باب النهي عن تولية الإمارة والقضاء وغيرهما من الولايات لمن سألها أو حرص عليها فعرض بها
680 - عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم أنا ورجلان من بني عمي فقال أحدهما يا رسول الله أمرنا على بعض ما ولاك الله عز وجل وقال الآخر مثل ذلك فقال إنا والله لا نولي هذا العمل أحدا سأله أو أحدا حرص عليه متفق عليه هذا الباب الذي ذكره النووي رحمه الله في رياض الصالحين ( النهي عن تولية من طلب الإمارة أو حرص عليها ) وقد سبق في حديث عبد الرحمن بن سمرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تسأل الإمارة فإنك إن أعطيتها عن غير مسألة أعنت عليها وإن أعطيتها عن مسألة وكلت إليها كذلك أيضا لا ينبغي لولي الأمر إذا سأله أحد أن يؤمره على بلد أو على قطعة من الأرض فيها بادية أو ما أشبه ذلك أن يؤمره حتى وإن كان الطالب أهلا لذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث أبي موسى الذي ذكره المصنف لما سأله الرجلان أن يؤمرهما على بعض ما ولاه الله عليه قال إنا والله لا نوالى هذا الأمر أحدا سأله أو واحدا حرص عليه يعني لا نولي أحدا سأل أن يتآمر على شيء وحرص عليه وذلك لأن الذي يطلب أو يحرص على ذلك ربما يكون غرضه بهذا أن يجعل لنفسه سلطة لا أن يصلح الخلق فلما كان قد يتهم بهذه التهمة منع النبي صلى الله عليه وسلم أن يولى من طلب الإمارة وقال إنا والله لا نولى هذا الأمر أحدا سأله أو أحدا حرص عليه وكذلك أيضا لو أن أحدا سأل القضاء فقال لولي الأمر في القضاء كوزير العدل مثلا ولني القضاء في البلد الفلاني فإنه لا يولى وأما من طلب النقل من بلد إلى بلد أو ما أشبه ذلك فلا يدخل في هذا الحديث لأنه قد تولى من قبل ولكنه طلب أن يكون في محل آخر إلا إذا علمنا أن نيته وقصده هي السلطة علي أهل هذه البلدة فإننا نمنعه فالأعمال بالنيات فإن قال قائل كيف تجيبون عن قول يوسف عليه الصلاة والسلام للعزيز & اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ فإننا نجيب بأحد جوابين أولا: إما أن يقال إن الشرع من قبلنا إذا خالفه شرعنا فالعمدة على شرعنا بناء على القاعدة المعروفة عند الأصوليين شرع من قبلنا ما لم يرد شرعنا بخلافة وقد ورد شرعنا بخلافه أننا لا نولى الأمر أحدا طلب الولاية عليه ثانيا أو يقال إن يوسف عليه الصلاة والسلام رأى أن المال ضائع وأنه يفرط فيه ويلعب فيه فأراد أن ينقذ البلاد من هذا التلاعب ومثل هذا يكون الغرض منه إزالة سوء التدبير وسوء العمل ويكون هذا لا بأس به فمثلا إذا رأينا أميرا في ناحية لكنه قد أضاع الإمرة وأفسد الخلق فللصالح لهذا الأمر إذا لم يجد أحدا غيره أن يطلب من ولي الأمر أن يوليه على هذه الناحية فيقول له ولني هذه البلدة لأجل دفع الشر الذي فيها ويكون هذا لا بأس به متفقا مع القواعد . ويحضرني في هذا حديث عثمان بن أبي العاص أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم اجعلني إمام قومي يعني في الصلاة فقال أنت إمامهم فولي الأمر ينظر ما هو السبب في أن هذا الرجل طلب أن يكون أميرا أو طلب أن يكون قاضيا أنبأنا أو طلب أن يكون إماما ثم يعمل بما يرى أن فيه المصلحة
الشَّرْحُ
83- باب النهي عن تولية الإِمارة والقضاء وغيرهما
من الولايات لمن سألها أو حرص عليها فعرّض بها
680- عن أبي موسى الأَشعريِّ رضي اللَّه عنه قال : دخَلتُ على النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم أنَا وَرَجُلانِ مِنْ بني عَمِّي ، فقال أحَدُهُمَا : يا رسولَ اللَّه أمِّرنَا عَلى بعضِ مَا ولاَّكَ اللَّه ، عزَّ وجلَّ ، وقال الآخرُ مِثْلَ ذلكَ ، فقال : « إنَّا واللَّه لا نُوَلِّي هذَا العَمَلَ أحداً سَأَلَه ، أو أحَداً حَرَص عليه » .
كتاب الأدب
84- باب الحياء وفضله والحثِّ على التخلق به
681- عن ابْنِ عُمَرَ رضي اللَّه عنهما أَنَّ رسولَ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم مَرَّ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ وَهُوَ يَعِظُ أَخَاهُ في الحَيَاءِ ، فَقَالَ رسُولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « دَعْهُ فإِنَّ الحياءَ مِنَ الإِيمانِ » متفقٌ عليه .
682- وعن عِمْران بن حُصَيْن ، رضي اللَّه عنهما ، قال : قال رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : «الحياَءُ لا يَأْتي إلاَّ بِخَيْرٍ » متفق عليه .
وفي رواية لمسلم : « الحَياءُ خَيْرٌ كُلُّهُ » أوْ قَالَ : « الحَيَاءُ كُلُّهُ خَيْرٌ » .
683- وعن أبي هُريرة رضي اللَّه عنه ، أنَّ رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال : « الإيمَانُ بِضْع وسبْعُونَ ، أوْ بِضْعُ وَسِتُّونَ شُعْبةً ، فَأَفْضَلُها قوْلُ لا إله إلاَّ اللَّه ، وَأدْنَاها إمَاطةُ الأَذَى عنَ الطَّرِيقِ ، والحياءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإيمَانِ » متفق عليه .
« البِضْعُ » : بكسر الباء . ويجوز فتحها ، وَهُوَ مِن الثلاثةِ إلى الْعَشَرَةِ . « وَالشُّعْبَةُ » : الْقِطْعَةُ والحَضْلَةُ . « وَالإماطَةُ » : الإزَالَةُ ، « وَالأَذَى »: مَا يُؤذِي كَحجَرٍ وَشَوْكٍ وَطينٍ وَرَمَادٍ وَقَذَرٍ وَنحوِ ذلكَ .
684- وعن أبي سعيد الخُدْرِيِّ رضي اللَّه عنه ، قال : كان رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم أَشَدَّ حَيَاءَ مِنَ الْعَذْرَاءِ في خِدْرِهَا ، فَإذَا رأى شَيْئاً يَكْرَهُه عَرَفْنَاهُ في وَجْهِهِ . متفقٌ عليه .
قال العلماءُ : حَقِيقَةُ الحَياء خُلُقٌ يبْعثُ على تَرْكِ الْقَبِيحِ ، ويمْنَعُ منَ التقْصير في حَقِّ ذِي الحَقِّ . وَروَيْنَا عنْ أبي الْقَاسم الجُنيْدِ رَحمَهُ اللَّه قال : الحَيَاءُ رُؤيَةُ الآلاء أي : النِّعمِ ورؤْيةُ التَّقْصِيرِ . فَيَتوَلَّدُ بيْنَهُمَا حالة تُسَمَّى حياءً
85- باب حفظ السر