600 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما بعث الله نبيا إلا رعى الغنم فقال أصحابه وأنت ؟ قال: نعم، كنت أرعاها على قراريط لأهل مكة رواه البخاري .
601 - وعنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: من خير معاش الناس رجل ممسك عنان فرسه في سبيل الله، يطير على متنه، كلما سمع هيعة أو فزعة، طار عليه يبتغي القتل أو الموت مظانه، أو رجل في غنيمة في رأس شعفة من هذه الشعف، أو بطن واد من هذه الأودية، يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة ويعبد ربه حتى يأتيه اليقين ليس من الناس إلا في خير رواه مسلم . يطير أي يسرع . ومتنه ظهره . و الهيعة الصوت للحرب . هذان الحديثان في باب استحباب العزلة عن فساد الناس: الأول حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما بعث الله نبيا إلا رعى الغنم يعني ما من نبي من الأنبياء أرسله الله عز وجل إلى عباده إلا رعى الغنم، قالوا: وأنت قال: نعم، كنت أرعاها على قراريط لأهل مكة حتى النبي عليه الصلاة والسلام رعى الغنم قال العلماء والحكمة من ذلك أن يتمرن الإنسان على رعاية الخلق وتوجيههم إلى ما فيه الصلاح، لأن الراعي للغنم تارة يوجهها إلى واد مزهر مخضر، وتارة إلى واد خلاف ذلك، وتارة يبقيها واقفة، فالنبي عليه الصلاة والسلام سيرعى الأمة ويوجهها إلى الخير عن علم وهدى وبصيرة كالراعي الذي عنده علم بالمراعي الحسنة، وعنده نصح وتوجيه للغنم إلى ما فيه خيرها، وما فيه غذاؤها وسقاؤها . واختيرت الغنم لأن صاحب الغنم متصف بالسكينة والهدوء والاطمئنان بخلاف الإبل، الإبل أصحابها في الغالب عندهم شدة وغلظة، لأن الإبل كذلك فيها الشدة والغلظة، فلهذا اختار الله سبحانه وتعالى لرسله أن يرعوا الغنم حتى يتعودوا ويتمرنوا على رعاية الخلق . فرسول الله صلى الله عليه وسلم رعاها على قراريط لأهل مكة وموسى عليه الصلاة والسلام رعاها مهرا لابنة صاحب مدين، فإنه قال: قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ وأما الحديث الثاني: ففيه أيضا دليل على أن العزلة خير فيكون الإنسان ممسكا بعنان فرسه، يطير عليه كلما سمع هيعة فهو بعيد عن الناس يحمي ثغور المسلمين مهتم بأمور الجهاد على أتم استعداد للنفور والجهاد كلما سمع هيعة ركب فرسه فطار به أي مشى مشيا مسرعا . وكذلك من كان في مكان من الأودية والشعاب منعزلا عن الناس، يعبد الله عز وجل ليس من الناس إلا في خير فهذا فيه خير . ولكننا سبق أن قلنا إن هذه النصوص تحمل على ما إذا كان في الاختلاط فتنة وشر، وأما إذا لم يكن فيه فتنة وشر، فإن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من المؤمن الذي لا يخالطهم ولا يصبر على أذاهم .
الشَّرْحُ
601- وعنه عَنْ رسولِ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم أَنه قال : « مِنْ خَير مَعَاشِ النَّاسِ رَجُلٌ مُمْسِكٌ عِنَانَ فَرسِهِ في سَبِيلِ اللَّه ، يَطيرُ عَلى مَتنِهِ ، كُلَّمَا سَمِعَ هَيْعَةً أَوْ فَزْعَةً ، طارَ عَلَيْهِ يَبْتَغِي الْقَتلَ ، أَو المَوْتَ مظَانَّه ، أَوْ رَجُلٌ في غُنَيمَةٍ في رَأْسِ شَعَفَةٍ مِن هَذِهِ الشَّعَفِ ، أَوْ بَطنِ وادٍ مِن هَذِهِ الأَوديَةِ ، يُقِيم الصَّلاةَ ويُؤتي الزَّكاةَ ، ويَعْبُد رَبَّهُ حتَّى يَأْتِيَهُ اليَقِينُ ليَسَ مِنَ النَّاسِ إِلاَّ في خَيْرٍ » رواه مسلم .
« يَطِيرُ » أَي يُسرع . « ومَتْنُهُ » : ظَهْرُهُ . « وَالهَيْعَةُ » : الصوتُ للحربِ . «وَالفَزَعَةُ»: نحوهُ . وَ « مَظَانُّ الشَّيءِ » : المواضع التي يُظَنُّ وجودُه فيها . « والغُنَيمَةُ » بضم الغين تصغير الغنم . « الشَّعْفَةُ » بفتح الشِّين والعين : هي أَعْلى الجبَل .
70- باب فضل الاختلاط بالناس