كتاب الفضائل .. الجزء الثالث
215- باب فضل السِّواك وخصال الفطرة
باب فضل السواك وخصال الفطرة
1196 - عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لولا أن أشق على أمتي أو على الناس لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة متفق عليه .
1197 - وعن حذيفة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من النوم يشوص فاه بالسواك .
متفق عليه .
الشوص: الدلك .
1198 - وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كنا نعد لرسول الله صلى الله عليه وسلم سواكه وطهوره فيبعثه الله ما شاء أن يبعثه من الليل، فيتسوك، ويتوضأ ويصلي .
رواه مسلم .
1199 - وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثرت عليكم في السواك رواه البخاري .
1200 - وعن شريح بن هانئ قال: قلت لعائشة رضي الله عنها: بأي شيء كان يبدأ النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل بيته ؟ قالت: بالسواك .
رواه مسلم .
1201 - وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وطرف السواك على لسانه .
متفق عليه .
وهذا لفظ مسلم .
1202 - وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: السواك مطهرة للفم مرضاة للرب رواه النسائي، وابن خزيمة في صحيحه بأسانيد صحيحة .
وذكر البخاري رحمه الله في صحيحه هذا الحديث تعليقا بصيغة الجزم فقال: وقالت عائشة رضي الله عنها .
الشَّرْحُ
قال المؤلف رحمه الله في كتابه رياض الصالحين باب فضل السواك وسنن الفطرة .
السواك هو: التسوك وهو دلك الأسنان واللثة واللسان بعود الأراك هذا السواك المعروف هو عود الأراك، ويحصل الفضل بعود الأراك أو بغيره من كل عود يشابهه، والصحيح أنه يحصل أيضا بالخرقة أو بالإصبع لكن العود أفضل، والسواك ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فيه فائدتين عظيمتين كما في حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: السواك مطهرة للفم مرضاة للرب مطهرة للفم يعني: يطهر الفم من الأوساخ والأنتان وغير ذلك مما يضر وقوله للفم يشمل كل الفم الأسنان واللثة واللسان كما في حديث أبي موسى أنه دخل على النبي صلى الله عليه وسلم وطرف السواك على لسانه .
الفائدة الثانية: مرضاة للرب، أي أنه من أسباب رضا الله عن العبد أن يتسوك .
وللسواك مواضع يتأكد فيها وإلا فهو مسنون كل وقت لكن يتأكد في مواضع معينة منها إذا قام من النوم فإنه يسن له أن يستاك لحديث حذيفة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قام من الليل يشوص فاه بالسواك يعني يتسوك وكذلك يؤيده حديث عائشة أنهم كانوا يعدون له سواكه ووضوءه فإذا قام تسوك وتوضأ وصلى ما شاء الله ويسن عند القيام من النوم بالليل أو بالنهار لأن الفم يتغير فيسن أن يتسوك كذلك يسن إذا دخل الإنسان بيته أول ما يدخل يتسوك لأن عائشة سئلت أي شيء يبدأ به الرسول صلى الله عليه وسلم إذا دخل بيته قالت السواك .
ثالثا: يتسوك عند الصلاة ذهب ليصلي فريضة أو نافلة صلاة ذات ركوع أو سجود أو صلاة جنازة فإنه يسن أن يتسوك لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة يسن السواك أيضا بتأكد عند الوضوء ومحله عند المضمضة أو قبل أو بعد لكنه عند الوضوء كما جاء ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم .
وألحق العلماء رحمهم الله ما إذا تغير فمه بأكل أو شرب لبن أو نحوه مما له دسم، فإنه يسن أن يتسوك لأنه يطهر الفم، وعلى كل حال فالسواك سنة ويتأكد في مواضع ولكنه من حيث السنية مشروع كل وقت حتى للصائم بعد الزوال فإنه كغيره يسن له أن يتسوك وأما من كره ذلك من أهل العلم فقوله لا دليل عليه والصحيح أن الصائم يتسوك أول النهار والله الموفق
1203 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الفطرة خمس، أو خمس من الفطرة: الختان، والاستحداد، وتقليم الأظفار، ونتف الإبط، وقص الشارب متفق عليه الاستحداد: حلق العانة، وهو حلق الشعر الذي حول الفرج .
1204 - وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عشر من الفطرة: قص الشارب، وإعفاء اللحية، والسواك، واستنشاق الماء، وقص الأظفار، وغسل البراجم، ونتف الإبط، وحلق العانة، وانتقاص الماء قال الراوي: ونسيت العاشرة إلا أن تكون المضمضة قال وكيع وهو أحد رواته انتقاص الماء يعني: الاستنجاء رواه مسلم .
البراجم بالباء الموحدة والجيم، وهي: عقد الأصابع وإعفاء اللحية معناه: لا يقص منها شيئا .
1205 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أحفوا الشوارب وأعفوا اللحى متفق عليه .
الشَّرْحُ
ساق المؤلف رحمه الله أحاديث خصال الفطرة في باب فضل السواك وخصال الفطرة .
والفطرة يعني التي فطر الخلق على استحسانها وأنها من الخير والمراد بذلك الفطر السليمة لأن الفطر المنحرفة لا عبرة بها لقول النبي صلى الله عليه وسلم: كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه .
وذكر منها حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الفطرة خمس وفي لفظ خمس من الفطر فعلى اللفظ الأول يكون المعنى أن الفطرة هي هذه الخمس، وعلى الثاني يكون المعنى أن هذه الخمس من الفطرة وهناك أشياء أخرى غيرها من الفطرة، وهذا اللفظ أقرب إلى الواقع لأن الخمس التي ذكرت في حديث أبي هريرة يوجد شيء من الفطرة غيرها فيكون الأقرب أن لفظ الحديث خمس من الفطرة .
أما على اللفظ الأول على الحصر فقد يراد بذلك الفطرة تامة وأما الأخرى فتكون من الفطرة التي هي من مكملات الفطرة .
أولا: الختان: الذي يسمى عند الناس الطهارة وهو للرجال والنساء، أما الرجال فختانهم واجب، وأما النساء فختانهن سنة وليس بواجب وذلك أن الرجل إذا لم يختن وبقيت الجلدة التي فوق الحشفة فإنه يحتقن بها البول وتكون سببا في النجاسة لأنه إذا احتقن بها البول ثم حصل ضغط عليها خرج البول الذي صار بينها وبين الحشفة فتلوثت الثياب وتنجست ثم هي أيضا عند الكبر وعندما يصل الإنسان إلى حد الزواج يكون هناك مشقة شديدة عند الجماع فلذلك كان من الفطرة أن تقص هذه الجلدة ولهذا كان كثير من الكفار الآن يختتنون لا لأجل الطهارة والنظافة لأنهم نجس لكنهم يختتنون من أجل التلذذ عند الجماع وعدم المشقة هذه واحدة .
ومتى يكون الختان يكون الختان من اليوم السابع فما بعده، وكلما كان في الصغر فهو أفضل لأن ختان الصغير لا يكون فيه إلا الألم الجسمي دون الألم القلبي أما الكبير لو ختنا من له عشر سنوات مثلا فإنه يكون فيه ألم قلبي وجسمي ثم إن نمو اللحم ونبات اللحم وسرعة البرء في الصغار أكثر لهذا قال العلماء إن الختان في زمن الصغر أفضل وهو كذلك .
الثاني الاستحداد: يعني حلق العانة والعانة هي الشعر الخشن الذي ينبت حول القبل وهو من علامات البلوغ فمن الفطرة أن يحلق الإنسان هذا الشعر لأنه إذا طال فربما يتلوث بالنجاسة من أسفل أو من القبل ويحصل في ذلك وسخ وقذر ولأنه مضر وإن كان بعض الناس مثل البهائم يبقي العانة ويجعلها تزداد وتطول نسأل الله السلامة .
الثالث: قص الشارب: وهو الشعر النابت فوق الشفة العليا وحده: الشفة كل ما طال على الشفة العليا فهو شارب فهذا يحف لأن بقاءه & يكون فيه تلويث بما يخرج من الأنف من الأذى ثم عند الشرب أيضا يباشر الشعر المتلوث الماء فيقذره وربما يحمل ميكروبات مضرة وعلى كل حال فهو من السنة أهم شيء أنه من السنة والتقرب إلى الله عز وجل إذا حففته .
الرابع: قص الأظفار يعني تقليمها والمراد بذلك أظفار اليدين والرجلين ولا ينبغي أن نقص حتى يصل إلى اللحم لأن هذا يضر الإنسان وربما يحصل فيه خراج أو ما أشبه ذلك لكن نقصهما قصا معتدلا .
الخامس: نتف الإبط إذا كان فيه شعر فإنها تنتف ولا تقص ولا تحلق بل نتفها أولى لأن النتف يزيلها بالكلية ويضعف أصولها حتى لا تنبت فيما بعد وهذا أمر مطلوب شرعا .
هذه خمسة أشياء: الختان، الاستحداد، قص الشارب، تقليم الأظفار، نتف الإبط .
أما الختان فيفعل مرة واحدة وينتهي أمره، وهنا أنبه على مسألة وهي أن بعض الناس قد يولد مختونا، ليس له قلفة تجد الحشفة بارزة ظاهرة من حين أن يولد وشهدنا ذلك بأعيننا فهذا لا يختن ما بقى شيء يختن من أجله أما الأربع الباقية الاستحداد، قص الشارب تقليم الأظفار، نتف الإبط، فإنها لا تترك فوق أربعين يوما لأن النبي صلى الله عليه وسلم وقت لأمته بأن لا تترك هذه الأشياء فوق أربعين يوما فلها مدة محددة لا تتجاوزها، وأحسن ما يكون في ضبط الأربعين أن تجعل وقتا معينا، مثلا تقول أول جمعة من كل شهر أقوم بعملي هذا حتى لا تنسى لأنه أحيانا ينسى الإنسان وربما يمضي أربعون يوما، وخمسون يوما وما يذكر فإذا جعلت شيئا معينا بأن تقول مثلا أول جمعة من كل شهر أزيل هذه الأشياء الأربعة علمت الوقت ولكن هذا ليس بسنة إنما هو من أجل ضبط الوقت لفعل السنة وهو أن لا تتركها فوق الأربعين يوما .
ولا يحلق الشارب بالموسى حتى إن الإمام مالك رحمه الله قال: أرى أن يؤدب من حلق شاربه لأنه يشوه الخلقة ولأنه خلاف السنة السنة حفه أو تقصيره .
وفي الإبط الأصل النتف إلا أن بعض الناس يشق عليه النتف جدا فلا بأس من استخدام الأدهان وشبيهها .
1204 - وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عشر من الفطرة قص الشارب وإعفاء اللحية والسواك واستنشاق الماء وقص الأظفار وغسل البراجم ونتف الإبط وحلق الحانة وانتقاص الماء قال الراوي: ونسيت العاشرة إلا أن تكون المضمضة قال وكيع وهو أحد رواته انتقاص الماء يعني الاستنجاء رواه مسلم .
البراجم بالباء الموحدة والجيم وهي عقد الأصابع وإعفاء اللحية معناه لا يقص منها شيئا ..
1205 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أحفوا الشوارب وأعفوا اللحى متفق عليه .
الشَّرْحُ
هذه بقية خصال الفطرة، وقد سبق حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الفطرة خمس: الختان والاستحداد، وقص الشارب، وتقليم الأظفار، ونتف الإبط، وذكرنا أن الأربعة التي سوى الختان لا تترك فوق أربعين يوما لأن النبي صلى الله عليه وسلم وقت ذلك .
أما حديث عائشة ففيه أن الفطرة عشر خصال منها ما سبق في حديث أبي هريرة ومنها ما ذكر في حديث عائشة دون حديث أبي هريرة فمن ذلك إعفاء اللحية فإنه من الفطرة وفي حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بإعفاء اللحى .
