1381 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ..
.
ومن سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة رواه مسلم .
1382 - وعنه أيضا رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا رواه مسلم .
1383 - وعنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له رواه مسلم .
الشَّرْحُ
هذه الأحاديث الثلاثة في بيان فضل العلم وآثاره الحميدة عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ومن سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة سلوك الطريق يشمل الطريق الحسي الذي تقرعه الأقدام مثل أن يأتي الإنسان من بيته إلى مكان العلم سواء كان مكان العلم مسجدا أو مدرسة أو كلية أو غير ذلك ومن ذلك أيضا الرحلة في طلب العلم أن يرتحل الإنسان من بلده إلى بلد آخر يلتمس العلم فهذا سلك طريقا يلتمس فيه علما وقد رحل جابر بن عبد الله الأنصاري صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث واحد مسيرة شهر كامل على الرواحل على الإبل سار من بلده إلى بلد مسيرة شهر & من أجل حديث واحد رواه عبد الله بن أنيس عن النبي صلى الله عليه وسلم .
أما الثاني: فهو الطريق المعنوي وهو أن يلتمس العلم من أفواه العلماء ومن بطون الكتب فالذي يراجع الكتب للعثور على حكم مسألة شرعية وإن كان جالسا على كرسيه فإنه قد سلك طريقا يلتمس فيه علما ومن جلس إلى شيخ يتعلم منه فإنه قد سلك طريقا يلتمس فيه علما ولو كان جالسا فسلوك الطريق ينقسم & كما سمعتم إلى قسمين: قسم يراد به الطريق الذي تقرعه الأقدام والثاني يراد به الطريق الذي يتوصل به إلى العلم وإن كان جالسا .
من سلك هذا الطريق سهل الله له به طريقا إلى الجنة لأن العلم الشرعي تعرف به حكم ما أنزل الله تعرف به شريعة الله تعرف به أوامر الله تعرف به نواهي الله فتستدل به على الطريق الذي يرضى الله عز وجل ويوصلك إلى الجنة وكلما ازددت حرصا في سلوك الطرق الموصلة إلى العلم ازددت طرقا توصلك إلى الجنة .
وفي هذا الحديث من الترغيب في طلب العلم ما لا يخفى على أحد فينبغي للإنسان أن ينتهز الفرصة ولا سيما الشاب الذي يحفظ سريعا ويمكث في ذهنه ما حفظه ينبغي له أن يبادر الوقت يبادر العمر قبل أن يأتيه ما يشغله عن ذلك .
أما الحديث الثاني فهو أيضا عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من دعا إلى هدى فله أجر من اتبعه يعني إلى يوم القيامة من دعا إلى هدى يعني علم الناس فإن الداعي إلى الهدى هو الذي يعلم الناس ويبين لهم الحق ويرشدهم إليه فهذا له مثل أجر من فعله مثلا دللت إنسانا على أنه ينبغي له أن يوتر يجعل آخر صلاته في الليل وترا كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم قال: اجعلوا آخر صلاتكم في الليل وترا وحثثت على الوتر ورغبت فيه فأوتر أحد من الناس بناء على كلامك وعلى توجيهك فلك مثل أجره لك علم بذلك آخر منك أو من الذي علمته أنت فلك مثل أجره وإن تسلسلوا إلى يوم القيامة .
وفي هذا دليل على كثرة أجور النبي صلى الله عليه وسلم لأنه دل الأمة على الهدى فكل من عمل من هذه الأمة بهدي فللنبي صلى الله عليه وسلم أجره من غير أن ينقص من أجورهم شيء الأجر تام للفاعل والداعي وإذا تبين أن النبي صلى الله عليه وسلم له أجر ما عملته أمته تبين بذلك خطأ من يهدي ثواب العبادة للرسول صلى الله عليه وسلم يعني مثلا بعض الناس اجتهد وصار يصلي ركعتين ويقول اللهم اجعل ثوابها للرسول يقرأ قرآنا ويقول: اللهم اجعل ثوابه للرسول هذا غلط وأول ما حدث هذا في القرن الرابع الهجري يعني بعد ثلاثمائة سنة من موت الرسول يستحسن بعض العلماء أنه يفعل هذا قال كما أهدي لأبي وأمي صدقة أو صلاة أو ذكر أهديه للرسول صلى الله عليه وسلم نقول: هذا خطأ غلط سفه في التصور وضلال في الدين كيف نسأله ونقول هل أنت أعظم حبا للرسول من أبي بكر فيقول لا أعظم من عمر لا أعظم من عثمان لا أعظم من علي لا أعظم من ابن عباس ابن مسعود الصحابة لا هل أحد منهم أهدى للرسول عملا صالحا أبدا وكذلك التابعون والأئمة الإمام أحمد بن حنبل الشافعي مالك أبو حنيفة ما فعلوا هذا ما الذي أطلعك على شيء لم يعملوا به أو لم يعملوا به من أنت فهو خطأ في التصور وضلال في الدين لأن أي عمل تعمله ولو كان ثوابه لك فللرسول صلى الله عليه وسلم مثله وإن لم تقل شيئا أي عمل لو تصلي ركعتين أجرهما لك وللرسول مثله من غير أن ينقص من أجرك شيئا إذا ما الفائدة لا يعني إرجاعك القرب للرسول إلا أنك حرمت نفسك من الأجر فقط وللرسول صلى الله عليه وسلم مثل أجرك & سواء أهديت له أو لم تهد لأنه يقول صلى الله عليه وسلم من دعا إلى هدى فله أجر من اتبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيء فلا حاجة .
إذا نأخذ من هذا الحديث فضيلة العلم لأن العلم به الدلالة على الهدى والحث على التقوى فالعلم أفضل بكثير من المال حتى لو تصدق بأموال عظيمة طائلة فالعلم ونشر العلم أفضل واضرب لكم مثلا الآن في عهد أبي هريرة خلفاء ملوك ملكوا الدنيا وفي عهد الإمام أحمد أغنياء ملكوا أموالا عظيمة وتصدقوا وأوقفوا في عهد من بعدهم كشيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم أناس أغنياء تصدقوا وأنفقوا وأوقفوا أين ذهب المال أين ذهب ما أنفقوه أين ذهب ما وقفوه راح لا يوجد له أثر الآن لكن أحاديث أبي هريرة تتلى في كل وقت ليلا ونهارا ويأتيه أجرها الأئمة أيضا علمهم وفقهم منشور بين الأمة يأتيهم الأجر وهكذا شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم وغيرهم من العلماء ماتوا لكن ذكرهم حي باق يعلمون الناس وهم في قبورهم ينالهم الأجر وهم في قبورهم وهذا يدل على أن العلم أفضل بكثير من المال وأنفع للإنسان وسيأتي إن شاء الله في حديث أبي هريرة الذي ذكره المؤلف إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له والله الموفق .
1383 -