باب فضل الصف الأول والأمر بإتمام الصفوف الأول وتسويتها والتراص فيها
1082 - عن جابر بن سمرة رضي الله عنهما قال خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربها فقلنا يا رسول الله وكيف تصف الملائكة عند ربها قال يتمون الصفوف الأول ويتراصون في الصف رواه مسلم
1083 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لا ستهموا متفق عليه
الشَّرْحُ
قال النووي رحمه الله في كتاب رياض الصالحين باب فضل الصف الأول والتراص في الصفوف وتسويتها وإكمال الأول فالأول هذه مسائل متعددة بين رحمه الله حكمها بما ساقه من أحاديث الحديث الأول عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربها الملائكة لها عبادات متنوعة وهم عليهم الصلاة والسلام لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون يسبحون الليل والنهار لا يفترون وتأمل قوله { يسبحون الليل والنهار } ولم يقل يسبحون في الليل والنهار لأنهم يستوعبون لوقت كله في التسبيح ومن عباداتهم عند ربهم أنهم يصفون عند الله عز وجل كما قال تعالى { وإنا لنحن الصافون وإنا لنحن المسبحون } وكيف صفوفهم قال النبي صلى الله عليه وسلم يكملون الأول فالأول ويتراصون إذن فنحن إذا صففنا بين يدي الله في صلاتنا ينبغي أن نكون كالملائكة يكملون الأول فالأول ويتراصون الأول فالأول كما أنه من سنة الملائكة عند الله عز وجل ومما رغب فيه النبي صلى الله عليه وسلم فهو من الأمور التي ينبغي أن يتزاحم الناس عليها لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في حديث أبي هريرة لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول يعني من الأجر ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا يعني لو لم يجدوا طريقا يصلون إلى الصف الأول به إلا أن يجروا قرعة لفعلوا وهذا يدل على فضيلة الصف الأول ويدل على أن الأفضل التراص في الصفوف ويدل على أنه يكمل الأول فلأول فهذه ثلاث مسائل ينبغي للإنسان أن ينتبه لها 1 - ألا يقف في صف حتى يكمل الذي قلبه 2 - في الصلاة يتراصون يلصق بعضهم كعبه بكعب أخيه ومنكبه بمنكبه حتى تتم المراصة لأنهم إذا لم يتراصوا تدخل الشياطين بينهم كأولاد الغنم الصغار ثم يشوشون عليهم صلاتهم ولكن يجب التنبه لمسائل 1 - ليس المراد بالمراصة المراصة التي تشوش على الآخرين وإنما المراد منها ألا يكون بينك وبينه فرجة 2 - الصف الأول لا يجوز التقدم إليه بوضع المنديل أو الكتاب أو ما أشبه ذلك وكأنه أصبح ملكا له يحجزه دائما سواء جاء أو لا حتى إني سمعت بعض الناس عندنا هنا في الجمعة أنه جاء شخص متقدم فوجد المكان ليس فيه شيء فتقدم إليه وصف فيه فجاء صاحبه الذي كان من عادته أن يصلي فيه وكأنما اشتراه من كيسه فال لماذا تجلس هنا مكاني فقال الرجل لقد وجدت مكانا خاليا فجلست فيه فقال لا هذا مكاني ..
سبحان الله ..
اشتريته من مالك المساجد لله عز وجل ..
من جاء الأول فهو أحق وليس أحد أحق بمكانه من أحد أبدا والإنسان ينبغي له أن يتجنب هذه الأمور بل قال شيخنا عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله أن التحجز حرام وأنه لا يجوز حتى بعض الفقهاء قال يتوجه أن لا تصح صلاته لأنه شبه مغصوب حيث إنه جلس في مكان لا يستحقه فقول الرسول صلى الله عليه وسلم ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا معناه أنهم يتقدمون ويتسابقون ثم إن حجز الأماكن فيه مضرة فيقل الإنسان إن مكاني مضمون فينحرف عن الخير بناء على أن مكانه مضمون المهم بارك الله فيكم أن المراد من قول الرسول صلى الله عليه وسلم لو يعلم الناس من في النداء والصف الأول من يتقدم بنفسه نعم إذا كان إنسا حاضر بالمسجد ولكنه أراد أن يبتعد عن الصف الأول لأجل أن يقرأ أو يصلي أو يراجع أو ينام ولا بأس بالنوم في المسجد فلا بأس لأنه مستحقة لكن يجب أن يصل إلى مكانه قبل أن تتصل الصفوف فيحتاج إلى تخطي الرقاب وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يتخطى الرقاب فقال اجلس فقد آذيتهم وفي حديث أبي هريرة الثاني دليل على جواز الاستهام في القرب يعني لو تنازع اثنان في الأذان وليس بينهما مؤذن راتب ومتساويان في الصفات المطلوبة في الأذان فحينئذ نقرع بينهما فمن خرجت له القرعة هو الذي يؤذن ومع الأسف أنك ترى بعض الناس الآن جماعة مسافرين أو ما أشبه ذلك كل واحد يقول للثاني أذن أنت وهو لا يعلم ما في الأذان من خير فهو الأذان لا يسمعه شجر ولا مضر ولا حجر إلا شهد لك يوم القيامة فينبغي أن تبادر للأذان نسأل الله لنا ولكم الخير وأن يجعلنا من المتسابقين للخيرات إنه على كل شيء قدير
1084 - وعنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها رواه مسلم