واللحية قال أهل اللغة إنها شعر الوجه واللحيين يعني: العوارض وشعر الخدين فهذه كلها من اللحية وأما الشارب فقد سبق الكلام عليه وإعفاء اللحية يعني إرخاءها وإطلاقها وتركها على ما هي عليه هذا من الفطرة التي فطر الله الناس عليها وعلى استحسانها وعلى أنها من علامة الرجولة بل ومن جمال الرجولة، وعلى هذا فلا يجوز للإنسان أن يحلق لحيته فإن فعل فقد خالف طريق النبي صلى الله عليه وسلم وعصى أمره ووقع في مشابهة المشركين والمجوس لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: خالفوا المجوس أو المشركين وفروا اللحى وحفوا الشوارب ولم يكن الناس يعرفون هذا يعني لم يكن المسلمون يعرفون حلق اللحية بل كان بعض الغلاة الظلمة إذا أرادوا أن يعزروا شخصا حلقوا لحيته وهذا حرام عليهم لأنه لا يجوز التعزير بمحرم لكن يقاس به أنهم كانوا يعدون حلق اللحية مثلة وتعزيرا وعذابا أما بعد أن استعمر الكفار ديار المسلمين في مصر والشام والعراق وغيرها وأدخلوا على المسلمين هذه العادة السيئة وهي حلق اللحية صار الناس لا يبالون بحلقها بل كان الذي يعفي لحيته مستنكرا من بعض البلاد الإسلامية وهذه لا شك أنها معصية للرسول صلى الله عليه وسلم ومن يعص الرسول صلى الله عليه وسلم فقد عصى الله ومن يطع الرسول صلى الله عليه وسلم فقد أطاع الله وإذا ابتلى الإنسان بأحد من أقاربه يحلق لحيته فالواجب عليه أن ينصحه ويبين له الحق أما هجره فهذا حسب المصلحة إذا كان هجره يفيد في ترك المعصية فليهجره وإن كان لا يفيد أو لا يزيد الأمر إلا شدة فلا يهجره لأن الهجر دواء يستعمل حيث ينفع وإذا لم ينفع فإن الأصل تحريم هجر المؤمن لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يحل للمؤمن أن يهجر أخاه فوق ثلاث، يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام .
ومما زيد في هذا الحديث الاستنشاق، الاستنشاق من الفطرة لأنه تنظيف وإزالة لما في الأنف فهو طهارة والاستنشاق يكون في الوضوء ويكون في غير الوضوء كلما احتجت إلى تنظيف الأنف فاستنشق الماء ونظف أنفك وهذا يختلف باختلاف الناس من الناس من لا يحتاج إلى هذا إلا في الوضوء ومن الناس من يحتاج إليه كثيرا ومن ذلك أيضا أي من سنن الفطرة المضمضة فإنها من الفطرة لأن فيها تنظيف الفم والفم يحتاج إلى تنظيف لأنه يمر به الأكل والدهن وما أشبه ذلك فيحتاج إلى تنظيف فكانت المضمضة من خصال الفطرة .
ومن ذلك أيضا الاستنجاء وقد فسر وكيع انتقاص الماء بأنه الاستنجاء لأن الاستنجاء تنظيف وتطهير وإزالة أذى .
ومن ذلك أيضا غسل البراجم، والبراجم قال العلماء إنها مسقط الأصابع فإن مسقط الأصابع من الباطن يحتاج إلى تنظيف أكثر من ظاهرها لأن ظاهرها ممسوح ما فيه شيء يحتاج إلى تنظيف أكثر .
وفي هذا الحديث دليل على أن إعفاء اللحية مع كونه مخالفة للمشركين من خصال الفطرة فيندفع بذلك شبهة من شبه وقال: إن من الكفار اليوم من يعفي لحيته أفلا يليق بنا أن نخالفهم ونحلق اللحى ؟ انظر والعياذ بالله من الشيطان .
فنقول: إن إعفاءهم اللحى تبع للفطرة ونحن مأمورون بالفطرة وإذا شابهونا هم بالفطرة فإنا لا نمنعهم ولا ينفع أن نعدل عن الفطرة من أجل أنهم وافقونا فيها كما أنهم إذا وافقونا في تقليم الأظفار فإننا لا نقول نترك تقليم الأظفار بل نقلمها وهكذا بقية الفطرة إذا وافقنا فيها الكفار فإننا لا نعدل عنها والله الموفق .
ولنعلم أن الإكثار من استخدام الماء في الوضوء أو الغسل داخل في قول الله تعالى: ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين ولهذا قال الفقهاء رحمهم الله يكره الإسراف ولو كان على نهر جار فكيف إذا كان على مكائن تستخرج الماء فالحاصل أن الإسراف في الوضوء وغير الوضوء من الأمور المذمومة .
باب تأكيد وجوب الزكاة وبيان فضلها وما يتعلق بها
الشَّرْحُ
قال النووي رحمه الله في كتابه رياض الصالحين باب تأكيد وجوب الزكاة وبيان فضلها وما يتعلق بها .
الزكاة هي الركن الثالث من أركان الإسلام لقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنه: بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله , أن محمد رسول الله، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة والله سبحانه وتعالى يذكرها كثيرا مع الصلاة في القرآن الكريم، ولهذا اختلف العلماء رحمهم الله هل تاركها يكفر كما يكفر تارك الصلاة أم لا ؟ على قولين .
والزكاة هي: التعبد لله تعالى في دفع مال مخصوص من أموال مخصوصة هذا المال المخصوص مقدر: ربع العشر، نصف العشر، العشر .
