منتدى الأصدقاء
{وَاللّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }يونس25
And God calls to the House of Peace and guides whom He wills to a Straight Path} Younis 25
نحن سعداء للمشاركة في (منتدى الأصدقاء)
We are pleased to join in ( Forum Friends )
يشرفنا تسجيلك
We are honored register you
إدارة المنتدى
Management of Forum

منتدى الأصدقاء
{وَاللّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }يونس25
And God calls to the House of Peace and guides whom He wills to a Straight Path} Younis 25
نحن سعداء للمشاركة في (منتدى الأصدقاء)
We are pleased to join in ( Forum Friends )
يشرفنا تسجيلك
We are honored register you
إدارة المنتدى
Management of Forum

منتدى الأصدقاء
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدى الأصدقاء
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

( أهلا وسهلا بكم في منتدى الأصدقاء Welcome to the forum Friends >> الرجاء تسجيل الدخول للتعرف على فضائل الأعمال التي يحبها الله Please log in to learn about the virtues of Business loved by God

المواضيع الأخيرة
» تعديل شاشة الكمبيوتر - الوضع الصحيح من المصنع - LG
آداب عامة   باب وجوب الانقياد لحكم الله تعالى   وأخرى من 168 – إلى 173 / تابع --- I_icon_minitimeالأحد نوفمبر 05, 2017 2:53 pm من طرف abubaker

»  إن كلمة “الله” هي علم على واجب الوجود. --- آية الكرسي
آداب عامة   باب وجوب الانقياد لحكم الله تعالى   وأخرى من 168 – إلى 173 / تابع --- I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:44 am من طرف abubaker

»  إن كلمة “الله” هي علم على واجب الوجود. --- آية الكرسي
آداب عامة   باب وجوب الانقياد لحكم الله تعالى   وأخرى من 168 – إلى 173 / تابع --- I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:44 am من طرف abubaker

»  إن كلمة “الله” هي علم على واجب الوجود -- آية الكرسي -- تابع ----
آداب عامة   باب وجوب الانقياد لحكم الله تعالى   وأخرى من 168 – إلى 173 / تابع --- I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:33 am من طرف abubaker

»  وكلمة (الله) عَلَمٌ على واجب الوجود؛ مَطمورة فيه كُلُّ صفات الكمال؛ / الرعد - ؛ فشاءتْ رحمتُه سبحانه أنْ سَهَّل لنا أن نفتتح أيَّ عمل باسمه الجامع لكل صفات الجمال والكمال (بسم الله الرحمن الرحيم). ولذلك يُسَمُّونه (عَلَمٌ على واجب الوجود).
آداب عامة   باب وجوب الانقياد لحكم الله تعالى   وأخرى من 168 – إلى 173 / تابع --- I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:18 am من طرف abubaker

» أما أسماء الله فحسنى؛ لأنها بلغتْ القمة في الكمال، ولأن الأسماء والصفات التي تنطبق عليها موجودة في الخالق الأعلى سبحانه
آداب عامة   باب وجوب الانقياد لحكم الله تعالى   وأخرى من 168 – إلى 173 / تابع --- I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:06 am من طرف abubaker

» وكلمة(اللهُ) عَلَم على واجب الوجود بكل صفات الكمال له - طه
آداب عامة   باب وجوب الانقياد لحكم الله تعالى   وأخرى من 168 – إلى 173 / تابع --- I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 3:57 am من طرف abubaker

» فاعمل لوجهه يكْفك كل الأوجه وتريح نفسك أن تتنازعك قوى شتى ومختلفة، ويُغنيك عن كل غنى.
آداب عامة   باب وجوب الانقياد لحكم الله تعالى   وأخرى من 168 – إلى 173 / تابع --- I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 3:51 am من طرف abubaker

» أتدرون ما هذان الكتابان فريق في الجنة وفريق في السعير
آداب عامة   باب وجوب الانقياد لحكم الله تعالى   وأخرى من 168 – إلى 173 / تابع --- I_icon_minitimeالثلاثاء يوليو 18, 2017 3:21 pm من طرف abubaker

ازرار التصفُّح
 البوابة
 الرئيسية
 قائمة الاعضاء
 البيانات الشخصية
 س .و .ج
 بحـث
التبادل الاعلاني

 

 آداب عامة باب وجوب الانقياد لحكم الله تعالى وأخرى من 168 – إلى 173 / تابع ---

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
abubaker

abubaker


ذكر
عدد المساهمات : 18649
تاريخ التسجيل : 23/12/2010
العمر : 73
الدولـة : jordan

آداب عامة   باب وجوب الانقياد لحكم الله تعالى   وأخرى من 168 – إلى 173 / تابع --- Empty
مُساهمةموضوع: آداب عامة باب وجوب الانقياد لحكم الله تعالى وأخرى من 168 – إلى 173 / تابع ---   آداب عامة   باب وجوب الانقياد لحكم الله تعالى   وأخرى من 168 – إلى 173 / تابع --- I_icon_minitimeالأحد أغسطس 14, 2016 2:24 am


باب وجوب الانقياد لحكم الله تعالى 6 وما يقوله من دعى إلى ذلك وأمر بمعروف أو نهى عن منكر

قال الله تعالى { فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } وقال تعالى { إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } وفيه من الأحاديث حديث أبي هريرة المذكور في أول الباب قبله وغيره من الأحاديث فيه

168 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال لما نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم { للهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَإِن تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ } اشتد ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم بركوا على الركب فقالوا أي رسول الله كلفنا من الأعمال ما نطيق الصلاة والجهاد والصيام والصدقة وقد نزلت عليك هذه الآية ولا نطيقها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أتريدون أن تقولوا كما قال أهل الكتابين من قبلكم سمعنا وعصينا بل قولوا { سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ } فلما اقترأها القوم وذلقت بها ألسنتهم أنزل الله تعالى في إثرها { آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ } فلما فعلوا ذلك نسخها الله تعالى فأنزل الله عز وجل { لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا } قال نعم { رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا } قال نعم { وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنتَ مَوْلاَنَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ } قال نعم رواه مسلم

الشَّرْحُ

قال المؤلف رحمه الله باب وجوب الانقياد لحكم الله تعالى ثم ذكر آيتين سبق الكلام عليهما منهما قوله تعالى فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثم ذكر حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن الصحابة رضي الله عنهم لما أنزل الله على نبيه هذه الآية { وَإِن تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ } كبر ذلك عليهم وشق عليهم ذلك لأن ما في النفس من الحديث أمر لا ساحل له فالشيطان يأتي الإنسان ويحدثه في نفسه بأشياء منكرة عظيمة منها ما يتعلق بالأمور الدينية ومنها ما يتعلق بالأمور الدنيوية ومنها ما يتعلق بالنفس ومنها ما يتعلق بالمال أشياء كثيرة يلقيها الشيطان في قلب الإنسان والله عز وجل يقول { وَإِن تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ } فإذا كان كذلك هلك الناس فجاء الصحابة رضي الله عنهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم فجثوا على ركبهم فعلوا ذلك من شدة الأمر والإنسان إذا نزل به أمر شديد يجثو على ركبتيه وقالوا يا رسول الله إن الله تعالى أمرنا بما نطيق الصلاة والجهاد والصيام والصدقة هذه نطيقها نصلي نجاهد نتصدق نصوم لكنه أنزل هذه الآية { وَإِن تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ } وهذه شديدة عليهم لا أحد يطيق أن يمنع الإنسان نفسه عما تحدثه به من الأمور التي لو حوسب عليها لهلك فقال النبي عليه الصلاة والسلام أتريدون أن تقولوا كما قال أهل الكتابين من قبلكم سمعنا وعصينا أهل الكتابين هم اليهود والنصارى اليهود كتابهم التوراة وهي أشرف الكتب المنزلة بعد القرآن والنصارى كتابهم الإنجيل وهو متمم التوراة واليهود والنصارى عصوا أنبياءهم وقالوا سمعنا وعصينا فهل تريدون أن تكونوا مثلهم ولكن قولوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير وهكذا يجب على المسلم إذا سمع أمر الله ورسوله أن يقول سمعنا وأطعنا ويمتثل بقدر ما يستطيع ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها كثير من الناس اليوم يأتي إليك يقول إن الرسول أمر بكذا هل هو واجب أو سنة ؟ والواجب أنه إذا أمرك أن تفعل إن كان واجبا فقد أبرأت الذمة وحصلت خيرا وإن كان مستحبا فقد حصلت خيرا أيضا أما أن تقول هو واجب أو مستحب وتتوقف عن العمل حتى تعرف فهذا لا يكون إلا من إنسان كسول لا يحب الخير ولا الزيادة فيه أما الإنسان الذي يحب الزيادة في الخير فهو إذا علم أمر الله ورسوله قال: سمعنا وأطعنا ثم فعل ولا يسأل هو واجب أو مستحب إلا إذا خالف حينئذ يسأل ولهذا لم نعهد ولم نعلم أن الصحابة كانوا إذا أمرهم الرسول صلى الله عليه وسلم بأمر قالوا يا رسول الله أعلى سبيل الوجوب أم على سبيل الاستحباب ما سمعنا بهذا كانوا يقولون سمعنا وأطعنا ويمشون فأنت افعل وليس عليك من كونه مستحبا أو واجبا ولا يستطيع الإنسان أن يقول إن هذا الأمر مستحب أو واجب إلا بدليل والحجة أن يقول لك المفتي هكذا أمر الرسول عليه الصلاة والسلام ونحن نجد ابن عمر رضي الله عنه لما حدث ابنه بلالا قال إن الرسول صلى الله عليه وسلم قال لا تمنعوا نساءكم المساجد وقد تغيرت الحال بعد وفاة النبي عليه الصلاة والسلام قال بلال والله لنمنعهن فسبه عبد الله بن عمر سبا شديدا لماذا يقول والله لنمنعهن والرسول يقول: لا تمنعونهن ثم إنه هجره حتى مات وهذا يدل على شدة تعظيم الصحابة لأمر الله ورسوله أما نحن فنقول هل هذا الأمر واجب أم مستحب هذا النهي للتحريم أم للكراهة لكن إذا وقع الأمر فلك أن تسأل حينئذ هل أثمت بذلك أم لا لأجل أنه إذا قيل لك إنك آثم تجدد توبتك وإذا قيل إنك غير آثم يستريح قلبك أما حين يوجه الأمر فلا تسأل عن الاستحباب أو الوجوب كما كان أدب الصحابة مع الرسول عليه الصلاة والسلام يفعلون ما أمر ويتركون ما عنه نهى وأجر لكن مع ذلك نحن نبشركم بحديث قال فيه النبي عليه الصلاة والسلام إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم الحمد لله رفع الحرج كل ما حدثت به نفسك ولكن ما ركنت إليه ولا عملت ولا تكلمت فهو معفو عنه حتى ولو كان أكبر من الجبال فاللهم لك الحمد حتى إن الصحابة قالوا يا رسول الله نجد في نفوسنا ما نحب أن تكون حممة يعني فحمة محترقة ولا نتكلم به قال ذاك صريح الإيمان يعني ذاك هو الإيمان الخالص لأن الشيطان ما يلقى مثل هذه الوساوس في قلب خرب في قلب فيه شك إنما يتسلط الشيطان أعاذنا الله منه على قلب مؤمن خالص ليفسده ولما قيل لابن عباس أو ابن مسعود إن اليهود إذا دخلوا في الصلاة لا يوسوسون قال وما يصنع الشيطان بقلب خراب فاليهود كفار قلوبهم خربة فالشيطان لا يوسوس لهم عند صلاتهم لأنها باطلة من أساسها الشيطان يوسوس للمسلم الذي صلاته صحيحة مقبولة ليفسدها يأتي للمؤمن صريح الإيمان ليفسد هذا الإيمان الصريح ولكن والحمد لله من أعطاه الله تعالى طب القلوب والأبدان محمد صلى الله عليه وسلم وصف لنا لهذا طبا ودواء فأرشد إلى الاستعاذة بالله والانتهاء فإذا أحس الإنسان بشيء من هذه الوساوس الشيطانية فإنه يقول أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ولينته يعرض عنها ولا يلتفت إليها امض فيما أنت عليه فإذا رأى الشيطان أنه لا سبيل إلى إفساد هذا القلب المؤمن الخالص نكص على عقبيه ورجع ثم إنهم لما قالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير ولانت لها نفوسهم وذلت لها ألسنتهم أنزل الله بعدها { آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ } يعني والمؤمنون آمنوا { كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ } فبين الله عز وجل في هذه الآية الثناء عليهم وعلى رسوله وعلى المؤمنين لأنهم قالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير ثم أنزل الله { لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ } فالذي ليس في وسع الإنسان لا يكلفه الله به ولا حرج عليه فيه مثل الوساوس التي تهجم على القلب ولكن الإنسان إذا لم يركن إليها ولم يصدق بها ولم يرفع بها رأسا فإنها لا تضره لأن هذه ليست داخلة في وسعه والله عز وجل يقول { لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا } فقد يحدث الشيطان الإنسان في نفسه عن أمور فظيعة عظيمة ولكن الإنسان إذا أعرض عنها واستعاذ بالله من الشيطان ومنها زالت عنه { رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا } قال نعم يعني قال الله نعم لا أؤاخذكم إن نسيتم أو أخطأتم { رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا } قال نعم ولهذا قال الله تعالى في وصف رسوله محمد صلى الله عليه وسلم { وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ } { ربنا ولا تحملنا مالا طاقة لنا به } قال الله نعم ولهذا لا يكلف الله تعالى في شرعه ما لا يطيقه الإنسان بل إذا عجز عن الشيء انتقل إلى بدله إذا كان له بدل أو سقط عنه إن لم يكن له بدل أما أن يكلف ما لا طاقة له به فإن الله تعالى قال هنا نعم يعني لا أحملكم ما لا طاقة لكم به { وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنتَ مَوْلاَنَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ } قال الله نعم فاعف عنا واغفر لنا وارحمنا هذه ثلاث كلمات كل كلمة لها معنى واعف عنا يعني تقصيرنا في الواجب واغفر لنا يعني انتهاكنا للمحرم وارحمنا يعني وفقنا للعمل الصالح فالإنسان إما يترك واجبا أو يفعل محرما فإن ترك الواجب فإنه يقول اعف عنا أي اعف عنا ما قصرنا فيه من الواجب وإن فعل المحرم فإنه يقول اغفر لنا يعني ما اقترفنا من الذنوب أو يطلب تثبيتا وتأييدا وتنشيطا على الخير في قوله { وارحمنا } فهذه ثلاث كلمات كل كلمة لها معنى { وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنتَ مَوْلاَنَا } أي متولي أمورنا في الدنيا والآخرة فتولنا في الدنيا وانصرنا على القوم الكافرين { فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ } قد يتبادر للإنسان أن المراد أعداؤنا من الكفار ولكنه أعم حتى إنه يتناول الانتصار على الشيطان لأن الشيطان رأس الكافرين إذن نستفيد من هذه الآيات الكريمة الأخيرة: أن الله سبحانه وتعالى لا يحملنا مالا طاقة لنا به ولا يكلفنا إلا وسعنا وأن الوساوس التي تجول في صدورنا إذا لم نركن إليها ولم نطمئن إليها ولم نأخذ بها فإنها لا تضر

