671 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله ومن يطع الأمير فقد أطاعني ومن يعص الأمير فقد عصاني متفق عليه
672- وعن ابن عباسٍ رضي اللَّه عنهما أن رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال : « من كَرِه مِنْ أَمِيرِهِ شيْئاً فَليَصبِر ، فإنَّهُ مَن خَرج مِنَ السُّلطَانِ شِبراً مَاتَ مِيتَةً جاهِلِيةً » متفقٌ عليه .
673-
673 - وعن أبي بكر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من أهان السلطان أهانه الله رواه الترمذي وقال حديث حسن وفي الباب أحاديث كثيرة في الصحيح وقد سبق بعضها في أبواب هذان الحديثان بقية باب وجوب طاعة ولاة الأمور في غير معصية الله فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله ومن أطاع الأمير فقد أطاعني ومن عصى الأمير فقد عصاني ففي هذا الحديث بين الرسول صلى الله عليه وسلم أن طاعته من طاعة الله قال الله تعالى: من يطع الرسول فقد أطاع الله والنبي عليه الصلاة والسلام لا يأمر إلا بالوحي إلا بالشرع الذي شرعه الله تعالى له ولأمته فإذا أمر بشيء فهو شرع الله سبحانه وتعالى فمن أطاعه فقد أطاع الله ومن عصاه فقد عصى الله الأمير إذا أطاعه الإنسان فقد أطاع الرسول لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر في أكثر من حديث بطاعة ولي الأمر وقال اسمع وأطع وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك وقال اسمعوا وأطيعوا وإن استعمل عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة وقال على المسلم السمع والطاعة في عسره ويسره ومنشطه ومكرهه والأحاديث في هذا كثيرة فقد أمر بطاعة ولي الأمر وإذا أطعت ولي الأمر فقد أطعت الرسول عليه الصلاة والسلام وإذا أطعت الرسول فقد أطعت الله وهذا الحديث وما سبقه وما لم يذكره المؤلف كلها تدل على وجوب طاعة ولاة الأمور إلا في معصية الله لما في طاعتهم من الخير والأمن والاستقرار وعدم الفوضى وعدم اتباع الهوى أما إذا عصى ولاة الأمور في أمر تلزم طاعتهم فيه فإنه تحصل الفوضى ويحصل إعجاب كل ذي رأي برأيه ويزول الأمن وتفسد الأمور وتكثر الفتن فلهذا يجب علينا أن نسمع ونطيع لولاة أمورنا إلا إذا أمرونا بمعصية فإذا أمرونا بمعصية الله فربنا وربهم الله له الحكم فلا نطيعهم فيها بل نقول لهم يجب عليكم أن تتجنبوا معصية الله فكيف تأمروننا بها فلا نسمع لكم ولا نطيع وقد سبق لنا أن قلنا إن ما أمر به ولاة الأمور ينقسم إلى ثلاثة أقسام القسم الأول: أن يكون الله قد أمر به مثل أن يأمرونا بإقامة الجماعة في المساجد وأن يأمرونا بفعل الخير وترك المنكر وما أشبه ذلك فهذا واجب من جهتين: أولا: أنه واجب أصلا والثاني: أنه أمر به ولاة الأمور القسم الثاني: أن يأمرونا بمعصية الله فهذا لا يجوز لنا طاعتهم فيه مهما كان مثل أن يقولوا لا تصلوا جماعة احلقوا لحاكم & أنزلوا ثيابكم إلى أسفل اظلموا المسلمين بأخذ المال أو الضرب أو ما أشبه ذلك فهذا أمر لا يطاع ولا يحل لنا طاعتهم فيه لكن علينا أن نناصحهم وأن نقول اتقوا الله هذا أمر لا يجوز لا يحل لكم أن تأمروا عباد الله بمعصية الله القسم الثالث: أن يأمرونا بأمر ليس فيه أمر من الله ورسوله بذاته وليس فيه نهي بذاته فيجب علينا طاعتهم فيه كالأنظمة التي يستنونها وهي لا تخالف الشرع فإن الواجب علينا طاعتهم فيها واتباع هذه الأنظمة وهذا التقسيم فإذا فعل الناس ذلك فإنهم سيجدون الأمن والاستقرار والراحة والطمأنينة ويحبون ولاة أمورهم، ويحبهم ولاة أمورهم ثم ذكر المؤلف آخر حديث في هذا الباب حديث أبي بكرة أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال من أهان السلطان أهانه الله وإهانة السلطان لها عدة صور: منها أن يسخر بأوامر السلطان فإذا أمر بشيء قال انظروا ماذا يقول ؟ ومنها: إذا فعل السلطان شيئا لا يراه هذا الإنسان قال: انظروا انظروا ماذا يفعل ؟ يريد أن يهون أمر السلطان على الناس، لأنه إذا هون أمر السلطان على الناس استهانوا به، ولم يمتثلوا أمره، ولم يجتنبوا نهيه . ولهذا فإن الذي يهين السلطان بنشر معايبه بين الناس وذمه والتشنيع عليه والتشهير به يكون عرضه لأن يهينه الله عز وجل لأنه إذا أهان السلطان بمثل هذه الأمور تمرد الناس عليه فعصوه وحينئذ يكون هذا سبب شر فيهينه الله عز وجل فإن أهانه في الدنيا فقد أدرك عقوبته وإن لم يهنه في الدنيا فإنه يستحق أن يهان في الآخرة والعياذ بالله لأن كلام الرسول صلى الله عليه وسلم حق من أهان السلطان أهانه الله ومن أعان السلطان أعانه الله لأنه أعان على خير وعلى بر فإذا بينت للناس ما يجب عليهم للسلطان وأعنتهم على طاعته في غير معصية فهذا خير كثير بشرط أن يكون إعانة على البر والتقوى وعلى الخير
الشَّرْحُ
باب النهي عن سؤال الإمارة واختيار ترك الولايات إذا لم يتعين عليه أو تدع حاجة إليه
قال الله تعالى: { تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين }
674 - وعن أبي سعيد عبد الرحمن بن سمرة رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عبد الرحمن بن سمرة لا تسأل الإمارة فإنك إن أعطيتها عن غير مسألة أعنت عليها وإن أعطيتها عن مسألة وكلت إليها وإذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرا منها فأت الذي هو خير وكفر عن يمينك متفق عليه قال المؤلف رحمه الله في كتابه رياض الصالحين باب النهي عن طلب الإمارة وترك الولايات إلا من حاجة أو مصلحة الإمارة معناها التآمر على الناس والاستيلاء عليهم وهي كبرى وصغرى أما الكبرى: فهي التي تكون إمارة عامة على كل المسلمين كإمارة أبي بكر الصديق رضي الله عنه وهو خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكإمارة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب وغيرهم من الخلفاء هذه إمارة عامة سلطة عامة وإمارة خاصة دون ذلك تكون إمارة على منطقة من المناطق تشتمل على قرى ومدن أو إمارة أخص من ذلك على قرية واحدة أو مدينة واحدة وكلها ينهى الإنسان أن يطلب فيها أن يكون أميرا كما سيأتي في حديث عبد الرحمن بن سمرة رضي الله عنه ثم صدر المؤلف رحمه الله تعالى هذا الباب بقول الله تعالى تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين يعني الجنة { نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض } وطلب الإمارة ربما يكون قصد الطالب للإمارة أن يعلو على الناس ويملك رقابهم ويأمر وينهي فيكون قصده سيئا فلا يكون له حظ من الآخرة والعياذ بالله ولهذا نهى عن طلب الإمارة . وقوله { ولا فسادا } أي فسادا في الأرض بقطع الطريق وسرقة أموال الناس والاعتداء على أعراضهم وغير ذلك من الفساد { والعاقبة للمتقين } عاقبة الأمر للمتقين فإما أن تظهر هذا العاقبة في الدنيا وإما أن تكون في الآخرة فالمتقون هم الذين لهم العاقبة سواء في الدنيا أو في الآخرة أو في الدنيا والآخرة . ثم ساق المؤلف رحمه الله حديث عبد الرحمن بن سمرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له يا عبد الرحمن بن سمرة ناداه باسمه واسم أبيه من أجل أن ينتبه لما يلقي إليه لأن الموضوع ليس بالهين لا تسأل الإمارة يعني لا تطلب أن تكون أميرا فإنك إن أعطيتها عن مسألة يعني بسبب سؤالك وكلت إليها وإن أعطيتها عن غير مسألة أعنت عليها والمعين هو الله فإذا أعطيتها بطلب منك وكلك الله إليها وتخلى الله عنك والعياذ بالله وفشلت فيها ولم تنجح ولم تفلح وإن أعطيتها عن غير مسألة بل الناس هم الذين اختاروك وهم الذين طلبوك فإن الله تعالى يعينك عليها يعني فاقبلها وخذها وهذا يشبه المال فإن الرسول صلى الله عليه وسلم قال لعمر ما جاءك من هذا المال وأنت غير مشرف ولا سائل فخذه وما لا فلا تتبعه نفسك ولهذا ينبغي للإنسان الموفق ألا يسأل من الوظائف فإن رقي بدون مسألة فهذا هو الأحسن وله أن يقبل حينئذ أما أن يطلب ويلح فإنه يخشى أن يكون داخلا في هذا الحديث فالورع والاحتياط أن يطلب شيئا من ترقية أو انتداب أو غير ذلك إن أعطيت فخذ وإن لم تعط فالأحسن والأروع والأتقى ألا تطالب فكل الدنيا ليست بشيء وإذا رزقك الله رزقا كفافا لا فتنة فيه فهو خير من مال كثير تفتن فيه نسأل الله السلامة لا تسأل الإمارة فإنك إن أعطيتها عن مسألة وكلت إليها وإن أعطيتها عن غير مسألة أعنت عليها وإذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرا منها فكفر عن يمينك وأت الذي هو خير يعني إذا حلفت ألا تفعل شيئا ثم تبين لك أن الخير في فعله فكفر عن يمينك وافعله وإذا حلفت أن تفعل شيئا ثم بدا لك أن الخير في تركه فاتركه وكفر عن يمينك وإنما قال له النبي ذلك لأنه إذا كان الإنسان أميرا فحلف على شيء فربما تملى عليه أنفة الإمارة ألا يتحول عن حلفه ولكن ينبغي وإن كان أميرا إذا حلف على شيء ورأى الخير في تركه أن يتركه أو حلف ألا يفعل شيئا ورأى الخير في فعله أن يفعله وهذا شامل الأمير وغيره إذا حلفت على شيء ورأيت أن الخير في خلافة فكفر عن يمينك وافعل الخير مثال ذلك رجل حلف ألا يزور قريبه لأنه صار بينه وبينه شيء فقال والله لا أزورك فهذا حلف على قطع الرحم وصلة الرحم خير من القطيعة فنقول يجب عليك أن تكفر عن يمينك وأن تزور قريبك لأن هذا من الصلة والصلة واجبة مثال آخر: رجل حلف ألا يكلم أخاه المسلم ويهجره نقول هذا غلط كفر عن يمينك وكلمه وهكذا كل شيء تحلف عليه ويكون الخير بخلاف ما حلفت فكفر عن يمينك وافعل الخير وهذه قاعدة في كل الأيمان ولكن الذي ينبغي للإنسان ألا يتسرع في الحلف فإن كثيرا من الناس يتسرعون في الحلف أو في الطلاق أو ما أشبه ذلك ويندمون بعد ذلك فنقول لا تتعجل ولا تتسرع إذا كنت عازما على الشيء فافعله أو اتركه بدون يمين وبدون طلاق ثم إن ابتليت بكثرة الحلف فاقرن حلفك بقولك إن شاء الله فإنك إن حلفت وقلت إن شاء الله فأنت في حل حتى لو خالفت ما حلفت عليه فإنه لا يضر فلو قلت والله إن شاء الله لا أفعل هذا الشيء ثم فعلته فليس عليك شيء لأن من قال في يمينه إن شاء الله فلا حنث عليه والله الموفق
الشَّرْحُ