1472 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي وأصلح لي آخرتي التي فيها معادي واجعل الحياة زيادة لي في كل خير واجعل الموت راحة لي من كل شر رواه مسلم
1473 - وعن علي رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم قل: اللهم اهدني وسددني وفي رواية: اللهم إني أسألك الهدى والسداد رواه مسلم
1474 - وعن أنس رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل والجبن والهرم والبخل وأعوذ بك من عذاب القبر وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات وفي رواية: وضلع الدين وغلبة الرجال رواه مسلم
الشَّرْحُ
هذه الأحاديث ساقها المؤلف رحمه الله في كتاب رياض الصالحين في باب فضل الدعاء منها حديث علي بن أبي طالب أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يقول اللهم إني أسألك الهدى والسداد أما الهدى فقد سبق الكلام على معناه وأما السداد فهو تسديد الإنسان في قوله وفعله وعقيدته والتسديد معناه أن يوفق الإنسان إلى الصواب بحيث لا يضل وقد قال تعالى يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم قولا سديدا أي صوابا فذكر الله تعالى في القول السديد فائدتين أولا: صلاح الأعمال والثانية: مغفرة الذنوب فينبغي للإنسان أن يسأل الله هذا الدعاء اللهم إني أسألك الهدى والسداد أو يقول اللهم اهدني وسددني المعنى واحد ومن ذلك أيضا حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي وأصلح لي آخرتي التي إليها معادي أو التي فيها معادي واجعل الحياة زيادة لي في كل خير واجعل الموت راحة لي من كل شر فبدأ بالدين أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري الذي به يعتصم الإنسان من الشر ويعتصم من الأعداء لأنه كلما صلح الدين اعتصم الإنسان به من كل شر وصلاح الدين يكون بالإخلاص لله والمتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم فمن أشرك بالله فدينه غير صالح من صلى رياء أو تصدق رياء أو صام رياء أو قرأ القرآن رياء أو ذكر الله رياء أو طلب العلم رياء أو جاهد رياء فكل هذا عمله غير صالح والعياذ بالله وهو مردود عليه لقول الله تعالى في الحديث القدسي أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملا أشرك به معي غيري تركته وشركه كذلك المبتدع لا عصمة له فليس معصوما من الشر بل الذي وقع فيه هو الشر قال الرسول صلى الله عليه وسلم كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار فالمبتدع وإن ذكر الله وإن سبح وإن حمد وإن صلى على وجه ليس بمشروع فعمله مردود عليه قد يزين الشيطان للإنسان عبادة فيلين قلبه ويخشع ويبكي ولكن ذلك لا ينفعه إذا كان بدعة بل هو مردود عليه ألم تر إلى النصارى يأتون الكنيسة ويبكون ويخشعون أشد من خشوع بعض المسلمين ومع ذلك لا ينفعهم هذا لأنهم على ضلالة كذلك أهل البدع نجد مثلا من أهل البدع ولاسيما الصوفية نجد عندهم أذكار كثيرة يذكرون الله ويبكون ويخشعون وتلين قلوبهم لكن هذا كله لا ينفعهم لأنه على غير شرع الله قال النبي صلى الله عليه وسلم من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد مردود عليه وقال من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد أصلح لي ديني يعني اجعله صالحا بأن يكون خالصا صوابا وقوله هو عصمة أمري يعني الذي اعتصم به من الشر والفتن وغير ذلك وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي الدنيا معاش تقيم فيها أو تسكن فيها إلى أن تموت ولكنها ليست دار قرار وأين الذين استقروا فيها أين الملوك وأبناء الملوك أين الأغنياء أين الأثرياء أين الفقراء أين الأسياد كلهم ذهبوا فصاروا أحاديث وأنت في يوم من الأيام ستكون أحاديث قال الشاعر الحكيم دنيا يرى الإنسان فيها مخطرا حتى يرى خبرا من الأخبار هو الآن مخطر يقول صار كذا وصار كذا ومات فلان وولد فلان ولكنه سوف يكون هو خبرا من الأخبار نحن الآن نتحدث عن مشايخنا عن زملائنا عن إخواننا عن آبائنا خبرا من الأخبار كأن لم يوجد بالدنيا كأنهم أحلام وهكذا أنت أيضا فالدنيا معاش فقط وليست قرار ولكنها إن وفق الإنسان فيها إلى العمل الصالح وجعلها منفعة للآخرة فيا حبذا وإن كانت الأخرى وصار يعمل للدنيا لا للآخرة خسر الدنيا والآخرة والعياذ بالله ولهذا قال التي فيها معاشي فقط معاش يعيش الإنسان ثم يتركها وأصلح لي آخرتي التي إليها معادي الآخرة هي التي إليها المعاد ولا مفر منها قال الله تعالى في كتابه { قل إن الأولين والآخرين لمجموعون إلى ميقات يوم معلوم } الأولون والآخرون كلهم سوف يجمعهم الله عز وجل في صعيد واحد يوم القيامة يسمعهم الداعي وينفذهم البصر وقال الله تبارك وتعالى { ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود وما نؤخره إلا لأجل معدود } لأجل معدود ما قال لأجل ممدود معدود يعد عدا لكن كله يفنى سريعا حال اليوم الذي هو معاد كل واحد كل واحد معاده إلى يوم القيامة والشاعر الحكيم يقول
كل ابن أنثى وإن طالت سلامته ...
يوما على آلة حدباء محمول
كلنا سنحمل على النعش مهما طالت بنا الحياة أو نحترق فتأكلنا النار أو نموت في فلاة من الأرض فتأكلنا السباع أو في البحر فتأكلنا الحيتان لا ندري المهم أن كل إنسان معاده إلى الآخرة ولهذا قال أصلح لي آخرتي التي إليها معادي وصلاح الآخرة أن الله تعالى ينجيك من عذاب النار ويدخلك الجنة نسأل الله أن يصلح لي ولكم الآخرة واجعل الحياة زيادة لي في كل خير واجعل الموت راحة لي في كل شر الإنسان إذا وفق في هذه الحياة وصار يزداد خيرا كل يوم يكتسب عملا صالحا ويحس ذلك بنفسه وتجده يفرح إذا عمل عملا صالحا ويقول { الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله } كل يوم يزداد يصلي يسبح يقرأ يأمر بالمعروف ينهى عن المنكر يلقى أخاه بوجه طلق إلى آخره خيرات كثيرة فكلما ازداد الإنسان في حياته خيرا كانت حياته خيرا ولهذا في الحديث خيركم من طال عمره وحسن عمله واجعل الموت راحة لي من كل شر الموت فقد الحياة لكن دعا النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعل الله الموت له راحة من كل شر لأن الإنسان لا يدري ما يصيبه في هذه الدنيا قد يبقى في الدنيا طويلا لكنه ينتكس والعياذ بالله يفسد دينه قد يبقى في الدنيا وتحدث فتن عظيمة يتعب فيها يقول ليت أمي لم تلدني يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا يجد فتنا عظيمة لكن قد يكون الموت الذي عجله الله له راحة له من كل شر ولهذا كان الرسول يدعو بهذا الدعاء واجعل الموت راحة لي من كل شر فعليك يا أخي المسلم بهذا الدعاء اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي وأصلح لي آخرتي التي إليها معادي واجعل الحياة زيادة لي في كل خير واجعل الموت راحة لي من كل شر
1474 -