688 - وعن ثابت عن أنس رضي الله عنه قال: أتى علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ألعب مع الغلمان فسلم علينا فبعثني في حاجة فأبطأت على أمي فلما جئت قالت ما حبسك فقلت بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاجة قالت ما حاجته ؟ قلت إنها سر قالت لا تخبرن بسر رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدا قال أنس: والله لو حدثت به أحدا لحدثتك به يا ثابت .
رواه مسلم وروى البخاري بعضه مختصرا
الشَّرْحُ
قال المؤلف رحمه الله تعالى في باب حفظ السر فيما نقله عن ثابت عن أنس خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم مر به وهو يلعب مع الصبيان فسلم عليهم يعني سلم على الصبيان وهم يلعبون لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أحسن الناس خلقا فكان يمر بالصبيان فيسلم عليهم ثم دعا أنس بن مالك رضي الله عنه وأرسله في حاجة فأبطأ على أمه وأمه هي أم سليم امرأة أبي طلحة فلما جاء إليها سألته ما الذي أبطأ بك قال بعثني النبي صلى الله عليه وسلم في حاجة يعني أرسلني بها قالت ما حاجته قال ما كنت لأخبر بسر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت لا تحبرن أحدا بسر رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أنس لثابت وكان ملازما له لو كنت مخبرا أحدا بذلك & لأخبرتك به أي بالحاجة التي أرسله النبي صلى الله عليه وسلم بها ففي هذا الحديث فوائد أولا: حسن خلق النبي صلى الله عليه وسلم وتواضعه الجم وأنه على شرفه ومكانته وجاهه عند الله وعند خلقه يتواضع حتى يسلم على الصبيان وهم يلعبون في السوق ومن منا يفعل ذلك إلا من شاء الله ثانيا: من فوائد هذا الحديث أنه يسن للإنسان أن يسلم على من مر به ولو كان من الصبيان لأن السلام دعاء تدعو لأخيك به تقول السلام عليك ورده دعاء لك يقول عليك السلام ولأنك إذا سلمت على الصبيان عودتهم التربية الحسنة حتى ينشئوا عليها ويعيشوا عليها ويكون لك أجر في كل ما اهتدوا بل فيه فكل شيء يهتدي فيه بك الناس من أمور الخير لك فيه أجر ثالثا: جواز إرسال الصبي بالحاجة لكن بشرط أن يكون مأمونا أما إذا كان غير مأمون بأن يكون الصبي كثير اللعب ولا يهتم بالحوائج فلا تعتمد عليه رابعا: ما ذكره الفقهاء رحمهم الله أن الصبي إذا جاءك بحاجة وقال هذه من أبي هذه من أمي وما أشبه ذلك فلك أن تقبلها وإن كان هو بنفسه لا يملك أن يتبرع من ماله بشيء لكن إذا جاءك على أنه مرسل وقال هذا من أبي جاءك مثلا بتمر جاءك ببطيخ جاءك بثوب بأي شيء إذا جاءك فاقبله ولا تقل هذا صبى ربما سرقها ربما كذا ربما كذا أخذا بالظاهر .
خامسا: مراعاة الوالدة والأهل وأن الإنسان إذا أراد أن يقضي حاجة وخاف أن يبطئ عليهم أن يخبرهم إذا لم تفت الحاجة بذلك يعني إذا خرجت من أهلك فينبغي أن تقول خرجت للجهة الفلانية حتى يطمئنوا ولا تنشغل خواطرهم والإنسان لا يدري ربما يذهب إلى الجهة الفلانية ويصاب بحادث أو مرض أو غيره فإذا لم يكن معلوما بقى أمره مشكلا عند أهله فينبغي إذا أردت أن تذهب إلى شيء غير معتاد أن تخبرهم بوجهتك أما الشيء المعتاد مثل الخروج إلى المسجد وما أشبهه فلا بأس مثلا إذا أردت أن تذهب إلى بلدك قلت لهم اليوم أذهب إلى المكان الفلاني أو تريد أن تذهب في نزهة فأخبرهم حتى يطمئنوا سادسا أنه لا يجوز للإنسان أن يبدى سر شخص حتى لأمه وأبيه فلو أن إنسانا أرسلك في حاجة ثم قال لك أبوك ما الذي أرسلك به لا تخبره ولو كان أباك أو قالت أمك ما الذي أرسلك به لا تخبرها ولو كانت أمك لأن هذا من أسرار الناس ولا يجوز إبداؤها لأحد سابعا: حسن تربية أم سليم لابنها حيث قالت لا تخبرن أحدا بسر رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما قالت له ذلك مع أنه لم يخبرها ولم يخبر غيرها تأييدا له وتثبيتا له وإقامة للعذر له لأنه أبى أن يخبرها بسر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت لا تخبرن به أحدا كأنها تقول أنا أوافقك على هذا فاستمسك به ثامنا: إظهار محبة أنس لثابت لأنه ملازم له ولهذا تجده يروى عنه كثيرا ولهذا قال له لو كنت مخبرا أحدا لأخبرتك هذا يدل على المحبة بين أنس وبين تلميذه ثابت وهكذا أيضا ينبغي أن تكون المودة بين التلاميذ ومعلمهم متبادلة لأنه إذا لم يكن بين التلميذ والمعلم مودة فإن التلميذ لا يقبل كل ما قاله معلمه كذلك المعلم لا ينشط لتعليم تلميذه ولا يهتم به كثيرا فإذا صارت المودة بينهم متبادلة حصل بهذا خيرا كثيرا
باب الوفاء بالعهد وإنجاز الوعد
قال الله تعالى: { وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً } وقال تعالى: { وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ } وقال تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ } قال تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللهِ أَن تَقُولُوا مَا لاَ تَفْعَلُونَ }
الشَّرْحُ
قال المؤلف رحمه الله تعالى ( باب الوفاء بالعهد وإنجاز الوعد ) العهد: ما يعاهد الإنسان به غيره وهو نوعان عهد مع الله عز وجل فإن الله سبحانه وتعالى قال في كتابه: وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا فقد أخذ الله العهد على عباده جميعا أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا لأنه ربهم وخالقهم وعهد مع عباد الله ومنه العهود التي تقع بين الناس بين الإنسان وبين أخيه المسلم بين المسلمين وبين الكفار وغير ذلك من العهود المعروفة فقد أمر الله تعالى بالوفاء بالعهد فقال عز وجل: { وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً } يعني أن الوفاء بالعهد مسئول عنه الإنسان يوم القيامة يسأل عن عهده هل وفي به أم لا وقال تعالى: { وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ } يعني ولا تخلفوا العهد وقال تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللهِ أَن تَقُولُوا مَا لاَ تَفْعَلُونَ } والإنسان إذا عاهد ولم يف فقد قال ما لا يفعل فمثلا لو قلت لشخص عاهدتك ألا أخبر بالسر الذي بيني وبينك أو عاهدتك ألا أخبر بما صنعت في كذا وكذا ثم نقضت وأخبرت فهذا من القول بما لا يفعل: { لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُونَ } وقوله: { كبر مقتا عند الله } يعني كبر بغضا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون فإن الله يبغض هذا الشيء ويحب الموفين بالعهد إذا عاهدوا
689 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا أؤتمن خان متفق عليه .
زاد في رواية لمسلم: وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم
690