1558- وعن أبي برّزَةَ نَضلَةَ بْنِ عُبيْدٍ الأسلمِيِّ رضي اللَّه عنْهُ قال : بينما جاريةٌ على ناقَةٍ علَيها بعضُ متَاع القَوْمِ ، إذْ بَصُرَتْ بالنبيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم وتَضايَقَ بهمُ الجَبلُ ، فقالتْ : حَلْ ، اللَّهُم العنْها فقال النبيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « لا تُصاحِبْنا نَاقَةٌ عليها لعْنةٌ » رواه مسلم .
قوله : « حلْ » بفتح الحاءِ المُهملةِ ، وإسكان اللاَّم ، وهَي كلِمةٌ لزَجْرِ الإبلِ.
واعْلَم أنًَّ هذا الحديث قد يُسْتَشْكلُ معْنَاهُ ، وَلا إشْكال فيه ، بل المُرادُ النَّهيُ أنْ تُصاحِبَهُمُ تِلك النَّاقَةُ ، وليس فيه نهيٌ عن بيْعِها وذَبْحِهَا وَرُكُوبِها في غَيْرِ صُحْبةِ النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم بلْ كُلُّ ذلك وَما سوَاهُ منَ التَّصرُّفاتِ جائِزٌ لا منْع مِنْه ، إلاَّ مِنْ مُصاحبَتِهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم بِها ، لأنَّ هذِهِ التَّصرُّفاتِ كُلِّهَا كانتْ جائزة فمُنع بْعضٌ مِنْها ، فبَقِي الباقِي على ما كَانَ . واللَّه أعْلَمُ.
كتاب الأمور المنهي عنها ... الجزء الثاني
265- باب جواز لَعْن بعض أصحاب المعاصي غير المُعَيّنِين
وَثَبت في الصَّحيحِ أن رسُول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال : « لعَنَ اللَّه الوَاصِلَةَ والمُسْتَوصِلةَ » وأنَّهُ قال: « لعَنَ اللَّه آكِلَ الرِّبا » وأنَّهُ لَعَنَ المُصَوِّرين ، وأنَّه قال : « لعنَ اللَّه مَنْ غَيَّر منارَ الأرْض » أيْ : حُدُودها ، وأنَّهُ قال : «لَعنَ اللَّه السَّارِقَ يَسرِقُ البيضَة » وأنهُ قال : «لَعنَ اللَّه مَنْ لعن والِديْهِ » « وَلَعَنَ اللَّه مَنْ ذبح لِغيْرِ اللَّه » وأنهُ قال : « منْ أحْدَثَ فِيها حدثاً أوْ آوى محدِثاً ، فَعليّهِ لَعْنَةُ اللَّهِ والملائِكَةِ والنَّاسِ أجْمعِينَ » وأنَّهُ قالَ : « اللَّهُمَّ العنْ رِعْلاً، وذَكوانَ وَعُصيَّةَ ، عصَوا اللَّه ورَسُولَهُ » وَهذِهِ ثلاثُ قبائِل مِنَ العَرَبِ وأنَّه قال : «لَعنَ اللَّه اليهودَ اتخَذُوا قُبورَ أنبيَائِهم مسَاجِدَ » وأنَّهُ « لَعن المُتشبهِينَ مِنَ الرِّجالِ بِالنِّساءِ ، والمتشَبِّهَاتِ مِنَ النِّسَاءِ بالرِّجالِ » .
وَجَميعُ هذِهِ الألفاظِ في الصحيحِ ، بعْضُهَا في صحيحي البخاري ومسلمٍ ، وبعْضُها في أحدِهِمَا ، وإنَّما قَصدْتُ الاختصَار بِالإشارةِ إليْهَا ، وسأذكرُ مُعظَمَهَا في أبوابها مِنْ هذا الكتاب ، إن شاءَ اللَّه تعالى .
266- باب تحريم سَبّ المسلم بغير حقّ
قال اللَّه تعالى: { والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإثماً مبيناً } .
1559- وعنِ ابنِ مَسعودٍ رضي اللَّه عَنهُ قال : قال رسُولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « سِباب المُسْلِمِ فُسوقٌ ، وقِتَالُهُ كُفْرٌ » متفقٌ عليه .