منتدى الأصدقاء
{وَاللّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }يونس25
And God calls to the House of Peace and guides whom He wills to a Straight Path} Younis 25
نحن سعداء للمشاركة في (منتدى الأصدقاء)
We are pleased to join in ( Forum Friends )
يشرفنا تسجيلك
We are honored register you
إدارة المنتدى
Management of Forum

منتدى الأصدقاء
{وَاللّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }يونس25
And God calls to the House of Peace and guides whom He wills to a Straight Path} Younis 25
نحن سعداء للمشاركة في (منتدى الأصدقاء)
We are pleased to join in ( Forum Friends )
يشرفنا تسجيلك
We are honored register you
إدارة المنتدى
Management of Forum

منتدى الأصدقاء
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدى الأصدقاء
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

( أهلا وسهلا بكم في منتدى الأصدقاء Welcome to the forum Friends >> الرجاء تسجيل الدخول للتعرف على فضائل الأعمال التي يحبها الله Please log in to learn about the virtues of Business loved by God

المواضيع الأخيرة
» تعديل شاشة الكمبيوتر - الوضع الصحيح من المصنع - LG
 تفسير سورة الصافات - من آية 83 - إلى نهاية الآية 148 I_icon_minitimeالأحد نوفمبر 05, 2017 2:53 pm من طرف abubaker

»  إن كلمة “الله” هي علم على واجب الوجود. --- آية الكرسي
 تفسير سورة الصافات - من آية 83 - إلى نهاية الآية 148 I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:44 am من طرف abubaker

»  إن كلمة “الله” هي علم على واجب الوجود. --- آية الكرسي
 تفسير سورة الصافات - من آية 83 - إلى نهاية الآية 148 I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:44 am من طرف abubaker

»  إن كلمة “الله” هي علم على واجب الوجود -- آية الكرسي -- تابع ----
 تفسير سورة الصافات - من آية 83 - إلى نهاية الآية 148 I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:33 am من طرف abubaker

»  وكلمة (الله) عَلَمٌ على واجب الوجود؛ مَطمورة فيه كُلُّ صفات الكمال؛ / الرعد - ؛ فشاءتْ رحمتُه سبحانه أنْ سَهَّل لنا أن نفتتح أيَّ عمل باسمه الجامع لكل صفات الجمال والكمال (بسم الله الرحمن الرحيم). ولذلك يُسَمُّونه (عَلَمٌ على واجب الوجود).
 تفسير سورة الصافات - من آية 83 - إلى نهاية الآية 148 I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:18 am من طرف abubaker

» أما أسماء الله فحسنى؛ لأنها بلغتْ القمة في الكمال، ولأن الأسماء والصفات التي تنطبق عليها موجودة في الخالق الأعلى سبحانه
 تفسير سورة الصافات - من آية 83 - إلى نهاية الآية 148 I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:06 am من طرف abubaker

» وكلمة(اللهُ) عَلَم على واجب الوجود بكل صفات الكمال له - طه
 تفسير سورة الصافات - من آية 83 - إلى نهاية الآية 148 I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 3:57 am من طرف abubaker

» فاعمل لوجهه يكْفك كل الأوجه وتريح نفسك أن تتنازعك قوى شتى ومختلفة، ويُغنيك عن كل غنى.
 تفسير سورة الصافات - من آية 83 - إلى نهاية الآية 148 I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 3:51 am من طرف abubaker

» أتدرون ما هذان الكتابان فريق في الجنة وفريق في السعير
 تفسير سورة الصافات - من آية 83 - إلى نهاية الآية 148 I_icon_minitimeالثلاثاء يوليو 18, 2017 3:21 pm من طرف abubaker

ازرار التصفُّح
 البوابة
 الرئيسية
 قائمة الاعضاء
 البيانات الشخصية
 س .و .ج
 بحـث
التبادل الاعلاني

 

  تفسير سورة الصافات - من آية 83 - إلى نهاية الآية 148

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
abubaker

abubaker


ذكر
عدد المساهمات : 18649
تاريخ التسجيل : 23/12/2010
العمر : 74
الدولـة : jordan

 تفسير سورة الصافات - من آية 83 - إلى نهاية الآية 148 Empty
مُساهمةموضوع: تفسير سورة الصافات - من آية 83 - إلى نهاية الآية 148    تفسير سورة الصافات - من آية 83 - إلى نهاية الآية 148 I_icon_minitimeالثلاثاء مارس 12, 2013 8:37 pm

[color=black][size=24]وَإِنّ مِن شِيعَتِهِ لإِبْرَاهِيمَ * إِذْ جَآءَ رَبّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ * إِذْ قَالَ لأبِيهِ وَقَوْمِهِ مَاذَا تَعْبُدُونَ * أَإِفْكاً آلِهَةً دُونَ اللّهِ تُرِيدُونَ * فَمَا ظَنّكُم بِرَبّ الْعَالَمِينَ



قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما {وإن من شيعته لإبراهيم} يقول من أهل دينه، وقال مجاهد على منهاجه وسنته {إذ جاء ربه بقلب سليم} قال ابن عباس رضي الله عنهما يعني شهادة أن لا إله إلا الله. وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبو سعيد الأشج حدثنا أبو أسامة عن عوف قلت لمحمد بن سيرين ما القلب السليم ؟ قال يعلم أن الله حق وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور، وقال الحسن: سليم من الشرك وقال عروة لا يكون لعاناً

وقوله تعالى: {إذ قال لأبيه وقومه ماذا تعبدون} أنكر عليهم عبادة الأصنام والأنداد ولهذا قال عز وجل {أئفكا آلهة دون الله تريدون * فما ظنكم برب العالمين} قال قتادة يعني ما ظنكم أنه فاعل بكم إذا لاقيتموه وقد عبدتم معه غيره



فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النّجُومِ * فَقَالَ إِنّي سَقِيمٌ * فَتَوَلّوْاْ عَنْهُ مُدْبِرِينَ * فَرَاغَ إِلَىَ آلِهَتِهِمْ فَقَالَ أَلا تَأْكُلُونَ * مَا لَكُمْ لاَ تَنطِقُونَ * فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْباً بِالْيَمِينِ * فَأَقْبَلُوَاْ إِلَيْهِ يَزِفّونَ * قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ * وَاللّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ * قَالُواْ ابْنُواْ لَهُ بُنْيَاناً فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ * فَأَرَادُواْ بِهِ كَيْداً فَجَعَلْنَاهُمُ الأسْفَلِينَ



