منتدى الأصدقاء
{وَاللّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }يونس25
And God calls to the House of Peace and guides whom He wills to a Straight Path} Younis 25
نحن سعداء للمشاركة في (منتدى الأصدقاء)
We are pleased to join in ( Forum Friends )
يشرفنا تسجيلك
We are honored register you
إدارة المنتدى
Management of Forum

منتدى الأصدقاء
{وَاللّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }يونس25
And God calls to the House of Peace and guides whom He wills to a Straight Path} Younis 25
نحن سعداء للمشاركة في (منتدى الأصدقاء)
We are pleased to join in ( Forum Friends )
يشرفنا تسجيلك
We are honored register you
إدارة المنتدى
Management of Forum

منتدى الأصدقاء
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدى الأصدقاء
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

( أهلا وسهلا بكم في منتدى الأصدقاء Welcome to the forum Friends >> الرجاء تسجيل الدخول للتعرف على فضائل الأعمال التي يحبها الله Please log in to learn about the virtues of Business loved by God

المواضيع الأخيرة
» تعديل شاشة الكمبيوتر - الوضع الصحيح من المصنع - LG
74 - 85 -       I_icon_minitimeالأحد نوفمبر 05, 2017 2:53 pm من طرف abubaker

»  إن كلمة “الله” هي علم على واجب الوجود. --- آية الكرسي
74 - 85 -       I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:44 am من طرف abubaker

»  إن كلمة “الله” هي علم على واجب الوجود. --- آية الكرسي
74 - 85 -       I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:44 am من طرف abubaker

»  إن كلمة “الله” هي علم على واجب الوجود -- آية الكرسي -- تابع ----
74 - 85 -       I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:33 am من طرف abubaker

»  وكلمة (الله) عَلَمٌ على واجب الوجود؛ مَطمورة فيه كُلُّ صفات الكمال؛ / الرعد - ؛ فشاءتْ رحمتُه سبحانه أنْ سَهَّل لنا أن نفتتح أيَّ عمل باسمه الجامع لكل صفات الجمال والكمال (بسم الله الرحمن الرحيم). ولذلك يُسَمُّونه (عَلَمٌ على واجب الوجود).
74 - 85 -       I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:18 am من طرف abubaker

» أما أسماء الله فحسنى؛ لأنها بلغتْ القمة في الكمال، ولأن الأسماء والصفات التي تنطبق عليها موجودة في الخالق الأعلى سبحانه
74 - 85 -       I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:06 am من طرف abubaker

» وكلمة(اللهُ) عَلَم على واجب الوجود بكل صفات الكمال له - طه
74 - 85 -       I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 3:57 am من طرف abubaker

» فاعمل لوجهه يكْفك كل الأوجه وتريح نفسك أن تتنازعك قوى شتى ومختلفة، ويُغنيك عن كل غنى.
74 - 85 -       I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 3:51 am من طرف abubaker

» أتدرون ما هذان الكتابان فريق في الجنة وفريق في السعير
74 - 85 -       I_icon_minitimeالثلاثاء يوليو 18, 2017 3:21 pm من طرف abubaker

ازرار التصفُّح
 البوابة
 الرئيسية
 قائمة الاعضاء
 البيانات الشخصية
 س .و .ج
 بحـث
التبادل الاعلاني

 

 74 - 85 -

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
abubaker

abubaker


ذكر
عدد المساهمات : 18649
تاريخ التسجيل : 23/12/2010
العمر : 74
الدولـة : jordan

74 - 85 -       Empty
مُساهمةموضوع: 74 - 85 -    74 - 85 -       I_icon_minitimeالجمعة سبتمبر 02, 2016 12:38 am


باب اليقين والتوكل

قال الله تعالى { ولما رأى المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيمانا وتسليما } وقال تعالى { الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم } وقال تعالى { وتوكل على الحي الذي لا يموت } وقال تعالى { وعلى الله فليتوكل المؤمنون } وقال تعالى { فإذا عزمت فتوكل على الله } والآيات في الأمر بالتوكل كثيرة معلومة وقال تعالى { ومن يتوكل على الله فهو حسبه } أي كافيه وقال تعالى { إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون } والآيات في فضل التوكل كثيرة معروفة

الشَّرْحُ

جمع المؤلف بين اليقين والتوكل لأن التوكل ثمرة من ثمرات اليقين فاليقين: هو قوة الإيمان والثبات حتى كان الإنسان يرى بعينه ما أخبر الله به ورسوله من شدة يقينه فاليقين هو ثبات وإيمان ليس معه شك بوجه من الوجوه فيرى الغائب الذي أخبر الله عنه ورسوله كأنه حاضر بين يديه وهو أعلى درجات الإيمان هذا اليقين يثمر ثمرات جليلة منها التوكل على الله عز وجل والتوكل على الله اعتماد الإنسان على ربه عز وجل في ظاهره وباطنه في جلب المنافع ودفع المضار ومن يتوكل على الله فهو حسبه ففي هاتين المرتبتين اليقين والتوكل يحصل للإنسان مقصوده في الدنيا والآخرة ويستريح ويعيش مطمئنا سعيدا لأنه موقن بكل ما أخبر الله به ورسوله ومتوكل على الله عز وجل ثم ذكر المؤلف آيات في هذا الباب منها قوله تعالى

{ ولما رأى المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيمانا وتسليما }

الأحزاب طوائف من قبائل متعددة
تألبوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم واجتمعوا على حربه
وتجمع نحو عشرة آلاف مقاتل من قريش وغيرهم
وحاصروا المدينة ليقضوا على النبي صلى الله عليه وسلم

وحصل في هذه الغزوة أزمة عظيمة على أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم
قال الله تبارك وتعالى في وصفها
{ وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا }
الظنون البعيدة
{ هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزلا شديدا }

فانقسم الناس في هذه الأزمة العصبية العظيمة إلى قسمين
بينهما الله عز وجل في هذه الآيات
القسم الأول:
قال الله عنهم
{ وإذا يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا }
المنافقون الذين يظهرون الإيمان ويبطنون الكفر
والذين في قلوبهم مرض من المؤمنين وعندهم نقص في يقينهم
قالوا: ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا قالوا: كيف يقول محمد أنه سيفتح كسرى وقيصر وصنعاء وهو الآن محاصر من هؤلاء الناس القسم الثاني: المؤمنون قال الله عنهم { ولما رأى المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله } انظر إلى الفرق بين الطائفتين هؤلاء لما رأوا الأحزاب ورأوا هذه الشدة علموا أنه سيعقبها نصر وفرج وقالوا: هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله فسيكون نصر وستفتح ممالك قيصر وكسرى واليمن وهكذا كان ولله الحمد والشاهد قوله { هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله } وهذا غاية اليقين أن يكون الإنسان عند الشدائد وعند الكرب ثابتا مؤمنا موقنا عكس من كان توكله ويقينه ضعيفا فإنه عند المصائب والكرب ربما ينقلب على وجهه كما قال الله: { ومن الناس من يعبد الله على حرف } أي: على طرف { فإن أصابه خير اطمأن وإن أصابه فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين } كثير من الناس في عافية فهو مطمئن ولكن إذا ابتلى والعياذ بالله انقلب على وجهه فربما يصل إلى حد الردة والكفر ويعترض على الله بالقضاء والقدر ويكره تقدير الله وبالتالي يكره الله والعياذ بالله لأنه كان في الأول لم يصبه أذى ولا فتنة ولكنه في الثاني أصابته الفتنة فانقلب على وجهه وفي هذه الآيات وأشباهها دليل على أنه ينبغي للإنسان أن يخاف ويوجل ويخشى من زيغ القلب ويسأل الله دائما فإنه ما من قلب من قلوب بني آدم إلا وهو بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبه كيف يشاء إن شاء أقامه وإن شاء أزاغه فنسأل الله مقلب القلوب أن يثبت قلوبنا على طاعته وأن يرزقنا الاستقامة على دينه والثبات عليه الآية الثانية قوله { الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل } هذه الآية نزلت في الصحابة رضي الله عنهم حيث حصل عليهم ما حصل في غزوة أحد مما أصابهم من القرح والجروح والشهداء فقيل لهم إن أبا سفيان كان قد عزم على الكرة عليكم وجمع لكم الناس فندبهم النبي عليه الصلاة والسلام إلى ملاقاته ومقابلته فاستجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح وأصيبوا بهذه النكبة العظيمة فقتل منهم سبعون رجلا استشهدوا في سبيل الله وحصل للنبي صلى الله عليه وسلم ولغيره من صحابته رضي الله عنهم ما حصل ومع خذا استجابوا لله وللرسول قال الله تعالى { الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم } يعني أن أبا سفيان ومن معه ممن بقى من كبراء قريش جمعوا للرسول صلى الله عليه وسلم يريدون استئصاله ولكن يأبى الله إلا أن يتم نوره قيل للصحابة: اخشوا هؤلاء ولكنهم ازدادوا إيمانا لأن المؤمن كلما اشتدت به الأزمات ازداد إيمانا بالله لأنه يؤمن بأن النصر مع الصبر وأن الفرج مع الكرب وأن مع العسر يسرا لهذا رادهم إيمانا هذا القول وقالوا { حسبنا الله ونعم الوكيل } حسبنا الله: كافينا في مهماتنا وملماتنا ونعم الوكيل إنه نعم الكافي جل وعلا فإنه نعم المولى ونعم النصير ولكنه يكون ناصرا لمن انتصر به واستنصر به فإنه عز وجل أكرم الأكرمين وأجود الأجودين فإذا اتجه الإنسان إليه في أموره أعانه وساعده وتولاه ولكن البلاء من بني آدم حيث يكون الإعراض كثيرا في الإنسان ويعتمد على الأمور المادية دون الأمور المعنوية قال تعالى { فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء } ذهبوا لكنهم لم يجدوا كيدا وأبو سفيان ومن معه ولوا على أدبارهم ولم يكروا على الرسول صلى الله عليه وسلم فكتبت للصحابة غزوة من غير قتال قال الله { فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم } ثم قال { إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين } { يخوف أولياءه } أي: يخوفكم أنتم أولياءه أي: يلقي في قلوبكم الخوف في أوليائه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين فالشيطان يأتي إلى المؤمن: احذر أن تتكلم في فلان لأنه ربما يسجنك وربما فعل كذا وكذا فيخوفك ولكن المؤمن لا يمكن أن يخاف أولياء الشيطان لأن الله قال { فقاتلوا أولياء الشيطان إن كيد الشيطان كان ضعيفا } بالنسبة للحق فعلى الإنسان أن لا يخاف في الله لومة لائم وأن لا يخاف إلا الله ولكن يجب أن يكون سيره على هدى الله عز وجل فإذا كان سيره على هدى من الله فلا يخافن أحدا وقوله تعالى { وتوكل على الحي الذي لا يموت } وهو الله عز وجل اعتمد عليه في أمورك كلها دقيقها وجليلها لأن الله إذا لم ييسر لك الأمر لم يتيسر لك ومن أسباب تيسيره أن تتوكل عليه لاسيما إذا دهمتك الأمور وكثرت الهموم وازدادت الخطوب فإنه لا ملجأ لك إلا الله عز وجل فعليك بالتوكل عليه والاعتماد عليه حتى يكفيك وفي قوله { الذي لا يموت } دليل على امتناع الموت على الرب عز وجل قال الله { كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام } فالله عز وجل لا يموت لكمال حياته فإنه دائما هو الأول الذي ليس قبله شيء وهو الآخر الذي ليس بعده شيء ثم إنه سبحانه وتعالى لا ينام لكمال حياته وقيوميته قال الله تعالى { الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم } أما الإنس والجن فإنهم ينامون ويموتون أما الرب عز وجل فإنه لا ينام لأنه غني عن النوم أما البشر فإنهم محتاجون له لأن الأبدان تتعب وتسأم وتمل والنوم راحة عما مضى من التعب وتجديد نشاط عما يستقبل من العمل وقال الله { ومن يتوكل على الله فهو حسبه } أي كافيه فإذا توكلت على الله كفاك كل شيء وإذا توكلت على غير الله وكلك الله عليه ولكنك تنخذل ولا تتحقق لك أمورك وقال الله { إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون أولئك هم المؤمنون حقا } قوله { إذا ذكر الله } إذا ذكرت عظمته وجلاله وسلطانه خافت القلوب ووجلت وتأثر الإنسان حتى إن بعض السلف إذا تليت عليه آيات الخوف مرض أياما حتى يعوده الناس أما نحن فقلوبنا قاسية نسأل الله أن يلينها فإنه تتلى علينا آيات الخوف فلا نتأثر بذلك ولا نتعظ إلا من رحم الله لكن المؤمن هو الذي إذا ذكر الله وجل قلبه وخاف كان بعض السلف إذا قيل له: اتق الله ارتعد حتى يسقط ما في يده { وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا } إذا سمعوا كلام الله عز وجل ازدادوا إيمانا من وجهين: الوجه الأول: التصديق بما أخبر الله به من أمور الغيب الماضية والمستقبلة الوجه الثاني: القبول والإذعان لأحكام الله فيمثلون ما أمر الله به فيزداد بذلك إيمانهم وينتهون عما نهى الله عنه تقربا إليه وخوفا منه فيزداد إيمانه فهم إذا تليت عليهم آياته ازدادوا إيمانا من هذين الوجهين وهكذا إذا رأيت من نفسك أنك كلما تلوت القرآن ازددت إيمانا فإن ذلك من علامات التوفيق أما إذا كنت تقرأ القرآن ولا تتأثر به فعليك بمداواة نفسك لا أقول أن تذهب إلى المستشفى لتأخذ جرعة من حبوب أو مياه أو غيرها ولكن بمداواة القلب فإن القلب إذا لم ينتفع بالقرآن ولم يتعظ به فإنه قلب قاس مريض نسأل الله العافية فأنت طبيب نفسك لا تذهب إلى الناس اقرأ القرآن فإن رأيت أنك ازددت به إيمانا وتصديقا وامتثالا فهنيئا لك وأنت مؤمن وإلا فعليك بالدواء قبل أن يأتيك موت لا حياة بعده وهو موت القلب أما موت الجسد بعده حياة وبعده بعث وجزاء وحساب وقوله { وعلى ربهم يتوكلون } على ربهم فقط يتوكلون أي: يفوضون أمورهم كلها إلى مالكهم ومدبرهم خاصة لا إلى أحد سواه كما يدل عليه تقديم المتعلق على عامله والجملة معطوفة على الصلة إشارة إلى الاختصاص والحصر وأنهم لا يتوكلون إلا على الله عز وجل لأن غير الله إذا توكلت عليه فإنما توكلت على شخص مثلك ولا يحرص على منفعتك كما تحرص على منفعة نفسك ولكن اعتمد على الله عز وجل في أمور دينك ودنياك { الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون } يقيمون الصلاة يأتون بها مستقيمة بواجباتها وشروطها وأركانها ويكملونها بمكملاتها ومن ذلك أن يصلوها في أوقاتها ومن ذلك أن يصلوها مع المسلمين في مساجدهم لأن صلاة الجماعة كان الناس لا يتخلفون عنها إلا منافق أو معذور قال ابن مسعود رضي الله عنه لقد رأيتنا يعني مع الرسول عليه الصلاة والسلام وما يتخلف عنها إلا منافق أو مريض ولقد كان الرجل يؤتي بها يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف لا يثنيهم عن الحضور إلى المساجد حتى المرض رضي الله عنهم أما كثير من الناس اليوم على العكس من ذلك فتراهم يتكاسلون ويتأخرون عن صلاة الجماعة ولهذا لو قارنت بين الصلوات النهارية وصلاة الفجر لرأيت فرقا بينا لأن الناس يلحقهم الكسل في صلاة الفجر من نوم ولا يهتمون بها كثيرا { ومما رزقناهم ينفقون } أي: ينفقون أموالهم في مرضاة الله وحسب أوامر الله وفي المحل المناسب { أولئك هم المؤمنون حقا } حقا: توكيد للجملة التي قبلها أي أحق ذلك حقا { لهم درجات عند ربهم ومغفرة ورزق كريم } نسأل الله أن يجعلنا وإياكم منهم بمنه وكرمه إنه جواد كريم وأما الأحاديث:

74 -

74 - فالأول: عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: عرضت علي الأمم فرأيت النبي ومعه الرهيط والنبي ومعه الرجل والرجلان والنبي وليس معه أحد إذ يرفع لي سواد عظيم فظننت أنهم أمتي فقيل لي: هذا موسى وقومه ولكن انظر إلى الأفق فنظرت فإذا سواد عظيم فقيل لي: انظر إلى الأفق الآخر فإذا سواد عظيم فقيل لي هذه أمتك ومعهم سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب ثم نهض فدخل منزله فخاض الناس في أولئك الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب فقال بعضهم فلعلهم الذين صحبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال بعضهم فلعلهم الذين ولدوا في الإسلام فلم يشركوا بالله شيئا وذكروا أشياء فخرج عليهم رسول صلى الله عليه وسلم فقال ما الذي تخوضون فيه ؟ فأخبروه فقال هم الذين لا يرقون ولا يسترقون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون فقام عكاشة بن محصن فقال: ادع الله أن يجعلني منهم فقال أنت منهم ثم قام رجل آخر فقال ادع الله أن يجعلني منهم فقال سبقك بها عكاشة متفق عليه الرهيط بضم الراء: تصغير رهط وهم دون عشرة أنفس والأفق: الناحية والجانب وعكاشة بضم العين وتشديد الكاف وبتخفيفها والتشديد أفصح بعدما ساق الآيات ذكر هذا الحديث العظيم الذي أخبر فيه النبي صلى الله عليه وسلم أن الأمم عرضت عليه أي: أرى الأمم عليه الصلاة والسلام وأنبياءهم يقول فرأيت النبي ومعه الرهيط أي: معه الرهط القليل الذي ما بين الثلاثة إلى العشرة والنبي ومعه الرجل والرجلان والنبي وليس معه أحد أي: أن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ليسوا كلهم قد أطاعهم قومهم بل بعضهم لم يطعه أحد من قومهم وبعضهم أطاعه الرهط وبعضهم أطاعه الرجل والرجلان وانظر أن نوحا عليه الصلاة والسلام مكث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما يذكرهم بالله ويدعوهم إلى الله قال الله { وما آمن معه إلا قليل } كل هذه المدة ولم يلق منهم قبولا ولا سلم من شرهم قال نوح { وإني كلما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا أصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم وأصروا واستكبروا استكبارا } وكانوا يمرون به ويسخرون منه يقول رفع لي سواد أي: بشر كثير فيهم جهمة من كثرتهم فظننت أنهم أمتي فقيل هذا موسى وقومه لأن موسى من أكثر الأنبياء أتباعا بعث في بني إسرائيل وأنزل الله عليه التوراة التي هي أم الكتب الإسرائيلية قال ثم قيل لي انظر فنظرت إلى الأفق فإذا سواد عظيم وفي رواية سد الأفق فقيل انظر الأفق الثاني فنظرت إليه فإذا سواد عظيم فقيل لي هذه أمتك فإن الرسول صلى الله عليه وسلم أكثر الأنبياء تابعا لأنه منذ بعث إلى يوم القيامة والناس يتبعونه صلوات الله وسلامه عليه فكان أكثر الأنبياء تابعا يملأ أتباعه ما بين الأفقين ومعهم سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب أي: مع الأمة سبعون ألفا يدخلون الجنة لا يحاسبون ولا يعذبون من الموقف إلى الجنة بدون حساب ولا عذاب اللهم اجعلنا منهم وقد ورد أن مع كل واحد من السبعين الألف سبعين ألفا أيضا إذا ضربنا سبعين ألفا في سبعين ألفا ( ..
..
7 x ..
..
7 ) = ..
..
..
..
49 ) هؤلاء الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب ثم نهض فدخل منزله فخاض الناس في أولئك قال بعضهم: هم الذين صحبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال آخرون: لعلهم الذين ولدوا في الإسلام فلم يشركوا بالله شيئا وذكروا أشياء وكل أتى بما ظن أنه الصواب فخرج عليهم النبي صلى الله عليه وسلم فسألهم عما يقولون فيه فأخبروه فقال صلى الله عليه وسلم هم الذين لا يرقون ولا يسترقون ولا يكتوون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون هذا لفظ مسلم وفيه لا يرقون والمؤلف ـ رحمه الله ـ قال إنه متفق عليه وكان ينبغي أن يبين أن هذا اللفظ لفظ مسلم فقط دون رواية البخاري وذلك أن قوله: لا يرقون كلمة غير صحيحة ولا تصح عن النبي عليه الصلاة والسلام لأن معنى لا يرقون أي: لا يقرؤون على المرضي وهذا باطل فإن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يرقى المرضي وأيضا القراءة على المرضى إحسان فكيف يكون انتقاؤها سببا لدخول الجنة بغير حساب ولا عذاب فالمهم أن هذه اللفظة لفظة شاذة وخطأ لا يجوز اعتمادها والصواب هم الذين لا يسترقون أي: لا يطلبون من أحد أن يقرأ عليه إذا أصابهم شيء وقوله ولا يكتوون أي: لا يطلبون من أحد أن يكويهم إذا مرضوا وقوله ولا يتطيرون أي: لا يتشاءمون وعلى ربهم يتوكلون أي: يعتمدون على الله وحده فهذه أربعة صفات والشاهد قوله وعلى ربهم يتوكلون فلا يسترقون أي: لا يطلبون من أحد أن يقرأ عليهم لأنهم معتمدون على الله ولأن الطلب فيه شيء من الذل لأنه سؤال الغير فربما تخرجه ولا يريد أن يقرأ وربما إذا قرأ عليك لا يبرأ المرض فتتهمه وما أسبه ذلك وقوله ولا يكتوون لأن الكي عذاب بالنار لا يلجأ إليه إلا عند الحاجة وقوله ولا يتطيرون أي: لا يتشاءمون لا بمرئى ولا بمسموع ولا بمجذوم وقد كان العرب في الجاهلية يتطيرون فإذا طار الطير وذهب نحو اليسار تشاءموا وإذا رجع تشاءموا وإذا تقدم نحو الأمام صار لهم نظر آخر وكذلك نحو اليمين وهكذا والطيرة محرمة لا يجوز لأحد أن يتطير لا بطيور ولا بأيام ولا بشهور ولا بغيرها وتطير العرب فيما سبق بشهر شوال إذا تزوج الإنسان فيه ويقولون إن الإنسان إذا تزوج في شهر شوال لم يوفق فكانت عائشة رضي لله عنها تقول سبحان الله إن النبي تزوجها في شوال ودخل بها في شوال وكانت أحب نسائه إليه كيف يقال: إن الذي يتزوج في شوال لا يوفق وكانوا يتشاءمون بيوم الأربعاء، يوم الأربعاء يوم كأيام الأسبوع ليس فيه تشاؤم وكان بعضهم يتشاءم بالوجوه إذا رأى وجها لا يعجبه حتى إن بعضهم إذا فتح دكانه وكان أول من يأتيه رجل أعور أو أعمى غلق دكانه وقال اليوم لا رزق فيه والتشاؤم كما أنه شرك أصغر فهو حسرة على الإنسان فيتألم من كل شيء يراه لكن لو اعتمد على الله وترك هذه الخرافات لسلم وصار عيشه صافيا سعيدا أما قوله { وعلى ربهم يتوكلون } فمعناه أنهم يعتمدون على الله في كل شيء لا يعتمدون على غيره لأنه قال في كتابه { ومن يتوكل على الله فهو حسبه } ومن كان الله حسبه فقد كفي كل شيء هذا الحديث العظيم فيه صفات من يدخل الجنة بلا حساب ولا عذاب فقام عكاشة بن محصن رضي الله عنه فقال: يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم ما شاء الله بادر إلى الخير وسبق إليه قال أنت منهم ولهذا نحن نشهد الآن بأن عكاشة بن محصن رضي الله عنه يدخل الجنة بلا حساب ولا عذاب لأن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: أنت منهم فقام رجل آخر فقال: ادع الله أن يجعلني منهم قال: سبقك بها عكاشة فرده النبي عليه الصلاة والسلام لكنه رد لطيف لم يقل لست منهم بل قال: سبقك بها عكاشة واختلف العلماء لماذا قال له: سبقك بها عكاشة ؟ فقيل: لأنه كان يعلم بأن هذا الذي قال: ادع الله أن يجعلني منهم قد علم الرسول بأنه منافق والمنافق لا يدخل الجنة فضلا عن كونه بغير حساب ولا عذاب وقال بعض العلماء بل قال ذلك من أجل أن لا ينفتح الباب فيقوم من لا يستحق أن يدخل الجنة بغير حساب ولا عذاب وعلى كل حال فنحن لا نعلم علما يقينا بأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يدع الله له إلا لسبب معين فالله أعلم لكننا نستفيد من هذا فائدة وهو الرد الجميل من الرسول صلى الله عليه وسلم لأن قوله: سبقك بها عكاشة لا يحرجه ولا يحزنه وسبحان الله صارت هذه مثلا إلى يومنا هذا كلما طلب الإنسان شيئا قد سبق به قيل: قد سبقك بها عكاشة أورد بعض العلماء إشكالا على هذا الحديث وقال العلماء إشكالا على هذا الحديث وقال: إذا اضطر الإنسان إلى القراءة أي: أن يطلب من أحد أن يقرأ عليه مثل أن يصاب بعين أو بسحر أو أصيب بجن هل إذا ذهب يطلب من يقرأ عليه يخرج من استحقاق دخول الجنة بغير حساب ولا عذاب ؟ فقال بعض العلماء: نعم هذا ظاهر الحديث وليعتمد على الله وليتصبر ويسأل الله العافية وقال بعض العلماء: بل إن هذا فيمن استرقى قبل أن يصاب أي بأن قال: اقرأ علي أن لا تصيبني العين أو أن لا يصيبني السحر أو السجن أو الحمى فيكون هذا من باب طلب الرقية لأمر متوقع لا واقع وكذلك الكي فإذا قال الإنسان: الذين يكوون غيرهم هل يحرمون من هذا ؟ جـ: لا لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: ولا يكتوون أي: لا يطلبون من يكويهم لم يقل ولا يكوون وهو عليه الصلاة والسلام قد كوى أكحل سعد بن معاذ رضي الله عنه سعد بن معاذ الأوسي الأنصاري أصيب يوم الخندق في أكحله فانفجر الدم والأكحل إذا انفجر دمه قضى على الإنسان فكواه صلى الله عليه وسلم في العرق حتى وقف الدم والنبي هو أول من يدخل الجنة بغير حساب ولا عذاب فالذين يكوون محسنون والذين يقرؤون على الناس محسنون ولكن الكلام على من يسترقون أي: يطلبون من يقرأ عليهم أو يكتوون أي: من يطلبون من يكويهم والله الموفق

75 - الثاني: عن ابن عباس رضي الله عنهما أيضا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: اللهم لك أسلمت وبك آمنت وعليك توكلت وإليك أنبت وبك خاصمت اللهم أعوذ بعزتك لا إله إلا أنت أن تضلني أنت الحي الذي لا تموت والجن والإنس يموتون متفق عليه وهذا لفظ مسلم واختصره البخاري

76 - الثالث: عن ابن عباس رضي الله عنهما أيضا قال حسبنا الله ونعم الوكيل قالها إبراهيم عليه السلام حين ألقي في النار وقالها محمد صلى الله عليه وسلم حين قالوا إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا: حسبنا الله ونعم الوكيل رواه البخاري وفي رواية له عن ابن عباس رضي الله عنهما قال كان آخر قول إبراهيم عليه السلام حين ألقي في النار: حسبي الله ونعم الوكيل

الشَّرْحُ

إبراهيم ومحمد عليهما الصلاة والسلام هما خليلان لله عز وجل قال الله واتخذ الله إبراهيم خليلا وقال النبي صلى الله عليه وسلم إن الله قد اتخذني خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا والخليل معناه الحبيب الذي بلغت محبته الغاية ولا نعلم أن أحدا وصف بهذا الوصف إلا محمد صلى الله عليه وسلم وإبراهيم فهما الخليلان وإنك تسمع أحيانا يقول بعض الناس: إبراهيم خليل الله ومحمد حبيب الله وموسى كليم الله والذي يقول: إن محمدا حبيب الله في كلامه نظر لأن الخلة أبلغ من المحبة فإذا قال محمد حبيب الله فهذا فيه نوع نقص من حق الرسول عليه الصلاة والسلام لأن أحباب الله كثيرون فالمؤمنون يحبهم الله والمحسنون والمقسطون يحبهم الله والأحباب كثيرون لكن الخلة لا نعلم أنها ثبتت إلا لمحمد وإبراهيم وعلى هذا فنقول: الصواب أن يقال: إبراهيم خليل الله ومحمد خليل الله وموسى كليم الله على أن محمدا قد كلمه الله سبحانه وتعالى بدون واسطة حيث عرج به إلى السماوات السبع هذه الكلمة: حسبنا الله ونعم الوكيل قالها إبراهيم حينما ألقي في النار وذلك أن إبراهيم عليه الصلاة والسلام دعا قومه إلى عبادة الله وحده لا شريك له وأبوا وأصروا على الكفر والشرك فقام ذات يوم على أصنامهم فكسرها وجعلهم جذاذا إلا كبير لهم فلما رجعوا وجدوا آلهتهم قد كسرت فانتقموا والعياذ بالله لأنفسهم فقالوا: ماذا نصنع بإبراهيم ؟ { قالوا حرقوه } انتصارا لآلهتهم { وانصروا آلهتكم إن كنتم فاعلين } فأوقدوا نارا عظيمة جدا ثم رموا إبراهيم في هذه النار ويقال: إنهم لعظم النار لم يتمكنوا من القرب منها وأنهم رموا إبراهيم فيها بالمنجنيق من بعد فلما رموه قال { حسبنا الله ونعم الوكيل } فما الذي حدث ؟ قال الله تعالى { قلنا يا نار كوني بردا وسلام على إبراهيم } بردا ضد حر وسلاما ضد هلاكا لأن النار حارة ومحرقة مهلكة فأمر الله هذه النار أن تكون بردا وسلاما عليه فكانت بردا وسلاما والمفسرون بعضهم ينقل عن بني إسرائيل في هذه القصة أن الله لما قال { يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم } صارت جميع نيران الدنيا بردا وهذا ليس بصحيح لأن الله وجه الخطاب إلى نار معينة { يا نار كوني بردا } وعلماء النحو يقولون: إنه إذا جاء التركيب على هذا الوجه صار نكرة مقصودة أي: لا يشمل كل نار هو للنار التي ألقي فيها إبراهيم فقط وهذا هو الصحيح وبقية نيران الدنيا بقيت على ما هي عليه وقال العلماء أيضا ولما قال: كوني بردا قرن ذلك بقوله: كوني سلاما لأنه لو اكتفى بقوله { بردا } لكانت بردا حتى تهلكه لأن كل شيء يمتثل لأمر الله عز وجل انظر إلى قوله تعالى { ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها } فماذا قالتا ؟ { قالتا أتينا طائعين } منقادين لأمر الله أما الخليل الثاني الذي قال حسبنا الله ونعم الوكيل فهو النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه حين رجعوا من أحد قيل لهم: إن الناس قد جمعوا لكم يريدون أن يأتوا إلى المدينة ويقضوا عليكم فقالوا { حسبنا الله ونعم الوكيل } قال الله { فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم } فينبغي لكل إنسان رأى من الناس جمعا أو عدوانا عليه أن يقول: حسبنا الله ونعم الوكيل فإذا قال هكذا كفاه الله شرهم كما كفى إبراهيم ومحمدا عليهما الصلاة والسلام فاجعل هذه الكلمة دائما على بالك إذا رأيت من الناس عدوانا عليك والله الموفق

77 - الرابع عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يدخل الجنة أقوام أفئدتهم مثل أفئدة الطير رواه مسلم قيل: معناه متوكلون وقيل قلوبهم رقيقة

78 - الخامس: عن جابر رضي الله عنه أنه غزا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل نجد فلما قفل رسول الله صلى الله عليه وسلم قفل معهم فأدركتهم القائلة في واد كثير العضاه فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم وتفرق الناس يستظلون بالشجر ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت سمرة فعلق بها سيفه ونمنا نومة فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعونا وإذا عنده أعرابي فقال إن هذا اخترط علي سيفي وأنا نائم فاستيقظت وهو في يده صلتا قال: من يمنعك مني ؟ قلت: الله ـ ثلاثا ـ ولم يعاقبه وجلس متفق عليه وفي رواية: قال جابر: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بذات الرقاع فإذا أتينا على شجرة ظليلة تركناها لرسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء رجل من المشركين وسيف رسول الله صلى الله عليه وسلم معلق بالشجرة فاخترطه فقال: تخافني ؟ قال: لا قال: فمن يمنعك مني ؟ قال: الله وفي رواية أبي بكر الإسماعيلي في صحيحه فقال من يمنعك مني ؟ قال: الله فسقط السيف من يده فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم السيف فقال: قوله: قفل أي: رجع و العضاه الشجر الذي له شوك و السمرة بفتح السين وضم الميم الشجرة من الطلح وهي العظام من شجر العضاه و اخترط السيف أي: سله وهو في يده صلتا أي: مسلولا وهو بفتح الصاد وضمها

79 - السادس: عن عمر رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا رواه الترمذي وقال: حديث حسن معناه: تذهب أول النهار خماصا: أي ضامرة البطون من الجوع وترجع آخر النهار بطانا: أي ممتلئة البطون

الشَّرْحُ

قوله: حق توكله أي: توكلا حقيقيا تعتمدون على الله اعتمادا كاملا في طلب رزقكم وفي غيره لرزقكم كما يرزق الطير الطير رزقها على الله عز وجل لأنها طيور ليس لها مالك فتطير في الجو وتغدو إلى أوكارها وتستجلب رزق الله عز وجل تغدو خماصا الغدو: الذهاب في أول النهار وخماصا: جائعة كما قال الله فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لإثم فإن الله غفور رحيم مخمصة مجاعة تغدو خماصا ليس في بطونها شيء لكنها متوكلة على ربها عز وجل وتروح بطانا تروح أي: ترجع في آخر النهار لأن الرواح هو آخر النهار بطانا أي: ممتلئة البطون من رزق الله عز وجل ففي هذا دليل على مسائل أولا: أنه ينبغي للإنسان أن يعتمد على الله حق الاعتماد ثانيا: أنه ما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها حتى الطير في جو السماء لا يمسكه في جو السماء إلا الله ولا يرزقه إلا الله كل دابة في الأرض من أصغر ما يكون كالذر أو أكبر ما يكون كالفيلة وأشباهها فإن على الله رزقها كما قال الله { وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها } ولقد ضل ضلالا مبينا من أساء الظن بربه فقال: لا تكثروا الأولاد: تضيق عليكم الأرزاق فرزق أولادك وأطفالك على الله عز وجل هو الذي يفتح لك أبواب الرزق من أجل أن تنفق عليهم لكن أكثر الناس عندهم سوء ظن بالله ويعتمدون على الأمور المادية المنظورة ولا ينظرون إلى المدى البعيد وإلى قدرة الله وأنه هو الذي يرزق ولو كثر الأولاد أكثر من الأولاد تكثر لك الأرزاق هذا هو الصحيح وفي هذا: دليل على أن الإنسان إذا توكل على الله حق التوكل فليفعل الأسباب وضل من قال: لا أفعل السبب وأنا متوكل فهذا غير صحيح المتوكل هو الذي يفعل الأسباب معتمدا على الله عز وجل ولهذا قال كما يرزق الطير تغدو خماصا تذهب لتطلب الرزق ليست الطيور في أوكارها ولكنها تغدو وتطلب الرزق فأنت إذا توكلت على الله حق التوكل فلابد أن تفعل الأسباب التي شرعها الله لك من طلب الرزق من وجه حلال بالزراعة بالتجارة بالعمالة بأي شيء من أسباب الرزق اطلب الرزق معتمدا على الله ييسر الله لك الرزق ومن فوائد هذا الحديث أن الطيور وغيرها من مخلوقات الله تعرف الله كما قال الله تعالى { تسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده } أي: ما من شيء إلا يسبح بحمد الله { ولكن لا تفقهون تسبيحهم } { ألم تر أن الله يسجد له من في السماوات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس وكثير حق عليه العذاب ومن يهن الله فما له من مكرم إن الله يفعل ما يشاء } فالطيور تعرف خالقها عز وجل وتطير تطلب الرزق بما جلبها الله عليه من الفطرة التي تهتدى بها إلى مصالحها وتغدو إلى أوكارها في آخر النهار بطونها ملأى وهكذا دواليك في كل يوم والله عز وجل يرزقها وييسر لها الرزق وانظر إلى حكمة الله كيف تغدو هذه الطيور إلى محلات بعيدة وتهتدى بالرجوع إلى أماكنها لا تخطئها لأن الله أعطى كل شيء خلقه ثم هدى والله الموفق

80 - السابع: عن أبي عمارة البراء بن عازب رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا فلان إذا أويت إلى فراشك فقل: اللهم أسلمت نفسي إليك ووجهت وجهي إليك وفوضت أمري إليك وألجأت ظهري إليك رغبة ورهبة إليك لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك آمنت بكتابك الذي أنزلت وبنبيك الذي أرسلت فإنك إن مت من ليلتك مت على الفطرة وإن أصبحت أصبت خيرا متفق عليه وفي رواية في الصحيحين عن البراء قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة ثم اضطجع على شقك الأيمن وقل: وذكر نحوه ثم قال واجعلهن آخر ما تقول

الشَّرْحُ

ثم ذكر المؤلف في باب اليقين والتوكل حديث البراء بن عازب رضي الله عنه حيث أوصاه النبي صلى الله عليه وسلم أن يقول عند نومه إذا أوى إلى فراشه أن يقول هذا الذكر الذي تضمن تفويض الإنسان أمره إلى ربه وأنه معتمد على الله في ظاهره وباطنه مفوض أمره إليه وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يضطجع على الجنب الأيمن لأن ذلك هو الأفضل وقد ذكر الأطباء أن النوم على الجنب الأيمن أفضل للبدن وأصح من النوم على الجنب الأيسر وذكر أيضا أرباب السلوك والاستقامة أنه أقرب في استيقاظ الإنسان لأن بالنوم على الجنب الأيسر ينام القلب ولا يستيقظ بسرعة بخلاف النوم على الجنب الأيمن فإنه يبقى اللقب متعلقا ويكون أقل عمقا في منامه فيستيقظ بسرعة وفي هذا الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يجعلهن آخر ما يقول مع أن هناك ذكرا بل أذكارا عند النوم تقال غير هذا مثلا التسبيح والتحميد والتكبير فإنه ينبغي للإنسان إذا نام على فراشه أن يقول: سبحان الله ثلاثا وثلاثين والحمد لله ثلاثا وثلاثين والله أكبر أربعا وثلاثين هذا من الذكر لكن حديث البراء يدل على أن ما أوصاه الرسول صلى الله عليه وسلم به أن يجعلهن آخر ما يقول وقد أعاد البراء بن عازب هذا الحديث على النبي صلى الله عليه وسلم ليتقنه فقال: آمنت بكتابك الذي أنزلت ورسولك الذي أرسلت فرد عليه النبي عليه الصلاة والسلام وقال: قل: ونبيك الذي أرسلت ولا تقل ورسولك الذي أرسلت قال أهل العلم وذلك لأن الرسول يكون من البشر ويكون من الملائكة كما قال الله عن جبريل إنه لقول رسول كريم ذي قوة عند ذي العرش مكين أما النبي فلا يكون إلا من البشر فإذا قال: ورسولك الذي أرسلت فإن اللفظ صالح لأن يكون المراد به جبريل لكن إذا قال: ونبيك الذي أرسلت اختص بمحمد صلى الله عليه وسلم هذا من وجه ومن وجه آخر: أنه إذا قال: ورسولك الذي أرسلت فإن دلالة هذا اللفظ على النبوة من باب دلالة اللزوم وأما إذا قال نبيك فإنه يدل على النبوة دلالة مطابقة ومعلوم أن دلالة المطابقة أقوى من دلالة اللزوم الشاهد من هذا الحديث قوله وفوضت أمري إليك وقوله لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك فإن التوكل تفويض الإنسان أمره إلى ربه وأنه لا يلجأ ولا يطلب منجا من الله إلا إلى الله عز وجل بالرجوع إليه فينبغي للإنسان إذا أراد النوم أن ينام على جنبه الأيمن وأن يقول هذا الذكر وأن يجعله آخر ما يقول والله الموفق

81 - الثامن: عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه عبد الله بن عثمان بن عامر بن عمر بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب القرشي التيمي رضي الله عنه وهو وأبوه وأمه صحابة رضي الله عنهم قال نظرت إلى أقدام المشركين ونحن في الغار وهم على رءوسنا فقلت يا رسول الله لو أن أحدهم نظر تحت قدميه لأبصرنا فقال ما ظنك يا أبا بكر باثنين الله ثالثهما متفق عليه

الشَّرْحُ

قوله: ما ظنك يا أبا بكر باثنين الله ثالثهما أي: ما ظنك هل أحد يقدر عليهما أو ينالهما بسوء ؟ وهذه القصة كانت حينما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة وذلك لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما جهر بالدعوة ودعا الناس وتبعوه وقام المشركين وقاموا ضد دعوته وضايقوه وآذوه بالقول وبالفعل فأذن الله له بالهجرة من مكة إلى المدينة فهاجر عليه الصلاة والسلام على رأس ثلاث عشرة سنة من مبعثه فهاجر من مكة إلى المدينة ولم يصحبه إلا أبو بكر رضي الله عنه والدليل والخادم ولما سمع المشركون بخروجه من مكة جعلوا لمن جاء به مائتي بعير ولمن جاء بأبي بكر مائة بعير وصار الناس يطلبون الرجلين في الجبال وفي الأودية وفي المغارات وفي كل مكان حتى وقفوا على الغار الذي فيه النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وهو غار ثور الذي اختفيا فيه ثلاث ليال حتى يبرد عنهما الطلب فقال أبو بكر: يا رسول الله لو نظر أحدهم إلى قدميه لأبصرنا لأننا في الغار تحته فقال ما ظنك باثنين الله ثالثهما وفي كتاب الله لا تحزن إن الله معنا فيكون قال الأمرين كلاهما فقوله ما ظنك باثنين الله ثالثهما هل أحد يقدر عليهما أو غير ذلك جـ: والجواب لا أحد يقدر لأنه لا مانع لما أعطى الله ولا معطى لما منع ولا مذل لمن أعز ولا معز لمن أذل { قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك لمن تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير } وفي هذه القصة: دليل على كمال توكل النبي صلى الله عليه وسلم على ربه وأنه معتمد عليه ومفوض إليه أمره وهذا هو الشاهد من وضع هذا الحديث في باب اليقين والتوكل وفيه: دليل على أن قصة نسج العنكبوت غير صحيحة فما يوجد في بعض التواريخ أن العنكبوت نسجت على باب الغار وأنه نبت فيه شجرة وأنه كان على غصنها حمامة وأن المشركين لما جاءوا إلى الغار قالوا: هذا ليس فيه أحد فهذه الحمامة على غصن شجرة على بابه وهذه العنكبوت قد عششت على بابه كل هذا لا صحة له لأن الذي منع المشركين من رؤية النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه أبي بكر ليست أمورا حسية تكون لهما ولغيرهما بل هي أمور معنوية وآية من آيات الله عز وجل حجب الله أبصار المشركين عن رؤية الرسول عليه الصلاة والسلام وصاحبه أبي بكر والله الموفق

82 - التاسع: عن أم المؤمنين أم سلمة واسمها هند بنت أبي أمية حذيفة المخزومية رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج من بيته قال بسم الله توكلت على الله اللهم إني أعوذ بك أن أضل أو أضل أو أزل أو أزل أو أظلم أو أظلم أو أجهل أو يجهل علي حديث صحيح رواه أبو داود والترمذي وغيرهما بأسانيد صحيحة قال الترمذي: حديث حسن صحيح وهذا لفظ أبي داود

الشَّرْحُ

الشاهد من هذا الحديث قوله بسم الله توكلت على الله فإن في هذا دليلا على أن الإنسان ينبغي له إذا خرج من بيته أن يقول هذا الذكر الذي منه لتوكل على الله والاعتصام به لأن الإنسان إذا خرج من بيته فهو عرضة لأن يصيبه شيء أو يعتدي عليه حيوان من عقرب أو حية وما أشبهه فيقول آمنت بالله واعتصمت بالله توكلت على الله قوله اللهم إني أعوذ بك أن أضل أي: أضل في نفسي قوله أو أضل أي: يضلني أحد أو أزل من الزلل وهو الخطأ أو أزل أي: أحد يتوصل لفعل الخطأ أو أظلم أي: أظلم غيري أو أظلم يظلمني غيري أو أجهل أسفه أو يجهل علي يسفه على أحد ويعتدي على أحد فهذا الذكر ينبغي أن يقوله الإنسان إذا خرج من بيته لما فيه من اللجوء إلى الله سبحانه والاعتصام به والله الموفق

83 - العاشر: عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قال ـ يعني إذا خرج من بيته ـ بسم الله توكلت على الله ولا حول ولا قوة إلا بالله يقال له هديت وكفيت ووقيت وتنحى عنه الشيطان رواه أبو داود والترمذي والنسائي وغيرهم وقال الترمذي: حديث حسن زاد أبو داود: فيقول ـ يعني الشيطان ـ لشيطان آخر: كيف لك برجل قد هدي وكفي ووقي ؟

84 - وعن أنس رضي الله عنه قال كان أخوان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وكان أحدهما يأتي النبي صلى الله عليه وسلم والآخر يحترف فشكا المحترف أخاه للنبي صلى الله عليه وسلم فقال لعلك ترزق به رواه الترمذي بإسناد صحيح على شرط مسلم يحترف يكتسب ويتسبب

باب الاستقامة

قال الله تعالى { فاستقم كما أمرت } وقال تعالى { إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون نزلا من غفور رحيم } وقال تعالى { إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون أولئك أصحاب الجنة خالدين فيها جزاء بما كانوا يعملون }

الشَّرْحُ

الاستقامة هي أن يثبت الإنسان على شريعة الله سبحانه وتعالى كما أمر الله ويتقدمها الإخلاص لله عز وجل ثم ذكر المؤلف عدة آيات في هذا فذكر قول الله تعالى استقم كما أمرت الخطاب هنا للنبي صلى الله عليه وسلم والخطاب الموجه للرسول صلى الله عليه وسلم يكون له ولأمته إلا إذا قام دليل على أنه خاص به فإنه يختص به أما إذا لم يكن الدليل خاصا به فإنه له وللأمة فمما دل الدليل على أنه خاص به قوله تعالى { ألم نشرح لك صدرك ووضعنا عنك وزرك الذي أنقض ظهرك } فإن هذا خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم ومثل قوله { ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم } هذا أيضا خاص بالرسول صلى الله عليه وسلم وإذا لم يقم الدليل على أن الخطاب للخصوصية فهو له ولأمته وعلى هذه القاعدة يكون قوله { استقم كما أمرت } عاما له ولأمته كل واحد يجب عليه أن يستقيم كما أمر فلا يبدل في دين الله ولا يزيد فيه ولا ينقص ولهذا قال في آية آخرى { واستقم كما أمرت ولا تتبع أهواءهم } وقال تعالى { إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا } { ربنا الله } خالقنا ومالكنا ومدبر أمورنا فنحن نخلص له { ثم استقاموا } على ذلك أي: على قولهم: ربنا الله فقاموا بشريعة الله هؤلاء الذين اتصفوا بهذين الوصفين { تتنزل عليهم الملائكة } ملكا بعد ملك { ألا تخافوا ولا تحزنوا } يعني أن الملائكة تتنزل عليهم بأمر الله في كل موطن مخوف ولاسيما عند الموت يقولون لهم { ألا تخافوا ولا تحزنوا } لا تخافوا فيما تستقبلون من أموركم ولا تحزنوا على ما مضى من أموركم { وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون } والبشرى هي الإخبار بما يسر ولا شك أن الإنسان يسره أن يكون من أهل الجنة أسأل الله أن يجعلني وإياكم منهم { وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون } لأن كل من قال: ربي الله استقام على دين الله فإنه من أهل الجنة يقولون لهم أيضا { نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة } فالملائكة أولياء اللذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا في الحياة الدنيا تسددهم وتساعدهم وتعينهم وكذلك في الآخرة تتلقاهم الملائكة يوم البعث والحساب { هذا يومكم الذي كنتم توعدون } فيبشرنهم بالخير في مقام الخوف والشدة قال الله عز وجل { ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون } لكم فيها أي في الآخرة ما تشتهي أنفسكم وذلك في نعيم الجنة لأن الجنة فيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين { ولكم فيها ما تدعون } أي: تطلبون بل لهم فوق ذلك { لهم فيها ما يشاءون ولدينا مزيد } لهم زيادة على ما يدعونه ويطلبونه ويتمنونه { نزلا من غفور رحيم } يعني أن الجنة نزل لهم وضيافة من غفور رحيم { غفور } غفر لهم سيئاتهم رحيم بهم رفع لهم درجاتهم هذا جزاء الذين يقولون ربنا الله ثم يستقيمون وفي هذا دليل على أهمية الاستقامة على دين الله بأن يكون الإنسان ثابتا لا يزيد ولا ينقص ولا يبدل ولا يغير فأما من غلا في دين الله أو جفا عنه أو بدل فإنه لم يكن مستقيما على شريعة الله عز وجل والاستقامة لابد لها من الاعتدال في كل شيء حتى يكون الإنسان مستقيما

85 - وعن أبي عمرو وقيل أبي عمرة سفيان بن عبد الله رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله قل لي في الإسلام قولا لا أسأل عنه أحدا غيرك قال: قل: آمنت بالله ثم استقم رواه مسلم

الشَّرْحُ
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://abubaker.jordanforum.net
 
74 - 85 -
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الأصدقاء :: هدايات وإرشادات وتوجيهات إسلامية :: شرح أحاديث رياض الصالحين - فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله - وأخرى-
انتقل الى: