797 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: بينما رجل يصلي مسبل إزاره قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: اذهب فتوضأ فذهب وتوضأ ثم جاء، فقال اذهب وتوضأ فقال له رجل: يا رسول الله مالك أمرته أن يتوضأ ثم سكت عنه ؟ قال: إنه كان يصلي وهو مسبل إزاره وإن الله لا يقبل صلاة رجل مسبل رواه أبو داود بإسناد صحيح على شرط مسلم
الشَّرْحُ
في الأحاديث السابقة بين النبي صلى الله عليه وسلم أن من جر ثوبه خيلاء لا ينظر الله إليه ولا يكلمه يوم القيامة ولا يزكيه وله عذاب أليم وأن ما أسفل من الكعبين ففي النار وبينا أن هذا من كبائر الذنوب وأنه لا يحل للإنسان أن يلبس ثوبا نازلا عن الكعب وأما ما كان على حذاء الكعب يعني على وزن الكعب فلا بأس به وكذلك ما ارتفع إلى نصف الساق فما بين نصف الساق إلى الكعب كله من الألبسة المرخص فيها والإنسان في حل وفي سعة إذا لبس إزارا أو سروالا أو قميصا أو ( مشلحا ) يكون فيما بين ذلك وأما ما نزل عن الكعب فحرام بكل حال بل هو من كبائر الذنوب ثم اختلف العلماء رحمهم الله فيما لو صلى الإنسان وهو مسبل يعني قد نزل ثوبه أو سرواله أو إزاره أو ( مشلحه ) الذي يستر ولا يشف اختلف في هذا أهل العلم هل تصح صلاته أو لا تصح ؟ فمن العلماء من قال إنها لا تصح صلاته لأنه لبس ثوبا محرما والله سبحانه وتعالى إنما أباح لنا أن نلبس ما أحل لنا فإن قوله: يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ يعني ثيابكم يريد بها ما أباح لنا وما أحله لنا وأما ما حرمه علينا فلسنا مأمورين به بل نحن منهيون عنه واستدل الذين يقولون: إن الله لا يقبل صلاته إذا أسبل بهذا الحديث الذي ذكره المؤلف عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى مسبلا فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: اذهب فتوضأ فذهب فتوضأ ثم رجع فقال: اذهب فتوضأ ثم سأل النبي صلى الله عليه وسلم رجل فقال: يا رسول الله مالك أمرته أن يتوضأ ؟ قال: إنه يصلي وهو مسبل إزاره وإن الله لا يقبل صلاة مسبل وهذا نص صريح في أن الله لا يقبل صلاة المسبل يعني فتكون صلاته فاسدة ويلزم بإعادتها والمؤلف يقول رواه أبو داود بإسناد صحيح على شرط مسلم ولكن هذا فيه نظر فإن الحديث ضعيف لا يصح عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم والصحيح من أقوال العلماء أن صلاة المسبل صحيحة ولكنه آثم ومثل ذلك أيضا من لبس ثوبا محرما عليه كثوب سرقه الإنسان فصلى به أو ثوب فيه تصاوير فيه صليب مثلا أو فيه صور حيوان فكل هذا يحرم لبسه في الصلاة وفي خارج الصلاة فإذا صلى الإنسان في مثل هذا فالصلاة صحيحة لكنه آثم بلبسه هذا هو القول الراجح في هذه المسألة لأن النهي هنا ليس نهيا خاصا بالصلاة فلبس الثوب المحرم عام في الصلاة وغيرها فلا يختص بها فلا يبطلها هذه هي القاعدة التي أخذ بها جمهور العلماء رحمهم الله وهي القاعدة الصحيحة وهذا الحديث لو صح لكان فاصلا للنزاع لكنه ضعيف فمن ضعفه قال صلاة المسبل صحيحة ومن صححه قال صلاة المسبل غير صحيحة وعلى كل حال فإن الإنسان يجب عليه أن يتقي الله عز وجل وألا يتخذ من نعمته وسيلة لغضبه والعياذ بالله فإن من بارز الله بالعصيان وقيل له: إن الثواب النازل عن الكعب حرام ومن كبائر الذنوب ولكنه لم يبال بهذا فهذا استعان بنعمة الله على معصية الله نسأل الله العافية
798 - وعن قيس بن بشر التغلبي قال أخبرني أبي وكان جليسا لأبي الدرداء قال كان بدمشق رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقال له سهل ابن الحنظلية وكان رجلا متوحدا قلما يجالس الناس إنما هو صلاة فإذا فرغ هو تسبيح وتكبير حتى يأتي أهله فمر بنا ونحن عند أبي الدرداء فقال له أبو الدرداء كلمة تنفعنا ولا تضرك قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية فقدمت فجاء رجل منهم فجلس في المجلس الذي يجلس فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لرجل إلى جنبه لو رأيتنا حين التقينا نحن والعدو فحمل فلان فطعن فقال: خذها مني وأنا الغلام الغفاري كيف ترى في قوله ؟ قال: ما أراه إلا قد بطل أجره فسمع بذلك آخر فقال: ما أرى بذلك بأسا، فتنازعا حتى سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: سبحان الله ؟ لا بأس أن يؤجر ويحمد فرأيت أبا الدرداء سر بذلك وجعل يرفع رأسه إليه ويقول: أأنت سمعت ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول: نعم فما زال يعيد عليه حتى إني لأقول ليبركن على ركبتيه قال فمر بنا يوما آخر فقال له أبو الدرداء: كلمة تنفعنا ولا تضرك قال قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: المنفق على الخيل كالباسط يده بالصدقة لا يقبضها ثم مر بنا يوما آخر فقال له أبو الدرداء: كلمة تنفعنا ولا تضرك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم الرجل خريم الأسدي لولا طول جمته وإسبال إزاره فبلغ ذلك خريما فعجل فأخذ شفرة فقطع بها جمته إلى أذنيه ورفع إزاره إلى أنصاف ساقيه ثم مر بنا يوما آخر فقال له أبو الدرداء كلمة تنفعنا ولا تضرك قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إنكم قادمون على إخوانكم فأصلحوا رحالكم وأصلحوا لباسكم حتى تكونوا كأنكم شامة في الناس فإن الله لا يحب الفحش ولا التفحش رواه أبو داود بإسناد حسن إلا قيس بن بشر فاختلفوا في توثيقه وتضعيفه وقد روي له مسلم
الشَّرْحُ