إنما قال إبراهيم عليه الصلاة والسلام لقومه ذلك ليقيم في البلد إذا ذهبوا إلى عيدهم فإنه كان قد أزف خروجهم إلى عيد لهم فأحب أن يختلي بآلهتهم ليكسرها فقال لهم كلاماً هو حق في نفس الأمر فهموا منه أنه سقيم على مقتضى ما يعتقدونه {فتولوا عنه مدبرين} قال قتادة والعرب تقول لمن تفكر نظر في النجوم، يعني قتادة أنه نظر إلى السماء متفكراً فيما يلهيهم به فقال {إني سقيم} أي ضعيف، فأما الحديث الذي رواه ابن جرير ههنا حدثنا أبو كريب حدثنا أبو أسامة حدثني هشام عن محمد عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لم يكذب إبراهيم عليه الصلاة والسلام غير ثلاث كذبات: ثنتين في ذات الله تعالى، قوله {إني سقيم} وقوله {بل فعله كبيرهم هذا} وقوله في سارة هي أختي» فهو حديث مخرج في الصحاح والسنن من طرق ولكن ليس هذا من باب الكذب الحقيقي الذي يذم فاعله حاشا وكلا ولما، وإنما أطلق الكذب على هذا تجوزاً وإنما هو من المعاريض في الكلام لمقصد شرعي ديني كما جاء في الحديث «إن في المعاريض لمندوحة عن الكذب» وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا ابن أبي عمر حدثنا سفيان عن علي بن زيد بن جدعان عن أبي نضرة عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في كلمات إبراهيم عليه الصلاة والسلام الثلاث التي قال ما منها كلمة إلا ما حل بها عن دين الله تعالى: {فقال إني سقيم} وقال {بل فعله كبيرهم هذا} وقال للملك حين أراد امرأته هي أختي. قال سفيان في قوله {إني سقيم} يعني طعين وكانوا يفرون من المطعون فأراد أن يخلو بآلهتهم، وكذا قال العوفي عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: {فنظر نظرة في النجوم فقال إني سقيم} فقالوا له وهو في بيت آلهتهم: اخرج فقال إني مطعون فتركوه مخافة الطاعون. وقال قتادة عن سعيد بن المسيب رأى نجماً طلع فقال {إني سقيم} كابد نبي الله عن دينه {فقال إني سقيم}. وقال آخرون {فقال إني سقيم} بالنسبة إلى ما يستقبل يعني مرض الموت، وقيل أراد {إني سقيم} أي مريض القلب من عبادتكم الأوثان من دون الله تعالى، وقال الحسن البصري: خرج قوم إبراهيم إلى عيدهم فأرادوه على الخروج فاضطجع على ظهره وقال {إني سقيم} وجعل ينظر في السماء فلما خرجوا أقبل إلى آلهتهم فكسرها. ورواه ابن أبي حاتم، ولهذا قال تعالى: {فتولوا عنه مدبرين} أي ذهب إليها بعد ما خرجوا في سرعة واختفاء {فقال ألا تأكلون ؟} وذلك أنهم كانوا قد وضعوا بين أيديها طعاماً قرباناً لتبارك لهم فيه. وقال السدي: دخل إبراهيم عليه السلام إلى بيت الاَلهة فإذا هم في بهو عظيم وإذا مستقبل باب البهو صنم عظيم إلى جنبه أصغر منه بعضها إلى جنب بعض كل صنم يليه أصغر منه حتى بلغوا باب البهو وإذا هم قد جعلوا طعاماً ووضعوه بين أيدي الاَلهة وقالوا إذا كان حين نرجع وقد باركت الاَلهة في طعامنا أكلناه، فلما نظر إبراهيم عليه الصلاة والسلام إلى ما بين أيديهم من الطعام قال {ألا تأكلون * ما لكم لا تنطقون} وقوله تعالى: {فراغ عليهم ضرباً باليمين} قال الفراء معناه مال عليهم ضرباً باليمين. وقال قتادة والجوهري فأقبل عليهم ضرباً باليمين. وإنما ضربهم باليمين لأنها أشد وأنكى ولهذا تركهم جذاداً إلا كبيراً لهم لعلهم إليه يرجعون كما تقدم في سورة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام تفسير ذلك. وقوله تعالى ههنا: {فأقبلوا إليه يزفون} قال مجاهد وغير واحد أي يسرعون، وهذه القصة ههنا مختصرة وفي سورة الأنبياء مبسوطة فإنهم لما رجعوا ما عرفوا من أول وهلة من فعل ذلك حتى كشفوا واستعلموا فعرفوا أن إبراهيم عليه الصلاة والسلام هو الذي فعل ذلك. فلما جاءوا ليعاتبوه أخذ في تأنيبهم وعيبهم فقال {أتعبدون ما تنحتون} أي أتعبدون من دون الله من الأصنام ما أنتم تنحتونها وتجعلونها بأيديكم {والله خلقكم وما تعملون} يحتمل أن تكون ما مصدرية فيكون تقدير الكلام خلقكم وعملكم ويحتمل أن تكون بمعنى الذي تقديره والله خلقكم والذي تعملونه وكلا القولين متلازم، والأول أظهر لما رواه البخاري في كتاب أفعال العباد عن علي بن المديني عن مروان بن معاوية عن أبي مالك عن ربعي بن حراش عن حذيفة رضي الله عنه مرفوعاً قال: «إن الله تعالى يصنع كل صانع وصنعته» وقرأ بعضهم {والله خلقكم وما تعملون} فعند ذلك لما قامت عليهم الحجة عدلوا إلى أخذه باليد والقهر فقالوا {ابنوا له بنياناً فألقوه في الجحيم} وكان من أمرهم ما تقدم بيانه في سورة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ونجاه الله من النار وأظهره عليهم وأعلى حجته ونصرها ولهذا قال تعالى: {فأرادوا به كيداً فجعلناهم الأسفلين}



وَقَالَ إِنّي ذَاهِبٌ إِلَىَ رَبّي سَيَهْدِينِ * رَبّ هَبْ لِي مِنَ الصّالِحِينِ * فَبَشّرْنَاهُ بِغُلاَمٍ حَلِيمٍ * فَلَمّا بَلَغَ مَعَهُ السّعْيَ قَالَ يَبُنَيّ إِنّيَ أَرَىَ فِي الْمَنَامِ أَنّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَىَ قَالَ يَأَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤمَرُ سَتَجِدُنِيَ إِن شَآءَ اللّهُ مِنَ الصّابِرِينَ * فَلَمّا أَسْلَمَا وَتَلّهُ لِلْجَبِينِ * وَنَادَيْنَاهُ أَن يَإِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدّقْتَ الرّؤْيَآ إِنّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنّ هَـَذَا لَهُوَ الْبَلاَءُ الْمُبِينُ * وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ * وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الاَخِرِينَ * سَلاَمٌ عَلَىَ إِبْرَاهِيمَ * كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ * وَبَشّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيّاً مّنَ الصّالِحِينَ * وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَىَ إِسْحَاقَ وَمِن ذُرّيّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لّنَفْسِهِ مُبِينٌ



يقول تعالى مخبراً عن خليله إبراهيم عليه الصلاة والسلام أنه بعد ما نصره الله تعالى على قومه وأيس من إيمانهم بعد ما شاهدوا من الاَيات العظيمة هاجر من بين أظهرهم وقال {إني ذاهب إلى ربي سيهدين * رب هب لي من الصالحين} يعني أولاداً مطيعين عوضاً من قومه وعشيرته الذين فارقهم، قال الله تعالى: {فبشرناه بغلام حليم} وهذا الغلام هو إسماعيل عليه السلام فإنه أول ولد بشر به إبراهيم عليه السلام وهو أكبر من إسحاق باتفاق المسلمين وأهل الكتاب بل في نص كتابهم أن إسماعيل عليه السلام ولد ولإبراهيم عليه السلام ست وثمانون سنة وولد إسحاق وعمر إبراهيم عليه الصلاة والسلام تسع وتسعون سنة، وعندهم أن الله تبارك وتعالى أمر إبراهيم أن يذبح ابنه وحيده وفي نسخة أخرى بكره فأقحموا ههنا كذباً وبهتاناً إسحاق ولا يجوز هذا لأنه مخالف لنص كتابه وإنما أقحموا إسحاق لأنه أبوهم وإسماعيل أبو العرب فحسدوهم فزادوا ذلك وحرفوا وحيدك بمعنى الذي ليس عندك غيره فإن إسماعيل كان ذهب به وبأمه إلى مكة وهو تأويل وتحريف باطل فإنه لا يقال وحيدك إلا لمن ليس له غيره، وأيضاً فإن أول ولد له معزة ما ليس لمن بعده من الأولاد فالأمر بذبحه أبلغ في الابتلاء والاختبار. وقد ذهب جماعة من أهل العلم إلى أن الذبيح هو إسحاق وحكي ذلك عن طائفة من السلف حتى نقل عن بعض الصحابة رضي الله عنهم أيضاً وليس ذلك في كتاب ولا سنة وما أظن ذلك تلقي إلا عن أحبار أهل الكتاب وأخذ ذلك مسلم من غير حجة وهذا كتاب الله شاهد ومرشد إلى أنه إسماعيل فإنه ذكر البشارة بغلام حليم وذكر أنه الذبيح ثم قال بعد ذلك {وبشرناه بإسحاق نبياً من الصالحين} ولما بشرت الملائكة إبراهيم بإسحاق قالوا {إنا نبشرك بغلام عليم}. وقال تعالى: {وبشرناه بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب} أي يولد له في حياتهم ولد يسمى يعقوب فيكون من ذريته عقب ونسل وقد قدمنا هناك أنه لا يجوز بعد هذا أن يؤمر بذبحه وهو صغير لأن الله تعالى قد وعدهما بأنه سيعقب ويكون له نسل فكيف يمكن بعد هذا أن يؤمر بذبحه صغيراً وإسماعيل وصف ههنا بالحليم لأنه مناسب لهذا المقام ؟ وقوله تعالى: {فلما بلغ معه السعي} أي كبر وترعرع وصار يذهب مع أبيه ويمشي معه وقد كان إبراهيم عليه الصلاة والسلام يذهب في كل وقت يتفقد ولده وأم ولده ببلاد فاران وينظر في أمرهما وقد ذكر أنه كان يركب على البراق سريعاً إلى هناك والله أعلم. وعن ابن عباس رضي الله عنهما ومجاهد وعكرمة وسعيد ين جبير وعطاء الخراساني وزيد بن أسلم وغيرهم {فلما بلغ معه السعي} بمعنى شب وارتجل وأطاق ما يفعله أبوه من السعي والعمل {فلما بلغ معه السعي قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى} قال عبيد بن عمير رؤيا الأنبياء وحي ثم تلا هذه الاَية {قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى}. وقد قال ابن أبي حاتم حدثنا علي بن الحسين بن الجنيد حدثنا أبو عبد الملك الكرندي حدثنا سفيان بن عيينة عن إسرائيل بن يونس عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «رؤيا الأنبياء في المنام وحي» ليس هو في شيء من الكتب الستة من هذا الوجه وإنما أعلم ابنه بذلك ليكون أهون عليه وليختبر صبره وجلده وعزمه في صغره على طاعة الله تعالى وطاعة أبيه {قال يا أَبت افعل ما تؤمر} أي امض لما أمرك الله من ذبحي {ستجدني إن شاء الله من الصابرين} أي سأصبر وأحتسب ذلك عند الله عز وجل وصدق صلوات الله وسلامه عليه فيما وعد ولهذا قال الله تعالى: {واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولاً نبياً * وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة وكان عند ربه مرضياً}. وقال تعالى: {فلما أسلما وتله للجبين} أي فلما تشهدا وذكرا الله تعالى إبراهيم على الذبح والولد شهادة الموت وقيل أسلما يعني استسلما وانقادا، إبراهيم امتثل أمر الله تعالى)وإسماعيل طاعة لله ولأبيه قاله مجاهد وعكرمة وقتادة والسدي وابن إسحاق وغيرهم ومعنى تله للجبين أي صرعه على وجهه ليذبحه من قفاه ولا يشاهد وجهه عند ذبحه ليكون أهون عليه. قال ابن عباس رضي الله عنهما ومجاهد وسعيد بن جبير والضحاك وقتادة {وتله للجبين} أكبّه على وجهه. وقال الإمام أحمد حدثنا سريج ويونس قالا حدثنا حماد بن سلمة عن أبي عاصم الغنوي عن أبي الطفيل عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال لما أمر إبراهيم عليه الصلاة والسلام بالمناسك عرض له الشيطان عند السعي فسابقه فسبقه إبراهيم عليه الصلاة والسلام ثم ذهب به جبريل عليه الصلاة والسلام إلى جمرة العقبة فعرض له الشيطان فرماه بسبع حصيات حتى ذهب ثم عرض له عند الجمرة الوسطى فرماه بسبع حصيات ثم تله للجبين وعلى إسماعيل عليه الصلاة والسلام قميص أبيض فقال يا أبت إنه ليس لي ثوب تكفنني فيه غيره فاخلعه حتى تكفنني فيه فعالجه ليخلعه فنودي من خلفه {أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا} فالتفت إبراهيم فإذا بكبش أبيض أقرن أعين قال ابن عباس لقد رأيتنا نتتبع ذلك الضرب من الكباش، وذكر هشام الحديث في المناسك بطوله. ثم رواه أحمد بطوله من يونس عن حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما فذكره إلا أنه قال إسحاق فعن ابن عباس رضي الله عنهما في تسمية الذبيح روايتان والأظهر عنه إسماعيل لما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى. وقال محمد بن إسحاق عن الحسن بن دينار عن قتادة عن جعفر بن إياس عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تبارك وتعالى: {وفديناه بذبح عظيم} قال خرج عليه كبش من الجنة قد رعى قبل ذلك أربعين خريفاً فأرسل إبراهيم عليه الصلاة والسلام ابنه واتبع الكبش فأخرجه إلى الجمرة الأولى فرماه بسبع حصيات ثم أفلته عندها فجاء إلى الجمرة الوسطى فأخرجه عندها فرماه بسبع حصيات ثم أفلته فأدركه عند الجمرة الكبرى فرماه بسبع حصيات فأخرجه عندها ثم أخذه فأتى به المنحر من منى فذبحه فو الذي نفس ابن عباس بيده لقد كان أول الإسلام وأن رأس الكبش لمعلق بقرنيه في ميزابِ الكعبة حتى وحش يعني يبس. وقال عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري أخبرنا القاسم قال اجتمع أبو هريرة وكعب فجعل أبو هريرة رضي الله عنه يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم فجعل كعب يحدث عن الكتب فقال أبو هريرة رضي الله عنه قال النبي صلى الله عليه وسلم : «إن لكل نبي دعوة مستجابة وإني قد خبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة» فقال له كعب أنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال نعم قال فداك أبي وأمي ـ أو فداه أبي وأمي ـ أفلا أخبرك عن إبراهيم عليه الصلاة والسلام ؟ إنه لما أري ذبح ابنه إسحاق قال الشيطان إن لم أفتن هؤلاء عند هذه لم أفتنهم أبداً فخرج إبراهيم عليه الصلاة والسلام بابنه ليذبحه فذهب الشيطان فدخل على سارة فقال أين ذهب إبراهيم بابنك ؟ قالت غدا به لبعض حاجته قال فإنه لم يغد به لحاجة إنما ذهب به ليذبحه قالت ولم يذبحه ؟ قال زعم أن ربه أمره بذلك قالت فقد أحسن أن يطيع ربه فذهب الشيطان في أثرهما فقال للغلام أين يذهب بك أبوك، قال لبعض حاجته قال فإنه لا يذهب بك لحاجة ولكنه يذهب بك ليذبحك قال ولم يذبحني ؟ قال يزعم أن ربه أمره بذلك قال فو الله لئن كان الله تعالى أمره بذلك ليفعلن قال فيئس منه فتركه ولحق بإبراهيم عليه الصلاة والسلام فقال أين غدوت بابنك، قال لحاجة قال فإنك لم تغد به لحاجة وإنما غدوت به لتذبحه قال ولم أذبحه ؟ قال تزعم أن ربك أمرك بذلك قال فوالله لئن كان الله تعالى أمرني بذلك لأفعلن قال فتركه ويئس أن يطاع وقد رواه ابن جرير عن يونس عن ابن وهب عن يونس عن ابن يزيد عن ابن شهاب قال إن عمرو بن أبي سفيان بن أسيد بن جارية الثقفي أخبره أن كعباً قال لأبي هريرة فذكره بطوله وقال في آخره وأوحى الله تعالى إلى إسحاق أني أعطيتك دعوة استجبت لك فيها قال إسحاق اللهم إني أدعوك أن تستجيب لي أيما عبد لقيك من الأولين والاَخرين لا يشرك بك شيئاً فأدخله الجنة. وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا محمد بن الوزير الدمشقي حدثنا الوليد بن مسلم حدثنا عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إن الله تبارك وتعالى خيرني بين أن يغفر لنصف أمتي وبين أن يجيب شفاعتي فاخترت شفاعتي ورجوت أن تكون أعم لأمتي ولولا الذي سبقني إليه العبد الصالح لتعجلت فيها دعوتي إن الله تعالى لما فرج عن إسحاق كرب الذبح قيل له يا إسحاق سل تعط فقال أما والذي نفسي بيده لأتعجلنها قبل نزغات الشيطان، اللهم من مات لا يشرك بك شيئاً فاغفر له وأدخله الجنة» هذا حديث غريب منكر وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم ضعيف الحديث وأخشى أن يكون في الحديث زيادة مدرجة وهي قوله إن الله تعالى لما فرج عن إسحاق إلى آخره والله أعلم فهذا إن كان محفوظاً فالأشبه أن السياق إنما هو عن إسماعيل وإنما حرفوه بإسحاق حسداً منهم كما تقدم وإلا فالمناسك والذبائح إنما محلها بمنى من أرض مكة حيث كان إسماعيل لاإسحاق فإنه إنما كان ببلاد كنعان من أرض الشام. وقوله تعالى: {وناديناه أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا} أي قد حصل المقصود من رؤياك واضجاعك ولدك للذبح وذكر السدي وغيره أنه أمرّ السكين على رقبته فلم تقطع شيئاً بل حال بينها وبينه صفحة من نحاس ونودي إبراهيم عليه الصلاة والسلام عند ذلك {قد صدقت الرؤيا}. وقوله تعالى: {إنا كذلك نجزي المحسنين} أي هكذا نصرف عمن أطاعنا المكاره والشدائد ونجعل لهم من أمرهم فرجاً ومخرجاً كقوله تعالى: {ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدراً} وقد استدل بهذه الاَية والقصة جماعة من علماء الأصول على صحة النسخ قبل التمكن من الفعل خلافاً لطائفة من المعتزلة والدلالة من هذه ظاهرة لأن الله تعالى شرع لإبراهيم عليه الصلاة والسلام ذبح ولده ثم نسخه عنه وصرفه إلى الفداء وإنما كان المقصود من شرعه أولاً إثابة الخليل على الصبر على ذبح ولده وعزمه على ذلك ولهذا قال تعالى: {إن هذا لهو البلاء المبين} أي الاختبار الواضح الجلي حيث أمر بذبح ولده فسارع إلى ذلك مستسلماً لأمر الله تعالى منقاداً لطاعته ولهذا قال تعالى: {وإبراهيم الذي وفى}. وقوله تعالى: {وفديناه بذبح عظيم} قال سفيان الثوري عن جابر الجعفي عن أبي الطفيل عن علي رضي الله عنه {وفديناه بذبح عظيم} قال بكبش أبيض أعين أقرن قد ربط بسمرة قال أبو الطفيل: وجدوه مربوطاً بسمرة في ثبير، وقال الثوري أيضاً عن عبد الله بن عثمان بن خثيم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كبش قد رعى في الجنة أربعين خريفاً. وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا يوسف بن يعقوب الصفار حدثنا داود العطار عن ابن خثيم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال الصخرة التي بمنى بأصل ثبير هي الصخرة التي ذبح عليها إبراهيم فداء إسحاق ابنه هبط عليه من ثبير كبش أعين أقرن له ثغاء فذبحه وهو الكبش الذي قربه ابن آدم فتقبل منه فكان مخزوناً حتى فدي به إسحاق وروي أيضاً عن سعيد بن جبير أنه قال كان الكبش يرتع في الجنة حتى فدي به إسحاق، وروي أيضاً عن سعيد بن جبير أنه قال كان الكبش يرتع في الجنة حتى شقق عنه ثبير وكان عليه عهن أحمر، وعن الحسن البصري أنه قال كان اسم كبش إبراهيم عليه الصلاة والسلام جرير وقال ابن جريج قال عبيد بن عمير ذبحه بالمقام وقال مجاهد ذبحه بمنى عند المنحر. وقال هشيم عن سيار عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما كان أفتى الذي جعل عليه نذراً أن ينحر نفسه فأمره بمائة من الإبل. ثم قال بعد ذلك لو كنت أفتيه بكبش لأجزأه أن يذبح كبشاً فإن الله تعالى قال في كتابه: {وفديناه بذبح عظيم} والصحيح الذي عليه الأكثرون أنه فُدي بكبش. وقال الثوري عن رجل عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله تعالى: {وفديناه بذبح عظيم} قال وعل وقال محمد بن إسحاق عن عمرو بن عبيد عن الحسن أنه كان يقول ما فدي إسماعيل عليه السلام إلا بتيس من الأروى أهبط عليه من ثبير. وقد قال الإمام أحمد حدثنا سفيان حدثني منصور عن خاله مسافع عن صفية بنت شيبة قالت: أخبرتني امرأة من بني سليم ولدت عامة أهل دارنا أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عثمان بن طلحة رضي الله عنه، وقالت مرة أنها سألت عثمان لم دعاك النبي صلى الله عليه وسلم ؟ قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إني كنت رأيت قرني الكبش حين دخلت البيت فنسيت أن آمرك أن تخمرهما فخمرهما فإنه لا ينبغي أن يكون في البيت شيء يشغل المصلي» قال سفيان لم يزل قرنا الكبش معلقين في البيت حتى احترق البيت فاحترقا وهذا دليل مستقل على أنه إسماعيل عليه الصلاة والسلام فإن قريشاً توارثوا قرني الكبش الذي فدى به إبراهيم خلفاً عن سلف وجيلاً بعد جيل إلى أن بعث الله رسوله صلى الله عليه وسلم والله أعلم



فصل: في ذكر الاَثار الورادة عن السلف في أن الذبيح من هو

ذكر من قال هو إسحاق عليه الصلاة والسلام

قال حمزة الزيات عن أبي ميسرة رحمه الله قال: قال يوسف عليه الصلاة والسلام للملك في وجهه ترغب أن تأكل معي وأنا والله يوسف بن يعقوب نبي الله ابن إسحاق ذبيح الله ابن إبراهيم خليل الله، وقال الثوري عن أبي سنان عن ابن أبي الهذيل أن يوسف عليه السلام قال للملك كذلك أيضاً وقال سفيان الثوري عن زيد بن أسلم عن عبد الله بن عبيد بن عمير عن أبيه قال: قال موسى عليه الصلاة والسلام يا رب يقولون بإله إبراهيم وإسحاق ويعقوب فبم قالوا ذلك ؟ قال: «إن إبراهيم لم يعدل بي شيء قط إلا اختارني عليه، وإن إسحاق جاد لي بالذبح وهو بغير ذلك أجود، وإن يعقوب كلما زدته بلاء زادني حسن ظن». وقال شعبة عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص قال افتخر رجل عند ابن مسعود رضي الله عنه فقال: أنا فلان بن فلان بن الأشياخ الكرام، فقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ذاك يوسف بن يعقوب بن إسحاق ذبيح الله بن إبراهيم خليل الله. وهذا صحيح عن ابن مسعود رضي الله عنه، وكذا روى عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه إسحاق، وعن أبيه العباس وعن علي بن أبي طالب مثل ذلك، وكذا قال عكرمة وسعيد بن جبير ومجاهد والشعبي وعبيد بن عمير وأبو ميسرة وزيد بن أسلم وعبد الله بن شقيق والزهري والقاسم بن أبي برزة ومكحول وعثمان بن حاضر والسدي والحسن وقتادة وأبو الهذيل وابن سابط وهذا اختيار ابن جرير، وتقدم روايته عن كعب الأحبار أنه إسحاق، وهكذا روى ابن إسحاق عن عبد الله بن أبي بكر عن الزهري عن أبي سفيان ابن العلاء بن حارثة عن أبي هريرة رضي الله عنه عن كعب الأحبار أنه قال هو إسحاق وهذه الأقوال والله أعلم كلها مأخوذة عن كعب الأحبار فإنه لما أسلم في الدولة العمرية جعل يحدث عمر رضي الله عنه عن كتبه قديماً فربما استمع له عمر رضي الله عنه فترخص الناس في استماع ما عنده ونقلوا ما عنده عنه غثها وسمينها وليس لهذه الأمة والله أعلم حاجة إلى حرف واحد مما عنده وقد حكى البغوي القول بأنه إسحاق عن عمر وعلي وابن مسعود والعباس رضي الله عنهم ومن التابعين عن كعب الأحبار وسعيد بن جبير وقتادة ومسروق وعكرمة وعطاء ومقاتل والزهري والسدي قال وهوإحدى الروايتين عن ابن عباس رضي الله عنهما وقد ورد في ذلك حديث لو ثبت لقلنا به على الرأس و العين ولكن لم يصح سنده. قال ابن جرير: حدثنا أبو كريب حدثنا زيد بن حباب عن الحسن بن دينار عن علي بن زيد بن جدعان عن الحسن عن الأحنف بن قيس عن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ذكره قال هو إسحاق ففي إسناده ضعيفان وهما الحسن بن دينار البصري متروك وعلي بن زيد بن جدعان منكر الحديث. وقد رواه ابن أبي حاتم عن أبيه عن مسلم بن إبراهيم عن حماد بن سلمة عن علي بن زيد بن جدعان به مرفوعاً، ثم قال قد رواه مبارك بن فضالة عن الحسن عن الأحنف عن العباس رضي الله عنه وهذا أشبه وأصح والله أعلم



ذكر الاَثار الواردة بأنه إسماعيل عليه الصلاة والسلام وهو الصحيح المقطوع به

قد تقدمت الرواية عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه إسحاق عليه الصلاة والسلام والله تعالى أعلم وقال سعيد بن جبير وعامر الشعبي ويوسف بن مهران ومجاهد وعطاء وغير واحد عن ابن عباس رضي الله عنهما هو إسماعيل عليه الصلاة والسلام وقال ابن جرير حدثني يونس أخبرنا ابن وهب أخبرني عمرو بن قيس عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس أنه قال المفدى إسماعيل عليه السلام وزعمت اليهود أنه إسحاق وكذبت اليهود، وقال إسرائيل عن ثور عن مجاهد عن ابن عمر رضي الله عنهما قال الذبيح إسماعيل وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد هو إسماعيل عليه السلام وكذا قال يوسف بن مهران وقال الشعبي هو إسماعيل عليه الصلاة والسلام وقد رأيت قرني الكبش في الكعبة. وقال محمد بن إسحاق عن الحسن بن دينار وعمرو بن عبيد عن الحسن البصري أنه كان لايشك في ذلك أن الذي أمر بذبحه من ابني إبراهيم إسماعيل عليه السلام قال ابن إسحاق وسمعت محمد بن كعب القرظي وهو يقول إن الذي أمر الله تعالى إبراهيم بذبحه من ابنيه إسماعيل وإنا لنجد ذلك في كتاب الله تعالى وذلك أن الله تعالى حين فرغ من قصة المذبوح من ابني إبراهيم قال الله تعالى: {وبشرناه بإسحاق نبياً من الصالحين} ويقول الله تعالى: {فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب} يقول بابن وابن ابن فلم يكن ليأمره بذبح إسحاق وله فيه الموعد بما وعده وما الذي أمر بذبحه إلا إسماعيل قال ابن إسحاق سمعته يقول ذلك كثيراً، وقال ابن إسحاق عن بريدة بن سفيان بن فروة الأسلمي عن محمد بن كعب القرظي أنه حدثهم أنه ذكر ذلك لعمر بن عبد العزيز رضي الله عنه وهو خليفة إذ كان معه بالشام فقال له عمر إن هذا لشيء ما كنت أنظر فيه، وإني لأراه كما قلت ثم أرسل إلى رجل كان عنده بالشام كان يهودياً فأسلم وحسن إسلامه وكان يرى أنه من علمائهم فسأله عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه عن ذلك قال محمد بن كعب وأنا عند عمر بن عبد العزيز فقال له عمر أي ابني إبراهيم أمر بذبحه فقال إسماعيل والله يا أمير المؤمنين وإن يهود لتعلم بذلك ولكنهم يحسدونكم معشر العرب على أن يكون أباكم الذي كان من أمر الله فيه والفضل الذي ذكر الله تعالى منه لصبره لما أمر به فهم يجحدون ذلك ويزعمون أنه إسحاق لكون إسحاق أباهم والله أعلم أيهما كان وكل قد كان طاهراً طيباً مطيعاً لله عز وجل وقال عبد الله بن الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله سألت أبي عن الذبيح هل هو إسماعيل أو إسحاق فقال إسماعيل ذكره في كتاب الزهد. وقال ابن أبي حاتم وسمعت أبي يقول الصحيح أن الذبيح إسماعيل عليه الصلاة والسلام قال وروي عن علي وابن عمر وأبي هريرة وأبي الطفيل وسعيد بن المسيب وسعيد بن جبير والحسن ومجاهد والشعبي ومحمد بن كعب القرظي وأبي جعفر محمد بن علي وأبي صالح رضي الله عنهم أنهم قالوا الذبيح إسماعيل. وقال البغوي في تفسيره وإليه ذهب عبد الله بن عمر وسعيد بن المسيب والسدي والحسن البصري ومجاهد والربيع بن أنس ومحمد بن كعب القرظي والكلبي وهو رواية عن ابن عباس وحكاه أيضاً عن أبي عمرو بن العلاء وقد روى ابن جرير في ذلك حديثاً غريباً فقال حدثني محمد بن عمار الرازي حدثنا إسماعيل بن عبيد بن أبي كريمة حدثنا عمر بن عبد الرحيم الخطابي عن عبيد الله بن محمد العتبي من ولد عتبة بن أبي سفيان عن أبيه حدثني عبد الله بن سعيد عن الصنابحي قال كنا عند معاوية بن أبي سفيان فذكروا الذبيح إسماعيل أو إسحاق فقال على الخبير سقطتم: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءه رجل فقال: يارسول الله عد علي مما أفاء الله عليك يا ابن الذبيحين فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقيل له يا أمير المؤمنين وما الذبيحان ؟ فقال إن عبد المطلب لما أمر بحفر زمزم نذر لله إن سهل الله له أمرها عليه ليذبحن أحد ولده قال فخرج السهم على عبد الله فمنعه أخواله وقالوا افد ابنك بمائة من الإبل ففداه بمائة من الإبل والثاني إسماعيل. وهذا حديث غريب جداً وقد رواه الأموي في مغازيه حدثنا بعض أصحابنا أخبرنا إسماعيل بن عبيد بن أبي كريمة حدثنا عمرو بن عبد الرحمن القرشي حدثنا عبيد الله بن محمد العتبي من ولد عتبة بن أبي سفيان حدثنا عبد الله بن سعيد حدثنا الصنابحي قال حضرنا مجلس معاوية رضي الله عنه فتذاكر القوم إسماعيل وإسحاق وذكره، كذا كتبته من نسخة مغلوطة وإنما عول ابن جرير في اختياره أن الذبيح إسحاق على قوله تعالى: {فبشرناه بغلام حليم} فجعل هذه البشارة هي البشارة بإسحاق في قوله تعالى: {وبشروه بغلام عليم} وأجاب عن البشارة بيعقوب بأنه قد كان بلغ معه السعي أي العمل، ومن الممكن أنه قد كان ولد له أولاد مع يعقوب أيضاً قال وأما القرنان اللذان كانا معلقين بالكعبة فمن الجائز أنهما نقلا من بلاد الشام قال وقد تقدم أن من الناس من ذهب إلى أنه ذبح إسحاق هناك هذا ما اعتمد عليه في تفسيره وليس ما ذهب إليه بمذهب ولا لازم بل هو بعيد جداً والذي استدل به محمد بن كعب القرظي على أنه إسماعيل أثبت وأصح وأقوى والله أعلم. وقوله تعالى: {وبشرناه بإسحاق نبياً من الصالحين} لما تقدمت البشارة بالذبيح وهو إسماعيل عطف بذكر البشارة بأخيه إسحاق وقد ذكرت في سورتي هود والحجر، وقوله تعالى: {نبياً} حال مقدرة أي سيصير منه نبي صالح. وقال ابن جرير حدثني يعقوب حدثنا ابن علية عن داود عن عكرمة قال: قال ابن عباس رضي الله عنهما الذبيح إسحاق قال وقوله تعالى: {وبشرناه بإسحاق نبياً من الصالحين} قال بشر بنبوته قال وقوله تعالى: {ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبياً} قال كان هارون أكبر من موسى ولكن أراد وهب له نبوته. وحدثنا ابن عبد الأعلى حدثنا المعتمر بن سليمان قال سمعت داود يحدث عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما في هذه الاَية {وبشرناه بإسحاق نبياً من الصالحين} قال إنما بشر به نبياً حين فداه الله عز وجل من الذبح ولم تكن البشارة بالنبوة عند مولده. وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا أبو نعيم حدثنا سفيان الثوري عن داود عن عكرمة عن ابن عباس {وبشرناه بإسحاق نبياً من الصالحين} قال بشر به حين ولد وحين نبىء وقال سعيد بن أبي عروبة عن قتادة في قوله تعالى: {وبشرناه بإسحاق نبياً من الصالحين} قال بعد ما كان من أمره لما جاد لله تعالى بنفسه وقال الله عز وجل {وباركنا عليه وعلى إسحاق} وقوله تعالى: {وباركنا عليه وعلى إسحاق ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين} كقوله تعالى: {قيل يا نوح اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى أمم ممن معك وأمم سنمتعهم ثم يمسهم منا عذاب أليم}





وَلَقَدْ مَنَنّا عَلَىَ مُوسَىَ وَهَارُونَ * وَنَجّيْنَاهُمَا وَقَوْمَهُمَا مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ * وَنَصَرْنَاهُمْ فَكَانُواْ هُمُ الْغَالِبُونَ * وَآتَيْنَاهُمَا الْكِتَابَ الْمُسْتَبِينَ * وَهَدَيْنَاهُمَا الصّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * وَتَرَكْنَا عَلَيْهِمَا فِي الاَخِرِينَ * سَلاَمٌ عَلَىَ مُوسَىَ وَهَارُونَ * إِنّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنّهُمَا مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ



يذكر تعالى ما أنعم به على موسى وهارون من النبوة والنجاة بمن آمن معهما من قوم فرعون وقومه وما كان يعتمد في حقهم من الإساءة العظيمة من قتل الأبناء واستحياء النساء واستعمالهم في أخس الأشياء ثم بعد هذا كله نصرهم عليهم وأقر أعينهم منهم فغلبوهم وأخذوا أرضهم وأموالهم وما كانوا جمعوه طول حياتهم ثم أنزل الله عز وجل على موسى الكتاب العظيم الواضح الجلي المستبين وهو التوراة كما قال تعالى: {ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان وضياء} وقال عز وجل ههنا: {وآتيناهما الكتاب المستبين وهديناهما الصراط المستقيم} أي في الأقوال والأفعال {وتركنا عليهما في الاَخرين} أي أبقينا لهما من بعدهما ذكراً جميلاً وثناء حسناً ثم فسره بقوله تعالى: {سلام على موسى وهارون إنا كذلك نجزي المحسنين إنهما من عبادنا المؤمنين}



وَإِنّ إِلْيَاسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلاَ تَتّقُونَ * أَتَدْعُونَ بَعْلاً وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ * اللّهَ رَبّكُمْ وَرَبّ آبَآئِكُمُ الأوّلِينَ * فَكَذّبُوهُ فَإِنّهُمْ لَمُحْضَرُونَ * إِلاّ عِبَادَ اللّهِ الْمُخْلَصِينَ * وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الاَخِرِينَ * سَلاَمٌ عَلَىَ إِلْ يَاسِينَ * إِنّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ



قال قتادة ومحمد بن إسحاق يقال إلياس هو إدريس، وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا أبو نعيم حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن عبيدة بن ربيعة عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: إلياس هو إدريس، وكذا قال الضحاك وقال وهب بن منبه هو إلياس بن ياسين بن فنحاص بن العيزار بن هارون بن عمران بعثه الله تعالى في بني إسرائيل بعد حزقيل عليهما السلام وكانوا قد عبدوا صنماً يقال له بعل فدعاهم إلى الله تعالى ونهاهم عن عبادة ما سواه، وكان قد آمن به ملكهم ثم ارتد واستمروا على ضلالتهم ولم يؤمن به منهم أحد فدعا الله عليهم فحبس عنهم القطر ثلاث سنين ثم سألوه أن يكشف ذلك عنهم ووعدوه الإيمان به إن هم أصابهم المطر، فدعا الله تعالى لهم فجاءهم الغيث فاستمروا على أخبث ما كانوا عليه من الكفر فسأل الله أن يقبضه إليه، وكان قد نشأ على يديه اليسع بن أخطوب عليهما الصلاة والسلام فأمر إلياس أن يذهب إلى مكان كذا وكذا فمهما جاءه فليركبه ولا يهبه فجاءته فرس من نار فركب وألبسه الله تعالى النور وكساه الريش وكان يطير مع الملائكة ملكاً إنسياً سماوياً أرضياً هكذا حكاه وهب بن منبه عن أهل الكتاب والله أعلم بصحته {إذ قال لقومه ألا تتقون} أي ألا تخافون الله عز وجل في عبادتكم غيره {أتدعون بعلاً وتذرون أحسن الخالقين} قال ابن عباس رضي الله عنهماومجاهد وعكرمة وقتادة والسدي بعلاً يعني رباً. قال عكرمة وقتادة وهي لغة أهل اليمن، وفي رواية عن قتادة والسدي بعلاً يعني رباً. قال عكرمة وقتادة وهي لغة أهل اليمن، وفي رواية عن قتادة قال: وهي لغة أزد شنوءة. وقال ابن إسحاق أخبرني بعض أهل العلم أنهم كانوا يعبدون امرأة اسمها بعل: وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه هو اسم صنم كان يعبده أهل مدينة يقال لها بعلبك غربي دمشق، وقال الضحاك هو صنم كانوا يعبدونه. وقوله تعالى: {أتدعون بعلاً ؟} أي أتعبدون صنماً {وتذرون أحسن الخالقين * الله ربكم ورب آبائكم الأولين} أي هو المستحق للعبادة وحده لا شريك له، قال الله تعالى: {فكذبوه فإنهم لمحضرون} أي للعذاب يوم الحساب {إلا عباد الله المخلصين} أي الموحدين منهم وهذا استثناء منقطع من مثبت. وقوله تعالى: {وتركنا عليه في الاَخرين} أي ثناء جميلاً {سلام على إلياسين} كما يقال في إسماعيل إسماعين وهي لغة بني أسد، وأنشد بعض بني نمير في ضب صاده

يقول رب السوق لما جيناهذا ورب البيت إسرائينا

ويقال ميكال وميكائين وإبراهيم وإبراهام وإسرائيل وإسرائين وطور سيناء وطور سينين وهو موضع واحد وكل هذا سائغ وقرأ آخرون {سلام على إدراسين} وهي قراءة ابن مسعود رضي الله عنه، وقرأ آخرون {سلام على آل ياسين} يعني آل محمد صلى الله عليه وسلم ، وقوله تعالى: {إنا كذلك نجزي المحسنين * إنه من عبادنا المؤمنين} قد تقدم تفسيره، والله أعلم





وَإِنّ لُوطاً لّمِنَ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ نَجّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ * إِلاّ عَجُوزاً فِي الْغَابِرِينَ * ثُمّ دَمّرْنَا الاَخَرِينَ * وَإِنّكُمْ لّتَمُرّونَ عَلَيْهِمْ مّصْبِحِينَ * وَبِالْلّيْلِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ



يخبر تعالى عن عبده ورسوله لوط عليه السلام أنه بعثه إلى قومه فكذبوه فنجاه الله تعالى من بين أظهرهم هو وأهله إلا امرأته فإنها هلكت مع من هلك من قومها فإن الله تعالى أهلكهم بأنواع من العقوبات وجعل محلتهم من الأرض بحيرة منتنة قبيحة المنظر والطعم والريح وجعلها بسبيل مقيم يمر بها المسافرون ليلاً ونهاراً ولهذا قال تعالى: {وإنكم لتمرون عليهم مصبحين * وبالليل أفلا تعقلون} أي أفلا تعتبرون بهم كيف دمر الله عليهم وتعلمون أن للكافرين أمثالها





وَإِنّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ * فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ * فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ * فَلَوْلاَ أَنّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَىَ يَوْمِ يُبْعَثُونَ * فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَآءِ وَهُوَ سَقِيمٌ * وَأَنبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مّن يَقْطِينٍ * وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَىَ مِئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ * فَآمَنُواْ فَمَتّعْنَاهُمْ إِلَىَ حِينٍ



قد تقدمت قصة يونس عليه الصلاة والسلام في سورة الأنبياء، وفي الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ما ينبغي لعبد أن يقول أنا خير من يونس بن متى» ونسبه إلى أمه وفي رواية إلى أبيه. وقوله تعالى: {إذ أبق إلى الفلك المشحون} قال ابن عباس رضي الله عنهما هو الموقر أي المملوء بالأمتعة {فساهم} أي قارع {فكان من المدحضين} أي المغلوبين، وذلك أن السفينة تلعبت بها الأمواج من كل جانب وأشرفوا على الغرق فساهموا على من تقع عليه القرعة يلقي في البحر لتخف بهم السفينة فوقعت القرعة على نبي الله يونس عليه الصلاة والسلام ثلاث مرات وهم يضنون به أن يلقى من بينهم فتجرد من ثيابه ليلقي نفسه وهم يأبون عليه ذلك، وأمر الله تعالى حوتاً من البحر الأخضر أن يشق البحار وأن يلتقم يونس عليه السلام فلا يهشم له لحماً ولا يكسر له عظماً فجاء ذلك الحوت وألقى يونس عليه السلام نفسه فالتقمه الحوت وذهب به فطاف به البحار كلها. ولما استقر يونس في بطن الحوت حسب أنه قد مات ثم حرك رأسه ورجليه وأطرافه فإذا هو حي فقام فصلى في بطن الحوت، وكان من جملة دعائه يا رب اتخذت لك مسجداً في موضع لم يبلغه أحد من الناس، واختلفوا في مقدار ما لبث في بطن الحوت فقيل ثلاثة أيام قاله قتادة. وقيل سبعة قاله جعفر الصادق رضي الله عنه، وقيل أربعين يوماً قاله أبو مالك. وقال مجاهد عن الشعبي: التقمه ضحى ولفظه عشية، والله تعالى أعلم بمقدار ذلك، وفي شعر أمية بن أبي الصلت

وأنت بفضل منك نجيت يونسا وقد بات في أضعاف حوت لياليا

وقوله تعالى: {فلولا أنه كان من المسبحين * للبث في بطنه إلى يوم يبعثون} قيل لولا ما تقدم له من العمل في الرخاء قاله الضحاك بن قيس وأبو العالية ووهب بن منبه وقتادة وغير واحد، واختاره ابن جرير، وقد ورد في الحديث الذي سنورده إن شاء الله تعالى ما يدل على ذلك إن صح الخبر، وفي حديث ابن عباس «تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة». وقال ابن عباس رضي الله عنهما وسعيد بن جبير والضحاك وعطاء بن السائب والسدي والحسن وقتادة {فلولا أنه كان من المسبحين} يعني المصلين، وصرح بعضهم بأنه كان من المصلين قبل ذلك، وقال بعضهم كان من المسبحين في جوف أبويه، وقيل المراد {فلولا أنه كان من المسبحين} هو قوله عز وجل {فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين * فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين} قاله سعيد بن جبير وغيره. وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو عبيد الله ابن أخي بن وهب حدثنا عمي حدثنا أبو صخر أن يزيد الرقاشي حدثه أنه سمع أنس بن مالك رضي الله عنه ـ ولا أعلم إلا أن أنساً يرفع الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم «إن يونس النبي عليه الصلاة والسلام حين بدا له أن يدعو بهذه الكلمات وهو في بطن الحوت فقال اللهم لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، فأقبلت الدعوة تحف بالعرش، قالت الملائكة يا رب هذا صوت ضعيف معروف من بلاد بعيدة غريبة فقال الله تعالى أما تعرفون ذلك ؟ قالوا يا رب ومن هو ؟ قال عز وجل عبدي يونس قالوا عبدك يونس الذي لم يزل يرفع له عمل متقبل ودعوة مستجابة قالوا يا رب أولا ترحم ما كان يصنع في الرخاء فتنجيه في البلاء، قال بلى فأمر الحوت فطرحه بالعراء» ورواه ابن جرير عن يونس عن ابن وهب به، زاد ابن أبي حاتم قال أبو صخر حميد بن زياد فأخبرني ابن قسيط وأنا أحدثه هذا الحديث أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه يقول: طرح بالعراء وأنبت الله عز وجل عليه اليقطينة قلنا يا أبا هريرة وما اليقطينة، قال شجرة الدباء. قال أبو هريرة رضي الله عنه: وهيأ الله له أروية وحشية تأكل من حشائش الأرض ـ قال فتتفسخ عليه فترويه من لبنها كل عشية وبكرة حتى نبت وقال أمية بن أبي الصلت في ذلك بيتاً من شعره وهو

فأنبت يقطيناً عليه برحمة من الله لولا الله ألقى ضاحيا

وقد تقدم حديث أبي هريرة رضي الله عنه مسنداً مرفوعاً في تفسير سورة الأنبياء، ولهذا قال تعالى: {فنبذناه} أي ألقيناه {بالعراء} قال ابن عباس رضي الله عنهما وغيره وهو الأرض التي ليس بها نبت ولا بناء قيل على جانب دجلة وقيل بأرض اليمن فالله أعلم {وهو سقيم} أي ضعيف البدن، قال ابن مسعود رضي الله عنه كهيئة الفرخ ليس عليه ريش، وقال السدي كهيئة الصبي حين يولد وهو المنفوس وقاله ابن عباس رضي الله عنهما وابن زيد أيضاً {وأنبتنا عليه شجرة من يقطين} قال ابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهم ومجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير ووهب بن منبه وهلال بن يساف وعبد الله بن طاوس والسدي وقتادة والضحاك وعطاء الخراساني وغير واحد قالوا كلهم: اليقطين هو القرع. وقال هشيم عن القاسم بن أبي أيوب عن سعيد بن جبير وكل شجرة لا ساق لها فهي من اليقطين وفي رواية عنه كل شجرة تهلك من عامها فهي من اليقطين، وذكر بعضهم في القرع فوائد منها سرعة نباته وتظليل ورقه لكبره ونعومته وأنه لا يقربها الذباب وجودة تغذية ثمره، وأنه يؤكل نيئاً ومطبوخاً بلبه وقشره أيضاً وقد ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يحب الدباء ويتتبعه من نواحي الصحفة. وقوله تعالى: {وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون} روى شهر بن حوشب عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: إنما كانت رسالة يونس عليه الصلاة والسلام بعد ما نبذه الحوت، رواه ابن جرير حدثني الحارث حدثنا أبو هلال عن شهر به، وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد أرسل إليهم قبل أن يلتقمه الحوت (قلت): ولا مانع أن يكون الذين أرسل إليهم أولاً أمر بالعود إليهم بعد خروجه من الحوت فصدقوه كلهم وآمنوا به، وحكى البغوي أنه أرسل إلى أمة أخرى بعد خروجه من الحوت كانوا مائة ألف أو يزيدون وقوله تعالى: {أو يزيدون} قال ابن عباس رضي الله عنهما في رواية عنه: بل يزيدون وكانوا مائة وثلاثين ألفاً وعنه مائة ألف وبضعة وثلاثين ألفاً وعنه مائة ألف وبضعة وأربعين ألفاً والله أعلم، وقال سعيد بن جبير يزيدون سبعين ألفاً. وقال مكحول كانوا مائة ألف وعشرة آلاف رواه ابن أبي حاتم وقال ابن جرير حدثنا محمد بن عبد الرحيم البرقي حدثنا عمرو بن أبي سلمة قال سمعت زهيراً يحدث عمن سمع أبا العالية يقول حدثني أبي بن كعب رضي الله عنه أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله تعالى: {وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون} قال يزيدون عشرين ألفاً ورواه الترمذي عن علي بن حجر عن الوليد بن مسلم عن زهير عن رجل عن أبي العالية عن أبي بن كعب به وقال غريب. ورواه ابن أبي حاتم من حديث زهير به. قال ابن جرير: وكان بعض أهل العربية من أهل البصرة يقول في ذلك معناه إلى المائة الألف أو كانوا يزيدون عندكم، يقول كذلك كانوا عندكم ولهذا سلك ابن جرير ههنا ما سلكه عند قوله تعالى: {ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة} وقوله تعالى: {إذا فريق منهم يخشون الناس كخشية الله أو أشد خشية} وقوله تعالى: {فكان قاب قوسين أو أدنى} المراد ليس أنقص من ذلك بل أزيد وقوله تعالى: {فآمنوا} أي فآمن هؤلاء القوم الذين أرسل إليهم يونس عليه السلام جميعهم {فمتعناهم إلى حين} أي إلى وقت آجالهم كقوله جلت عظمته {فلولا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها إلا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم
إلى حين}




الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://abubaker.jordanforum.net
 
تفسير سورة الصافات - من آية 83 - إلى نهاية الآية 148
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» تفسير سورة الصافات - من آية 1 - إلى نهاية الآية 82
» تفسير سورة الصافات - من آية 149- إلى نهاية الآية 182
» تفسير سورة طه - من آية 36 - إلى نهاية الآية 40
» تفسير سورة سبأ - من آية 1 - إلى نهاية الآية 17
» تفسير سورة طه - من آية 1 - إلى نهاية الآية 35

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الأصدقاء :: هدايات وإرشادات وتوجيهات إسلامية :: تفسير القران الكريم "ابن كثير"-
انتقل الى: