منتدى الأصدقاء
{وَاللّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }يونس25
And God calls to the House of Peace and guides whom He wills to a Straight Path} Younis 25
نحن سعداء للمشاركة في (منتدى الأصدقاء)
We are pleased to join in ( Forum Friends )
يشرفنا تسجيلك
We are honored register you
إدارة المنتدى
Management of Forum

منتدى الأصدقاء
{وَاللّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }يونس25
And God calls to the House of Peace and guides whom He wills to a Straight Path} Younis 25
نحن سعداء للمشاركة في (منتدى الأصدقاء)
We are pleased to join in ( Forum Friends )
يشرفنا تسجيلك
We are honored register you
إدارة المنتدى
Management of Forum

منتدى الأصدقاء
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدى الأصدقاء
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

( أهلا وسهلا بكم في منتدى الأصدقاء Welcome to the forum Friends >> الرجاء تسجيل الدخول للتعرف على فضائل الأعمال التي يحبها الله Please log in to learn about the virtues of Business loved by God

المواضيع الأخيرة
» تعديل شاشة الكمبيوتر - الوضع الصحيح من المصنع - LG
تفسير سورة الرحمن 1 I_icon_minitimeالأحد نوفمبر 05, 2017 2:53 pm من طرف abubaker

»  إن كلمة “الله” هي علم على واجب الوجود. --- آية الكرسي
تفسير سورة الرحمن 1 I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:44 am من طرف abubaker

»  إن كلمة “الله” هي علم على واجب الوجود. --- آية الكرسي
تفسير سورة الرحمن 1 I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:44 am من طرف abubaker

»  إن كلمة “الله” هي علم على واجب الوجود -- آية الكرسي -- تابع ----
تفسير سورة الرحمن 1 I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:33 am من طرف abubaker

»  وكلمة (الله) عَلَمٌ على واجب الوجود؛ مَطمورة فيه كُلُّ صفات الكمال؛ / الرعد - ؛ فشاءتْ رحمتُه سبحانه أنْ سَهَّل لنا أن نفتتح أيَّ عمل باسمه الجامع لكل صفات الجمال والكمال (بسم الله الرحمن الرحيم). ولذلك يُسَمُّونه (عَلَمٌ على واجب الوجود).
تفسير سورة الرحمن 1 I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:18 am من طرف abubaker

» أما أسماء الله فحسنى؛ لأنها بلغتْ القمة في الكمال، ولأن الأسماء والصفات التي تنطبق عليها موجودة في الخالق الأعلى سبحانه
تفسير سورة الرحمن 1 I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:06 am من طرف abubaker

» وكلمة(اللهُ) عَلَم على واجب الوجود بكل صفات الكمال له - طه
تفسير سورة الرحمن 1 I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 3:57 am من طرف abubaker

» فاعمل لوجهه يكْفك كل الأوجه وتريح نفسك أن تتنازعك قوى شتى ومختلفة، ويُغنيك عن كل غنى.
تفسير سورة الرحمن 1 I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 3:51 am من طرف abubaker

» أتدرون ما هذان الكتابان فريق في الجنة وفريق في السعير
تفسير سورة الرحمن 1 I_icon_minitimeالثلاثاء يوليو 18, 2017 3:21 pm من طرف abubaker

ازرار التصفُّح
 البوابة
 الرئيسية
 قائمة الاعضاء
 البيانات الشخصية
 س .و .ج
 بحـث
التبادل الاعلاني

 

 تفسير سورة الرحمن 1

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
abubaker

abubaker


ذكر
عدد المساهمات : 18649
تاريخ التسجيل : 23/12/2010
العمر : 74
الدولـة : jordan

تفسير سورة الرحمن 1 Empty
مُساهمةموضوع: تفسير سورة الرحمن 1   تفسير سورة الرحمن 1 I_icon_minitimeالإثنين سبتمبر 26, 2016 12:19 pm




تفسير سورة الرحمن



قال الإمام أحمد: حدثنا عفان، حدثنا حماد عن عاصم عن زر أن رجلاً قال: كيف تعرف هذا الحرف من ماء غير آسن أو آسن ؟ فقال: كل القرآن قد قرأت. قال: إني لأقرأ المفصل في ركعة واحدة، فقال: أهذا كهذا الشعر لا أبالك ؟ قد علمت. قرائن النبي صلى الله عليه وسلم التي كان يقرن قرينتين قرينتين من أول المفصل، وكان أول مفصل ابن مسعود {الرحمن} وقال أبو عيسى الترمذي: حدثنا عبد الرحمن بن واقد وأبو مسلم السعدي، حدثنا الوليد بن مسلم عن زهير بن محمد، عن محمد بن المنكدر عن جابر قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على أصحابه فقرأ عليهم سورة الرحمن من أولها إلى آخرها فسكتوا فقال: «لقد قرأتها على الجن ليلة الجن فكانوا أحسن مردوداً منكم، كنت كلما أتيت على قوله: {فبأي آلاء ربكما تكذبان} قالوا لا بشيء من نعمك ربنا نكذب فلك الحمد» ثم قال هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث الوليد بن مسلم عن زهير بن محمد،ثم حكي عن الإمام أحمد أنه كان لا يعرفه، ينكر رواية أهل الشام عن زهير بن محمد هذا، ورواه الحافظ أبو بكر البزار عن عمرو بن مالك عن الوليد بن مسلم، وعن عبد الله بن أحمد بن شبويه عن هشام بن عمارة، كلاهما عن الوليد بن مسلم به ثم قال: لا نعرفه يروى إلا من هذا الوجه. وقال أبو جعفر بن جرير: حدثنا محمد بن عباد بن موسى وعمرو بن مالك البصري قالا: حدثنا يحيى بن سليم عن إسماعيل بن أمية عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ سورة الرحمن أو قرئت عنده فقال: «ما لي أسمع الجن أحسن جواباً لربها منكم ؟» قالوا: وما ذاك يا رسول الله ؟ قال: «ما أتيت على قول الله تعالى: {فبأي آلاء ربكما تكذبان} إلا قالت الجن لا بشيء من نعم ربنا نكذب» ورواه الحافظ البزار عن عمرو بن مالك به، ثم قال: لا نعلمه يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد

بِسْمِ اللّهِ الرّحْمـَنِ الرّحِيمِ

الرّحْمَـَنُ * عَلّمَ الْقُرْآنَ * خَلَقَ الإِنسَانَ * عَلّمَهُ البَيَانَ * الشّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ * وَالنّجْمُ وَالشّجَرُ يَسْجُدَانِ * وَالسّمَآءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ * أَلاّ تَطْغَوْاْ فِي الْمِيزَانِ * وَأَقِيمُواْ الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلاَ تُخْسِرُواْ الْمِيزَانَ * وَالأرْضَ وَضَعَهَا لِلأنَامِ * فِيهَا فَاكِهَةٌ وَالنّخْلُ ذَاتُ الأكْمَامِ * وَالْحَبّ ذُو الْعَصْفِ وَالرّيْحَانُ * فَبِأَيّ آلآءِ رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ



يخبر تعالى عن فضله ورحمته بخلقه أنه أنزل على عباده القرآن، ويسر حفظه وفهمه على من رحمه فقال تعالى: {الرحمن علم القرآن خلق الإنسان علمه البيان} قال الحسن: يعني النطق، وقال الضحاك وقتادة وغيرهما: يعني الخير والشر، وقول الحسن ههنا أحسن وأقوى لأن السياق في تعليمه تعالى القرآن، وهو أداء تلاوته، وإنما يكون ذلك بتيسير النطق على الخلق وتسهيل خروج الحروف من مواضعها من الحلق واللسان والشفتين على اختلاف مخارجها وأنواعها. وقوله تعالى: {الشمس والقمر بحسبان} أي يجريان متعاقبين بحساب مقنن لا يختلف ولا يضطرب {لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون} وقال تعالى: {فالق الإصباح وجعل الليل سكناً والشمس والقمر حسباناً ذلك تقدير العزيز العليم}

وعن عكرمة أنه قال: لو جعل الله نور جميع أبصار الإنس والجن والدواب والطير في عيني عبد، ثم كشف حجاباً واحداً من سبعين حجاباً دون الشمس، لما استطاع أن ينظر إليها. ونور الشمس جزء من سبعين جزءاً من نور الكرسي، ونور الكرسي جزء من سبعين جزءاً من نور العرش، ونور العرش جزء من سبعين جزءاً من نور الستر. فانظر ماذا أعطى الله عبده من النور في عينيه وقت النظر إلى وجه ربه الكريم عياناً، رواه ابن أبي حاتم. وقوله تعالى: {والنجم والشجر يسجدان} قال ابن جرير: اختلف المفسرون في معنى قوله والنجم بعد إجماعهم على أن الشجر ما قام على ساق، فروى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: النجم ما انبسط على وجه الأرض يعني من النبات، وكذا قال سعيد بن جبير والسدي وسفيان الثوري، وقد اختاره ابن جرير رحمه الله تعالى. وقال مجاهد: النجم الذي في السماء. وكذا قال الحسن وقتادة، وهذا القول هو الأظهر والله أعلم لقوله تعالى: {ألم ترَ أن الله يسجد له من في السموات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس} الاَية

وقوله تعالى: {والسماء رفعها ووضع الميزان} يعني العدل كما قال تعالى: {لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط} وهكذا قال ههنا: {ألا تطغوا في الميزان} أي خلق السموات والأرض بالحق والعدل لتكون الأشياء كلها بالحق والعدل. ولهذا قال تعالى: {وأقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان} أي لا تبخسوا الوزن بل زنوا بالحق والقسط كما قال تعالى: {وزنوا بالقسطاس المستقيم} وقوله تعالى: {والأرض وضعها للأنام} أي كما رفع السماء وضع الأرض ومهدها وأرساها بالجبال الراسيات الشامخات، لتستقر لما على وجهها من الأنام وهم الخلائق المختلفة أنواعهم وأشكالهم وألوانهم وألسنتهم في سائر أقطارها وأرجائها

قال ابن عباس ومجاهد وقتادة وابن زيد: الأنام الخلق {فيها فاكهة} أي مختلفة الألوان والطعوم والروائح {والنخل ذات الأكمام} أفرده بالذكر لشرفه ونفعه رطباً ويابساً، والأكمام قال ابن جريج عن ابن عباس: هي أوعية الطلع وهكذا قال غير واحد من المفسرين، وهو الذي يطلع فيه القنو ثم ينشق عن العنقود، فيكون بسراً ثم رطباً ثم ينضج ويتناهى نفعه واستواؤه. وقال ابن أبي حاتم: ذكر عن عمرو بن علي الصيرفي، حدثنا أبو قتيبة، حدثنا يونس بن الحارث عن الشعبي قال: كتب قيصر إلى عمر بن الخطاب: أخبرك أن رسلي أتتني من قبلك فزعمت أن قبلكم شجرة ليست بخليقة لشيء من الخير، تخرج مثل آذان الحمير ثم تشقق مثل اللؤلؤ، ثم تخضر فتكون مثل الزمرد الأخضر، ثم تحمر فتكون كالياقوت الأحمر، ثم تينع فتنضج فتكون كأطيب فالوذج أكل، ثم تيبس فتكون عصمة للمقيم وزاداً للمسافر، فإن تكن رسلي صدقتني فلا أرى هذه الشجرة إلا من شجر الجنة، فكتب إليه عمر بن الخطاب: من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى قيصر ملك الروم، إن رسلك قد صدقوك هذه الشجرة عندنا، وهي الشجرة التي أنبتها الله على مريم حين نفست بعيسى ابنها، فاتق الله ولا تتخذ عيسى إلهاً من دون الله {إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون * الحق من ربك فلا تكن من الممترين} وقيل: الأكمام رفاتها وهو الليف الذي على عنق النخلة، وهو قول الحسن وقتادة

{والحب ذو العصف والريحان} قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {والحب ذو العصف} يعني التبن. وقال العوفي عن ابن عباس: العصف ورق الزرع الأخضر الذي قطع رؤوسه، فهو يسمى العصف إذا يبس، وكذا قال قتادة والضحاك وأبو مالك عصفه تبنه. وقال ابن عباس ومجاهد وغير واحد: والريحان يعني الورق. وقال الحسن: هو ريحانكم هذا، وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: والريحان خضر الزرع، ومعنى هذا ـ والله أعلم ـ أن الحب كالقمح والشعير ونحوهما له في حال نباته عصف، وهو ما على السنبلة، وريحان وهو الورق الملتف على ساقها. وقيل: العصف الورق أول ما ينبت الزرع بقلاً والريحان الورق يعني إذا أدجن وانعقد فيه الحب، كما قال زيد بن عمرو بن نفيل في قصيدته المشهورة

وقولا له من ينبت الحب في الثرىفيصبح منه البقل يهتز رابياويخرج منه حبه في رؤوسهففي ذاك آيات لمن كان واعيا

وقوله تعالى: {فبأي آلاء ربكما تكذبان} أي فبأي الاَلاء يا معشر الثقلين من الإنس والجن تكذبان ؟ قاله مجاهد وغير واحد، ويدل عليه السياق بعده، أي النعم ظاهرة عليكم وأنتم مغمورون بها لا تستطيعون إنكارها ولا جحودها، فنحن نقول كما قالت الجن المؤمنون به: اللهم ولا بشيء من آلائك ربنا نكذب، فلك الحمد. وكان ابن عباس يقول لابأيها يا رب أي لا نكذب بشيء منها، قال الإمام أحمد: حدثنا يحيى بن إسحاق، حدثنا ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة عن أسماء بنت أبي بكر قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ وهو يصلي نحو الركن قبل أن يصدع بما يؤمر والمشركون يستمعون {فبأي آلاء ربكما تكذبان}





خَلَقَ الإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ كَالْفَخّارِ * وَخَلَقَ الْجَآنّ مِن مّارِجٍ مّن نّارٍ * فَبِأَيّ آلآءِ رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ * رَبّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبّ الْمَغْرِبَيْنِ * فَبِأَيّ آلآءِ رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ * مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ * بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لاّ يَبْغِيَانِ * فَبِأَيّ آلآءِ رَبّكُمَا تِكَذّبَانِ * يَخْرُجُ مِنْهُمَا الّلؤْلُؤُ وَالمَرْجَانُ * فَبِأَيّ آلاَءِ رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ * وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنشَئَاتُ فِي الْبَحْرِ كَالأعْلاَمِ * فَبِأَيّ آلآءِ رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ



يذكر تعالى خلقه الإنسان من صلصال كالفخار، وخلقه الجان من مارج من نار، وهو طرف لهبها، قاله الضحاك عن ابن عباس، وبه يقول عكرمة ومجاهد والحسن وابن زيد، وقال العوفي عن ابن عباس: من مارج من نار من لهب النار من أحسنها، وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: من مارج من نار من خالص النار، وكذلك قال عكرمة ومجاهد والضحاك وغيرهم. وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «خلقت الملائكة من نور، وخلق الجان من مارج من نار، وخلق آدم مما وصف لكم» ورواه مسلم عن محمد بن رافع وعبد بن حميد، كلاهما عن عبد الرزاق به

وقوله تعالى: {فبأي آلاء ربكما تكذبان ؟} تقدم تفسيره {رب المشرقين ورب المغربين} يعني مشرقي الصيف والشتاء ومغربي الصيف والشتاء، وقال في الاَية الأخرى: {فلا أقسم برب المشارق والمغارب} وذلك باختلاف مطالع الشمس وتنقلها في كل يوم وبروزها منه إلى الناس. وقال في الاَية الأخرى: {رب المشرق والمغرب لا إله إلا هو فاتخذه وكيلاً} وهذا المراد منه جنس المشارق والمغارب، ولما كان في اختلاف هذه المشارق والمغارب مصالح للخلق من الجن والإنس قال: {فبأي آلاء ربكما تكذبان ؟} وقوله تعالى: {مرج البحرين يلتقيان} قال ابن عباس: أي أرسلهما. وقوله: {يلتقيان} قال ابن زيد: أي منعهما أن يلتقيا بما جعل بينهما من البرزخ الحاجز الفاصل بينهما، والمراد بقوله البحرين: الملح والحلو، فالحلو هذه الأنهار السارحة بين الناس، وقد قدمنا الكلام على ذلك في سورة الفرقان عند قوله تعالى: {وهو الذي مرج البحرين هذا عذاب فرات وهذا ملح أجاج * وجعل بينهما برزخاً وحجراً محجوراً} وقد اختار ابن جرير ههنا أن المراد بالبحرين: بحر السماء وبحر الأرض، وهو مروي عن مجاهد وسعيد بن جبير وعطية وابن أبزى، قال ابن جرير: لأن اللؤلؤ يتولد من ماء السماء وأصداف بحر الأرض وهذا وإن كان هكذا لكن ليس المراد بذلك ما ذهب إليه، فإنه لا يساعده اللفظ فإنه تعالى قد قال: {بينهما برزخ لا يبغيان} أي وجعل بينهما برزخاً، وهو الحاجز من الأرض لئلا يبغي هذا على هذا، وهذا على هذا، فيفسد كل واحد منهما الاَخر ويزيله عن صفته التي هي مقصودة منه، وما بين السماء والأرض لا يسمى برزخاً وحجراً محجوراً

وقوله تعالى: {يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان} أي من مجموعهما، فإذا وجد ذلك من أحدهما كفى كما قال تعالى:{يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم ؟} والرسل إنما كانوا في الإنس خاصة دون الجن وقد صح هذا الإطلاق. واللؤلؤ معروف، وأما المرجان فقيل هو صغار اللؤلؤ، قاله مجاهد وقتادة وأبو رزين والضحاك وروي عن علي، وقيل كباره وجيده، حكاه ابن جرير عن بعض السلف ورواه ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس، وحكاه السدي عمن حدثه عن ابن عباس، وروي مثله عن علي ومجاهد أيضاً ومرة الهمداني، وقيل: هو نوع من الجواهر أحمر اللون، قال السدي عن أبي مالك عن مسروق عن عبد الله قال: المرجان الخرز الأحمر، قال السدي: وهو الكسد بالفارسية، وأما قوله: {ومن كل تأكلون لحماً طرياً وتستخرجون حلية تلبسونها} فاللحم من كل من الأجاج والعذب والحلية إنما هي من المالح دون العذب. قال ابن عباس: ما سقطت قط قطرة من السماء في البحر فوقعت في صدفة إلا صار منها اللؤلؤ، وكذا قال عكرمة، وزاد: فإذا لم تقع في صدفة نبتت بها عنبرة، وروي من غير وجه عن ابن عباس نحوه

وقد قال ابن أبي حاتم: حدثنا أحمد بن سنان، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، حدثنا سفيان عن الأعمش عن عبد الله بن عبد الله، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: إذا أمطرت السماء فتحت الأصداف في البحر أفواهها فما وقع فيها، يعني من قطر فهو اللؤلؤ. إسناده صحيح، ولما كان اتخاذ هذه الحلية نعمة على أهل الأرض، امتن بها عليهم فقال: {فبأي آلاء ربكما تكذبان}

وقوله تعالى: {وله الجوار المنشآت} يعني السفن التي تجري {في البحر} قال مجاهد: ما رفع قلعه من السفن فهي منشآت وما لم يرفع قلعه فليس بمنشآت، وقال قتادة: المنشآت يعني المخلوقات، وقال غيره، المنشآت بكسر الشين يعني البادئات {كالأعلام} أي كالجبال في كبرها وما فيها من المتاجر والمكاسب المنقولة من قطر إلى قطر وإقليم إلى إقليم، مما فيه صلاح الناس في جلب ما يحتاجون إليه من سائر أنواع البضائع، ولهذا قال: {فبأي آلاء ربكما تكذبان} وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا حماد بن سلمة، حدثنا العرار بن سويد عن عميرة بن سعد قال: كنت مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه على شاطىء الفرات إذ أقبلت سفينة مرفوع شراعها فبسط علي يديه ثم قال: يقول الله عز وجل: {وله الجوار المنشآت في البحر كالأعلام} والذي أنشأها تجري في بحوره ما قتلت عثمان ولا مالأت على قتله





كُلّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَىَ وَجْهُ رَبّكَ ذُو الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ * فَبِأَيّ آلآءِ رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ * يَسْأَلُهُ مَن فِي السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ كُلّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ * فَبِأَيّ آلآءِ رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ



يخبر تعالى أن جميع أهل الأرض سيذهبون ويموتون أجمعون، وكذلك أهل السماوات إلا من شاء الله ولا يبقى أحد سوى وجهه الكريم، فإن الرب تعالى وتقدس لا يموت بل هو الحي الذي لا يموت أبداً، قال قتادة: أنبأ بما خلق ثم أنبأ أن ذلك كله فان. وفي الدعاء المأثور: يا حي يا قيوم يا بديع السموات والأرض يا ذا الجلال والإكرام، لا إله إلا أنت برحمتك نستغيث أصلح لنا شأننا كله، ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين، ولا إلى أحد من خلقك. وقال الشعبي: إذا قرأت {كل من عليها فان} فلا تسكت حتى تقرأ {ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام} وهذه الاَية كقوله تعالى: {كل شيء هالك إلا وجهه} وقد نعت تعالى وجهه الكريم في هذه الاَية بأنه ذو الجلال والإكرام أي هو أهل أن يجل فلا يعصى، وأن يطاع فلا يخالف كقوله تعالى:{واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه} وكقوله إخباراً عن المتصدقين: {إنما نطعمكم لوجه الله} قال ابن عباس: ذو الجلال والإكرام ذو العظمة والكبرياء، ولما أخبر تعالى عن تساوي أهل الأرض كلهم في الوفاة، وأنهم سيصيرون إلى الدار الاَخرة فيحكم فيهم ذو الجلال والإكرام بحكمه العدل قال: {فبأي آلاء ربكما تكذبان}، وقوله تعالى: {يسأله من في السموات والأرض كل يوم هو في شأن} وهذا إخبار عن غناه عما سواه وافتقار الخلائق إليه في جميع الاَنات وأنهم يسألونه بلسان حالهم وقالهم وأنه كل يوم هو في شأن، قال الأعمش عن مجاهد عن عبيد بن عمير {كل يوم هو في شأن} قال من شأنه أن يجيب داعياً أو يعطي سائلاً، أو يفك عانياً أو يشفي سقيماً

وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد قال: كل يوم هو يجيب داعياً ويكشف كرباً ويجيب مضطراً ويغفر ذنباً، وقال قتادة: لا يستغني عنه أهل السموات والأرض يحيي حياً ويميت ميتاً، ويربي صغيراً ويفك أسيراً وهو منتهى حاجات الصالحين وصريخهم ومنتهى شكواهم. وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا أبو اليمان الحمصي، حدثنا جرير بن عثمان عن سويد بن جبلة هو الفزاري قال: إن ربكم كل يوم هو في شأن فيعتق رقاباً، ويعطي رغاباً، ويقحم عقاباً

وقال ابن جرير: حدثني عبد الله بن محمد بن عمرو الغزي، حدثني إبراهيم بن محمد بن يوسف الفريابي، حدثني عمرو بن بكر السكسكي، حدثنا الحارث بن عبدة بن رباح الغساني عن أبيه، عن منيب بن عبد الله بن منيب الأزدي عن أبيه قال: تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الاَية {كل يوم هو في شأن} فقلنا: يا رسول الله وما ذاك الشأن ؟ قال: «أن يغفر ذنباً، ويفرج كرباً، ويرفع قوماً ويضع آخرين».. وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا هشام بن عمار وسليمان بن أحمد الواسطي قالا: حدثنا الوزير بن صبيح الثقفي أبو روح الدمشقي والسياق لهشام قال: سمعت يونس بن ميسرة بن حليس، يحدث عن أم الدرداء عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «قال الله عز وجل: {كل يوم هو في شأن} ـ قال ـ من شأنه أن يغفر ذنباً، ويفرج كرباً، ويرفع قوماً ويضع آخرين». وقد رواه ابن عساكر من طرق متعددة عن هشام بن عمار به، ثم ساقه من حديث أبي همام الوليد بن شجاع عن الوزير بن صبيح قال: «ودلنا عليه الوليد بن مسلم عن مطرف عن الشعبي عن أم الدرداء عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكره قال: والصحيح الأول، يعني إسناده الأول

قلت: وقد روي موقوفاً كما علقه البخاري بصيغة الجزم فجعله من كلام أبي الدرداء فالله أعلم. وقال البزار: حدثنا محمد بن المثنى، حدثنا محمد بن الحارث، حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن البيلماني عن أبيه عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم : كل يوم هو في شأن قال «يغفر ذنباً، ويكشف كرباً» ثم قال ابن جرير: وحدثنا أبو كريب، حدثنا عبيد الله بن موسى عن أبي حمزة الثمالي عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس إن الله خلق لوحاً محفوظاً من درة بيضاء دفتاه ياقوتة حمراء قلمه نور، وكتابه نور، وعرضه ما بين السماء والأرض ينظر فيه كل يوم ثلثمائة وستين نظرة، يخلق في كل نظرة ويحيي ويميت ويعز ويذل ويفعل ما يشاء





سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيّهَا الثّقَلاَنِ * فَبِأَيّ آلآءِ رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ * يَمَعْشَرَ الْجِنّ وَالإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُواْ مِنْ أَقْطَارِ السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ فَانفُذُواْ لاَ تَنفُذُونَ إِلاّ بِسُلْطَانٍ * فَبِأَيّ آلآءِ رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ * يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مّن نّارٍ وَنُحَاسٌ فَلاَ تَنتَصِرَانِ * فَبِأَيّ آلآءِ رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ



قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى: {سنفرغ لكم أيها الثقلان} قال: وعيد من الله تعالى للعباد وليس بالله شغل وهو فارغ، وكذا قال الضحاك: هذا وعيد، وقال قتادة: قد دنا من الله فراغ لخلقه، وقال ابن جريج {سنفرغ لكم} أي سنقضي لكم، وقال البخاري: سنحاسبكم لا يشغله شيء عن شيء، وهو معروف في كلام العرب، يقال لأتفرغن لك وما به شغل، يقول: لاَخذنك على غرتك. وقوله تعالى: {أيها الثقلان} الثقلان: الإنس والجن كما جاء في الصحيح: «ويسمعها كل شيء إلا الثقلين» وفي رواية «إلا الإنس والجن». وفي حديث الصور «الثقلان الإنس والجن» {فبأي آلاء ربكما تكذبان}. ثم قال تعالى: {يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السموات والأرض فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان} أي لا تستطيعون هرباً من أمر الله وقدره بل هو محيط بكم، لا تقدرون على التخلص من حكمه ولا النفوذ عن حكمه فيكم، أينما ذهبتم أحيط بكم، وهذا في مقام الحشر، الملائكة محدقة بالخلائق سبع صفوف من كل جانب فلا يقدر أحد على الذهاب {إلا بسلطان} أي إلا بأمر الله {يقول الإنسان يومئذ أين المفر كلا لا وزر إلى ربك يومئذ المستقر}



وقال تعالى: {والذين كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلها وترهقهم ذلة ما لهم من الله من عاصم كأنما أغشيت وجوههم قطعاً من الليل مظلماً أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون} ولهذا قال تعالى: {يرسل عليكما شواظ من نار ونحاس فلا تنتصران} قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس الشواظ: هو لهب النار، وقال سعيد بن جبير عن ابن عباس: الشواظ الدخان، وقال مجاهد: هو اللهب الأخضر المنقطع، وقال أبو صالح: الشواظ هو اللهب الذي فوق النار ودون الدخان. وقال الضحاك {شواظ من نار} سيل من نار. وقوله تعالى: {ونحاس} قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {ونحاس} دخان النار، وروي مثله عن أبي صالح وسعيد بن جبير وأبي سنان. وقال ابن جرير: والعرب تسمي الدخان نحاساً، بضم النون وكسرها، والقراء مجمعة على الضم، ومن النحاس بمعنى الدخان قول نابغة جعدة

يضيء كضوء سراج السليــط لم يجعل الله فيه نحاساً

يعني دخاناً هكذا قال، وقد روى الطبراني من طريق جويبر عن الضحاك أن نافع بن الأزرق سأل ابن عباس عن الشواظ فقال: هو اللهب الذي لا دخان معه، فسأله شاهداً على ذلك من اللغة، فأنشده قول أمية بن أبي الصلت في حسان

ألا من مبلغ حسان عني مغلغلة تدب إلى عكاظ

أليس أبوك فينا كان قيناً لدى القينات فسلاً في الحفاظ

يمانياً يظل يشد كيراً وينفخ دائباً لهب الشواظ

قال: صدقت فما النحاس ؟ قال: هو الدخان الذي لا لهب له، قال: فهل تعرفه العرب ؟ قال: نعم، أما سمعت نابغة بني ذبيان يقول

يضيء كضوء سراج السليــط لم يجعل الله فيه نحاساً

وقال مجاهد: النحاس الأصفر يذاب فيصب على رؤوسهم، وكذا قال قتادة، وقال الضحاك: ونحاس سيل من نحاس، والمعنى على كل قول لو ذهبتم هاربين يوم القيامة لردتكم الملائكة والزبانية بإرسال اللهب من النار، والنحاس المذاب عليكم لترجعوا، ولهذا قال: {فلا تنتصران فبأي آلاء ربكما تكذبان ؟}





فَإِذَا انشَقّتِ السّمَآءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدّهَانِ * فَبِأَيّ آلآءِ رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ * فَيَوْمَئِذٍ لاّ يُسْأَلُ عَن ذَنبِهِ إِنسٌ وَلاَ جَآنّ * فَبِأَيّ آلآءِ رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ * يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنّوَاصِي وَالأقْدَامِ * فَبِأَيّ آلآءِ رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ * هَـَذِهِ جَهَنّمُ الّتِي يُكَذّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ * يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ * فَبِأَيّ آلآءِ رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ



يقول تعالى: {فإذا انشقت السماء} يوم القيامة كما دلت عليه هذه الاَيات مع ما شاكلها من الاَيات الواردة في معناها كقوله تعالى: {وانشقت السماء فهي يومئذ واهية} وقوله: {ويوم تشقق السماء بالغمام ونزل الملائكة تنزيلا} وقوله: {إذا السماء انشقت وأذنت لربها وحقت} وقوله تعالى: {فكانت وردة كالدهان} أي تذوب كما يذوب الدردي والفضة في السبك، وتتلون كما تتلون الأصباغ التي يدهن بها، فتارة حمراء وصفراء وزرقاء وخضراء، وذلك من شدة الأمر وهول يوم القيامة العظيم. وقد قال الإمام أحمد: حدثنا أحمد بن عبد الملك، حدثنا عبد الرحمن بن أبي الصهباء، حدثنا نافع أبو غالب الباهلي، حدثنا أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «يبعث الناس يوم القيامة والسماء تطش عليهم» قال الجوهري: الطش المطر الضعيف، وقال الضحاك عن ابن عباس في قوله تعالى: {وردة كالدهان} قال: هو الأديم الأحمر، وقال أبو كدينة عن قابوس عن أبيه عن ابن عباس {فكانت وردة كالدهان} كالفرس الورد، وقال العوفي عن ابن عباس: تغير لونها، وقال أبو صالح: كالبرذون الورد، ثم كانت بعد كالدهان، وحكى البغوي وغيره أن الفرس الورد تكون في الربيع صفراء، وفي الشتاء حمراء، فإذا اشتد البرد تغير لونها، وقال الحسن البصري: تكون ألواناً. وقال السدي: تكون كلون البغلة الوردة، وتكون كالمهل كدردي الزيت، وقال مجاهد {كالدهان} كألوان الدهان، وقال عطاء الخراساني: كلون دهن الورد في الصفرة، وقال قتادة: هي اليوم خضراء ويومئذ لونها إلى الحمرة يوم ذي ألوان. وقال أبو الجوزاء: في صفاء الدهن. وقال ابن جريج: تصير السماء كالدهن الذائب وذلك حين يصيبها حر جهنم

وقوله تعالى: {فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان} وهذه كقوله تعالى: {هذا يوم لا ينطقون ولا يؤذن لهم فيعتذرون} فهذا في حال وثم في حال يسأل الخلائق عن جميع أعمالهم، وقال الله تعالى: {فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون} ولهذا قال قتادة: {فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان} قال: قد كانت مسألة ثم ختم على أفواه القوم وتكلمت أيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون، قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: لا يسألهم هل عملتم كذا وكذا، لأنه أعلم بذلك منهم، ولكن يقول: لم عملتم كذا وكذا ؟ فهذا قول ثان. وقال مجاهد في هذه الاَية: لا تسأل الملائكة عن المجرمين بل يعرفون بسيماهم، وهذا قول ثالث، وكأن هذا بعدما يؤمر بهم إلى النار فذلك الوقت لا يسألون عن ذنوبهم بل يقادون إليها ويلقون فيها كما قال تعالى: {يعرف المجرمون بسيماهم} أي بعلامات تظهر عليهم. وقال الحسن وقتادة: يعرفونهم باسوداد الوجوه وزرقة العيون. قلت: وهذا كما يعرف المؤمنون بالغرة والتحجيل من آثار الوضوء

وقوله تعالى: {فيؤخذ بالنواصي والأقدام} أي يجمع الزبانية ناصيته مع قدميه ويلقونه في النار كذلك، وقال الأعمش عن ابن عباس: يؤخذ بناصيته وقدميه فيكسر كما يكسر الحطب في التنور، وقال الضحاك: يجمع بين ناصيته وقدميه في سلسلة من وراء ظهره، وقال السدي: يجمع بين ناصية الكافر وقدميه فتربط ناصيته بقدمه ويفتل ظهره. وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي حدثنا أبو توبة الربيع بن نافع، حدثنا معاوية بن سلام عن أخيه زيد بن سلام أنه سمع أبا سلام يعني جده، أخبرني عبد الرحمن، حدثني رجل من كندة قال: أتيت عائشة فدخلت عليها وبيني وبينها حجاب فقلت: حدثك رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يأتي عليه ساعة لا يملك فيها لأحد شفاعة ؟ قالت: نعم لقد سألته عن هذا وأنا وهو في شعار واحد قال: «نعم حين يوضع الصراط لا أملك لأحد فيها شفاعة حتى أعلم أين يسلك بي، ويوم تبيض وجوه وتسود وجوه حتى أنظر ماذا يفعل بي ـ أو قال يوحى ـ وعند الجسر حين يستحد ويستحر» فقالت: وما يستحد وما يستحر ؟ قال يستحد حتى يكون مثل شفرة السيف، ويستحر حتى يكون مثل الجمرة، فأما المؤمن فيجوزه لا يضره، وأما المنافق فيتعلق حتى إذا بلغ أوسطه خر من قدميه فيهوي بيديه إلى قدميه ـ قالت: فهل رأيت من يسعى حافياً فتأخذه شوكة حتى تكاد تنفذ قدميه، فإنه كذلك يهوي بيده ورأسه إلى قدميه فتضربه الزبانية بخطاف في ناصيته وقدمه، فتقذفه في جهنم فيهوي فيها مقدار خمسين عاماً ـ قلت: ما ثقل الرجل ؟ قالت: ثقل عشر خلقات سمان فيومئذ يعرف المجرمون بسيماهم فيؤخذ بالنواصي والأقدام». هذا حديث غريب جداً، وفيه ألفاظ منكر رفعها، وفي الإسناد من لم يسم ومثله لا يحتج به، والله أعلم

وقوله تعالى: {هذه جهنم التي يكذب بها المجرمون} أي هذه النار التي كنتم تكذبون بوجودها، هاهي حاضرة تشاهدونها عياناً، يقال لهم ذلك تقريعاً وتوبيخاً وتصغيراً وتحقيراً. وقوله تعالى: {يطوفون بينها وبين حميم آن} أي تارة يعذبون في الجحيم وتارة يسقون من الحميم، وهو الشراب الذي هو كالنحاس المذاب يقطع الأمعاء والأحشاء، وهذه كقوله تعالى: {إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل يسحبون في الحميم ثم في النار يسجرون}

وقوله تعالى: {آن} أي حار قد بلغ الغاية في الحرارة لا يستطاع من شدة ذلك، قال ابن عباس في قوله: {يطوفون بينها وبين حميم آن} أي قد انتهى غليه واشتد حره، وكذا قال مجاهد وسعيد بن جبير والضحاك والحسن والثوري والسدي وقال قتادة: قد آن طبخه منذ خلق الله السموات والأرض، وقال محمد بن كعب القرظي: يؤخذ العبد فيحرك بناصيته في ذلك الحميم حتى يذوب اللحم ويبقى العظم والعينان في الرأس وهي كالتي يقول الله تعالى: {في الحميم ثم في النار يسجرون} والحميم الاَن يعني الحار، وعن القرظي رواية أخرى {حميم آن} أي حاضر وهو قول ابن زيد أيضاً، والحاضر لا ينافي ماروي عن القرظي أولاً أنه الحار كقوله تعالى: {تسقى من عين آنية} أي حارة شديدة الحر لا تستطاع، وكقوله: {غير ناظرين إناه} يعني استواءه ونضجه فقوله: {حميم آن} أي حميم حار جداً. ولما كان معاقبة العصاة المجرمين وتنعيم المتقين من فضله ورحمته وعدله ولطفه بخلقه، وكان إنذاره لهم عن عذابه وبأسه مما يزجرهم عما هم فيه من الشرك والمعاصي وغير ذلك قال ممتناً بذلك على بريته {فبأي آلاء ربكما تكذبان ؟}


وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبّهِ جَنّتَانِ * فَبِأَيّ آلآءِ رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ * ذَوَاتَآ أَفْنَانٍ * فَبِأَيّ آلآءِ رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ * فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ * فَبِأَيّ آلآءِ رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ * فِيهِمَا مِن كُلّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ * فَبِأَيّ آلآءِ رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://abubaker.jordanforum.net
 
تفسير سورة الرحمن 1
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» روابط تفسير جميع سور القرآن الكريم - تفسير ابن كثير على المايكروسوفت - التفسير الشامل + موقع تفسير ابن كثير من سورة البقرة إلى سورة الإخلاص
» 55. سورة الرحمن
» تفسير سورة الرحمن 2
» تفسير سورة الرحمن - من آية 1 - نهاية الآية 45
»  تفسير سورة الرحمن - من آية 46 - نهاية الآية 78

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الأصدقاء :: هدايات وإرشادات وتوجيهات إسلامية :: تفسير القران الكريم "ابن كثير" قراءة وتصفح ومواقع وروابط-
انتقل الى: