنة عشر أواق قذف بها من شفير جهنم ما بلغت قعرها خمسين خريفاً، ثم تنتهي إلى غي وآثام» قال: قلت ماغي وآثام ؟ قال: قال: «بئران في أسفل جهنم يسيل فيهما صديد أهل النار» وهما اللذان ذكرهما الله في كتابه {أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غياً} وقوله في الفرقان: {ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاماً} هذا حديث غريب ورفعه منكر

وقوله: {إلا من تاب وآمن وعمل صالحاً} أي إلا من رجع عن ترك الصلوات واتباع الشهوات، فإن الله يقبل توبته ويحسن عاقبته ويجعله من ورثة جنة النعيم، ولهذا قال: {فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون شيئاً} وذلك لأن التوبة تجبّ ما قبلها، وفي الحديث الاَخر «التائب من الذنب كمن لاذنب له» ولهذا لا ينقص هؤلاء التائبون من أعمالهم التي عملوها شيئاً، ولا قوبلوا بما عملوه قبلها فينقص لهم مما عملوه بعدها، لأن ذلك ذهب هدراً وترك نسياً، وذهب مجاناً من كرم الكريم وحلم الحليم، وهذا الاستثناء ههنا كقوله في سورة الفرقان: {والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ـ إلى قوله ـ وكان الله غفوراً رحيماً}



جَنّاتِ عَدْنٍ الّتِي وَعَدَ الرّحْمَـَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ إِنّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيّاً * لاّ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً إِلاّ سَلاَماً وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيّاً * تِلْكَ الْجَنّةُ الّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيّاً



يقول تعالى: الجنات التي يدخلها التائبون من ذنوبهم هي جنات عدن، أي إقامة التي وعد الرحمن عباده بظهر الغيب، أي هي من الغيب الذي يؤمنون به وما رأوه، وذلك لشدة إيقانهم وقوة إيمانهم. وقوله: {إنه كا وعده مأتياً} تأكيد لحصول ذلك وثبوته واستقراره، فإن الله لا يخلف الميعاد ولا يبدله، كقوله: {كان وعده مفعولاً} أي كائناً لا محالة، وقوله ههنا: {مأتياً} أي العباد صائرون إليه وسيأتونه، ومنهم من قال {مأتياً} بمعنى آتياً، لأن كل ما أتاك فقد أتيته، كما تقول العرب: أتت علي خمسون سنة، وأتيت على خمسين سنة، كلاهما بمعنى واحد

وقوله: {لا يسمعون فيها لغواً} أي هذه الجنات ليس فيها كلام ساقط تافه لا معنى له كما قد يوجد في الدنيا. وقوله: {إلا سلاماً} استثناء منقطع كقوله: {لا يسمعون فيها لغواً ولا تأثيماً إلا قيلاً سلاماً سلاماً} وقوله: {ولهم رزقهم فيها بكرة وعشياً} أي في مثل وقت البكرات ووقت العشيات لا أن هناك ليلاً ونهاراً، ولكنهم في أوقات تتعاقب يعرفون مضيها بأضواء وأنوار، كما قال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر عن همام عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أول زمرة تلج الجنة صورهم على صورة القمر ليلة البدر لا يبصقون فيها، ولا يتمخطون فيها. ولايتغوطون، آنيتهم وأمشاطهم الذهب والفضة ومجامرهم الألوّة ورشحهم المسك ولكل واحد منهم زوجتان، يرى مخ ساقها من وراء اللحم من الحسن، لا اختلاف بينهم ولا تباغض، قلوبهم على قلب رجل واحد، يسبحون الله بكرة وعشيا» أخرجاه في الصحيحين من حديث معمر به

وقال الإمام أحمد: حدثنا يعقوب، حدثنا أبي عن ابن إسحاق، حدثنا الحارث بن فضيل الأنصاري عن محمود بن لبيد الأنصاري، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «الشهداء على بارق نهر بباب الجنة في قبة خضراء، يخرج عليهم رزقهم من الجنة بكرة وعشياً» تفرد به أحمد من هذا الوجه. وقال الضحاك عن ابن عباس {ولهم رزقهم فيها بكرة وعشياً} قال: مقادير الليل والنهار

وقال ابن جرير: حدثنا علي بن سهم، حدثنا الوليد بن مسلم قال: سألت زهير بن محمد عن قول الله تعالى: {ولهم رزقهم فيها بكرة وعشياً} قال: ليس في الجنة ليل، هم في نور أبداً ولهم مقدار الليل والنهار، ويعرفون مقدار الليل بإرخاء الحجب وإغلاق الأبواب، ويعرفون مقدار النهار برفع الحجب وبفتح الأبواب، وبهذا الإسناد عن الوليد بن مسلم عن خليد عن الحسن البصري، وذكر أبواب الجنة فقال: أبواب يرى ظاهرها من باطنها فتكلم وتكلم فَتُهمْهِمُ، انفتحي انغلقي فتفعل، وقال قتادة في قوله: {ولهم رزقهم فيها بكرة وعشياً} فيها ساعتان بكرة وعشي، ليس ثم ليل ولا نهار، وإنما هو ضوء ونور، وقال مجاهد: ليس بكرة ولا عشي، ولكن يؤتون به على ما كانوا يشتهون في الدنيا

وقال الحسن وقتادة وغيرهما: كانت العرب الأنعم فيهم من يتغدى ويتعشى، فنزل القرآن على ما في أنفسهم من النعيم فقال تعالى: {ولهم رزقهم فيها بكرة وعشياً} وقال ابن مهدي عن حماد بن زيد عن هشام عن الحسن {ولهم رزقهم فيها بكرة وعشياً} قال: البكور يرد على العشي، والعشي يرد على البكور، ليس فيها ليل. وقال ابن أبي حاتم: حدثنا علي بن الحسين، حدثنا سليم بن منصور بن عمار، حدثني أبي حدثني محمد بن زياد قاضي أهل شمشاط عن عبد الله بن حدير عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما من غداة من غدوات الجنة وكل الجنة غدوات، إلا أنه يزف إلى ولي الله، فيها زوجة من الحور العين أدناهن التي خلقت من الزعفران» قال أبو محمد: هذا حديث غريب منكر

وقوله: {تلك الجنة التي نورث من عبادنا من كان تقياً} أي هذه الجنة التي وصفنا بهذه الصفات العظيمة، هي التي نورثها عبادنا المتقين، وهم المطيعون لله عز وجل في السراء والضراء، والكاظمون الغيظ، والعافون عن الناس، وكما قال تعالى في أول سورة المؤمنين {قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون} إلى أن قال: {أولئك هم الوارثون الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون}



وَمَا نَتَنَزّلُ إِلاّ بِأَمْرِ رَبّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا كَانَ رَبّكَ نَسِيّاً * رّبّ السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً



قال الإمام أحمد: حدثنا يعلى ووكيع قالا: حدثنا عمر بن ذر عن أبيه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لجبرائيل: «ما يمنعك أن تزورنا أكثر مما تزورنا ؟» قال: فنزلت {وما نتنزل إلا بأمر ربك} إلى آخر الاَية

انفرد بإخراجه البخاري فرواه عند تفسير هذه الاَية عن أبي نعيم عن عمر بن ذر به ورواه ابن أبي حاتم وابن جرير من حديث عمر بن ذر به وعندهما زيادة في آخر الحديث فكان ذلك الجواب لمحمد صلى الله عليه وسلم وقال العوفي عنابن عباس احتبس جبرائيل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجد رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك وحزن فأتاه جبريل وقال: يا محمد {وما نتنزل إلا بأمر ربك} الاَية

وقال مجاهد لبث جبرائيل عن محمد صلى الله عليه وسلم اثنتي عشرة ليلة، ويقولون أقل، فلما جاءه قال: «يا جبرائيل لقد لبثت علي حتى ظن المشركون كل ظن» فنزلت {وما نتنزل إلا بأمر ربك} الاَية. قال: وهذه الاية كالتي في الضحى، وكذلك قال الضحاك بن مزاحم وقتادة والسدي وغير واحد: إنها نزلت في احتباس جبرائيل. وقال الحكم بن أبان عن عكرمة قال: أبطأ جبرائيل النزول على النبي صلى الله عليه وسلم : أربعين يوماً، ثم نزل، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم «ما نزلت حتى اشتقت إليك» فقال له جبريل: بل أنا كنت إليك أشوق ولكني مأمور، فأَوحى الله إلى جبرائيل أن قل له {وما نتنزل إلا بأمر ربك} الاَية، ورواه ابن أبي حاتم رحمه الله وهو غريب

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أحمد بن سنان، حدثنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش عن مجاهد قال: أبطأت الرسل على النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم أتاه جبريل فقال له «ما حبسك يا جبريل ؟» فقال له جبريل: وكيف نأتيكم وأنتم لا تقصون أظفاركم، ولا تنقون براجمكم، ولا تأخذون شواربكم، ولا تستاكون. ثم قرأ {وما نتنزل إلا بأمر ربك} إلى آخر الاَية. وقد قال الطبراني: حدثنا أبو عامر النحوي، حدثنا محمد بن إبراهيم الصوري، حدثنا سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي، حدثنا إسماعيل بن عياش، أخبرني ثعلبة بن مسلم عن أبي كعب مولى ابن عباس، عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أن جبرائيل أبطأ عليه فذكر له ذلك، فقال: وكيف وأنتم لا تستنون، ولا تقلمون أظفاركم، ولا تقصون شواربكم، ولا تنقون براجمكم ؟ وهكذا رواه الإمام أحمد عن أبي اليمان عن إسماعيل بن عياش عن ابن عباس بنحوه

وقال الإمام احمد: حدثنا سيار، حدثنا جعفر بن سليمان، حدثنا المغيرة بن حبيب عن مالك بن دينار، حدثني شيخ من أهل المدينة عن أم سلمة قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أصلحي لنا المجلس فإنه ينزل ملك إلى الأرض لم ينزل إليها قط» وقوله: {له ما بين أيدينا وما خلفنا} قيل: المراد ما بين أيدينا أمر الدنيا، وما خلفنا أمر الاَخرة، {وما بين ذلك} ما بين النفختين، هذا قول أبي العالية وعكرمة ومجاهد وسعيد بن جبير وقتادة في رواية عنهما، والسدي والربيع بن أنس، وقيل: {ما بين أيدينا} ما يستقبل من أمر الاَخرة {وما خلفنا} أي ما مضى من الدنيا {وما بين ذلك} أي ما بين الدنيا والاَخرة، ويروى نحوه عن ابن عباس وسعيد بن جبير والضحاك وقتادة وابن جريج والثوري، واختاره ابن جرير أيضاً، والله اعلم

وقوله: {وما كان ربك نسياً} قال مجاهد معناه ما نسيك ربك، وقد تقدم عنه أن هذه الاَية كقوله: {والضحى والليل إذا سجى ما ودعك ربك وما قلى}. وقال ابن أبي حاتم: حدثنا يزيد بن محمد بن عبد الصمد الدمشقي، حدثنا محمد بن عثمان يعني أبا الجماهر، حدثنا إسماعيل بن عياش، حدثنا عاصم بن رجاء بن حيوة عن أبيه عن أبي الدرداء يرفعه قال «ما أحل الله في كتابه فهو حلال، وما حرمه فهو حرام، وما سكت عنه فهو عافية فاقبلوا من الله عافيته، فإن الله لم يكن لينسى شيئاً» ثم تلا هذه الاية {وما كان ربك نسياً} وقوله: {رب السموات والأرض وما بينهما} أي خالق ذلك ومدبره والحاكم فيه والمتصرف الذي لا معقب لحكمه {فاعبده واصطبر لعبادته هل تعلم له سمياً} قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: هل تعلم للرب مثلاً أو شبيهاً، وكذلك قال مجاهد وسعيد بن جبير وقتادة وابن جريج وغيرهم. وقال عكرمة عن ابن عباس: ليس أحد يسمى الرحمن غيره تبارك وتعالى وتقدس اسمه



وَيَقُولُ الإِنْسَانُ أَإِذَا مَا مِتّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيّاً * أَوَلاَ يَذْكُرُ إلإِنْسَانُ أَنّا خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً * فَوَرَبّكَ لَنَحْشُرَنّهُمْ وَالشّيَاطِينَ ثُمّ لَنُحْضِرَنّهُمْ حَوْلَ جَهَنّمَ جِثِيّاً * ثُمّ لَنَنزِعَنّ مِن كُلّ شِيعَةٍ أَيّهُمْ أَشَدّ عَلَى الرّحْمَـَنِ عِتِيّاً * ثُمّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالّذِينَ هُمْ أَوْلَىَ بِهَا صِلِيّاً
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://abubaker.jordanforum.net
 
تفسير سورة مريم 3
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  تفسير سورة مريم 4
»  تفسير سورة مريم 2
»  تفسير سورة مريم 1
» {كهيعص(1)}– تفسير سورة مريم
» تفسير سورة مريم - من آية 1 - نهاية الآية 33

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الأصدقاء :: هدايات وإرشادات وتوجيهات إسلامية :: تفسير القران الكريم "ابن كثير" قراءة وتصفح ومواقع وروابط-
انتقل الى: