1075 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وحج البيت وصوم رمضان متفق عليه
الشَّرْحُ
ذكر المؤلف رحمه الله في كتاب رياض الصالحين باب فضل الصلوات الخمس والنهي الأكيد والوعيد الشديد على من ضيعهن ما رواه ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا اله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وحج البيت وصوم رمضان هكذا رواه ابن عمر رضي الله عنهما وفي لفظ أنه قدم الصوم على الحج فعلى الأول بني البخاري رحمه الله الترتيب الصحيح فبدأ بالحج قبل الصيام وأكثر الأحاديث على تقديم الصيام على الحج قوله صلى الله عليه وسلم بني الإسلام يعني أنه شبه الإسلام بالقصر الذي له خمسة أعمدة ومعلوم أن الأعمدة هي أساس البنيان وأنه إذا فقدت الأعمدة تداعى البنيان وانهدم فإن بني على غير أعمدة بني بناء ضعيفا ولكن الإسلام بناء قوي محكم شرعه الله عز وجل لعباده وقال اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا هذه الدعائم وهذه الأعمدة الخمسة بينها صلى الله عليه وسلم بقوله شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله يعني أن تشهد معترفا بلسانك مؤمنا بقلبك أنه لا معبود بحق إلا الله كل ما عبد من دون الله فهو باطل هناك أناس يعبدون الشمس وهناك أناس يعبدون القمر وهناك أناس يعبدون الشعرى وهناك أناس يعبدون البقر وهناك أناس يعبدون فروج النساء ..
.
أمم مختلفة لكن من المعبود حقا الله عز وجل هو المعبود حقا هذا هو مقتضى الشرع ومقتضى العقل لأن الذي يستحق العبادة هو الذي خلق الخلق من الذي خلق الخلق الله عز وجل قال تبارك وتعالى { أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون } وقال تعالى { أفرأيتم ما تمنون أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون } لو اجتمع الخلق كلهم على أن يخلقوا جنبا واحدا ما استطاعوا بل قال عز وجل { يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له سبحان الله كل المعبودات بالباطل على اختلاف أصنافها لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له هذا في القدر في الشرع قال الله تبارك وتعالى } قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله { إذن لا أحد يستطيع أن يأتي بمثل كلام الله ولا أن يخلق مثل خلق الله } ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله { ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله } { قل من يرزقكم من السماء والأرض أمن يملك السمع والأبصار ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الأمر فسيقولون الله إذن هذا الذي يوصف بكل هذه الأوصاف هو المستحق للعبادة هل يستحق العبادة شيء مدبر الشمس مدبره } والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم { هل هي يستحق أن تعبد القمر هل يستحق أن يعبد النجم الشجر لا أحد يستحق فكل مخلوق حاج إبراهيم صلى الله عليه وسلم قومه فلما جن عليه الليل وأظلم رأي كوكبا وكان من قومه من يعبد النجوم قال هذا ربي وكالعادة غاب الكوكب فلما أفل قال لا أحب الآفلين لأن الرب لا يغيب عن عباده فلما رأى القمر بازغا وهو أعلى النجوم إضاءة } قال هذا ربي فلما أفل قال { أي غاب } لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين { وهذا أشد من الأول جاء إلى شيء أكبر وهي الشمس وهم يعبدون أيضا فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي فلما أفلت غابت أعلن صلى الله عليه وسلم التوحيد قال } يا قوم إني بريء مما تشركون إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين { إذن لا إله إلا الله لا معبود بحق إلا الله وكل ما يعبد من دون الله فهو باطل والعجيب أن هذه الأصنام التي تعبد يا إخواني أنها يوم القيامة تجمع وتحصب في نار جهنم كما يحصب الحصى وكذلك عابدوها يحصبون } إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون لو كان هؤلاء آلهة ما وردوها وكل فيها خالدون { نعم لو كانت هذه الأصنام آلهة حقا هل ترد النار وكذلك الذين يعبدونها لما جاءت هذه الآيات أراد المشركون أن يشبهوا بها قالوا عيسى ابن مريم يعبد إذن يلقى في النار فأنزل الله تعالى قوله } وإن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها معبدون لا يسمعون حسيسها وهم في ما اشتهت أنفسهم خالدون لا يحزنهم الفزع الأكبر وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون { فعيسى ابن مريم ممن سبقت لهم من الله الحسنى لأنه أحد أولي العزم من الرسل المهم يا إخواني أن تعلموا أن كل من يعبد من دون الله فهو باطل سواء كان نجما أو وليا أو صالحا أو عالما أو رئيسا كل ما يعبد من دون الله فهو باطل عبادته باطلة فشهادة أن لا إله إلا الله تتضمن الإخلاص الذي لا تصح العبادة إلا به والمتابعة التي يتضمنها شهادة أن محمدا رسول الله ولهذا يعد هذا ركنا واحدا أما الثاني فهو إقامة الصلاة يعني الصلوات الخمس وما يتبعها من النوافل لكون الصلاة من أركان الإسلام والصلوات الواجبة بالإجماع وهي خمس الصبح والظهر والعصر والمغرب والعشاء والجمعة تكون في محل الظهر وماعدا ذلك فمختلف فيه فالوتر اختلف العلماء هل هو واجب يأثم الإنسان بتركه أم سنة أم فيه تفصيل وهو أن من له ورد من الليل يجب عليه أن يوتر ومن ليس له ورد وإنما ينام إذا صلى العشاء إلى الفجر فهذا لا يجب عليه الوتر وأما صلاة الكسوف فمختلف فيها من العلماء من يقول واجبة ومنهم من يقول ليست بواجبة والصحيح أنها واجبة لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بها وفزع لما كسفت الشمس وصلاها صلاة غريبة لكنها فرض كفاية إذا قام بها من يكفي من أهل البلد سقطت من الباقين وكذلك أيضا اختلف العلماء رحمهم الله في تحية المسجد هل هي واجبة أم لا والقول بالوجوب قول قوي لكن يمنع القطع به أحاديث تدل على أنها ليست بواجبة مثل مجيء الإمام يوم الجمعة فإن النبي صلى الله عليه وسلم يدخل المسجد يوم الجمعة ويصعد المنبر ويخطب الناس ويجلس ولا يصلي تحية المسجد وكذلك رويت أخبار أخرى تدل على عدم وجوب تحية المسجد وكذلك صلاة العيدين اختلف فيهما العلماء منهم من يقول إنها واجبة ومنهم من يقول إنها سنة ومنهم من يقول فرض كفاية المهم أن الصلوات المجمع على وجوبها هي الخمس والجمعة بدلا عن الظهر ومعنى إقامة الصلاة أن يأتي بها الإنسان في أوقاتها متمما شروطها وأركانها واجباتها ومكملا ذلك بمستحباتها هذا هو إقام الصلاة وأما إتياء الزكاة فهو إعطاء الزكاة لمستحقها والزكاة هي القسط من مالك الذي أوجبه الله عليك في الذهب والفضة والنقد وعروض التجارة والخارج من الأرض وبهيمة الأنعام فيجب أن تعطي الزكاة هذه لمستحقيها وقد بين الله المستحقين لها في قوله } إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل { وأما حج البيت فهو قصد مكة لأداء المناسك وقد فرضه الله عز وجل على هذه الأمة في السنة التاسعة أو العاشرة من الهجرة وأما صوم رمضان فهو صوم الشهر الذي بين شعبان وشوال وفرض في السنة الثانية من الهجرة فهذه هي أركان الإسلام من أتى بها فهو المسلم وقد بنى على أساس متين ومن لم يأت بها فهو بين فاسق أو كافر فمن لم يأت بالشهادتين فهو كافر ومن لم يصل فهو كافر ومن منع الزكاة فهو فاسق ومن لم يحج فهو فاسق ومن لم يصم فهو فاسق والله الموفق }
1076 - وعنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله متفق عليه