889 - وعن صفوان بن عسال رضي الله عنه قال قال يهودي لصاحبه اذهب بنا إلى هذا النبي فأتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألاه عن تسع آيات بينات فذكر الحديث إلى قوله فقبلا يده ورجله وقالا نشهد أنك نبي رواه الترمذي وغيره بأسانيد صحيحة
890 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قصة قال فيها فدنونا من النبي صلى الله عليه وسلم فقبلنا يده رواه أبو داود
891 - وعن عائشة رضي الله عنها قالت قدم زيد بن حارثة المدينة ورسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي فأتاه فقرع الباب فقام إليه النبي صلى الله عليه وسلم يجر ثوبه فاعتنقه وقبله رواه الترمذي وقال حديث حسن
892 - وعن أبي ذر رضي الله عنه قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طليق رواه مسلم
الشَّرْحُ
هذه الأحاديث ذكرها الإمام النووي رحمه الله في رياض الصالحين في آداب المصافحة والمعانقة وما يتعلق بذلك منها حديث صفوان بن عسال رضي الله عنه أن رجلا يهوديا قل لصاحبه اذهب بنا إلى هذا الرجل يعني النبي صلى الله عليه وسلم فذهبا إليه وأخبراه وذكر النبي صلى الله عليه وسلم تسع آيات فقيلا يده ورجله وقالا نشهد أنك نبي واليهود كانوا في المدينة وكان أصلهم من مصر من بني إسرائيل ثم انتقلوا إلى الشام إلى الأرض المقدسة التي قال لهم نبيهم موسى صلى الله عليه وسلم يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم وكانوا يقرءون في التوراة أنه سيبعث نبي في آخر الزمان وأنه سيكون من مكة ومهاجره المدينة فهاجر كثير منهم من الشام إلى المدينة ينتظرون النبي صلى الله عليه وسلم ليتبعوه لأنه قد نوه عن فضله صلى الله عليه وسلم في التوراة والإنجيل فقد قال الله تعالى { الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم } وكانوا إذا جرى بينهم وبين المشركين شيء يستفتحون على الذين كفروا يقولون سيبعث نبي ونتبعه ونستفتح به ونغلبكم كما قال تعالى { وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به } ثم إنهم صاروا ثلاث قبائل أي اليهود في المدينة بنو قينقاع وبنو النضر وبنو قريظة وعاهدهم النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة وكلهم نقضوا العهد فطردوا منها آخرهم بنو قريظة قتل منهم نحو سبعمائة نفر لما خانوا العهد في يوم الأحزاب وانتقلوا إلى خيبر وفتحها النبي صلى الله عليه وسلم وأبقاهم فيها لأنهم أصحاب مزارع يعرفون الحرث والزرع والصحابة مشتغلون عن ذلك بما هو أهم فعاملهم النبي صلى الله عليه وسلم قال لهم تبقون في محلكم خيبر على أن لكم نصف الثمر والزرع وللمسلمين نصفهما ونقركم في ذلك ما شاء الله وبقوا في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم في خيبر وفي عهد أبي بكر ولما تولى عمر حصل منهم خيانة كما هي طبيعتهم التي عرفوا بها من الخيانة والغدر فأجلاهم عمر رضي الله عنه من خيبر في السنة السادسة عشرة إلى أذرعات في الشام هذا أصل وجود اليهود في الجزيرة العربية كانوا ينتظرون بعث النبي صلى الله عليه وسلم ليتبعوه ولكنهم لما رأوه عين اليقين كفروا ولعلهم كانوا في أول الأمر يظنون أنه من بني إسرائيل هكذا قال بعض العلماء ولكن لما تبين أنه من بني إسماعيل حسدوهم أي بني إسماعيل وكفروا ولكن لا يتبين لي هذا لأن الله يقول { يعرفونه كما يعرفون أبناءهم } فهم يعرفون أنه من العرب من بني إسماعيل لكن والعياذ بالله فرق بين علم اليقين وعين اليقين هم كانوا بالأول يظنون أنه إذا بعث يتبعونه بسهولة لكنهم حسدوه والعياذ بالله المهم أن هذين الرجلين قبلا يد النبي صلى الله عليه وسلم ورجله فأقرهما على ذلك وفي هذا جواز تقبيل اليد والرجل للإنسان الكبير الشرف والعلم كذلك تقبيل اليد والرجل من الأب والأم وما أشبه ذلك لأن لهما حقا وهذا من التواضع وذكر المؤلف أيضا حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال أتينا النبي صلى الله عليه وسلم فقبلنا يده وأقرهما النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك وتقبيل اليد كتقبيل الرأس ليس بينهما فرق لكن عجبا أن الناس الآن يستنكرون تقبيل اليد أكثر من استنكارهم تقبيل الرأس وهو لا فرق بينهما لكن الذي ينتقد من بعض الناس أنه إذا سلم عليه أحد مد يده إليه وكأنه يقول قبل يدي فهذا هو الذي يستنكر ويقال للإنسان عندئذ لا تفعل أما من يقبل يدك تكريما وتعظيما أو رأسك أو جبهتك فهذا لا بأس به إلا أن هذا لا يكون في كل مرة يلقاك لأنه سبق أن الرسول صلى الله عليه وسلم سئل عن ذلك إذا لاقى الرجل أخاه أينحني له ؟ قال لا قال أيقبله ويعانقه قال لا قال أيصافحه ؟ قال نعم لكن إذا كان لسبب فلا بأس للغائب ولهذا يذكر المؤلف رحمه الله حديث عائشة في قدوم زيد بن حارثة حين جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم واستأذن فقام الرسول صلى الله عليه وسلم إليه يجر ثوبه وزيد بن حارثة مولى الرسول صلى الله عليه وسلم أي كان عبدا مملوكا للرسول صلى الله عليه وسلم أهدته إليه خديجة رضي الله عنها فأعتقه ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يحبه ويحب ابنه أسامة ولهذا يسمى أسامة الحب بن الحب فهو محبوب لرسول الله صلى الله عليه وسلم وابنه أسامة كذلك المهم أن الرسول قام يجر ثوبه فعانقه وقبله لأن زيدا رضي الله عنه كان قادما من سفر فإذا كان عند القدوم من السفر فهذا لا بأس به أما كلما لاقاك يقبلك فهذا نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم كذلك أيضا أوصى النبي صلى الله عليه وسلم أن الإنسان لا يحقر من المعروف شيئا يعني المعروف والإحسان إلى الناس لا تحقر شيئا منه أبدا وتقول هذا قليل حتى ولو أعطيته قلما أو شيئا قليل القيمة ماديا فلا تحقر شيئا فإن هذا يذكر الإنسان ولو بعد حين يقول هذا الرجل أهداني سنة كذا وكذا فكل شيء يجلب المودة والمحبة بين الناس لا تحقره ولهذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طليق إلى هذا الحد تلقى أخاك بوجه طليق يعني غير عبوس لكن أحيانا يغلبنا عدم التوسع في هذا الأمر لسبب أو لآخر فقد يكون هناك أسباب خفية يكون الإنسان مثلا متأثرا بها والناس لا يعلمون فلا يحصل أن يلقى الإنسان الناس دائما بوجه طليق إنما عليك المحاولة أن تلقاهم بوجه طليق منشرح لأن هذا من المعروف وسبب للمودة والمحبة والدين الإسلامي دين المحبة والوفاء والأخوة كما قال تعالى { واذكروا نعمة الله عليكم إذا كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا } نسأل الله أن يهدينا وإياكم إلى أحسن الأخلاق والأعمال فلا يهدي إلى أحسنها إلا هو وأن يصرف عنا سيئ الأخلاق والأعمال فلا يصرف عنا سيئها إلا هو
893 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قبل النبي صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي رضي الله عنهما فقال الأقرع بن حابس إن لي عشرة من الولد ما قبلت منهم أحد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من لا يرحم لا يرحم متفق عليه