614 - وعن حارثة بن وهب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ألا أخبركم بأهل النار ؟ كل عتل جواظ مستكبر متفق عليه، وتقدم شرحه في باب ضعفة المسلمين .
615 - وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: احتجت الجنة والنار، فقالت النار: في الجبارون والمتكبرون، وقالت الجنة: في ضعفاء الناس ومساكينهم فقضى الله بينهما إنك الجنة رحمتي أرحم بك من أشاء وإنك النار عذابي أعذب بك من أشاء ولكليكما علي ملؤها رواه مسلم .
616 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا ينظر الله يوم القيامة إلى من جر إزاراه بطرا متفق عليه . هذه أحاديث ساقها المؤلف - رحمه الله - في باب تحريم الكبر والعجب وقد سبق لنا الكلام على الآيات الواردة في هذا، وكذلك الكلام على الأحاديث التي ذكرها المؤلف - رحمه الله تعالى - في هذا الباب . ثم ذكر المؤلف - رحمه الله - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ألا أخبركم بأهل النار ؟ وهذا من الأسلوب الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم يستعمله أن يورد الكلام على صيغة الاستفهام من أجل أن ينتبه المخاطب ويعي ما يقول فهو يقول: ألا أخبركم الكل سيقول نعم أخبرنا يا رسول الله . قال: كل عتل جواظ مستكبر العتل: معناها الشديد الغليظ، ومنه العتلة التي تحفر بها الأرض، فإنها شديدة غليظة، فالعتل هو الشديد الغليظ، والعياذ بالله . الجواظ: يعني أنه فيه زيادة من سوء الأخلاق والمستكبر - وهذا هو الشاهد - هو الذي عنده كبر - والعياذ بالله - وغطرسة كبر على الحق وكبر على الخلق فهو لا يلين للحق أبدا ولا يرحم الخلق والعياذ بالله . هؤلاء هم أهل النار أما أهل الجنة فهم الضعفاء المساكين الذين ليس عندهم ما يستكبرون به، بل هم دائما متواضعون ليس عندهم كبرياء ولا غلظة لأن المال أحيانا يفسد صاحبه ويحمله على أن يستكبر على الخلق ويرد الحق كما قال تعالى: كلا إن الإنسان ليطغى، أن رآه استغنى وكذلك أيضا ذكر حديث احتجاج النار والجنة، احتجت النار والجنة فقالت النار: إن أهلها هم الجبارون المتكبرون وقالت الجنة: إن أهلها هم الضعفاء والمساكين فاحتجت كل واحدة منهما على الأخرى . فحكم الله بينهما عز وجل، وقال في الجنة: أنت رحمتي أرحم بك من أشاء وقال للنار: أنت عذابي أعذب بك من أشاء فصارت النار دار العذاب - والعياذ بالله - والجنة دار الرحمة فهي رحمة الله ويسكنها الرحماء من عباده كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: وإنما يرحم الله من عبادة الرحماء وقال: ولكل منكما علي ملؤها فوعد الله عز وجل النار ملأها، ووعد الجنة ملأها وهو لا يخلف الميعاد عز وجل . ولكن أتدرون ماذا تكون العاقبة ؟ تكون العاقبة - كما ثبتت بها الأحاديث الصحيحة - أن النار لا يزال يلقى فيها، وهي تقول هل من مزيد كما قال تعالى: { يوم نقول لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد } يعني تطلب الزيادة لأنها لم تمتلئ فيضع الرب عز وجل عليها قدمه، فينزوي بعضها إلى بعض أي ينضم بعضها إلى بعض وتقول: قط قط أي حسبي حسبي، لا أريد زيادة فصارت تملأ بهذه الطريقة . أما الجنة: فإن الجنة { عرضها السماوات والأرض } ويسكنها أولياء الله جعلني الله وإياكم منهم، ويسكنها أهلها ويبقى فيها فضل، يعني مكان ليس فيه أحد فينشئ الله لها أقواما فيدخلهم الجنة برحمته . وهذه هي النتيجة، امتلأت النار بعدل الله عز وجل، وامتلأت الجنة بفضل الله ورحمته . ثم ذكر المؤلف - رحمه الله - حديثا في الإنسان المسبل، فقال عليه الصلاة والسلام: لا ينظر الله إلى من جر ثوبه خيلاء وهذه مسألة خطيرة وذلك أن الرجل منهي عن أن ينزل ثوبه أو سرواله أو مشلحه أو إزاره عن الكعب، لابد أن يكون من الكعب فما فوق فمن نزل عن الكعب فإن فعله هذا من الكبائر والعياذ بالله . لأنه إن نزل كبرا وخيلاء فإنه لا ينظر الله إليه يوم القيامة ولا يكلمه ولا يزكيه وله عذاب أليم وإن كان نزل لغير ذلك كأن يكون طويلا ولم يلاحظه فأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار فكانت العقوبة حاصل على كل حال فيما نزل عن الكعبين لكن إن كان بطرا وخيلاء فالعقوبة أعظم، لا يكلم الله صاحبه يوم القيامة ولا ينظر إليه ولا يزكيه وله عذاب أليم وإن كان غير خيلاء فإنه يعذب بالنار والعياذ بالله . فإذا قال قائل ما هي السنة ؟ قلنا السنة من الكعب إلى منتصف الساق هذه هي السنة، نصف الساق سنة، وما دونه سنة، وما كان إلى الكعبين فهو سنة، لأن هذا هو لبس النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فإنهم كانوا لا يتجاوز لباسهم الكعبين، ولكن يكون إلى نصف الساق أو يرتفع قليلا وما بين ذلك كله سنة .
الشَّرْحُ
617 - وعنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولا ينظر إليهم ولهذا عذاب أليم: شيخ زان وملك كذاب وعائل مستكبر رواه مسلم .