باب النهي عن البدع ومحدثات الأمور

قال الله تعالى { فماذا بعد الحق إلا الضلال } وقال تعالى { ما فرطنا في الكتاب من شيء } وقال تعالى { فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول } أي الكتاب والسنة وقال تعالى { وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ } وقال تعالى { قُلْ إِن كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ } والآيات في الباب كثيرة معلومة

الشَّرْحُ

قال المؤلف رحمه الله تعالى باب النهي عن البدع ومحدثات الأمور والبدع هي الأشياء التي يبتدعها الإنسان وهذا هو معناها في اللغة العربية ومنه قوله تعالى بديع السماوات والأرض أي خالقها على غير مثال سبق يعني لم يسبق لهما نظير بل ابتدعهما أو أنشأهما أولا .
والبدعة في الشرع كل ما تعبد لله سبحانه وتعالى بغير ما شرع عقيدة أو قولا أو فعلا فمن تعبد لله بغير ما شرعه الله من عقيدة أو قول أو فعل فهو مبتدع فإذا أحدث الإنسان عقيدة في أسماء الله وصفاته مثلا فهو مبتدع أو قال قولا لم يشرعه الله ورسوله فهو مبتدع أو فعل فعلا لم يشرعه الله ورسوله فهو مبتدع وليعلم أن الإنسان المبتدع يقع في محاذير كثيرة أولا أن ما ابتدعه فهو ضلالة بنص القرآن والسنة وذلك أن ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم فهو الحق وقد قال الله تعالى { فماذا بعد الحق إلا الضلال } هذا دليل القرآن ودليل السنة قوله صلى الله عليه وسلم كل بدعة ضلالة ومعلوم أن المؤمن لا يختار أن يتبع طريق الضالين الذين يتبرأ منهم المصلي في كل صلاة { اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ } ثانيا أن في البدعة خروجا عن اتباع النبي صلى الله عليه وسلم وقد قال الله تعالى { قُلْ إِن كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } فمن ابتدع بدعة يتعبد لله بها فقد خرج عن اتباع النبي صلى الله عليه وسلم لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يشرعها فيكون خارجا عن شرعة الله فيما ابتدعه ثالثا أن هذه البدعة التي ابتدعها تنافي تحقيق شهادة أن محمدا رسول الله لأن من حقق شهادة أن محمدا رسول الله فإنه لم يخرج عن التعبد بما جاء به بل يلتزم شريعته ولا يتجاوزها ولا يقصر عنها فمن قصر في الشريعة أو زاد فيها فقد قصر في اتباعه إما بنقص أو بزيادة فحينئذ لا يحقق شهادة أن محمدا رسول الله رابعا أن مضمون البدعة الطعن في الإسلام فإن الذي يبتدع تتضمن بدعته أن الإسلام لم يكمل وأنه كمل الإسلام بهذه البدعة وقد قال الله تعالى { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ } فيقال لهذا المبتدع أنت الآن أتيت بشريعة غير التي كمل عليها الإسلام وهذا يتضمن الطعن في الإسلام وإن لم يكن الطعن فيه باللسان لكن الطعن فيه هنا بالفعل أين رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أين الصحابة عن هذه العبادة التي ابتدعها أهم في جهل منها أم في تقصير عنها إذن فهذا يكون طعنا في الشريعة الإسلامية خامسا أنه يتضمن الطعن في رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك لأن هذه البدعة التي زعمت أنها عبادة إما أن يكون الرسول صلى الله عليه وسلم لم يعلم بها وحينئذ يكون جاهلا وإما أن يكون قد علم بها ولكنه كتمها وحينئذ يكون كاتما للرسالة أو لبعضها وهذا خطير جدا سادسا أن البدعة تتضمن تفريق الأمة الإسلامية لأن الأمة الإسلامية إذا فتح الباب لها في البدع صار هذا يبتدع شيئا وهذا يبتدع شيئا وهذا يبتدع شيئا كما هو الواقع الآن فتكون الأمة الإسلامية كل حزب منها بما لديه فرح كما قال تعالى { كل حزب بما لديهم فرحون } كل حزب يقول الحق معي والضلال مع الآخر وقد قال الله لنبيه { إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ } فإذا صار الناس يبتدعون البدع تفرقوا وصار كل واحد يقول الحق معي وفلان ضال مقصر ويرميه بالكذب والبهتان وسوء القصد وما أشبه ذلك ونضرب لهذا مثلا بأولئك الذين ابتدعوا عيد ميلاد الرسول عليه الصلاة والسلام وصاروا يحتفلون بما يدعون أنه اليوم الذي ولد فيه وهو اليوم الثاني عشر من شهر ربيع الأول أتدرون ماذا يقولون لمن لا يفعل هذه البدعة يقولون هؤلاء يبغضون الرسول ويكرهونه ولهذا لم يفرحوا بمولده ولم يقيموا له احتفالا وما أشبه ذلك فتجدهم يرمون أهل الحق بما هم أحق به منهم والحقيقة أن المبتدع بدعته تتضمن أنه يبغض الرسول صلى الله عليه وسلم وإن كان يدعي أنه يحبه لأنه إذا ابتدع هذه البدعة والرسول عليه الصلاة والسلام لم يشرعها للأمة فهو كما قلت سابقا إما جاهل وإما كاتم سابعا أن البدعة إذا انتشرت في الأمة اضمحلت السنة لأن الناس يعملون فإما بخير وإما بشر ولهذا قال بعض السلف ما ابتدع قوم بدعة إلا أضاعوا من السنة مثلها يعني أو أشد فالبدع تؤدي إلى نسيان السنن واضمحلالها بين الأمة الإسلامية وقد يبتدع بعض الناس بدعة بنية حسنة لكن يكون أحسن في قصده وأساء في فعله ولا مانع أن يكون القصد حسنا والفعل سيئا ولكن يجب على من علم أن فعله سيئ أن يرجع عن فعله وأن يتبع السنة التي جاء بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن الفاسد أيضا أن المبتدع لا يحكم الكتاب والسنة لأنه يرجع إلى هواه فيحكمه وقد قال الله تعالى: { فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآَخِرِ } { إلى الله } أي كتابه عز وجل { والرسول } أي إليه في حياته وإلى سنته بعد وفاته صلوات الله وسلامه عليه

169 - عن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد متفق عليه

الشَّرْحُ

أما حديث عائشة هذا فهو نصف العلم لأن الأعمال إما ظاهرة وإما باطنة فالأعمال الباطنة ميزاتها حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال إنما الأعمال بالنيات وإن لكل امرئ ما نوى وميزان الأعمال الظاهرة حديث عائشة هذا من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد أي مردود على صاحبه غير مقبول منه وقول أمرنا المراد به ديننا وشرعنا قال الله تعالى وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا فأمر الله المراد به في هذا الحديث شرع الله من أحدث فيه ما ليس منه فهو رد في هذا دليل واضح على أن العبادة إذا لم نعلم أنها من دين الله فهي مردودة ويستفاد من هذا أنه لابد من العلم لأن العبادة مشتملة على الشروط والأركان أو غلبة الظن إذا كان يكفي عن العلم كما في بعض الأشياء مثلا الصلاة إذا شككت في عددها وغلب على ظنك عدد فابن على ما غلب على ظنك الطواف بالبيت سبعة أشواط وإذا غلب على ظنك عدد فابن على ما غلب على ظنك كذلك الطهارة إذا غلب على ظنك أنك أسبغت الوضوء كفى فالمهم أنه لابد من العلم أو الظن إذا دلت النصوص على كفايته وإلا فالعبادة مردودة وإذا كانت العبادة مردودة فإنه يحرم على الإنسان أن يتعبد لله بها لأنه إذا تعبد لله عبادة لا يرضاها ولم يشرعها لعباده صار كالمستهزئ بالله والعياذ بالله حتى إن بعض العلماء قال: إن الإنسان إذا صلى محدثا متعمدا خرج من الإسلام لأنه مستهزئ بخلاف الناسي فإنه لا إثم عليه ويعيد وفي اللفظ الثاني من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد وهو أشد من الأول لأن قوله من عمل عملا ليس عليه أمرنا يعني لابد أن نعلم بأن كل عمل عملناه عليه أمر الله ورسوله وإلا فهو مردود وهو يشمل العبادات ويشمل المعاملات ولهذا لو باع الإنسان بيعا فاسدا أو رهن رهنا فاسدا أو أوقف وقفا فاسدا فكله غير صحيح ومردود على صاحبه ولا ينفذ

170 - وعن جابر رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خطب احمرت عيناه وعلا صوته واشتد غضبه حتى كأنه منذر جيش يقول صبحكم ومساكم ويقول بعثت أنا والساعة كهاتين ويقرن بين أصبعيه السبابة والوسطى ويقول أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة ثم يقول أنا أولى بكل مؤمن من نفسه من ترك مالا فلأهله ومن ترك دينا أو ضياعا فإلي وعلي رواه مسلم

الشَّرْحُ

نقل المؤلف - رحمه الله تعالى - فيما نقله عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه في باب التحذير من البدع قال كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خطب يعني يوم الجمعة احمرت عيناه وعلا صوته واشتد غضبه وإنما كان يفعل هذا لأنه أقوى في التأثير على السامع فكان صلى الله عليه وسلم يكون على هذه الحال للمصلحة وإلا فإنه من المعلوم أنه صلى الله عليه وسلم كان أحسن الناس خلقا وألينهم عريكة لكن لكل مقام مقال فالخطبة ينبغي أن تحرك القلوب وتؤثر في النفوس وذلك في موضوعها وفي كيفية أدائها وكان صلى الله عليه وسلم يقول بعثت أنا والساعة كهاتين ويقرن بين السبابة والوسطى يعني بين الإصبعين السبابة وهي التي بين الوسطى والإبهام والوسطى وأنت إذا قرنت بينهما وجدتهما متجاورتين ووجدت أنه ليس بينهما إلا فرق يسير ليس بين الوسطى والسبابة إلا شيء يسير مقدار الظفر أو نصف الظفر والمعنى أن أجل الدنيا قريب وأنه ليس ببعيد وهذا كما فعل صلى الله عليه وسلم ذات يوم حيث خطب الناس في آخر النهار والشمس على رؤوس النخل فقال إنه لم يبق من دنياكم إلا مثل ما بقى من هذا اليوم فإذا كان الأمر كذلك والنبي صلى الله عليه وسلم الآن مات له ألف وأربعمائة سنة ولم تقم القيامة دل هذا على أن الدنيا طويلة الأمد ولكن ما يقدره بعض الجيولوجين من عمر الدنيا الماضي بملايين فهذا خرص لا يصدق ولا يكذب فهو كأخبار بني إسرائيل لأنه ليس لدينا علم من كتاب الله أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم في مقدار ما مضى من الدنيا ولا في مقدار ما بقى منها على وجه التحديد وإنما هو كما ضرب النبي صلى الله عليه وسلم هذه الأمثال والشيء الذي ليس عليه دليل من كتاب ولا سنة وهو من أخبار ما مضي فإنه ليس مقبولا وإنما ينقسم إلى ثلاثة أقسام القسم الأول ما شهد الشرع بصدقة فهذا يقبل لشهادة الشرع به والثاني ما شهد الشرع بكذبه فهذا يرد لشهادة الشرع بكذبه والثالث ما ليس فيه هذا ولا هذا فهذا يتوقف فيه إما أن يكون حقا وإما أن يكون باطلا ويدل لهذا قوله تعالى أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِن بَعْدِهِمْ لاَ يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ اللهُ فإذا حصر العلم جل وعلا في نفسه فإنه لا يتلقى علم هؤلاء إلا من وحيه عز وجل لا يعلمهم إلا الله فأي أحد يدعي شيئا فيما مضى مما يتعلق بالبشرية أو بطبيعة الأرض أو الأفلاك أو غيرها فإننا لا نصدقه ولا نكذبه بل نقسم ما أخبر به إلى الأقسام الثلاثة السابقة أما المستقبل فالمستقبل ينقسم أيضا إلى: أولا ما أخبر الشرع بوقوعه فهذا لابد أن يقع مثل أخبار يأجوج ومأجوج وأخبار الدجال ونزول عيسى ابن مريم وأشباه ذلك ما ثبت في الكتاب والسنة والثاني ما لم يرد به كتاب ولا سنة فهذا القول فيه من التخمين والظن بل لا يجوز أن يصدقه فيما يستقبل لأنه من علم الغيب ولا يعلم الغيب إلا الله عز وجل فالحاصل أن النبي عليه الصلاة والسلام قال بعثت أنا والساعة كهاتين وقارب السبابة والوسطى والسبابة هي الإصبع الذي بين الإبهام والوسطى وتسمى السبابة لأن الإنسان إذا أراد أن يسب أحدا أشار إليه بها وتسمى السبابة أيضا لأن الإنسان عند الإشارة إلى تعظيم الله عز وجل يرفعها ويشير بها إلى السماء ثم يقول أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة وقد سبق الكلام على هذه الجمل ثم يقول أنا أولى بكل مؤمن من نفسه كما قال ربه عز وجل { النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ } فهو أولى بك من نفسك وهو بالمؤمنين رؤوف رحيم عليه الصلاة والسلام ثم يقول من ترك مالا فلأهله يعني من ترك من الأموات مالا فلأهله يرثونه حسب ما جاء في كتاب الله وسنة رسوله ومن ترك دينا أو ضياعا يعني أولادا صغارا يضيعون فإلي وعلي يعني فأمرهم إلي وأنا وليهم والدين علي أنا أقضيه هكذا كان صلى الله عليه وسلم حينما فتح الله عليه أما قبل ذلك فكان يؤتى بالرجل ليصلي عليه فيسأل هل عليه دين إن قالوا نعم وليس له وفاء ترك الصلاة عليه فجيء إليه في يوم من الأيام برجل من الأنصار فتقدم ليصلي عليه ثم سأل عليه دين قالوا نعم ثلاثة دنانير فتأخر وقال صلوا على صاحبكم فعرف ذلك في وجوه القوم ثم قام أبو قتادة رضي الله عنه وقال صل عليه يا رسول الله وعلي دينه فالتزمهم أبو قتادة رضي الله عنه فتقدم النبي صلى الله عليه وسلم فصلى وفي هذا دليل على عظم الدين وأنه لا ينبغي للإنسان أن يستدين إلا إذا دعت الضرورة إلى ذلك ولا يستدين لا لزواج ولا لبناء بيت ولا لكماليات في البيت كل هذا من السفه يقول الله عز وجل { وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللهُ مِن فَضْلِهِ } هذا النكاح فما بالك بما هو دونه بكثير وكثير من الجهال يستدين ليشترى مثلا فراش للدرج أو فراش للساحة أو باب للجراج ينفتح بالكهرباء أو ما أشبه ذلك مع أنه فقير ويأخذه بالدين فهو إن اشترى شيئا بثمن مؤجل فهو دين لأن الدين عند العلماء كل ما ثبت في الذمة من ثمن بيع أو فرض أو أجرة أو غير ذلك فإياكم والديون احذروها فإنها تهلككم إلا شيء ضروري فهذا شيء آخر لكن ما دمت في غنى لا تستدن وكثير من الناس يستدين مثلا أربعين ألفا فإذا حل الأجل قال ليس عندي شيء فيستدين للأربعين ألفا التي عليه ستين ألفا ثم يستدين السنة التالية ثم تتراكم عليه الديوان الكثيرة من حيث لا يشعر

باب فيمن سن سنة حسنة أو سيئة

قال الله تعالى { وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا } وقال تعالى { وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا }

الشَّرْحُ

ذكر المؤلف رحمه الله تعالى هذا الباب للتحذير من البدع وليبين أن من الأشياء ما يكون أصله ثابتا فإذا فعله الإنسان وكان أول من يفعله كان كمن سنه وصار له أجره وأجر من عمل به إلى يوم القيامة وقد سبق لنا أن الدين الإسلامي ولله الحمد كامل لا يحتاج إلى تكميل ولا إلى بدع لأن الله تعالى قال الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا ثم استشهد المؤلف بآيتين من كتاب الله أولاهما قوله تعالى { وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا } هذا من جملة ما يدعو به عباد الرحمن الذين ذكر الله أوصافهم في آخر سورة الفرقان { وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا } إلى أن قال { وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ } { هب لنا } يعني أعطنا والأزواج جمع زوج وهو صالح للذكر والأنثى فالزوجة تسمى زوجا والزوج الذكر يسمى زوجا ولهذا تجدون في الأحاديث ويمر بكم وعن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم وهذه هي اللغة الفصحى أن المرأة تسمى زوجا لكن أهل الفرائض رحمهم الله جعلوا للرجل زوج وللمرأة زوجة من أجل التفريق عند قسمة المواريث أما في اللغة العربية فالزوج صالح للذكر والأنثى .
فهذا الدعاء { رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ } كما هو صالح للرجال صالح للنساء أيضا و { قرة أعين } في المرأة أنك إذا نظرت إليها سرتك وإذا غبت عنها حفظتك في مالك وفي ولدك وإذا بحثت عنها وجدتها قانتة لله { فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللهُ } فهذه تسر زوجها وكذلك أيضا الذرية إذا جعلهم الله تعالى قرة عين للإنسان يطيعونه إذا أمر وينتهون عما نهاهم عنه ويسرونه في كل مناسبة ويصلحون فهذا من قرة الأعين للمتقين والجملة الأخيرة { واجعلنا للمتقين إماما } هي الشاهد لهذا الباب يعني اجعلنا للمتقين أئمة يقتدي بنا المتقون في أفعالنا وأقوالنا فيما نفعل وفيما نترك فإن المؤمن ولا سيما أهل العلم يقتدى بهم بأقوالهم وأفعالهم ولهذا تجد العامة إذا أمرتهم بشيء أو نهيتهم عن شيء قالوا هذا فلان يفعل كذا وكذا ممن جعلوه إماما لهم والأئمة تشمل الأئمة في الدين الذي هو العبادة الخاصة بالإنسان والأئمة في الدعوة وفي التعليم وفي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغير ذلك من شعائر الدين وشرائعه اجعلنا للمتقين إماما في كل شيء أما الآية الثانية فقال تعالى { وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا } أي صيرناهم أئمة علما يهدون الناس أي يدلونهم على دين الله بأمر الله عز وجل ولكن ليت المؤلف ذكر آخر الآية لأن الله بين أنه جعلهم أئمة بسبب { يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ } لما صبروا على طاعة الله وصبروا عن معصية الله وصبروا على أقدار الله صبروا على طاعة الله ففعلوا ما أمر وصبروا عن معصية الله فتركوا ما نهى عنه وصبروا على أقدار الله التي تأتيهم من أجل دعوتهم إلى الحق وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر لأن الإنسان إذا نصب نفسه داعية للحق آمرا بالمعروف وناهيا عن المنكر فلابد أن يصيبه من الأذى ما يصيبه لأن أكثر الذين يكرهون الحق سوف يكونون أعداء له فليصبر وكذلك أقدار الله التي تأتي بدون هذا أيضا يصبرون عليها { لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون } يوقنون بما أخبر الله به ويوقنون بالجزاء الذي يحصل لهم في فعل الأوامر وترك النواهي وفي الدعوة إلى الله وفي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أي أنهم يعملون وهم يوقنون بالجزاء وهذه نقطة ينبغي لنا أن ننتبه لها أن نعمل ونحن نوقن بالجزاء كثير من الناس يعملون يصلون ويصومون ويتصدقون بناء على أن هذا أمر الله وهذا طيب ولا شك أنه خير لكن ينبغي أن تدرك وأن تستحضر بأنك إنما تفعل هذا رجاء الثواب وخوف العقاب حتى تكون موقنا بالآخرة وقد أخذ شيخ الإسلام رحمه الله من هذه الآية عبارة طيبة فقال بالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين أخذها من قوله تعالى { لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ } فبالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين أسأل الله أن يجعلني وإياكم أئمة في دين الله هداة لعباد الله مهتدين إنه جواد كريم

171 - عن أبي عمرو جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال كنا في صدر النهار عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءه قوم عراة مجتابي النمار أو العباء متقلدي السيوف عامتهم بل كلهم من مضر فتمعر وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رأى بهم من الفاقة فدخل ثم خرج فأمر بلال فأذن وأقام ثم صلى ثم خطب فقال: { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ } إلى آخر الآية { إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا } والآية الأخرى التي في آخر الحشر { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ } تصدق رجل من ديناره من درهمه من ثوبه من صاع بره من صاع تمره حتى قال ولو بشق تمرة فجاء رجل من الأنصار بصرة كادت كفه تعجز عنها بل قد عجزت ثم تتابع الناس حتى رأيت كومين من طعام وثياب حتى رأيت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم يتهلل كأنه مذهبة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء رواه مسلم قوله مجتابي النمار هو بالجيم وبعد الألف باء موحدة والنمار: جمع نمرة وهي كساء من صوف مخطط ومعنى مجتابيها أي لابسيها قد خرقوها في رؤوسهم والجوب القطع ومنه قوله تعالى { وثمود الذين جابوا الصخر بالواد } أي نحتوه وقطعوه وقوله تمعر هو بالعين المهملة أي تغير وقوله رأيت كومين بفتح الكاف وضمها أي صبرتين وقوله كأنه مذهبة هو بالذال المعجمة وفتح الهاء والباء الموحدة قاله القاضي عياض وغيره وصحفه بعضهم فقال: مدهنة بدال مهملة وضم الهاء والنون كذا ضبطه الحميدي والصحيح المشهور هو الأول والمراد به على الوجهين الصفاء والاستنارة

الشَّرْحُ

ذكر المؤلف رحمه الله في باب من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها حديث جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه وهو حديث عظيم يتبين منه حرص النبي صلى الله عليه وسلم وشفقته على أمته صلوات الله وسلامه عليه فبينما هم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في أول النهار إذ جاء قوم عامتهم من مضر أو كلهم من مضر مجتابي النمار متقلدي السيوف رضي الله عنهم يعني أن الإنسان ليس عليه إلا ثوبه قد اجتابه يستر به عورته وقد ربطه على رقبته ومعهم السيوف استعدادا لما يؤمرون به من الجهاد رضي الله عنهم فتعمر وجه النبي صلى الله عليه وسلم يعني تغير وتلون لما رأى فيهم من الحاجة وهم من مضر من أشراف قبائل العرب وقد بلغت بهم الحاجة إلى هذا الحال ثم دخل بيته ثم خرج ثم أمر بلالا فأذن ثم صلى ثم خطب الناس عليه الصلاة والسلام فحمد الله صلى الله عليه وسلم كما هي عادته ثم قرأ قول الله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا وقوله تعالى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } ثم حث على الصدقة فقال تصدق رجل بديناره تصدق بدرهمه تصدق بثوبه تصدق بصاع بره تصدق بصاع تمره حتى ذكر ولو شق تمرة وكان الصحابة رضي الله عنهم أحرص الناس على الخير وأسرعهم إليه وأشدهم مسابقة فخرجوا إلى بيوتهم فجاءوا بالصدقات حتى جاء رجل بصرة معه في يده كادت تعجز يده عن حملها بل قد عجزت من فضة ثم وضعها بين يدي الرسول عليه الصلاة والسلام ثم رأى - أي جرير راوي الحديث كومين من الطعام والثياب وغيرها قد جمع في المسجد فصار وجه النبي عليه الصلاة والسلام بعد أن تمعر صار يتهلل كأنه مذهبة يعني من شدة بريقه ولمعانه وسروره عليه الصلاة والسلام لما حصل من هذه المسابقة التي فيها سد حاجة هؤلاء الفقراء ثم قال صلى الله عليه وسلم من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء والمراد بالسنة في قوله صلى الله عليه وسلم من سن في الإسلام سنة حسنة ابتدأ العمل بسنة وليس من أحدث لأن من أحدث في الإسلام ما ليس منه فهو رد وليس بحسن لكن المراد بمن سنها أي صار أول من عمل بها كهذا الرجل الذي جاء بالصدقة رضي الله عنه فدل هذا على أن الإنسان إذا وفق لسن سنة حسنة في الإسلام سواء بادر إليها أو أحياها بعد أن أميتت وذلك لأن السنة في الإسلام ثلاثة أقسام سنة سيئة وهى البدعة فهي سيئة وإن استحسنها من سنها لقول النبي صلى الله عليه وسلم كل بدعة ضلالة وسنة حسنة وهي على نوعين النوع الأول أن تكون السنة مشروعة ثم يترك العمل بها ثم يجددها من يجددها مثل قيام رمضان بإمام فإن النبي صلى الله عليه وسلم شرع لأمته في أول الأمر الصلاة بإمام في قيام رمضان ثم تخلف خشية أن تفرض على الأمة ثم ترك الأمر في آخر حياة النبي صلى الله عليه وسلم وفي عهد أبي بكر رضي الله عنه وفي أول خلافة عمر ثم رأى عمر رضي الله عنه أن يجمع الناس على إمام واحد ففعل فهو رضي الله عنه قد سن في الإسلام سنة حسنة لأنه أحيا سنة كانت قد تركت والنوع الثاني من السنن الحسنة أن يكون الإنسان أول ما يبادر إليها مثل حال الرجل الذي بادر بالصدقة حتى تتابع الناس ووافقوه على ما فعل فالحاصل أن من سن في الإسلام سنة حسنة ولا سنة حسنة إلا ما جاء به الشرع فله أجرها وأجر من عمل بها من بعده وقد أخذ هذا الحديث أولئك القوم الذين يبتدعون في دين الله ما ليس منه فيبتدعون أذكارا ويبتدعون صلوات ما أنزل الله بها من سلطان ثم يقولون هذه سنة حسنة نقول لا كل بدعة ضلالة وكلها سيئة وليس في البدع من حسن لكن المراد في الحديث من سابق إليها وأسرع كما هو ظاهر السبب في الحديث أو من أحياها بعد أن أميتت فهذا له أجرها وأجر من عمل بها وفي هذا الحديث الترغيب في فعل السنن التي أميتت وتركت وهجرت فإنه يكتب لمن أحياها أجرها وأجر من عمل بها وفيه التحذير من السنن السيئة وأن من سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة حتى لو كانت في أول الأمر سهلة ثم توسعت فإن عليه وزر هذا التوسع مثل لو أن أحدا من الناس رخص لأحد في شيء من المباح الذي يكون ذريعة واضحة إلى المحرم وقريبا فإنه إذا توسع الأمر بسبب ما أفتى به الناس فإن عليه الوزر ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة نعم لو كان الشيء مباحا ولا يخشى منه أن يكون ذريعة إلى محرم فلا بأس للإنسان أن يبينه للناس كما لو كان الناس يظنون أن هذا الشيء محرم وليس بمحرم ثم يبينه للناس من أجل أن يتبين الحق ولكن لا يخشى عاقبته فهذا لا بأس به أما شيء تخشى عاقبته فإنه يكون عليه وزره ووزر من عمل به

باب الدلالة على خير والدعاء إلى هدى أو ضلالة

قال تعالى { وادع إلى ربك } وقال تعالى { ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة } وقال تعالى { وتعاونوا على البر والتقوى }

الشَّرْحُ

قال المؤلف رحمه الله تعالى باب الدلالة على الخير والدعوة إليه الدلالة على الخير يعني أن يبين الإنسان للناس الخير الذي ينتفعونه به في أمور دينهم ودنياهم ومن دل على خير فهو كفاعله وأما الدعوة إليه فهي أخص من الدلالة لأن الإنسان قد يدل فيبين ولا يدعو فإذا دعا كان هذا أكمل وأفضل والإنسان مأمور بالدعوة إلى الخير أي الدعوة إلى الله عز وجل كما قال تعالى وادع إلى ربك وآخر الآية { إنك لعلى هدى مستقيم } وقال تعالى { ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن } وقال تعالى { ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم } فهذه الآيات وأمثالها كلها تدل على أن الإنسان ينبغي له أن يكون داعيا إلى الله ولكن لا يمكن أن تتم الدعوة إلا بعلم الإنسان بما يدعو إليه لأن الجاهل قد يدعو إلى شيء يظنه حقا وهو باطل وقد ينهي عن شيء يظنه باطلا وهو حق فلا بد من العلم أولا فيتعلم الإنسان ما يدعو إليه وسواء كان عالما متبحرا فاهما في جميع أبواب العلم أو كان عالما في نفس المسألة التي يدعو إليها يعني ليس بشرط أن يكون الإنسان عالما متبحرا في كل شيء بل لنفرض أنك تريد أن تدعو الناس إلى إقام الصلاة فإذا فقهت أحكام الصلاة وعرفتها جيدا فادعو إليها وإن كنت لا تعرف غيرها من أبواب العلم لقول النبي صلى الله عليه وسلم بلغوا عني ولو آية ولكن لا يجوز أن تدعو بلا علم أبدا لأن ذلك فيه خطر خطر عليك أنت وخطر على غيرك أما خطره عليك فلأن الله حرم عليك أن تقول على الله ما لا تعلم قال الله تعالى { قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون } وقال تعالى { ولا تقف ما ليس لك به علم } أي لا تتبع ما ليس لك به علم فإنك مسئول عن ذلك { إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا } ولا بد أيضا من أن يكون الإنسان حكيما في دعوته ينزل الأشياء في منازلها ويضعها في مواضعها فيدعو الإنسان المقبل إلى الله عز وجل بما يناسبه ويدعو الإنسان المعرض بما يناسبه ويدعو الإنسان الجاهل بما يناسبه كل أناس لهم دعوة خاصة حسب ما يليق بحالهم ودليل هذا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بعث معاذا إلى اليمن قال له إنك تأتي قوما أهل كتاب فأعلمه بحالهم من أجل أن يستعد لهم وأن ينزلهم منزلتهم لأنهم إذا كانوا أهل كتاب صار عندهم من الجدل بما عندهم من العلم ما ليس عند غيرهم فالمشركون جهال ضلال لكن أهل الكتاب عندهم علم يحتاجون إلى استعداد تام وأيضا يجابهون بما يليق بهم لأنهم يرون أنفسهم أهل كتاب وأهل علم فيحتاج الأمر إلى أن يراعوا في كيفية الدعوة ولهذا قال له إنك ستأتي قوما أهل كتاب ولنضرب لهذا مثلا واقعيا لو أن رجلا جاهلا تكلم وهو يصلي يحسب أن الكلام لا يضر فهذا لا نوبخه ولا ننهره ولا نشدد عليه بل نقول له إذا فرغ من صلاته إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس إنما هي التسبيح والتكبير وقراءة القرآن لكن لو علمنا أن شخصا يعلم أن الكلام في الصلاة حرام ويبطلها لكنه إنسان مستهتر والعياذ بالله يتكلم ولا يبالي فهذا نخاطبه بما يليق به ونشدد عليه وننهره فلكل مقام مقال ولهذا قال تعالى { ادع إلى سبيل ربك بالحكمة } والحكمة أن تضع الأشياء في مواضعها وتنزل الناس في منازلها لا تخاطب الناس بخطاب واحد ولا تدعوهم بكيفية واحدة بل اجعل لكل إنسان ما يليق به فلا بد أن يكون الإنسان على علم بحال من يدعوه لأن المدعو له حالات إما أن يكون جاهلا أو معاندا مستكبرا أو يكون قابلا للحق ولكنه قد خفي عليه مجتهدا متأولا فلكل إنسان ما يليق به ثم ذكر المؤلف قول الله تعالى { ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن } وسبيل الله هي دينه وشريعته التي شرعها الله لعباده وأضافها إلى نفسه لسببين السبب الأول أنه هو الذي وضعها عز وجل للعباد ودلهم عليها والثاني أنها موصولة إليه فلا شيء يوصل إلى الله إلا سبيل الله التي شرعها لعباده على ألسنة رسله صلوات الله وسلامه عليهم وقوله { بالحكمة والموعظة } الحكمة قال العلماء إنها من الأحكام وهو الإتقان وإتقان الشيء أن يضعه الإنسان في موضعه فهي وضع الأشياء في مواضعها وأما الموعظة فهي التذكير المقرون بالترغيب أو الترهيب فإذا كان الإنسان معه شيء من الإعراض فإنه يوعظ وينصح فإن لم يفد فيه ذلك فيقول تعالى { وجادلهم بالتي هي أحسن } إذا كان الإنسان عنده شيء من المجادلة فيجادل، والمجادلة بالتي هي أحسن أي من حيث المشافهة فلا تشدد عليه ولا تخفف عنه انظر ما هو أحسن بالتي هي أحسن أيضا من حيث الأسلوب والإقناع وذكر الأدلة التي يمكن أن يقتنع بها لأن من الناس من يقتنع بالأدلة الشرعية أكثر مما يقتنع بالأدلة العقلية وهذا هو الذي عنده إيمان قوي ومن الناس من يكون بالعكس لا يقتنع بالأدلة الشرعية إلا إذا ثبت ذلك عنده بالأدلة العقلية فتجده يعتمد على الأدلة العقلية أكثر مما يعتمد على الأدلة الشرعية بل ولا يقتنع بالأدلة الشرعية إلا حيث تؤيدها عنده الأدلة العقلية وهذا النوع من الناس يخشى عليه من الزيغ والعياذ بالله إذا كان لا يقبل الحق إلا بما عقله بعقله الفاسد فهذا خطر عليه ولهذا كان أقوى الناس إيمانا أعظمهم إذعانا للشرع أي للكتاب والسنة فإذا رأيت من نفسك الإذعان للكتاب والسنة والقبول والانقياد فهذا يبشر بخير وإذا رأيت من نفسك القلق على الأحكام الشرعية إلا حيث تكون مؤيدة عندك بالأدلة العقلية فاعلم أن في قلبك مرضا لقوله تعالى { وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم } بحيث لا يمكن أن يختاروا شيئا سوى ما قضاه الله ورسوله { ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا } وقوله { وجادلهم بالتي هي أحسن } وجاء في آية العنكبوت { ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم } فهؤلاء لا تلينوا معهم إذا كانوا ظالمين فقاتلوهم بالسيف حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون وعلى هذا فتكون المراتب أربعة الحكمة الموعظة المجادلة بالتي هي أحسن المجالدة بالسيوف لمن كان ظالما وقال تعالى { ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير }

173 -

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://abubaker.jordanforum.net
 
آداب عامة باب وجوب الانقياد لحكم الله تعالى وأخرى من 168 – إلى 173 / تابع ---
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  وجوب الانقياد لحكم الله تعالى Should be docility to the rule of God رياض الصالحين مترجما للإنجليزية باب وجوب الانقياد لحكم الله تعالى
»  وجوب الانقياد لحكم الله تعالى Should be docility to the rule of God رياض الصالحين مترجما للإنجليزية باب وجوب الانقياد لحكم الله تعالى
» آداب عامة باب وجوب أمر أهله وأولاده المميزين وسائر من في رعيته بطاعة الله تعالى ونهيهم عن المخالفة وتأديبهم ومنعهم عن ارتكاب منهى عنه وأخرى من 298 – إلى 318 / تابع ---
»  17- باب في وجوب الانقياد لحكم الله تعالى
» 17- باب في وجوب الانقياد لحكم الله تعالى

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الأصدقاء :: هدايات وإرشادات وتوجيهات إسلامية :: شرح رياض الصالحين - فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله - وأخرى-
انتقل الى: