باب تغليظ عقوبة من أمر بمعروف أو نهى عن منكر وخالف قوله فعله
قال الله تعالى { أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } وقال تعالى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُون كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللهِ أَن تَقُولُوا مَا لاَ تَفْعَلُونَ } وقال تعالى إخبارا عن شعيب صلى الله عليه وسلم { وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ }
الشَّرْحُ
قال المؤلف رحمه الله تعالى باب تغليظ عقوبة من أمر بمعروف أو نهي عن منكر وخالف فعله وقوله لما كان الباب الذي قبله في وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كان المناسب ذكر هذا الباب في تغليظ عقوبة من أمر بمعروف ولم يفعله أو نهى عن منكر وفعله والعياذ بالله وذلك أن من هذه حاله لا يكون صادقا في أمره ونهيه لأنه لو كان صادقا في أمره معتقدا أن ما أمر به معروف وأنه نافع لكان هو أول من يفعله لو كان عاقلا وكذلك لو نهى عن منكر وهو يعتقد أنه ضار وأن فعله إثم لكان أول من يتركه لو كان عاقلا فإذا أمر بمعروف ولم يفعله أو نهى عن منكر وفعله علم أن قوله ليس مبنيا على عقيدة والعياذ بالله ولهذا أنكر الله على من فعل ذلك فقال تعالى أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ والاستفهام هنا للإنكار يعني كيف تأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم فلا تفعلونه وأنتم تتلون الكتاب وتعرفون البر من غير البر أفلا تعقلون وهذا الاستفهام للتوبيخ يقول لهم كيف يقع منكم هذا الشيء أين عقولكم لو كنتم صادقين مثال ذلك رجل يأمر بترك الناس للربا ولكنه يتعامل به أو يفعل ما هو أعظم منه فهو يقول في الناس مثلا لا تأخذوا الربا في معاملات البنوك ثم يذهب فهو يأخذ الربا بالحيلة والمكر والخداع ولم يعلم أن ما وقع هو فيه من الحيلة والمكر والخداع فهو ذنبا وأعظم إثما ممن أتى الأمر على وجهه ولهذا قال أيوب السختياني رحمه الله في أهل الحيل والمكر إنهم يخادعون الله كما يخادعون الصبيان لو أنهم أتوا الأمر على وجهه لكان أهون وصدق رحمه الله كذلك أيضا رجل يأمر الناس بالصلاة ولكنه هو نفسه لا يصلي فكيف يكون هذا كيف تأمر بالصلاة وترى أنها معروف ثم لا تصلي هل هذا من العقل ليس من العقل فضلا أن يكون من الدين فهو مخالف للعقل وسفه في الدين نسأل الله العافية وقال الله تعالى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللهِ أَن تَقُولُوا مَا لاَ تَفْعَلُونَ } { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا } خاطبهم بالإيمان لأن مقتضى الإيمان ألا يفعل الإنسان هذا وألا يقول ما لا يفعل ثم وبخهم بقوله { لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُونَ } ثم بين أن هذا الفعل مكروه عند الله مبغض لديه أشد البغض فقال { كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللهِ أَن تَقُولُوا مَا لاَ تَفْعَلُونَ } والمقت قال العلماء هو أشد البغض فالله تعالى يبغض الرجل الذي هذه حاله يقول ما لا يفعل وبين الله عز وجل لعباده أن ذلك مما يبغضه من أجل أن يبتعدوا عنه لأن المؤمن حقا يبتعد عما نهى الله عنه وقال عن شعيب { وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ } يعني أنه يقول لقومه لا يمكن أن أنهاكم عن الشرك وأنهاكم عن نقص المكيال والميزان وأنا أفعله لا يمكن أبدا لأن الرسل عليهم السلام هم أنصح الخلق للخلق وهم أشد الناس تعظيما لله وامتثالا لأمره واجتنابه لنهيه فلا يمكن أن يخالفهم إلى ما ينهاهم عنه فيفعله وفي هذا دليل على أن الإنسان الذي يفعل ما ينهى عنه أو يترك ما أمر به مخالف لطريقة الرسل عليهم الصلاة والسلام لأنهم لا يمكن أن يخالفوا الناس إلى ما ينهوهم عنه وستأتي الأحاديث إن شاء الله في بيان عقوبة من ترك ما أمر به أو فعل ما نهى عنه والله الموفق
198 - وعن أبي زيد أسامة بن زيد بن حارثة رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يؤتى بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق أقتاب بطنه فيدور بها كما يدور الحمار في الرحا فيجتمع إليه أهل النار فيقولون يا فلان ما لك ألم تكن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر فيقول بلى كنت آمر بالمعروف ولا آتيه وأنهى عن المنكر وآتيه متفق عليه قوله تندلق هو بالدال المهملة ومعناه تخرج و الأقتاب الأمعاء واحدها قطب
الشَّرْحُ
قال المؤلف رحمه الله تعالى فيما نقله عن أسامة بن زيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يؤتى بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق أقتاب بطنه فيدور بها كما يدور الحمار في الرحا فيجتمع عليه أهل النار فيقولون يا فلان ما لك ألم تك تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر فيقول بلى كنت آمر بالمعروف ولا آتيه وأنهى عن المنكر وآتيه فهذا الحديث فيه التحذير الشديد من الرجل الذي يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويخلف قوله فعله يقول يؤتى بالرجل يوم القيامة أي تأتي به الملائكة فيلقى في النار إلقاء لا يدخلها برفق ولكنه يلقى فيها كما يلقى الحجر في اليم فتندلق أقتاب بطنه يعني أمعاءه الأقتاب جمع قتب وهو المعي ومعنى تندلق تخرج من بطنه من شدة الإلقاء والعياذ بالله فيدور به كما يدور الحمار في الرحا وهذا التشبيه للتقبيح شبهه بالحمار الذي يدور على الرحا وصفة ذلك أنه في المطاحن القديمة قبل أن توجد هذه الآلات والمعدات الحديدية كان يجعل حجران كبيران وينقشان فيما بينهما أي ينقران ويوضع للأعلى منهما فتحة تدخل فيها الحبوب وفيها خشبة تربط بمتن الحمار ثم يستدير على الرحا وفي استدارته تطحن الرحا فهذا الرجل الذي يلقى في النار على أمعائه والعياذ بالله كما يدور الحمار على رحاه فيجتمع إليه أهل النار فيقولون له ما لك أي شيء جاء بك إلى هنا وأنت تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر فيقول مقرا على نفسه كنت آمر بالمعروف ولا آتيه يقول للناس صلوا ولا يصلي ويقول لهم زكوا أموالكم ولا يزكي ويقول بروا الوالدين ولا يبر والديه وهكذا يأمر بالمعروف ولكنه ولا يأتيه وأنهى عن المنكر وآتيه يقول للناس لا تغتابوا الناس لا تأكلوا الربا لا تغشوا في البيع لا تسيئوا العشرة لا تسيئوا الجيرة وما أشبه ذلك من الأشياء المحرمة التي ينهى عنها ولكنه يأتيها والعياذ بالله يبيع بالربا ويغش ويسئ العشرة ويسئ إلى الجيران وغير هذا فهو بذلك يأمر بالمعروف ولا يأتيه وينهى عن المنكر ويأتيه نسأل الله العافية فيعذب هذا العذاب ويخزى هذا الخزي فالواجب على المرء أن يبدأ بنفسه فيأمرها بالمعروف وينهاها عن المنكر لأن أعظم الناس حقا عليك بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسك
ابدأ بنفسك فانهها عن غيها ...
فإذا انتهت عنه فأنت حكيم
ابدأ بها ثم حاول نصح إخوانك وأمرهم بالمعروف وانههم عن المنكر لتكون صالحا مصلحا نسأل الله أن يجعلني وإياكم من الصالحين إنه جواد كريم
باب الأمر بأداء الأمانة
قال الله تعالى { إِنَّ اللهَ يَأمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الأمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا }
الشَّرْحُ
قال المؤلف رحمه الله باب الأمر بأداء الأمانة الأمانة تطلق على معان متعددة منها ما ائتمنه الله على عباده من العبادات التي كلفهم بها فإنها أمانة ائتمن الله عليها العباد ومنها الأمانة المالية وهي الودائع التي تعطى للإنسان ليحفظها لأهلها وكذلك الأموال الأخرى التي تكون بيد الإنسان لمصلحته أو مصلحته ومصلحة مالكها وذلك أن الأمانة التي بيد الإنسان إما أن تكون لمصلحة مالكها أو لمصلحة من هي بيده أو لمصلحتها جميعا فأما الأول فالوديعة الوديعة تجعلها عند شخص تقول مثلا هذه ساعتي عندك احفظها لي أو هذه دراهم احفظها لي وما أشبه ذلك فهذه وديعة المودع فيها بقيت عنده لمصلحة مالكها وأما التي لمصلحة من هي بيده فالعارية يعطيك شخص شيئا يعيرك إياه من إناء أو فراش أو ساعة أو سيارة فهذه بقيت في يدك لمصلحتك وأما التي لمصلحة مالكها ومن هي بيده فالعين المستأجرة فهذه مصلحتها للجميع استأجرت مني سيارة وأخذتها فأنت تنتفع بها في قضاء حاجتك وأنا أنتفع بالأجرة وكذلك البيت والدكان وما أشبه ذلك كل هذه من الأمانات ومن الأمانة أيضا أمانة الولاية وهي أعظمها مسئولية الولاية العامة والولايات الخاصة فالسلطان مثلا الرئيس الأعلى في الدولة أمين على الأمة كلها على مصالحها الدينية ومصالحها الدنيوية على أموالها التي تكون في بيت المال لا يبذرها ولا ينفقها في غير مصلحة المسلمين وما أشبه ذلك وهناك أمانات أخرى دونها كأمانة الوزير مثلا في وزارته وأمانة الأمير في منطقته وأمانة القاضي في عمله وأمانة الإنسان في أهله المهم أن الأمانة بابا واسع جدا وأصلها أمران أمانة في حقوق الله وهي أمانة العبد في عبادات الله عز وجل وأمانة في حقوق البشر وهي كثيرة جدا وقد أشرنا إلى شيء منها وكلها يؤمر الإنسان بأدائها إِنَّ اللهَ يَأمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الأمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا تأمل هذه الصيغة إن الله يأمركم صيغة قوة وسلطان لم يقل أدوا الأمانة ولم يقل إني آمركم ولكن قال إن الله يأمركم يأمركم بألوهيته العظيمة يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها فأقام الخطاب مقام الغائب تعظيما له لهذا المقام ولهذا الأمر وهذا كقول السلطان ولله المثل الأعلى إن الأمير يأمركم إن الملك يأمركم فهذا أبلغ وأقوى من قوله إني آمركم كما قال ذلك علماء البلاغة أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها من لازم الأمر بأداء الأمانة إلى أهلها الأمر بحفظها لأنه لا يمكن أداؤها إلى أهلها إلا بحفظها وحفظها ألا يتعدى فيها ولا يفرط بل يحفظها حفظا تاما ليس فيه تعد ولا تفريط حتى يوديها إلى أهلها وأداء الأمانة من علامات الإيمان فكلما وجدت الإنسان أمينا فيما يؤتمن عليه مؤديا له على الوجه الأكمل فاعلم أنه قوي الإيمان وكلما وجدته خائنا فاعلم أنه ضعيف الإيمان ومن الأمانات ما يكون بين الرجل وصاحبه من الأمور الخاصة التي لا يجب أن يطلع عليها أحد فإنه لا يجوز لصاحبه أن يخبر بها فلو استأمنت على حديث حدثك به وقال لك هذا أمانة فإنه لا يحل لك أن تخبر به أحد من الناس ولو كان أقرب الناس إليك سواء أوصاك بأن لا تخبر به أحدا أو علم من قرائن الأحوال أنه لا يحب أن يطلع عليه أحد ولهذا قال العلماء إذا حدثك الرجل بحديث والتفت فهذه أمانة لماذا ؟ لأن كونه يلتفت فإنه يخشى بذلك أن يسمع أحد إذن فهو لا يحب أن يطلع عليه أحد فإذا ائتمنك الإنسان على حديث فإنه لا يجوز لك أن تفشيه ومن ذلك أيضا ما يكون بين الرجل وبين زوجته من الأشياء الخاصة فإن شر الناس منزلة عند الله تعالى يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه ثم يروح ينشر سرها ويتحدث بما جرى بينهما فلا يجوز للإنسان أن يتحدث بما جرى بينه وبين زوجته وكثير من الشباب السفهاء يتفكهون في المجالس بذكر تلك الخصوصيات يقول الواحد منهم فعلت بامرأتي كذا وكذا من الأمور التي لا تحب هي أن يطلع عليها أحد وكذلك كل إنسان عاقل له ذوق سليم لا يحب أن يطلع أحد على ما جرى بينه وبين زوجته إذن علينا أن نحافظ على الأمانات وأول شيء أن نحافظ على الأمانات التي بيننا وبين ربنا لأن حق ربنا أعظم الحقوق علينا ثم بعد ذلك ما يكون من حقوق الخلق الأقرب فالأقرب والله الموفق
وقال تعالى { إِنَّا عَرَضْنَا الأمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولاً }
الشَّرْحُ
سبق الكلام على أن الأمانات شاملة لحقوق الله وحقوق العباد وأنها أنواع كثيرة وذكرنا ما تيسر منها وتكلمنا عن قوله عز وجل إِنَّ اللهَ يَأمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الأمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا ثم قال تعالى في الآية نفسها { إِنَّ اللهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ } فأثنى الله عز وجل على ما يعظنا من الأوامر والنواهي من الأوامر التي يريد منا فعلها والنواهي التي يريد منا تركها ثم ختم الآية بقوله { إِنَّ اللهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا } سميعا لما تقولون بصيرا لما تفعلون وختم الآية بهذين الاسمين الكريمين المتضمنين لشامل سمع الله وبصره يقتضي التهديد فهو يهدد عز وجل من لم يقم بأداء الأمانات إلى أهلها ثم ذكر المؤلف رحمه الله قوله تعالى { إِنَّا عَرَضْنَا الأمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولاً } عرض الله الأمانة وهي التكليف والإلزام بما يجب عرضها على السماوات والأرض والجبال ولكنها أبت أن تحملها لما فيها من المشقة والخشية هذه الثلاثة السماوات والأرض والجبال من إضاعتها فإذا قال قائل كيف يعرض الله الأمانة على السماوات والأرض والجبال وهي جماد ليس لها عقل ولا تشعر فالجواب أن كل جماد فهو بالنسبة لله عز وجل عاقل يفهم ويمتثل أرأيت إلى قوله تعالى فيما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم إن الله تعالى لما خلق القلم قال له اكتب فخاطب الله القلم وهو جماد ورد عليه القلم قال وماذا أكتب لأن الأمر مجمل ولا يمكن الامتثال للأمر المجمل إلا ببيانه قال اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة فكتب القلم بأمر الله ما هو كائن إلى يوم القيامة هذا أمر وتكليف وإلزام فهنا بين الله عز وجل أنه عرض الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبت أن تحملها وقال تعالى { ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ } فخاطبها بالأمر وقال ائتيا طوعا أو كرها فقالتا أتينا طائعين ففهمت السماوات والأرض خطاب الله وامتثلتا وقالتا أتينا طائعين وعصاة بني آدم يقولون سمعنا وعصينا الأمانة حملها الإنسان وكيف حملها ؟ حملها بأمرين العقل والرسل العقل الذي أعطاه الله عز وجل وفضله به على كثير ممن خلق تفضيلا والرسل الذين أرسلهم الله عز وجل للإنسان وبينوا له الحق من الضلال فلم يبق له عذر ولكن مع ذلك وصف الإنسان بأنه ظلوم جهول فاختلف العلماء هل الإنسان هنا عام أم خاص بالكافر فقال بعض العلماء إنه خاص بالكافر فهو الظلوم الجهول أما المؤمن فهو ذو عدل وعلم وحكمة ورشد وقال بعض العلماء بل هو عام والمراد الإنسان بحسب طبيعته أما المؤمن فإن الله من عليه بالهداية فيكون مستثنى من هذا وأيا كان فمن قام بالأمانة انتفى عنه وصف الظلم والجهالة التي في قوله تعالى { وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولاً }
199 - عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا اؤتمن خان متفق عليه وفي رواية وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم
الشَّرْحُ