باب ما يقال عند الميت وما يقوله من مات له ميت
920 - عن أم سلمة رضي الله عنها قالت دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي سلمة وقد شق بصره فأغمضه ثم قال إن الروح إذا قبض تبعه البصر فضج ناس من أهله فقال لا تدعوا على أنفسكم إلا بخير فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون ثم قال اللهم اغفر لأبي سلمة وارفع درجته في المهديين واخلفه في عقبه في الغابرين واغفر لنا وله يا رب العالمين وافسح له في قبره ونور له فيه رواه مسلم
921 - وعنها قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما من عبد تصيبه مصيبة فيقول إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيرا منها إلا أجره الله تعالى في مصيبته وأخلف له خيرا منها قالت فلما توفي أبو سلمة قلت كما أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخلف الله لي خيرا منه رسول الله صلى الله عليه وسلم .
رواه مسلم
922 - وعن أبي موسى رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا مات ولد العبد قال الله تعالى لملائكته قبضتم ولد عبدي فيقولون نعم فيقول قبضتم ثمرة فؤاده فيقولون نعم فيقول فماذا قال عبدي فيقولون حمدك واسترجع فيقول الله تعالى ابنوا لعبدي بيتا في الجنة وسموه بيت الحمد رواه الترمذي وقال حديث حسن .
923 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يقول الله تعالى ما لعبدي المؤمن عندي جزاء إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة رواه البخاري
924 - وعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال أرسلت إحدى بنات النبي صلى الله عليه وسلم إليه تدعوه وتخبره أن صبيا لها أو ابنا في الموت فقال للرسول ارجع إليها فأخبرها أن لله تعالى ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى فمرها فلتصبر ولتحتسب وذكر تمام الحديث متفق عليه
الشَّرْحُ
هذه الأحاديث ذكرها النووي رحمه الله في رياض الصالحين فيما يقال عند الموت يعني إذا مات للإنسان أحد فماذا يقول وقد سبقت لنا الإشارة إلى حديثين صدر بهما المؤلف هذا الباب وهما لأم سلمة رضي الله عنها حين مات زوجها فقالت إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم أجرني في مصيبتي واخلفني خيرا منها فأخلف الله عليها محمدا صلى الله عليه وسلم .
أما الأحاديث الثلاثة الباقية فهي فيمن مات له ولد فحمد الله واسترجع وصبر فإن الله سبحانه وتعالى يعوضه بذلك الجنة كما في الحديث إن الله تعالى إذا قبضت الملائكة نفس ولده فإن الله يقول للملائكة قبضتم ولد عبدي فيقولون نعم وهو يعلم عز وجل لكن يقول هذا ليظهر فضل هذا العبد وأنه حمد الله واسترجع عند هذه المصيبة العظيمة فيقول قبضتم ثمرة فؤاده فيقولون نعم فيقول ماذا قال قالوا حمدك واسترجع يعني قال الحمد لله إنا لله وإنا إليه راجعون والحمد عند المصائب مما يدل على صبر الإنسان على قضائه وقدره وأنه صبر فأثنى على الله بصبره على هذه المصيبة وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أصابه ما يكره قال الحمد لله على كل حال وإذا أصابه ما يسره قال الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات فإذا حصل لك ما يسرك فقل الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات وإذا حصل العكس فقال الحمد لله على كل حال وكذلك أخبر سبحانه وتعالى فيما رواه عنه النبي صلى الله عليه وسلم أنه ما من إنسان يقبض الله له ولده فيصبر ويحتسب إلا عوضه الله به الجنة وكذلك أيضا ما أخرجه البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يقول الله تعالى ما لعبدي المؤمن جزاء إذا قبضت صفيه واحتسب إلا الجنة صفيه يعني من اصطفاه واختاره من ولد وزوجة أو غيرهما أما الحديث الأخير فهو في قصة لإحدى بنات النبي صلى الله عليه وسلم كان لها صبي في سياق الموت فأرسلت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم للرسول الذي أرسلته إليه قل لها إن لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى فمرها فلتصبر ولتحتسب فينبغي للإنسان في تعزية أخيه أن يقول له هذه الكلمات فهي أحسن ما يعزى به إن لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى اصبر واحتسب والله الموفق
باب جواز البكاء على الميت بغير ندب ولا نياحة أما النياحة فحرام وسيأتي فيها باب في كتاب النهي إن شاء الله تعالى وأما البكاء فجاءت أحاديث كثيرة بالنهي عنه وأن الميت يعذب ببكاء أهله وهي متأولة ومحمولة على من أوصى به والنهي إنما هو عن البكاء الذي فيه ندب أو نياحة والدليل على جواز البكاء بغير ندب ولا نياحة أحاديث كثيرة منها
925- عن ابنِ عُمرَ رضي اللَّه عنهما أَنَّ رسُولَ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم عاد سَعْدَ بنَ عُبَادَةَ ، وَمَعَهُ عبْدُ الرَّحمنِ بنُ عَوفٍ ، وسعْدُ بْنُ أَبي وَقَّاصٍ ، وعبْدُ اللَّهِ بن مَسْعُودٍ رضي اللَّه عنهم ، فَبكى رسولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم ، فلمَّا رَأَى القوْمُ بُكاءَ رسولِ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم ، بَكَوْا ، فقال : « أَلا تَسْمعُونَ ؟ إِنَّ اللَّه لا يُعَذِّبُ بِدمْعِ العَيْنِ ، وَلا بِحُزْنِ القَلْبِ ، وَلكِنْ يُعَذّبُ بِهذاَ أَوْ يَرْحَمُ » وَأَشَارَ إِلى لِسَانِهِ .متفقٌ عليه .
926-