وكذلك يدفع لطائفة مخصوصة كما سيأتي إن شاء الله والزكاة لها فوائد عظيمة منها تكميل إسلام العبد لأنها أحد أركان الإسلام وهي أفضل من الصدقة يعني لو أدى الإنسان مائة ريال زكاة أو مائة ريال صدقة تطوع كانت مائة ريال الزكاة أحب إلى الله عز وجل وأفضل ومنها أن الإنسان يخرج بها عن دارة البخلاء إلى دائرة الكرماء لأنها بذل مال والبخل إمساك المال فإذا بذلها الإنسان خرج من كونه بخيلا إلى كونه كريما ومنها مضاعفة الحسنات لأن الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله مثلهم كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة يعني: ريال بمائة ريال أو أكثر ومنها أن فيها جبرا لقلوب الفقراء ودفعا لحاجتهم وحماية من غضبهم لأن الفقراء إذا لم يعطوا من مال الأغنياء ربما يغضبون ويتجرءون ويكرهون الأغنياء ويرون أنهم في واد والأغنياء في واد والأمة الإسلامية أمة واحدة يجب أن يعتقد كل إنسان أنه لبنة في سور قصر مع إخوانه المسلمين لقول النبي صلى الله عليه وسلم: المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا ومنها أنها سبب في شرح الصدر لأن الإنسان كلما بذل شيئا من ماله شرح الله له صدره وهذا شيء مجرب وواقع لو يتصدق الإنسان بأدنى من واجب الزكاة لوجد في صدره انشراحا وفي قلبه محبة للخير ومنها أنها تطفئ غضب الرب وتدفع ميتة السوء وهذه فائدة عظيمة تدفع ميتة السوء يعني الإنسان يموت على أحسن حال وحسن الخاتمة أحسن الله لي ولكم الخاتمة أعز ما يكون على الإنسان لأنه وقت فراق الدنيا إلى الآخرة والشيطان أحرص ما يكون على بني آدم عند الموت لأنها هي الساعة الحاسمة إما من أهل النار أو من أهل الجنة وفي حديث ابن مسعود: إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخل النار وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها فالأعمال بالخواتيم والصدقة وعلى رأسها الزكاة تدفع ميتة السوء ومنها أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن كل امرئ في ظل صدقته يوم القيامة كل امرئ في ظل صدقته يوم القيامة فالناس تكون الشمس فوق رءوسهم قدر ميل وهؤلاء المتصدقون وعلى رأس صدقاتهم الزكاة يكونون في ظل صدقاتهم يوم القيامة .
وحكى لي بعض الصلحاء أن رجلا كان يمنع أهله من الصدقة من البيت يقول: لا تتصدقوا وفي يوم من الأيام نام ورأى في المنام كأن الساعة قد قامت ورأى فوق رأسه ظلا يظله من الشمس إلا أن فيه ثلاثة خروق يقول: فجاءت تمرات فسدت هذه الخروق فتعجب كيف الثوب متخرق وتجيء التمرات تسد الخروق فلما قصها على زوجته أخبرته أنها تصدقت بثوب وثلاث تمرات فكان الكساء الأول هو الثوب لكنه مخرق فجاءت التمرات الثلاث فسدت الخروق ففرح بذلك وأذن لها بعد هذا أن تتصدق بما شاءت فالحاصل أن هذه الرؤيا مصداق قول الرسول صلى الله عليه وسلم كل امرئ في ظل صدقته يوم القيامة ومنها أنها تلين القلب وصدقات التطوع تلين القلب حيث إن الإنسان يعطيها الفقراء المحتاجين فيلين قلبه ويرحمهم وفي ذلك تعرض لرحمة الله لأن الله إنما يرحم من عباده الرحماء ولها فوائد كثيرة قد يطول في المقام ذكرها .
وسيأتي إن شاء الله الكلام على الآيات التي ذكرها المؤلف والله الموفق .
قال الله تعالى: { وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة } وقال تعالى: { وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة } وقال تعالى: { خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها } .
الشَّرْحُ
قال النووي رحمه الله تعالى في كتابه رياض الصالحين باب تأكيد وجوب الزكاة وبيان فضلها وما يتعلق بها ثم ذكر آيات ثلاث الآية الأولى وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة فإقامة الصلاة أن تأتي بها مستقيمة على الوجه الذي ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم وإيتاء الزكاة هو إعطاؤها لمستحقها وقد سبق بيان معنى الزكاة وبيان فوائدها ما يسر الله تعالى .
ثم ذكر الآية الثانية وهي قوله تعالى: { وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة } { وما أمروا } يعني بذلك الناس { إلا ليعبدوا الله } أي يتذللوا له بالعبادة بكل ما تعبدهم به من عقيدة أو قول أو عمل { مخلصين له الدين } أي مخلصين له العمل وإخلاص العمل لله ألا يبتغي الإنسان شيئا بعلمه سوى الله عز وجل لا يبتغي به دنيا ولا جاها ولا رئاسة ولا غير ذلك لا يريد إلا ثواب الله وقوله { حنفاء } يعني مائلين عن الشرك إخلاص بلا إشراك وقوله { ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة } وهذا هو الشاهد في قوله { ويؤتوا الزكاة } وقوله { وذلك دين القيمة } { وذلك } أي عبادة الله تعالى مخلصين له الدين وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة { دين القيمة } أي دين الملة القيمة فهو العمل المرضي عند الله عز وجل وقال سبحانه { خذ من أموالهم صدقة } الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم { خذ من أموالهم صدقة } يعني بذلك الزكاة { تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم } تطهرهم من الذنوب والأخلاق الرذيلة أما كونها تطهر من الذنوب فلقوله صلى الله عليه وسلم: الصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار وأما كونها تطهر الأخلاق الرذيلة فلأنها تلحق الإنسان بالكرماء والمحسنين بما يبذله من أموال الزكاة لمستحقيها { وتزكيهم بها } أي تنمي أخلاقهم بعد التطهير من الأخلاق الرذيلة تنمي الأخلاق الفاضلة { وتزكيهم بها } تزكيهم أيضا دينا فهي تزكية دين وتزكية أخلاق { وصل عليهم } أي ادع لهم بالصلاة عليهم وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتاه قوما بصدقة قال لهم: اللهم صل عليهم امتثالا لأمر الله { إن صلواتك سكن لهم } صلاتك عليهم يعني دعاءك لهم بالصلاة مسكن لهم تسكن إليه نفوسهم وتطمئن قلوبهم وتنشرح صدورهم ويسهل عليهم بذل المال { والله سميع عليم } ففي هذه الآيات الثلاث دليل على وجوب الزكاة وأنها من أفضل الأعمال وسيأتي إن شاء الله الأحاديث .
1206 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وحج البيت وصوم رمضان متفق عليه .
1207 - وعن طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل نجد ثائر الرأس نسمع دوي صوته، ولا نفقه ما يقول، حتى دنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو يسأل عن الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خمس صلوات في اليوم والليلة قال: هل علي غيرهن ؟ قال: لا، إلا أن تطوع فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وصيام شهر رمضان قال: هل علي غيره، قال: لا، إلا أن تطوع قال: وذكر له رسول الله صلى الله عليه وسلم الزكاة فقال: هل علي غيرها قال: لا، إلا أن تطوع فأدبر الرجل وهو يقول: والله لا أزيد على هذا ولا أنقص منه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفلح إن صدق متفق عليه .
1208 - وعن ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث معاذا رضي الله عنه إلى اليمن فقال: ادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله تعالى افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم متفق عليه .
الشَّرْحُ
هذه الأحاديث الثلاثة ذكرها النووي رحمه الله في كتابه رياض الصالحين باب تأكيد وجوب الزكاة أما حديث ابن عمر رضي الله عنهما وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم: بني الإسلام ..
..
فقد تقدم الكلام عليه مفصلا ولا حاجة إلى إعادته وأما حديث طلحة بن عبيد الله في قصة الرجل النجدي الذي جاء ثائر الرأس يسمعون صوته ولا يفقهون ما يقول وسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإسلام فذكر له خمس صلوات وصيام رمضان والزكاة ولم يذكر شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله لعلمه صلى الله عليه وسلم بأنه قد نطقها وشهد بها لأنه جاء مسلما لكن يريد أن يستفسر عن تفاصيل بعض الأشياء وفيه قوله صلى الله عليه وسلم لهذا الرجل لما ذكر صلى الله عليه وسلم خمس صلوات وصيام رمضان والزكاة وقال الرجل هل علي غيرها قال: لا، إلا أن تطوع فدل هذا على أنه لا يجب في اليوم والليلة أكثر من خمس صلوات، فالوتر ليس بواجب لكنه سنة مؤكدة وتحية المسجد ليست بواجبة لكنها سنة مؤكدة وصلاة العيدين ليست بواجبة لكنها سنة مؤكدة وكذلك أيضا ما اختلف فيه العلماء .
هكذا ذهب بعض أهل العلم وجعل هذا الحديث أصلا في عدم وجوب ما ذكر ولكن عند التأمل تجد الحديث ليس فيه دليل على ذلك يعني أنه لا يدل على عدم وجوب تحية المسجد وعلى عدم وجوب صلاة العيد وما أشبهها لأن هذه الصلوات لها أسباب عارضة تجب بوجود أسبابها إلا أن القول الراجح أن تحية المسجد ليست بواجبة ولكنها سنة مؤكدة أما صلاة العيد فواجبة لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر حتى الحيض من النساء وذوات الخدور والعواتق أن يخرجن ويصلين إلا أن الحيض يعتزلن المصلى، وأما الوتر فنعم في الحديث دليل على أنه ليس بواجب لأن الوتر يتكرر يوميا فلو كان واجبا لبينه الرسول صلى الله عليه وسلم لهذا الرجل فالصواب أن الوتر سنة مؤكدة وليس بواجب لو تركه الإنسان لا يأثم لكن من داوم على تركه سقطت عدالته قال الإمام أحمد رحمه الله من ترك الوتر فهو رجل سوء لا ينبغي أن تقبل له شهادة .
وأما صيام رمضان تعم لا يجب على الإنسان أن يصوم غيره اللهم إلا إن نذر فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من نذر أن يطيع الله فليطعه .
وأما الزكاة فلا يجب غيرها أيضا في المال إلا ما كان له سبب كالنفقة على الزوجة والأقارب وما شابه ذلك مما له سبب معين يجب بوجوب السبب .
وأما قول الرجل لما أدبر والله لا أزيد على هذا ولا أنقص عاهد الله عهدا بيمين ألا يزيد على هذا ولا ينقص فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أفلح إن صدق، أفلح إن صدق وهذا دليل على أن الإنسان إذا اقتصر على الواجب في الشرع فإنه مفلح ولكن لا يعني هذا أنه لا يسن أن يأتي بالتطوع لأن التطوع تكمل به الفرائض يوم القيامة وكم من إنسان أدى الفريضة وفيها خلل وفيها خروق وفيها خدوش تحتاج إلى تكميل وإلى رتق الصدع .
أما حديث ابن عباس رضي الله عنهما في بعث النبي صلى الله عليه وسلم معاذا إلى اليمن فقد سبق الكلام عليه أيضا فلا حاجة إلى إعادته لكن فيه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: أعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم فهذا هو الشاهد في هذا الباب والله الموفق .
1209 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله متفق عليه .
1210 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان أبو بكر رضي الله عنه وكفر من كفر من العرب فقال عمر رضي الله عنه كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فمن قالها فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه، وحسابه على الله ؟ فقال أبو بكر: والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة فإن الزكاة حق المال والله لو منعوني عقالا كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعه، قال عمر رضي الله عنه: فوالله ما هو إلا أن رأيت الله قد شرح صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق متفق عليه ..
الشَّرْحُ
هذه الأحاديث التي ساقها المؤلف رحمه الله في كتابه رياض الصالحين في باب تأكيد وجوب الزكاة وبيان فضلها ذكر منها ما سبق الكلام عليه وذكر منها حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة .
قوله ( أمرت ) الآمر له هو الله عز وجل وفي هذا دليل على أن النبي صلى الله عليه وسلم عبد مأمور مكلف يؤمر وينهى كما يؤمر وينهى سائر الناس لأنه عبد من عباد الله عليه الصلاة والسلام ليس ربا ولا يملك شيئا من حقوق الربوبية بل هو عبد يؤمر وينهى وربما يحصل له أكبر من ذلك لقول الله تبارك وتعالى له عفا الله عنك لم أذنت لهم حتى يتبين لك الذين صدقوا وتعلم الكاذبين وكقوله تعالى { لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضاة أزواجك والله غفور رحيم } يعاتبه ربه عز وجل ويقول له سبحانه وتعالى { واتق الله وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه } فمن زعم أن محمدا صلى الله عليه وسلم له شيء من الربوبية وأن ينفع ويضر ويجيب الدعوة ويكشف السوء فقد أشرك بالله وكفر بمحمد صلى الله عليه وسلم .
يقول عليه الصلاة والسلام: أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة يقاتل من امتنع عن واحدة من هذه الأربع: من شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ومن إقامة الصلاة ومن إيتاء الزكاة يقاتلهم حتى يذعنوا ويرضخوا لهذه الأربع فإذا فعلوا ذلك يعني شهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله عز وجل يعني: إذا فعلوا ذلك فقد استسلموا ظاهرا فيعصمون دماءهم وأموالهم وحسابهم على الله، لأن من الناس من يقول أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويقيم الصلاة ويؤتي الزكاة وقلبه منطوي على الكفر ولهذا قال: حسابهم على الله فالمنافقون يقولون: لا إله إلا الله لكن لا يذكرون الله إلا قليلا ويقولون لرسول الله صلى الله عليه وسلم نشهد إنك لرسول الله ويقيمون الصلاة ولكن لا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى ويتصدقون ولكن لا ينفقون إلا وهم كارهون ومع ذلك قلوبهم منطوية على الكفر نسأل الله العافية ولهذا قال: وحسابهم على الله عز وجل .
ثم ذكر رحمه الله حديث أبي هريرة رضي الله عنه في تحاور أبي بكر الصديق رضي الله عنه الخليفة الأول لرسول الله صلى الله عليه وسلم وعمر بن الخطاب الخليفة الثاني لرسول الله صلى الله عليه وسلم في مسألة دينية مع أن كل واحد منهما يحب الآخر حبا عظيما لكن هذه المحبة لا تمنع من المحاورة والمراجعة الدينية لأن الدين فوق كل شيء لما كان أبو بكر رضي الله عنه بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم باختيار الصحابة له أن يكون الخليفة بعد الرسول وكذلك بإشارة الرسول صلى الله عليه وسلم إليه حيث خلفه عنه في الحج وهي إمامة كبرى بالنسبة للناس وفي الصلاة وهي إمامة صغرى لأن أمير الحج يؤم من الناس أكثر ما يؤمه أمير المسجد خلفه النبي صلى الله عليه وسلم إماما للمسجد حين مرض وخلفه في الحج بالناس عام تسع من الهجرة واتفق الصحابة بعد موت الرسول صلى الله عليه وسلم على أن الخليفة من بعده أبو بكر ارتد من ارتد من العرب والعياذ بالله وقد أشار الله إلى ذلك في قوله { وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم } وقد حصل ارتد من ارتد من العرب ومنعوا الزكاة وكفروا بالله فقاتلهم أبو بكر رضي الله عنه فحاوره عمر قال: كيف تقاتل الناس ؟ وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله وهذا هو الذي سمعه عمر من النبي صلى الله عليه وسلم وإلا فإن ابنه سمع من الرسول أكثر من ذلك، سمع من الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة لكن عمر روى ما سمع: ( حتى يقولوا لا إله إلا الله ) فقال أبو بكر: ( والله لأقاتلن من فرق بين الزكاة والصلاة، الزكاة حق المال، والله لو منعوني عقالا يعني عقال بعير كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على ذلك ) وهذا دليل على حزمه رضي الله عنه حزم أبي بكر مع أنه ألين من عمر لكن في مواقف الشدة والضيق يكون أبو بكر أحزم من عمر .
نضرب لكم أمثلة منها هذا المثال: عمر رأى ألا يقاتل الناس لكن بعد مراجعة أبي بكر له علم أنه الحق لما رأى أن الله قد شرح صدر أبي بكر للقتال وهو الخليفة من بعد الرسول عرف أنه الحق إذ إن الله سبحانه وتعالى لم يشرح صدر هذا الخليفة الراشد ( أول خليفة في الأمة الإسلامية ) إلا لحق عرف أنه الحق لما شرح الله صدر أبي بكر له هذا موقف صار أبو بكر أجلد من عمر وأشد وأثبت .
والموضع الثاني: لما مات الرسول صلى الله عليه وسلم أظلمت المدينة واضطرب الناس وصار يوما عظيما واجتمع الناس في المسجد وقام عمر وقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يمت ولكنه صعد يعني غشي عليه وليبعثنه الله فليقطعن أيدي رجال وأرجلهم اهتز قلبه يقولها بجد وحزم وكان أبو بكر رضي الله عنه حين مات الرسول صلى الله عليه وسلم خارج المدينة في حائط له فذهبوا فأخبروه أخبروا أبا بكر فجاء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وكشف عن وجهه وقد غطي عليه الصلاة والسلام كشف عن وجهه وقبله وقال: بأبي أنت وأمي طبت حيا وميتا والله لا يجمع الله عليك موتتين أما الموتة الأولى فقد متها ثم خرج إلى الناس وإذا عمر يتكلم ينكر ويقول: ( ما مات غشي عليه وليبعثنه الله ) فقال أبو بكر: ( على رسلك ) يعني أرفق فجلس عمر أو بقي قائما فصعد أبو بكر المنبر وخطب الناس خطبة عظيمة بليغة في هذا المقام الضنك قال: ( أما بعد أيها الناس من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات رضي الله عنه وهو أشد الناس فجيعة به ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت ثم تلا قوله تعالى: { إنك ميت وإنهم ميتون } وقوله تعالى: { وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا } يقول عمر: ( حتى عثرت فما تقلني رجلاي يعني: لا يقدر أن يقف فجلس لأنه علم أن هذا هو الحق فانظر إلى ثبات أبي بكر في هذا المقام .
أما الموضع الثالث: فهو في صلح الحديبية صلح الحديبية فيه شروط ظاهرها أنه فيه غضاضة على المسلمين منها: أن من جاء من قريش مسلما انتبه من جاء من قريش مسلما رده الرسول إلى قريش ومن ذهب من المسلمين إلى قريش فلا يلزمهم رده .
هذا الشرط ظاهره أنه إجحاد عجز عمر فلا يقدر على هذا فقال: ( يا رسول الله كيف ؟ كيف ؟ من خرج منهم مسلما وجاء مهاجرا إلينا نرده، ومن ذهب منا لا يردونه كيف نعطي الدنية في ديننا ألسنا على الحق وعدونا على الباطل قال: بلى لكن هذا أمر الله وأنا عبد الله ورسوله ولن أعصي الله وسينصرنا الله عز وجل فعجز عمر فذهب إلى أبي بكر يستنجد به لعله يشير على الرسول صلى الله عليه وسلم بعدم الموافقة فكان جواب أبي بكر رضي الله عنه كجواب الرسول صلى الله عليه وسلم حرفا بحرف مواقف عظيمة في هذا المقام الضنك قال: إنه لرسول الله وإن الله ناصره فاستمسك بغرزه يقول لعمر يعني: احذر أن تخالفه فإنه على الحق .
في هذه المواقف الثلاثة العظيمة تبين ثبات أبي بكر رضي الله عنه وأنه أثبت الصحابة وأحق الصحابة بالخلافة وأحزمهم وأعقلهم وهكذا يتبين حال الإنسان الثابت الذي ينظر إلى الأمور من بعيد ويسبر غورها والإنسان الذي عنده غيرة لكنه لا يريد أن يتعجل فالتعجل قد يكون فيه غرر .
المهم من هذا الحديث أو الفائدة منه في هذا الباب الذي بوبه النووي رحمه الله في رياض الصالحين أن من امتنع عن الزكاة وجب على الإمام قتاله حتى يؤدي الزكاة والله الموفق .
1211 - وعن أبي أيوب رضي الله عنه أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أخبرني بعمل يدخلني الجنة، قال: تعبد الله ولا تشرك به شيئا وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصل الرحم متفق عليه .
1212 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن أعرابيا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله دلني على عمل إذا عملته دخلت الجنة قال: تعبد الله ولا تشرك به شيئا وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة المفروضة وتصوم رمضان قال: والذي نفسي بيده لا أزيد على هذا فلما ولى قال النبي صلى الله عليه وسلم: من سره أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا متفق عليه .
1213 - وعن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال: بايعت النبي صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم متفق عليه .
الشَّرْحُ
هذه الأحاديث الثلاثة في باب تأكيد وجوب الزكاة وبيان فضلها حديث أبي أيوب وأبي هريرة وجرير وكلها تدل على ما سبق من أن إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة من فرائض الإسلام وفي حديث أبي أيوب زيادة وتصل الرحم والرحم: هم القرابة من جهة الأب أو من جهة الأم وصلتهم بما جرى به العرف والعادة لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يبين كيفية الصلة، وكل شيء جاء في الكتاب والسنة ولم يبين فإن مرجعه إلى عادة الناس وعرفهم وهذا يختلف باختلاف الأحوال واختلاف الأزمان واختلاف البلدان ففي حالة الحاجة والفقر وشدة المؤونة تكون صلتهم بإعطائهم ما يتيسر من المال وما يسد حاجتهم وكذلك إذا كان هناك مرضي في القرابة فإن صلتهم أن تعودهم وتتكرر عليهم بحسب ما فيهم من مرض وبحسب القرابة , وإذا كانت الأمور ميسرة وليست هناك حاجة كما في عرفنا اليوم، فإنه يكفي أن تصلهم بالهاتف أو بالمكاتبة أو في المناسبات البعيدة كالأعياد وغير ذلك، والمهم أن صلة الرحم واجبة، ولكن غير محددة في الشرع فيرجع فيها على ما جرى به العرف وتعارفه الناس بينهم وأما في حديث جرير بن عبد الله ففيه زيادة على ما سبق من إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة النصح لكل مسلم أن الإنسان ينصح لكل مسلم بحيث يعامله كما يعامل نفسه وكما يحب أن يعامله الناس فلا يشتمه ولا يقذفه ولا يخدعه ولا يغشه ولا يخونه ويكون له ناصحا من كل وجه وإذا استشاره في شيء وجب عليه أن يشير عليه بما هو الأصلح له في دينه ودنياه وقد ذكر أن جرير بن عبد الله رضي الله عنه حينما بايع النبي صلى الله عليه وسلم على هذه البيعة النصح لكل مسلم ذكر عنه أنه اشترى فرسا من شخص بثمن ثم إنه لما ركبه ورأى الفرس لقاه جيدا فرجع إلى البائع وقال: ( إن فرسك هذا يساوي أكثر فزاده إلى أن زاده قسطا بثمن الأول مرة أو مرتين ) لأنه بايع النبي صلى الله عليه وسلم على ( النصح لكل مسلم ) فعلى المرء أن يكون واصلا لرحمه وأن يكون ناصحا لإخوانه المسلمين وفي حديث تميم الداري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الدين النصيحة ثلاث مرات قالوا: لمن ؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم والله الموفق
1214 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من صاحب ذهب، ولا فضة، لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار، فأحمي عليها في نار جهنم، فيكوى بها جنبه، وجبينه، وظهره، كلما بردت أعيدت له في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يقضى بين العباد فيرى سبيله، إما إلى الجنة وإما إلى النار .
قيل: يا رسول الله فالإبل ؟ قال: ولا صاحب إبل لا يؤدي منها حقها، ومن حقها، حلبها يوم وردها إلا إذا كان يوم القيامة بطح لها بقاع قرقر أوفر ما كانت، لا يفقد منها فصيلا واحدا، تطؤه بأخفافها، وتعضه بأفواهها، كلما مر عليه أولاها، رد عليه أخراها، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يقضي بين العباد، فيرى سبيله، إما إلى الجنة وإما إلى النار .
قيل: يا رسول الله فالبقر والغنم ؟ قال: ولا صاحب بقر ولا غنم لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة، بطح لها بقاع قرقر، لا يفقد منها شيئا ليس فيها عقصاء، ولا جلحاء ولا عضباء تنطحه بقرونها وتطؤه بأظلافها كلما مر عليه أولاها رد عليه أخراها في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضى بين العباد، فيرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار .
قيل: يا رسول الله فالخيل ؟ قال: الخيل ثلاثة: هي لرجل وزر، وهي لرجل ستر، وهي لرجل أجر، فأما التي هي له وزر فرجل ربطها رياء وفخرا ونواء على أهل الإسلام، فهي له وزر وأما التي هي له ستر فرجل ربطها في سبيل الله ثم لم ينس حق الله في ظهورها ولا رقابها فهي له ستر وأما التي هي له أجر فرجل ربطها في سبيل الله لأهل الإسلام في مرج أو روضة فما أكلت من ذلك المرج أو الروضة من شيء إلا كتب له عدد ما أكلت حسنات وكتب له عدد أرواثها وأبوالها حسنات ولا تقطع طولها فاستنت شرفا أو شرفين إلا كتب الله له عدد آثارها وأرواثها حسنات ولا مر بها صاحبها على نهر فشربت منه ولا يريد أن يسقيها إلا كتب الله له عدد ما شربت حسنات .
قيل: يا رسول الله فالحمر ؟ قال: ما أنزل علي في الحمر شيء إلا هذه الآية الفاذة الجامعة { فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره } متفق عليه .
وهذا لفظ مسلم .
ومعنى القاع: المكان المستوى من الأرض الواسع والقرقر: الأملس .
الشَّرْحُ
هذا الحديث الذي أورده المؤلف رحمه الله في باب تأكيد وجوب الزكاة وبيان فضلها وهو حديث أبي هريرة الذي أخرجه مسلم مطولا فيه ذكر النبي صلى الله عليه وسلم الذهب والفضة والإبل والبقر والغنم والخيل والحمر وذكر حكم كل منها عليه الصلاة والسلام وهكذا كان صلى الله عليه وسلم يبين للناس بيانا شافيا كافيا حتى ترك أمته وقد أكلم به لله الدين وأتم به النعمة على المؤمنين فقال صلى الله عليه وسلم: ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار فأحمى عليها في نار جهنم فيكوى به جنبه وجبينه وظهره كلما بردت أعيدت في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضى بين العباد، ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار فالذهب والفضة تجب الزكاة في أعيانهما في كل حال، فالزكاة واجبة في أعيان الذهب والفضة في كل حال سواء أعدها الإنسان للنفقة أو للزواج أو لشراء بيت يحتاج إلى سكناه أو شراء سيارة يحتاج إلى ركوبها أو ادخرهما ليستكثر بهما المال أو غير ذلك ففيهما الزكاة تجب على كل حال حتى ذهب المرأة الذي تلبسه والفضة التي تلبسها تجب عليها الزكاة تجب الزكاة فيها على كل حال لكن لابد من بلوغ النصاب وهو في الذهب خمسة وثمانون جراما ونصف جرام، والفضة خمسمائة وخمسة وتسعون جراما، فإذا كان عند الإنسان من الفضة هذا المقدار ومن الذهب ذلك المقدار وجب عليه الزكاة على كل حال فإن لم يفعل فجزاؤه ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم: إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار لا من ذهب وفضة، من نار والعياذ بالله قطع نارية ويحمي عليها في نار جهنم ونار جهنم فضلت على نار الدنيا كلها بتسعة وستين جزءا نار الدنيا كلها حتى نار الغاز وما هو أشد حرارة نار جهنم فضلت عليها بتسعة وستين جزءا نسأل الله أن يجيرنا وإياكم منها يحمى عليها في نار جهنم فيكوى به جنبه يعني الجنب الأيمن والأيسر وجبينه يعني وجهه وظهره واضح معناه كلما بردت أعيدت لا تبقى حتى تبرد وتسكت عنه، كلما بردت أعيدت في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، ليس ساعة ولا ساعتين ولا شهرا ولا شهرين ولا سنة ولا سنتين خمسون ألف سنة وهو يعذب هذا العذاب والعياذ بالله حتى يقضى بين العباد ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار نسأل الله العافية .
وعلى هذا يكون هذا الحديث كالتفسير لقول الله تعالى: والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم ومعنى يكنزونها أي: لا يؤدون زكاتها، كما فسرها بذلك أهل العلم من الصحابة والتابعين ومن بعدهم لأن ما لا يؤدى زكاته فهو كنز، ولو كان على رؤوس الجبال، وما تؤدى زكاته فليس بكنز ولو كان في باطن الأرض فالكنز ما لا تؤدى زكاته .
{ يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم } وهذا عذاب وألم جسدي ويعذبون عذابا قلبيا فيقال لهم { هذا ما كنزتم لأنفسكم فذقوا ما كنتم تكنزون } فيحصل لهم العذاب الجسدي والعذاب القلبي بالتوبيخ والتأنيب فكيف يكون قلبه في تلك الساعة وهو يقال له هذا ما كنزت لنفسك سيتقطع قلبه ألم جسدي وألم قلبي والعياذ بالله هذا جزاء من لا يؤدي الزكاة من الذهب أو الفضة وما قام مقام الذهب والفضة بالنقدية فله حكمه وعلى هذا فمن عنده أوراق تساوي هذا المبلغ من الذهب والفضة فعليه أن يزكي عنها ومعاملة الناس الآن في غالب الدول كلها بالأوراق فئة ريال فئة خمسة فئة عشرة ..
..
هذه الأوراق تقوم مقام الذهب والفضة لأنها جعلت بدلا عنها في التعامل بين الناس فإذا ملك الإنسان أوراقا تساوي هذا القدر من الفضة فعليه زكاته يعني تساوي ( 56 ) ريالا عربيا من الفضة فعليه الزكاة، ومعلوم أن الفضة ترتفع أحيانا وتنزل أحيانا، فيقدر قيمتها إذا وجبت عليه الزكاة فإذا بلغت النصاب أي ( 56 ) ريالا من الفضة فعليه زكاته، ومقدار الزكاة ربع العشر .
ثم ذكر النبي صلى الله عليه وسلم الإبل والبقر والغنم وجعل من حق الإبل حلبها يوم وردها إذا وردت على الماء فإنها تحلب وجرت العادة أنهم يحلبونها ويتصدقون بها على الحاضرين هذا من حقها لأن الإبل روايا كبيرة فيها ألبان فإذا وردت الماء درت وإذا درت صار فيها فضل كبير من اللبن فإذا جاء الفقراء يوزع عليهم هذا من حقها .
وذكر عليه الصلاة والسلام الخيل وأنها ثلاثة أنواع أجر وستر ووزر .
أما الحمر فإنه قال: لم ينزل علي فيها شيء، إلا هذه الآية الجامعة الفاذة { فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره } فإن استعملت الحمير في خير فهو خير وإن استعملتها في شر فهي شر والله أعلم .
باب وجوب صوم رمضان وبيان فضل الصيام وما يتعلق به
1215 -