باب النهي عن البصاق في المسجد والأمر بإزالته منه إذا وجد فيه والأمر بتنزيه المسجد عن الأقذار
1693 - عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال البصاق في المسجد خطيئة وكفارتها دفنها متفق عليه والمراد بدفنها إذا كان المسجد ترابا أو رملا ونحوه فيواريها تحت ترابه قال أبو المحاسن الروياني في كتابه البحر وقيل المراد بدفنها إخراجها من المسجد أما إذا كان المسجد مبلطا أو مجصصا فدلكها عليه بمداسه أو بغيره كما يفعله كثير من الجهال فليس ذلك بدفن بل زيادة في الخطيئة وتكثير للقذر في المسجد وعلى من فعل ذلك أن يمسحه بعد ذلك بثوبه أو بيده أو غيره أو يغسله
1694 - وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى في جدار القبلة مخاطا أو بزاقا أو نخامة فحكه متفق عليه
1695 - وعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول ولا القذر إنما هي لذكر الله تعالى وقراءة القرآن أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم رواه مسلم
الشَّرْحُ
هذا الباب عقده المؤلف رحمه الله في كتابه رياض الصالحين ليبين به وجوب تنزيه المساجد عن الأذى والقذر والنخامة والبصاق وما أشبه ذلك ثم ذكر حديث أنس وعائشة رضي الله عنهما حديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال البصاق في المسجد خطيئة يعني إثما وكفارتها دفنها يعني إذا وقعت من الإنسان فإنه يدفنها ففي قوله صلى الله عليه وسلم البصاق في المسجد خطيئة دليل على تحريم البصاق في المسجد أن يبصق الإنسان نخامة أو أن يتنخع في المسجد وما أشبه ذلك فهو خطيئة بسببين السبب الثاني أنه إيذاء للمصلين قد يسجد المصلي عليه وهو لا يشعر به وقد يتقزز إذا رآه وتتكره نفسه لذلك فيتأذى بهذا والسبب الأول أن فيه إهانة لبيوت الله عز وجل الذي أمر تعالى أن ترفع ويذكر فيها اسمه فلا يجوز للإنسان أن يبصق في المسجد لكن لو فرض أنه فعل فكفارتها دفنها إن كانت في الأرض وكفارتها حكها إن كانت على الجدار ونحوه لحديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى نخامة أو بصاقا أو بزاقا في قبة المسجد فحكه فصارت كفارة ذلك إن كانت على الأرض ففي دفنه إن كانت على الجدار فحكها حتى تزول أما مساجدنا الآن فكما ترون مفروشة كفارة ذلك أن يمسحها بمنديل حتى تزول لكننا نقول أصلا لا يحل لك أن تتنخم في المسجد لكن إن وقع فهذه كفارته ثم ذكر حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى البصاق فحكه فدل ذلك على أن الإنسان إن رأى أذى أو قذرا في المسجد فإنه يزيله أما حديث أنس الثاني فهو في قصة الأعرابي الذي جاء إلى المسجد فبال في جهة منه جاهلا لأن الأعراب لا يعرفون غالبهم فزجره الناس فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم عن زجره فلما قضى بوله قال صلى الله عليه وسلم للصحابة أريقوا على بوله سجلا من ماء ثم دعى الأعرابي وقال إن هذه المساجد لا يصلح فيها شيء من الأذى والقذر إنما هي للصلاة والقرآن والذكر فبين الرسول صلى الله عليه وسلم أن هذه المساجد لا يصلح فيها شيء من الأذى والقذر فعلى المؤمن أن يحترم بيوت الله فلا يلق فيها الأذى ولا القذر ولا يرفع الصوت فيها وإنما يكون متأدبا لأن المساجد بيوت الله ومأوى الملائكة والله الموفق
باب كراهية الخصومة في المسجد ورفع الصوت فيه ونشد الضالة والبيع والشراء والإجارة ونحوها من المعاملات
1696 -