يَنِسَآءَ النّبِيّ لَسْتُنّ كَأَحَدٍ مّنَ النّسَآءِ إِنِ اتّقَيْتُنّ فَلاَ تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مّعْرُوفاً * وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنّ وَلاَ تَبَرّجْنَ تَبَرّجَ الْجَاهِلِيّةِ الاُولَىَ وَأَقِمْنَ الصّلاَةَ وَآتِينَ الزّكَـاةَ وَأَطِعْنَ اللّهَ وَرَسُولَهُ إِنّمَا يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُـمُ الرّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهّرَكُمْ تَطْهِيــراً * وَاذْكُـرْنَ مَا يُتْـلَىَ فِي بُيُوتِكُـنّ مِنْ آيَاتِ اللّهِ وَالْحِكْــمَةِ إِنّ اللّهَ كَانَ لَطِيفاً خَبِيراً
هذه آداب أمر الله تعالى بها نساء النبي صلى الله عليه وسلم ونساء الأمة تبع لهن في ذلك، فقال تعالى مخاطباً لنساء النبي صلى الله عليه وسلم بأنهن إِذا اتقين الله عز وجل كما أمرهن، فإِنه لا يشبههن أحد من النساء ولا يلحقهن في الفضيلة والمنزلة، ثم قال تعالى: {فلا تخضعن بالقول} قال السدي وغيره: يعني بذلك ترقيق الكلام إِذا خاطبن الرجال، ولهذا قال تعالى: {فيطمع الذي في قلبه مرض} أي دغل {وقلن قولاً معروفاً} قال ابن زيد: قولاً حسناً جميلاً معروفاً في الخير، ومعنى هذا أنها تخاطب الأجانب بكلام ليس فيه ترخيم، أي لاتخاطب المرأة الأجانب كما تخاطب زوجها
وقوله تعالى: {وقرن في بيوتكن} أي الزمن فلا تخرجن لغير حاجة، ومن الحوائج الشرعية الصلاة في المسجد بشرطه كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لا تمنعوا إِماء الله مساجد الله وليخرجن وهن تفلات» وفي رواية «وبيوتهن خير لهن». وقال الحافظ أبو بكر البزار: حدثنا حميد بن مسعدة، حدثنا أبو رجاء الكلبي روح بن المسيب ثقة، حدثنا ثابت البناني عن أنس رضي الله عنه قال: جئن النساء إِلى رسول الله فقلن: يارسول الله ذهب الرجال بالفضل والجهاد في سبيل الله تعالى، فما لنا عمل ندرك به عمل المجاهدين في سبيل الله تعالى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «من قعدت ـ أو كلمة نحوها ـ منكن في بيتها، فإِنها تدرك عمل المجاهدين في سبيل الله تعالى» ثم قال: لا نعلم رواه عن ثابت إِلا روح بن المسيب، وهو رجل من أهل البصرة مشهور
وقال البزار أيضاً: حدثنا محمد المثنى، حدثني عمرو بن عاصم، حدثنا همام عن قتادة عن مورّق عن أبي الأحوص عن عبد الله رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِن المرأة عورة، فإِذا خرجت استشرفها الشيطان وأقرب ما تكون بروحة ربها وهي في قعر بيتها» رواه الترمذي عن بندار عن عمرو بن عاصم به نحوه. وروى البزار بإِسناده المتقدم وأبو داوود أيضاً عن النبي صلى الله عليه وسلم قال «صلاة المرأة في مخدعها أفضل من صلاتها في بيتها، وصلاتها في بيتها أفضل من صلاتها في حجرتها» وهذا إِسناد جيد
وقوله تعالى: {ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى} قال مجاهد: كانت المرأة تخرج تمشي بين يدي الرجال، فذلك تبرج الجاهلية. وقال قتادة {ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى} يقول: إِذا خرجتن من بيوتكن وكانت لهن مشية وتكسر وتغنج، فنهى الله تعالى عن ذلك، وقال مقاتل بن حيان {ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى} والتبرج أنها تلقي الخمار على رأسها ولا تشده، فيواري قلائدها وقرطها وعنقها، ويبدو ذلك كله منها، وذلك التبرج، ثم عمت نساء المؤمنين في التبرج
وقال ابن جرير: حدثني ابن زهير، حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا داود ابن أبي الفرات، حدثنا علي بن أحمر عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: تلا هذه الاَية {ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى} قال: كانت فيما بين نوح وإِدريس، وكانت ألف سنة، وإِن بطنين من ولد آدم كان أحدهما يسكن السهل والاَخر يسكن الجبل، وكان رجال الجبل صباحاً، وفي النساء دمامة. وكان نساء السهل صباحاً وفي الرجال دمامة، وإِن إِبليس لعنه الله أتى رجلاً من أهل السهل في صورة غلام، فآجر نفسه منه فكان يخدمه، فاتخذ إِبليس شيئاً من مثل الذي يرمز فيه الرعاء، فجاء فيه بصوت لم يسمع الناس مثله، فبلغ ذلك من حوله فانتابوهم يسمعون إِليه، واتخذوا عيداً يجتمعون إِليه في السنة، فيتبرج النساء للرجال، قال ويتزين الرجال لهن، وإِن رجلاً من أهل الجبل هجم عليهم في عيدهم ذلك، فرأى النساء وصباحتهن، فأتى أصحابه فأخبرهم بذلك، فتحولوا إِليهن فنزلوا معهن، وظهرت الفاحشة فيهن، فهو قول الله تعالى: {ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى}
وقوله تعالى: {وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله} نهاهن أولاً عن الشر ثم أمرهن بالخير من إِقامة الصلاة وهي عبادة الله وحده لا شريك له، وإِيتاء الزكاة وهي الإحسان إِلى المخلوقين {وأطعن الله ورسوله} وهذا من باب عطف العام على الخاص. وقوله تعالى: {إِنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً} وهذا نص في دخول أزواج النبي صلى الله عليه وسلم في أهل البيت ههنا، لأنهن سبب نزول هذه الاَية وسبب النزول داخل فيه قولاً واحداً إِما وحده على قول أو مع غيره على الصحيح. وروى ابن جرير عن عكرمة أنه كان ينادي في السوق {إِنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً} نزلت في نساء النبي صلى الله عليه وسلم خاصة. وهكذا روى ابن أبي حاتم قال: حدثنا علي بن حرب الموصلي، حدثنا زيد بن الحبّاب حدثنا حسين بن واقد عن يزيد النحوي عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت} قال: نزلت في نساء النبي صلى الله عليه وسلم خاصة. وقال عكرمة: من شاء باهلته أنها نزلت في شأن نساء النبي صلى الله عليه وسلم ، فإِن كان المراد أنهن كن سبب النزول دون غيرهن فصحيح، وإِن أريد أنهن المراد فقط دون غيرهن ففيه نظر، فإِنه قد وردت أحاديث تدل على أن المراد أعم من ذلك
الحديث الأول: : قال الإمام أحمد: حدثنا عفان، حدثنا حماد، أخبرنا علي بن زيد عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: إِن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمر بباب فاطمة رضي الله عنها ستة أشهر إِذا خرج إِلى صلاة الفجر يقول: «الصلاة ياأهل البيت، إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً» رواه الترمذي عن عبد بن حميد عن عفان به. وقال: حسن غريب
حديث آخر : قال ابن جرير: حدثنا ابن وكيع، حدثنا أبو نعيم، حدثنا يونس عن أبي إِسحاق، أخبرني أبو داود عن أبي الحمراء قال: رابطت المدينة سبعة أشهر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إِذا طلع الفجر جاء إِلى باب علي وفاطمة رضي الله عنهما، فقال: «الصلاة الصلاة، إِنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً» أبو داود الأعمى هو نفيع بن الحارث كذاب
حديث آخر : وقال الإمام أحمد أيضاً: حدثنا محمد بن مصعب، حدثنا الأوزاعي، حدثنا شداد أبو عمار قال: دخلت على واثلة بن الأسقع رضي الله عنه. وعنده قوم، فذكروا علياً رضي الله عنه فشتموه، فشتمه معهم، فلما قاموا قال لي: شتمت هذا الرجل ؟ قلت: قد شتموه فشتمته معهم، ألا أخبركم بما رأيت من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قلت: بلى ، قال: أتيت فاطمة رضي الله عنها أسألها عن علي رضي الله عنه، فقالت: توجه إِلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلست أنتظره حتى جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه علي وحسن وحسين رضي الله عنهم، آخذ كل واحدٍ منهما بيده حتى دخل فأدنى علياً وفاطمة رضي الله عنهما، وأجلسهما بين يديه، وأجلس حسناً وحسيناً رضي الله عنهما كل واحد منها على فخذه، ثم لف عليهم ثوبه أو قال كساءه، ثم تلا صلى الله عليه وسلم هذه الاَية {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً} وقال: «اللهم هؤلاء أهل بيتي، وأهل بيتي أحق»
وقد رواه أبو جعفر بن جرير عن عبد الكريم بن أبي عمير عن الوليد بن مسلم، عن أبي عمرو الأوزاعي بسنده نحوه، زاد في آخره قال واثلة رضي الله عنه: فقلت وأنا ـ يارسول الله صلى الله عليك ـ من أهلك ؟ قال صلى الله عليه وسلم : «وأنت من أهلي» قال واثلة رضي الله عنه: وإِنها من أرجى ماأرتجي، ثم رواه أيضاً عن عبد الأعلى بن واصل عن الفضل بن دكين، عن عبد السلام بن حرب عن كلثوم المحاربي عن شداد بن أبي عمار قال: إِني لجالس عند واثلة بن الأسقع رضي الله عنه، إِذ ذكروا علياً رضي الله عنه فشتموه، فلما قاموا قال: اجلس حتى أخبرك عن هذا الذي شتموه إِني عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إِذ جاء علي وفاطمة وحسن وحسين رضي الله عنهم، فألقى صلى الله عليه وسلم عليهم كساء له ثم قال لهم: «اللهم هؤلاء أهل بيتي، اللهم أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً» قلت: يارسول الله وأنا ؟ قال صلى الله عليه وسلم : «وأنت» قال: فوالله إِنها لأوثق عمل عندي
حديث آخر : قال الإمام أحمد: حدثنا عبد الله بن نمير، حدثنا عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء بن أبي رباح، حدثني من سمع أم سلمة رضي الله عنها تذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في بيتها، فأتته فاطمة رضي الله عنها ببرمة فيها خزيرة، فدخلت عليه بها فقال صلى الله عليه وسلم لها: «ادعي زوجك وابنيك» قالت: فجاء علي وحسن وحسين رضي الله عنهم، فدخلوا عليه فجلسوا يأكلون من تلك الخزيرة وهو على منامة له، وكان تحته صلى الله عليه وسلم كساء خيبري، قالت: وأنا في الحجرة أصلي، فأنزل الله عز وجل هذه الاَية {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً} قالت رضي الله عنها: فأخذ صلى الله عليه وسلم فضل الكساء فغطاهم به، ثم أخرج يده فألوى بها إِلى السماء ثم قال: «اللهم هؤلاء أهل بيتي وخاصتي، فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً» قالت: فأدخلت رأسي البيت، فقلت: وأنا معكم يارسول الله ؟ فقال صلى الله عليه وسلم : «إِنك إِلى خير، إِنك إِلى خير» في إِسناده من لم يسم وهو شيخ عطاء، وبقية رجاله ثقات
طريق أخرى: قال ابن جرير: حدثنا أبو كريب، حدثنا مصعب بن المقداد، حدثنا سعيد بن زربي عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: جاءت فاطمة رضي الله عنها إِلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ببرمة لها قد صنعت فيها عصيدة، تحملها على طبق، فوضعتها بين يديه صلى الله عليه وسلم فقال: «أين ابن عمك وابناك ؟» فقالت رضي الله عنها في البيت، فقال صلى الله عليه وسلم : «ادعيهم» فجاءت إِلى علي رضي الله عنه فقالت: أجب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنت وابناك، قالت أم سلمة رضي الله عنها: فلما رآهم مقبلين مد صلى الله عليه وسلم يده إِلى كساء كان على المنامة، فمده وبسطه وأجلسهم عليه ثم أخذ بأطراف الكساء الأربعة بشماله، فضمه فوق رؤوسهم، وأومأ بيده اليمنى إِلى ربه فقال «اللهم هؤلاء أهل بيتي، فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً»
طريق أخرى: قال ابن جرير: حدثنا ابن حميد حدثنا عبد الله بن عبد القدوس، عن الأعمش عن حكيم بن سعد قال: ذكرنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه عند أم سلمة رضي الله عنها فقالت: في بيتي نزلت {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً} قالت أم سلمة: جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إِلى بيتي فقال: «لاتأذني لأحد» فجاءت فاطمة رضي الله عنها، فلم أستطع أن أحجبها عن أبيها، ثم جاء الحسن رضي الله عنه، فلم أستطع أن أمنعه أن يدخل على جده وأمه، ثم جاء الحسين فلم أستطع أن أحجبه عن جده صلى الله عليه وسلم وأمه رضي الله عنها ثم جاء علي رضي الله عنه، فلم أستطع أن أحجبه، فاجتمعوا فجللهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بكساء كان عليه، ثم قال: «هؤلاء أهل بيتي، فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً» فنزلت هذه الاَية حين اجتمعوا على البساط، قالت: فقلت: يارسول الله وأنا ؟ قالت: فوالله ماأنعم، وقال: «إِنك إِلى خير»
طريق أخرى: قال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا عوف عن أبي المعدل عن عطية الطفاوي عن أبيه قال: إِن أم سلمة رضي الله عنها حدثته قالت: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم : في بيتي يوماً إِذ قالت الخادم: إِن فاطمة وعلياً رضي الله عنهما بالسدة، قالت: فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم «قومي فتنحي عن أهل بيتي» قالت: فقمت فتنحيت في البيت قريباً، فدخل علي وفاطمة ومعهما الحسن والحسين رضي الله عنهم، وهما صبيان صغيران، فأخذ الصبيين فوضعهما في حجره فقبلهما، واعتنق علياً رضي الله عنه بإِحدى يديه، وفاطمة رضي الله عنها باليد الأخرى، وقبل فاطمة وقبل علياً: وأغدق عليهم خميصة سوداء، وقال «اللهم إِليك لا إِلى النار أنا وأهل بيتي» قالت: فقلت وأنا يارسول الله ؟ فقال صلى الله عليه وسلم : «وأنت»
طريق أخرى: قال ابن جرير: حدثنا أبو كريب حدثنا الحسن بن عطية، حدثنا فضيل بن مرزوق عن عطية عن أبي سعيد عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: إِن هذه الاَية نزلت في بيتي {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً} قالت: وأنا جالسة على باب البيت، فقلت: يارسول الله ألست من أهل البيت ؟ فقال صلى الله عليه وسلم : «إِنك إِلى خير، أنت من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم » قالت: وفي البيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلي وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم
طريق أخرى: رواها ابن جرير أيضاً عن أبي كريب عن وكيع عن عبد الحميد بن بهرام عن شهر بن حوشب عن أم سلمة رضي الله عنها
طريق أخرى: قال ابن جرير: حدثنا أبو كريب حدثنا خالد بن مخلد، حدثني موسى بن يعقوب، حدثني هاشم بن هاشم بن عتبة بن أبي وقاص، عن عبد الله بن وهب بن زمعة قال: أخبرتني أم سلمة رضي الله عنها قالت: إِن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع علياً وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم، ثم أدخلهم تحت ثوبه، ثم جأر إِلى الله عز وجل ثم قال: «هؤلاء أهل بيتي» قالت أم سلمة رضي الله عنها: فقلت يارسول الله أدخلني معهم، فقال صلى الله عليه وسلم : «أنت من أهلي»
طريق أخرى: رواها ابن جرير أيضاً عن أحمد بن محمد الطوسي، عن عبد الرحمن بن صالح، عن محمد بن سليمان الأصبهاني، عن يحيى بن عبيد المكي عن عطاء ، عن عمر بن أبي سلمة عن أمه رضي الله عنها بنحو ذلك
حديث آخر : قال ابن جرير: حدثنا وكيع محمد بن بشير عن زكريا عن مصعب بن شيبة عن صفية بنت شيبة قالت: قالت عائشة رضي الله عنها: خرج النبي صلى الله عليه وسلم ذات غداة وعليه مرطٌ مرحل من شعر أسود، فجاء الحسن رضي الله عنه فأدخله معه، ثم جاء الحسين فأدخله معه ثم جاءت فاطمة فأدخلها معه ثم جاء علي رضي الله عنه فأدخله معه، ثم قال صلى الله عليه وسلم : {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً} رواه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة عن محمد بن بشر به
طريق أخرى: قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا سريج بن يونس أبو الحارث، حدثنا محمد بن يزيد عن العوام يعني ابن حوشب رضي الله عنه عن عم له قال: دخلت مع أبي على عائشة رضي الله عنها فسألتها عن علي رضي الله عنه، فقالت رضي الله عنها: تسألني عن رجل من أحب الناس إِلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكانت تحته ابنته وأحب الناس إِليه ؟ لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا علياً وفاطمة وحسناً وحسيناً رضي الله عنهم، فألقى عليهم ثوباً فقال: «اللهم هؤلاء أهل بيتي، فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً» قالت: فدنوت منهم فقلت: يارسول الله، وأنا من أهل بيتك ؟ فقال صلى الله عليه وسلم : «تنحي فإِنك على خير»
حديث آخر : قال ابن جرير: حدثنا ابن المثنى، حدثنا بكر بن يحيى بن زبان العنزي، حدثنا مندل عن الأعمش عن عطية عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «نزلت هذه الاَية في خمسة: فيّ وفي علي وحسن وحسين وفاطمة {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً}» قد تقدم أن فضيل بن مرزوق رواه عن عطية عن أبي سعيد عن أم سلمة رضي الله عنها كما تقدم، وروى ابن أبي حاتم من حديث هارون بن سعد العجلي عن عطية عن أبي سعيد رضي الله عنه موقوفاً، والله سبحانه وتعالى أعلم
حديث آخر : قال ابن جرير: حدثنا ابن المثنى، حدثنا أبو بكر الحنفي، حدثنا بكير بن مسمار قال: سمعت عامر بن سعد رضي الله عنه قال: قال سعد رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين نزل عليه الوحي، فأخذ علياً وابنيه وفاطمة رضي الله عنهم، فأدخلهم تحت ثوبه ثم قال: «رب هؤلاء أهلي وأهل بيتي»
حديث آخر : وقال مسلم في صحيحه: حدثني زهير بن حرب وشجاع بن مخلد، عن ابن علية، قال زهير: حدثنا إِسماعيل بن إِبراهيم، حدثني أبو حيان حدثني يزيد بن حبان قال: انطلقت أنا وحصين بن سبرة وعمر بن مسلمة إِلى زيد بن أرقم رضي الله عنه، فلما جلسنا إِليه قال له حصين: لقد لقيت يازيد خيراً كثيراً رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وسمعت حديثه، وغزوت معه، وصليت خلفه، لقد لقيت يا زيد خيراً كثيراً. حدثنا يا زيد ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ياابن أخي والله لقد كبرت سني، وقدم عهدي، ونسيت بعض الذي كنت أعي من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فما حدثتكم فاقبلوا، ومالا فلا تكلفونيه، ثم قال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً خطيباً بماء يدعى خماً، بين مكة والمدينة، فحمد الله تعالى وأثنى عليه، ووعظ وذكر ثم قال: «أما بعد، ألا أيها الناس فإِنما أنا بشر يوشك أن يأتيني رسول ربي فأجيب، وأنا تارك فيكم ثقلين: أولهما كتاب الله تعالى، فيه الهدى والنور فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به» فحث على كتاب الله عز وجل ورغب فيه، ثم قال «وأهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي» ثلاثاً، فقال له حصين: ومن أهل بيته يازيد ؟ أليس نساؤه من أهل بيته ؟ قال: نساؤه من أهل بيته، ولكن أهل بيته من حرم الصدقة بعده، قال: ومن هم ؟ قال: هم آل علي وآل عقيل وآل جعفر وآل العباس رضي الله عنهم، قال: كل هؤلاء حرم الصدقة بعده ؟ قال: نعم
ثم رواه عن محمد بن بكار بن الريان عن حسان بن إِبراهيم عن سعيد بن مسروق عن يزيد بن حيان عن زيد بن أرقم رضي الله عنه، فذكر الحديث بنحو ما تقدم، وفيه فقلت له: من أهل بيته نساؤه ؟ قال: لا، وايم الله إِن المرأة تكون مع الرجل العصر من الدهر، ثم يطلقها فترجع إِلى أبيها،، أهل بيته أصله وعصبته الذين حرموا الصدقة بعده
هكذا وقع في هذه الرواية، والأولى أولى والأخذ بها أحرى. وهذه الثانية تحتمل أنه أراد تفسير الأهل المذكورين في الحديث الذي رواه، إِنما المراد بهم آله الذين حرموا الصدقة، أو أنه ليس المراد بالأهل الأزواج فقط، بل هم مع آله، وهذا الاحتمال أرجح جمعاً بينهما وبين الرواية التي قبلها، وجمعاً أيضاً بين القرآن والأحاديث المتقدمة إِن صحت، فإِن في بعض أسانيدها نظراً، والله أعلم، ثم الذي لا شك فيه من تدبر القرآن أن نساء النبي صلى الله عليه وسلم داخلات في قوله تعالى: {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً} فإِن سياق الكلام معهن، ولهذا قال تعالى بعد هذا كله: {واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة} أي واعملن بما ينزل الله تبارك وتعالى على رسوله صلى الله عليه وسلم في بيوتكن من الكتاب والسنة، قاله قتادة وغير واحد، واذكرن هذه النعمة التي خصصتن بها من بين الناس، أن الوحي ينزل في بيوتكن دون سائر الناس، وعائشة الصديقة بنت الصديق رضي الله عنهما أولاهن بهذه النعمة، وأحظاهن بهذه الغنيمة، وأخصهن من هذه الرحمة العميمة، فإِنه لم ينزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم الوحي في فراش امرأة سواها، كما نص على ذلك صلوات الله وسلامه عليه. قال بعض العلماء رحمه الله: لأنه لم يتزوج بكراً سواها، ولم ينم معها رجل في فراشها سواه صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنها، فناسب أن تخصص بهذه المزية، وأن تفرد بهذه المرتبة العليا، ولكن إِذا كان أزواجه من أهل بيته، فقرابته أحق بهذه التسمية، كما تقدم في الحديث «وأهل بيتي أحق». وهذا مايشبه ماثبت في صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما سئل عن المسجد الذي أسس على التقوى من أول يوم، فقال: «هو مسجدي هذا» فهذا من هذا القبيل، فإِن الاَية إِنما نزلت في مسجد قباء كما ورد في الأحاديث الأخر، ولكن إِذا كان ذاك أسس على التقوى من أول يوم، فمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى بتسميته بذلك، والله أعلم
وقد قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا أبو الوليد، حدثنا أبو عوانة عن حصين بن عبد الرحمن عن أبي جميلة قال: إِن الحسن بن علي رضي الله عنهما استخلف حين قتل علي رضي الله عنهما، قال: فبينما هو يصلي إِذ وثب عليه رجل فطعنه بخنجره، وزعم حصين أنه بلغه أن الذي طعنه رجل من بني أسد، وحسن رضي الله عنه ساجد. قال: فيزعمون أن الطعنة وقعت في وركه، فمرض منها أشهراً ثم برأ، فقعد على المنبر فقال: ياأهل العراق اتقوا الله فينا، فإِنا أمراؤكم وضيفانكم، ونحن أهل البيت الذي قال الله تعالى: {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً} قال فما زال يقولها حتى ما بقي أحد في المسجد إِلا وهو يحن بكاءً
وقال السدي عن أبي الديلم قال: قال علي بن الحسين رضي الله عنهما لرجل من الشام: أما قرأت في الأحزاب {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً} ؟ فقال: نعم، ولأنتم هم ؟ قال: نعم. وقوله تعالى: {إِن الله كان لطيفاً خبيراً} أي بلطفه بكن، بلغتن هذه المنزلة، وبخبرته بكن وأنكن أهل لذلك أعطاكن ذلك وخصكن بذلك. قال ابن جرير رحمه الله: واذكرن نعمة الله عليكن بأن جعلكن في بيوت تتلى فيها آيات الله والحكمة، فاشكرن الله تعالى على ذلك واحمدنه {إِن الله كان لطيفاً خبيراً} أي ذا لطف بكن، إِذ جعلكن في البيوت التي تتلى فيها آيات الله والحكمة، وهي السنة. خبيراً بكن إِذ اختاركن لرسوله وقال قتادة {واذكرن مايتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة} قال: يمتن عليهن بذلك، رواه ابن جرير. وقال عطية العوفي في قوله تعالى: {إِن الله كان لطيفاً خبيراً} يعني لطيفاً باستخراجها خبيراً بموضعها، رواه ابن أبي حاتم، ثم قال: وكذا روي عن الربيع بن أنس عن قتادة
إِنّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصّادِقِينَ وَالصّادِقَاتِ وَالصّابِرِينَ وَالصّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدّقِينَ وَالْمُتَصَدّقَاتِ والصّائِمِينَ والصّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِـظَاتِ وَالذّاكِـرِينَ اللّهَ كَثِيراً وَالذّاكِرَاتِ أَعَدّ اللّهُ لَهُم مّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً