باب أدب الشرب واستحباب النفس ثلاثا خارج الإناء وكراهة التنفس في الإناء واستحباب إدارة الإناء على الأيمن فالأيمن بعد المبتدئ
757 - عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتنفس في الشراب ثلاثا متفق عليه يعني يتنفس خارج الإناء
758 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تشربوا واحدا كشرب البعير ولكن أشربوا مثنى وثلاث وسموا إذا أنتم شربتم واحمدوا إذا أنتم رفعتم رواه الترمذي وقال حديث حسن
759 - وعن أبي قتادة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يتنفس في الإناء متفق عليه يعني: يتنفس في نفس الإناء
760 - وعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى بلبن قد شيب بماء وعن يمينه أعرابي وعن يساره أبو بكر رضي الله عنه فشرب ثم أعطى الأعرابي وقال: الأيمن فالأيمن متفق عليه
761 - وعن سهل بن سعد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى بشراب فشرب منه وعن يمينه غلام وعن يساره أشياخ فقال للغلام أتأذن لي أن أعطى هؤلاء فقال الغلام لا والله لا أوثر بنصيبي منك أحدا فتله رسول الله صلى الله عليه وسلم في يده متفق عليه قوله: تله أي: وضعه وهذا الغلام هو ابن عباس رضي الله عنهما
الشَّرْحُ
قال المؤلف رحمه الله تعالى: ( باب أدب الشرب واستحباب النفس ثلاثا خارج الإناء وكراهة التنفس في الإناء واستحباب إدارة الإناء على الأيمن فالأيمن بعد المبتدئ ) وقد بين المؤلف في الباب السابق ما يتعلق بالطعام فقد سبق جمل كثيرة من آداب الأكل ولله سبحانه وتعالى على عباده نعم لا تحصى كما قال الله تعالى: وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللهِ لاَ تُحْصُوهَا فالأكل والشرب من نعم الله سبحانه وتعالى: ولا يعرف قدر هذه النعمة إلا من حرمها نسأل الله ألا يحرمنا إياها فمن حرمها وذاق الجوع وذاق العطش عرف نعمة الله تعالى بالأكل والشرب وهذه إحدى الحكم من الصيام أن الإنسان يمسك عن الأكل والشرب حتى يعرف قدر نعمة الله عليه بتيسير الأكل والشرب وللشرب آداب منها أن يسمى الله عز وجل إذا شرب فيقول عند الشرب: بسم الله ومنها أن يتنفس في الشرب ثلاثا لقول أنس بن مالك رضى الله عنه كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا شرب تنفس في الشراب ثلاثا كيف يتنفس في الشراب ثلاثا ؟ يعني يشرب ثم يفصل الإناء عن فمه ثم يشرب الثالثة ولا يتنفس في الإناء لحديث أبي قتادة رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم: نهى أن يتنفس الإنسان في الإناء والحكمة من ذلك أن النفس في الإناء مستقذر على من يشرب من بعده وربما تخرج من النفس أمراض في المعدة أو في المريء أو في الفم فتلتصق بالإناء وربما يشرق إذا تنفس في الإناء فلهذا نهي النبي صلى الله عليه وسلم أن يتنفس الإنسان في الإناء بل يتنفس ثلاثة أنفاس كل نفس يبعد فيه الإناء عن فمه وقد أخبر النبي عليه الصلاة والسلام بأن هذا أهنأ وأبرأ وأمرأ أهنأ لأنه يشرب بمهلة وأبرأ: يعني أبرأ من العطش، وأسلم من المرض .
وأمرأ: أسهل في النزول إلى الأمعاء ووجه ذلك أن العطش عبارة عن حرارة المعدة لقلة الماء أو لغير ذلك وأحيانا يكون المرض فإذا جاءها الماء دفعة واحدة ربما يضر فإذا راسله الإنسان عليها مراسلة كان هذا أبرأ في إزالة العطش وفي السلامة من المرض ولأثر الذي يحصل بورود الماء على المعدة دفعة واحدة ولهذا ينبغي أيضا إذا شرب أن لا يعب الماء عبا وإنما يمصه مصا لا يعبه عبا فيأخذ جرعات كبيرة بل يمصه مصا حتى يأتي المعدة شيئا فشيئا فيمصه في النفس الأول ثم يطلق الإناء ثم يمصه في النفس الثاني ثم يطلق الإناء ثم في النفس الثالث هذه هي السنة وأما التناول يعني بمن يبدأ في إعطاء الإناء إذا أراد أن يعطي الشراب أحدا ؟ مثال ذلك: رجل دخل ومعه شراب شاي أو قهوة بمن يبدأ نقول: إذا كان أحد من الناس قد طلب الشراب فقال هات الماء مثلا فإنه يبدأ به هو الأول وإذا لم يكن أحد طلبه فإنه يبدأ بالأكبر ثم الأكبر يناوله من على يمينه وإذا كان لكل واحد إناء كالكئوس مثلا فليبدأ بالأكبر ثم يعطي الذي عن يساره لأن الذي عن يساره هو الذي عن يمين الصاب والصاب هو الذي سيناول فيبدأ بمن على يمينه والذي على يمين الصاب هو الذي على يسار الشارب لأن الصاب مستقبل للشارب فيكون من على يسار الشارب هو الذي على يمين الصاب مثال ذلك مثلا: إنسان طلب الماء فجيء إليه بالماء فشرب منه وأراد أن يناوله أحدا بعده إن كان الذي جاء بالشراب واقفا على رأسه يقول: أعطني الإناء إذا فرغت فيعطيه إياه وإن لم يكن فإنه إذا انتهى يعطيه للذي على يمينه سواء كان صغيرا أو كبيرا شريفا أو وضيعا والدليل على هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى بلبن قد شيب بماء فشرب وعلى يمينه رجل من الأعراب وعلى يساره أبو بكر وعمر فلما فرغ النبي صلى الله عليه وسلم ناوله الأعرابي فقال عمر للأعرابي هذا أبو بكر يريد من الأعرابي أن يكرم أبا بكر ويقول خذه يا أبا بكر لأن أبا بكر مشهور معروف بين الصحابة أنه أخص أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بالنبي ولكن الأعرابي أخذ الإناء فشرب فهنا نجد أن النبي صلى الله عليه وسلم فضل المفضول على الفاضل لأن أبا بكر أفضل من الأعرابي لكن فضله عليه لأنه عن يمينه وقال: الأيمن فالأيمن والقصة الثانية: أتي النبي صلى الله عليه وسلم بشراب فشرب منه وعلى يمينه غلام وعلى يساره الأشياخ الكبار فلما شرب قال للذي على يمينه وهو الغلام أتأذن لي أن أعطي هؤلاء يعني الأشياخ فقال والله يا رسول الله ما أنا بالذي أوثر بنصيبي عليك أحدا يعني ما أوثرهم على أنا أحب أن أشرب فضلتك فتله رسول الله صلى الله عليه وسلم في يده يعني أعطاه الإناء في يده فهذا دليل على أنه إذا كان الذي على اليمين أصغر سنا فإنه يفضل على الذي على اليسار ولو كان أكبر سنا والأول يدل على أنه كان الذي على اليمين أقل قدرا فإنه يعطي ويقدم على الذي هو أعظم قدرا إذا كان على اليسار لقول الرسول: الأيمنون الأيمنون الأيمنون ألا فيمنوا ألا فيمنوا ألا فيمنوا هكذا جاء الحديث لكن هذا فمن إذا شرب يريد أن يناول من على يمينه أو على يساره أما ما يفعله الناس اليوم يأتي الرجل بالإبريق ويدخل المجلس فهنا يبدأ بالأكبر لأن الرسول عليه الصلاة والسلام كانوا يبدءون به فيعطونه أولا ولأنه لما أراد أن يناول عليه الصلاة والسلام المسواك أحد الرجلين اللذين وقفا قيل له: كبر كبر وقد ورد في ذلك أيضا أحاديث عن النبي عليه الصلاة والسلام أنك إذا دخلت المجلس تبدأ بالأكبر لا بمن على يمين
باب كراهة الشرب من فم القربة ونحوها وبيان أنه كراهة تنزيه لا تحريم
762 - عن أبي سعيد الخدري رضى الله عنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اختناث الأسقية يعني أن تكسر أفواها ويشرب منها متفق عليه