باب تحريم سماع الغيبة وأمر من سمع غيبة محرمة بردها، والإنكار على قائلها، فإن عجز أو لم يقبل منه، فارق المجلس إن أمكنه
قال تعالى: { وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه } وقال تعالى: { والذين هم عن اللغو معرضون } .
وقال تعالى: { إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا } .
وقال تعالى: { وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين }
1528 - وعن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من رد عن عرض أخيه، رد الله عن وجهه النار يوم القيامة رواه الترمذي وقال: حديث حسن .
1529 - وعن عتبان بن مالك رضي الله عنه في حديثه الطويل المشهور الذي تقدم في باب الرجاء قال: قام النبي صلى الله عليه وسلم يصلي فقال: أين مالك بن الدخشم ؟ فقال رجل: ذلك منافق لا يجب الله ورسوله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تقل ذلك ألا تراه قد قال: لا إله إلا الله يريد بذلك وجه الله، وإن الله قد حرم على النار من قال: لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله متفق عليه .
وعتبان بكسر العين على المشهور، وحكي ضمها، وبعدها تاء مثناة من فوق، ثم باء موحدة .
و الدخشم بضم الدال وإسكان الخاء وضم الشين المعجمتين .
الشَّرْحُ
قال المؤلف النووي رحمه الله في كتابه ( رياض الصاحين ) باب تحريم سماع الغيبة، لما ذكر الله النصوص الواردة في تحريم الغيبة، لما بين مضارها ومفاسدها وآثامها أعقب ذلك بهذا الباب وهو تحريم سماع الغيبة، يعني أن الإنسان إذا سمع شخصًا يغتاب آخر فإنه يحرم عليه أن يستمع إلى ذلك بل ينهاه عن هذا ويحاول أن ينقله إلى حديث آخر، فإن هذا فيه أجر عظيم كما في حديث أبي الدرداء رضي الله عنه، فإن أصر هذا الذي يغتاب الناس، إلا أن يبقى على غيبته وجب عليه أن يقوم عن المكان ؛ لأن الله سبحانه وتعالى يقول: وقد نزل عليكم في الكتب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذًا مثلهم فدل ذلك على أن الإنسان إذا استمع إلى المحرم، فهو مشارك لمن يفعل هذا المحرم بل الواجب أن يقوم، ثم ذكر آيات متعددة في بيان الإعراض عن اللغو، واللغو الكلام الذي لا فائدة فيه فإنه من اللغو، وعباد الرحمن قال الله تعالى في وصفهم: { وإذا مروا باللغو مروا كرامًا } يعني سالمين منه لا يلحقهم شيء منه لا يستمعون إليه ولا يصغون له، ثم ذكر حديث عتبان بن مالك في قضية مالك بن الدخشم وتكلم الرجل في عرضه عند النبي صلى الله عليه وسلم وأن النبي صلى الله عليه وسلم نهاه عن ذلك وقال: ألم تر أنه يصلي يريد بذلك وجه الله وهذا يدل على أن الإنسان إذا لم يكن كذلك فإنه لا غيبة له، فالكافر مثلاً ليس محترمًا في الغيبة، لك أن تغتابه، إلا أن يكون له أقارب مسلمون يتأذون بذلك فلا تغتبه وإلا فلا غيبة له، أما الفاسق فقد سبق لنا أنه محترم إلا إذا كانت المصلحة تقتضي بيان فسقه فلا بأس أن يذكر بفسقه ؛ لأن هذا من باب النصيحة .
والله الموفق
1530 -