باب ما يقوله بعد تغميض الميت
919 - عن أم سلمة رضي الله عنها قالت دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي سلمة وقد شق بصره فأغمضه ثم قال إن الروح إذا قبض تبعه البصر فضج ناس من أهله فقال لا تدعوا على أنفسكم إلا بخير فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون ثم قال اللهم اغفر لأبي سلمة وارفع درجته في المهديين واخلفه في عقبه في الغامرين واغفر لنا وله يا رب العالمين وافسح له في قبره ونور له فيه رواه مسلم
الشَّرْحُ
قال المؤلف رحمه الله في كتابه رياض الصالحين باب ما يقال عند تغميض الميت .
يعني أن الإنسان إذا حضر الميت فإن الميت في الغالب يشخص بصره ينفتح باتساع يشاهد الروح إذا خرجت من البدن لأن الروح إذا خرجت من البدن لها جسم لكنه جسم لا يراه الناس لا يراه إلا الميت والملائكة فقط وتأخذها دخل النبي صلى الله عليه وسلم على أبي سلمة وكان من عادة النبي صلى الله عليه وسلم أنه يعود المرضى فدخل عليه وقد شق بصره يعني اتسع وانفتح فعرف النبي صلى الله عليه وسلم أنه مات فقال إن الروح إذا قبض أتبعه البصر فضج ناس من أهله أي من أهل الميت عندما سمعوا النبي صلى الله عليه وسلم يقول هذا الكلام فعرفوا أن الرجل قد مات فضجوا كعادة الناس فقال صلى الله عليه وسلم لا تدعوا على أنفسكم إلا بخير فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون وكانوا في الجاهلية إذا حصل مثل هذا يدعون على أنفسهم بالويل والثبور والعياذ بالله يقولون يا ويلاه يا ثبوراه وما أشبه ذلك فقال لا تدعوا على أنفسكم إلا بخير فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون ففي هذه الحالة ينبغي للإنسان أن يدعو لنفسه بالخير ويقول ما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيرا منها بعد قوله أنا لله وإنا إليه راجعون لأن كل مصيبة تقول إنا لله وإنا إليه راجعون وفي مصيبة الموت اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيرا منها وكذلك غيرها وقد حدث النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الحديث فسمعته أم سلمة زوج أبي سلمة فلما مات زوجها وكان من أحب الناس إليها دعت بهذا الدعاء وقالت في نفسها من خير من أبي سلمة لأنها مؤمنة بهذا الكلام فلما انقضت عدتها خطبها النبي صلى الله عليه وسلم فكان خيرا من أبي سلمة ولا شك المهم أن الرسول صلى الله عليه وسلم أغمض عيني أبي سلمة ثم قال اللهم اغفر لأبي سلمة وارفع درجته في المهديين ونور له في قبره وافسح له فيه واخلفه في عقبه خمس كلمات تساوي الدنيا كلها: اللهم اغفر لأبي سلمة يعني اغفر له ذنوبه فلا تعاقبه عليها وسامحه واعف عنه ارفع درجته في المهديين في الجنة لأن أصحاب الجنة مهديون كلهم افسح له في قبره يعني وسع له فيه فإن القبر بالنسبة لمنازل الدنيا ضيق بحسب الحس لكنه يفسح للمؤمن حتى يكون كمد البصر ويكون روضة من رياض الجنة .
نور له فيه والقبر مظلم بحسب الحس لا فيه نور النهار ولا نور السراج وغيره .
اخلفه في عقبه يعني كن خليفة له في ذريته فهذه الدعوات الخمس منها شيء علمناه ومنها شيء رجوناه الذي علمناه أن الله سبحانه وتعالى خلفه في عقبه لأن زوجته تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم وأولاده صاروا ربائب للنبي صلى الله عليه وسلم وتربوا في بيته وأما الأربعة الباقية فإننا نرجو الله أن يكون قد قبل دعوة نبيه في هذا الرجل الصالح .
وفي هذا الحديث دليل على مسائل: 1 - أنه ينبغي للإنسان إذا أصيب بمصيبة ألا يدعو لنفسه إلا بالخير .
2 - أنه ينبغي لمن حضر الميت إذا خرجت روحه وانفتح بصره أن يغمضه مادام حارا لأنه إذا برد وعيناه شاخصتان بقيتا شاخصتين قال العلماء وينبغي أيضا أن يلين مفاصلة قبل أن تبرد وتشكل وذلك بأن يرد ذراعه إلى عضده وعضده إلى صدره ثم يمد يده ويرد الساق إلى الفخذ والفخذ إلى البطن ثم يمدها عدة مرات حتى تلين ليسهل تغسيله وتكفينه .
3 - الدلالة على أن الروح شيء يرى لأنها جسم ولكنه ليس كأجسامنا هذا فأجسامنا غليظة لكن الروح جسم ليس بالغليظ بل هو جسم لطيف يجري من ابن آدم مجرى الدم وليس مخلوقا من طين بل من مادة الله أعلم بها ولهذا قال الله تعالى ويسئلونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا .
4 - ينبغي لمن حضر الميت وأغمضه أن يدعو له وإذا دعا بهذه الدعوات العظيمة التي دعا بها الرسول صلى الله عليه وسلم لأبي سلمة كان خيرا وإن لم يعرفها دعا بما شاء 5 - الملائكة يؤمنون على الدعاء في هذه الحالة فينبغي لأهل الميت أن يدعوا بالخير
باب ما يقال عند الميت وما يقوله من مات له ميت
920 - عن أم سلمة رضي الله عنها قالت دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي سلمة وقد شق بصره فأغمضه ثم قال إن الروح إذا قبض تبعه البصر فضج ناس من أهله فقال لا تدعوا على أنفسكم إلا بخير فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون ثم قال اللهم اغفر لأبي سلمة وارفع درجته في المهديين واخلفه في عقبه في الغابرين واغفر لنا وله يا رب العالمين وافسح له في قبره ونور له فيه رواه مسلم