73- باب حسن الخلق
قال اللَّه تعالى: { وإنك لعلى خلق عظيم } .
وقال تعالى: { والكاظمين الغيظ، والعافين عن الناس } الآية.
621- وعن أَنسٍ رضيَ اللَّه عنه قال :كانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم أَحْسنَ النَّاسِ خُلقاً .متفقٌ عليه.
622- وعنه قال : مَا مَسِسْتُ دِيباجاً ولاَ حَرِيراً أَلْيَنَ مِنْ كَفِّ رسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم ، وَلاَ شَمَمْتُ رائحَةً قَطُّ أَطْيَبَ مِن رَسُولِ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم ، وَلَقَدْ خَدَمْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم عشْرَ سِنينَ ، فَما قالَ لي قَطُّ : أُفٍّ ، وَلا قالَ لِشَيْءٍ فَعلْتُهُ : لِمَ فَعَلْتَهُ؟ ولا لشيءٍ لَمْ افعَلْهُ : أَلاَ فَعَلْتَ كَذا ؟ متفقٌ عليه .
623- وعن الصَّعبِ بنِ جَثَّامَةَ رضيَ اللَّهُ عنه قال : أَهْدَيْتُ رسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم حِمَاراً وَحْشِياً ، فَرَدُّهُ عليَّ ، فلمّا رأَى مَا في وَجْهي قالَ : « إِنَّا لَمْ نَرُدَّهُ عَلَيْكَ إِلاَّ لأَنَّا حُرُمٌ » متفقٌ عليه .
624- وعن النَّوَّاسِ بنِ سمعانَ رضي اللَّه عنه قال : سأَلتُ رسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم عنِ البِرِّ والإِثمِ فقالَ : « البِرُّ حُسنُ الخُلُقِ ، والإِثمُ : ما حاكَ في نَفْسِكَ ، وكَرِهْتَ أَنْ يَطَّلعَ عَلَيْهِ النَّاسُ » رواهُ مسلم .
625- وعن عبد اللَّهِ بن عمرو بن العاص رضي اللَّه عنهما قال : لم يكن رسولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم فَاحِشاً ولا مُتَفَحِّشاً . وكانَ يَقُولُ : « إِنَّ مِن خِيارِكُم أَحْسَنَكُم أَخْلاقاً » متفقٌ عليه.
626- وعن أبي الدرداءِ رضي اللَّه عنه : أَن النبيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قالَ : « ما من شَيءٍ أَثْقَلُ في ميزَانِ المُؤمِنِ يَومَ القِيامة من حُسْنِ الخُلُقِ . وإِنَّ اللَّه يُبغِضُ الفَاحِشَ البَذِيِّ » رواه الترمذي وقال : حديث حسن صحيح .
« البِذيُّ » : هو الذي يَتَكَلَّم بالفُحْشِ . ورِديء الكلامِ .
627- وعن أبي هُريرة رضيَ اللَّه عنه قال : سُئِلَ رسولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم عَنْ أَكثرِ مَا يُدْخلُ النَّاس الجَنَّةَ ؟ قال : « تَقْوى اللَّهِ وَحُسنُ الخُلُق وَسُئِلَ عن أَكثرِ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ النَّارَ فَقَالَ: « الفَمُ وَالفَرْجُ » .
رواه الترمذي وقال : حديث حسن صحيح .
628- وعنه قال : قال رسولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « أَكْمَلُ المُؤمِنِينَ إِيمَاناً أَحسَنُهُم خُلُقاً ، وخيارُكُم خِيَارُكُمْ لِنِسَائِهمْ » .
رواه الترمذي وقال : حديث حسن صحيح .
629- وعن عائشةَ رضيَ اللَّه عنها ، قالت سمعت رسولَ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يقول : « إِنَّ الُمؤْمِنَ لَيُدْركُ بِحُسنِ خُلُقِه درَجةَ الصائمِ القَائمِ » رواه أبو داود .
630- وعن أبي أُمَامَة الباهِليِّ رضي اللَّه عنه قال : قال رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « أَنا زَعِيمٌ ببَيتٍ في ربَضِ الجنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ المِراءَ . وَإِنْ كَانَ مُحِقّاً ، وَببيتٍ في وَسَطِ الجنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الكَذِبَ ، وإِن كَانَ مازِحاً ، وَببيتٍ في أعلى الجَنَّةِ لِمَن حَسُنَ خُلُقُهُ » حديث صحيح ، رواه أبو داود بإِسناد صحيح .
« الزَّعِيمُ » : الضَّامِنُ .
631- وعن جابر رضي اللَّه عنه أَن رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال : « إِن مِنْ أَحَبِّكُم إِليَّ ، وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجلساً يَومَ القِيَامَةِ ، أَحَاسِنَكُم أَخلاقاً . وإِنَّ أَبَغَضَكُم إِليَّ وَأَبْعَدكُم مِنِّي يومَ الْقِيامةِ ، الثَّرْثَارُونَ والمُتَشَدِّقُونَ وَالمُتَفَيْهِقُونَ » قالوا : يا رسول اللَّه قَدْ عَلِمْنَا الثَرْثَارُونَ وَالمُتَشَدِّقُونَ ، فَمَا المُتَفيْهِقُونَ ؟ قال : « المُتَكَبِّروُنَ » رواه الترمذي وقال : حديث حسن .
« الثَّرثَارُ » : هُوَ كَثِيرُ الكَلامِ تَكلُّفاً . « وَالمُتَشَدِّقُ » : المُتَطاوِلُ عَلى النَّاسِ بِكَلامِهِ ، وَيتَكَلَّمُ بِملءِ فيه تَفَاصُحاً وَتَعْظِيماً لكلامِهِ ، « وَالمُتَفَيْهِقُ » : أَصلُهُ مِنَ الفَهْقِ ، وهُو الامْتِلاءُ ، وَهُوَ الذي يَمْلأ فَمَهُ بِالكَلامِ ، وَيَتَوَسَّعُ فيه ، وَيُغْرِب بِهِ تَكَبُّراً وَارتِفَاعاً ، وإِظْهَاراً للفَضِيلَةِ عَلى غيَرِهِ .
وروى الترمذي عن عبد اللَّه بن المباركِ رحِمه اللَّه في تَفْسير حُسْنِ الخُلُقِ قال : هُوَ طَلاقَهُ الوجه . وبذلُ المَعرُوف ، وكَفُّ الأَذَى .
74- باب الحلم والأناة والرفق
قال اللَّه تعالى: { والكاظمين الغيظ، والعافين عن الناس والله يحب المحسنين } .
وقال تعالى: { خذ العفو، وأمر بالعرف، وأعرض عن الجاهلين } .
وقال تعالى: { ولا تستوي الحسنة ولا السيئة، ادفع بالتي هي أحسن، فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم؛ وما يلقاها إلا الذين صبروا، وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم } .
وقال تعالى: { ولمن صبر وغفر، إن ذلك من عزم الأمور } .
632- وعن ابنِ عَبَّاسٍ رَضيَ اللَّهُ عَنْهُما قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم لأَشَجِّ عبْدِ الْقَيْس: « إِنَّ فيك خَصْلَتَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللَّهُ : الحِلْمُ وَالأَنَاة » رَواهُ مُسلم .
633- وعن عائشة رضي اللَّه عنها قالت : قال رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « إِنَّ اللَّه رفيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ في الأَمْرِ كُلِّه » متفقٌ عليه .
634- وعنها أَن النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال : « إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفقَ ، وَيُعْطِي على الرِّفق مالا يُعطي عَلى العُنفِ وَما لا يُعْطِي عَلى ما سِوَاهُ » رواه مسلم .
635- وعنها أَن النبيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال : « إِنَّ الرِّفقُ لا يَكُونُ في شيءٍ إِلاَّ زَانَهُ ، وَلا يُنْزَعُ مِنْ شَيءٍ إِلاَّ شَانَهُ » رواه مسلم .
636- وعن أبي هريرة رضي اللَّه عنه قال : بَال أَعْرَابيٌّ في المسجِد ، فَقَامَ النَّاسُ إِلَيْه لِيَقَعُوا فِيهِ ، فقال النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : دَعُوهُ وَأَرِيقُوا عَلى بَوْلِهِ سَجْلاً مِنْ مَاءٍ، أَوْ ذَنُوباً مِن مَاءٍ ، فَإِنَّما بُعِثتُم مُيَسِّرِينَ ولَمْ تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ » رواه البخاري .
« السَّجْلُ » بفتح السين المهملة وإسكان الجيم : وَهِيَ الدُّلوُ المُمْتَلِئَةُ ماء ، كَذلِكَ الذَّنُوبُ.
637- وعن أَنس رضي اللَّه عنه عن النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال : « يسِّرُوا وَلا تُعَسِّروا . وَبَشِّرُوا وَلا تُنَفِّرُوا » متفقٌ عليه .
638- وعن جرير بن عبد اللَّه رضي اللَّه عنه قال : سمعتُ رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يقُولُ : «مَنْ يُحْرَمِ الرِّفْقَ يُحْرمِ الخيْرَ كُلَّهُ » رواه مسلم .
639- وعن أبي هريرة رضي اللَّه عنه أَنَّ رَجُلاً قال للنَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : أَوْصِني قال : « لا تَغْضَبْ » فَرَدَّدَ مِرَاراً ، قال : « لا تَغْضَبْ » رواه البخاري .
640- وعن أبي يعلَى شدَّاد بن أَوسٍ رضي اللَّه عنه ، عن رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال : « إِنَّ اللَّه كَتَبَ الإِحسَان على كُلِّ شَيءٍ ، فإِذا قَتلتُم فَأَحسِنُوا القِتْلَةَ وَإِذَا ذَبحْتُم فَأَحْسِنُوا الذِّبْحة وليُحِدَّ أَحَدُكُم شَفْرتَه وَليُرِحْ ذَبيحَتَهُ » رواه مسلم .
641- وعن عائشة رضي اللَّه عنها قالت : مَا خُيِّر رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم بَينَ أَمْرينِ قَطُّ إِلاَّ أَخذَ أَيْسَرَهُمَا ، مَا لَم يَكُن إِثماً ، فإنْ كانَ إِثماً كَانَ أَبعد النَّاسِ مِنْهُ . ومَا انتَقَمَ رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم لِنَفْسِهِ في شَيءٍ قَطُّ ، إِلاَّ أَن تُنتَهكَ حُرْمَةُ اللَّهِ ، فَينتَقِم للَّهِ تعالى . متفقٌ عليه.
642- وعن ابن مسعود رضي اللَّه عنه قال : قال رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « أَلا أَخْبرُكُمْ بِمَنْ يَحْرُمُ عَلى النَّارِ أَوْ بِمَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ النَّارُ ؟ تَحْرُمُ على كُلِّ قَرِيبٍ هَيِّنٍ ليِّنٍ سَهْلٍ».
رواه الترمذي وقال : حديثٌ حسنٌ .
75- باب العفو والإِعراض عن الجاهلين