34- باب الوصية بالنساء
قال اللَّه تعالى: { وعاشروهن بالمعروف } .
وقال تعالى: { ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة، وإن تصلحوا وتتقوا فإن اللَّه كان غفوراً رحيماً } .
273- وعن أبي هريرة رضي اللَّه عنه قال : قال رسول ُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : «اسْتوْصُوا بِالنِّساءِ خيْراً ، فإِنَّ المرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ ، وَإِنَّ أَعْوجَ ما في الضِّلعِ أَعْلاهُ ، فَإِنْ ذَهبتَ تُقِيمُهُ كَسرْتَهُ ، وإِنْ تركتَهُ ، لمْ يزلْ أَعوجَ ، فاستوْصُوا بِالنِّسَاءِ » متفقٌ عليه .
وفي رواية في الصحيحين:« المرْأَةُ كالضلعِ إِنْ أَقَمْتَها كسرْتَهَا ، وإِنِ استَمتعْت بِهَا،اسْتَمتعْت وفِيها عَوجٌ » .
وفي رواية لمسلمٍ : « إِنَّ المرْأَةَ خُلِقتْ مِن ضِلَعٍ ، لَنْ تَسْتقِيمَ لكَ علَى طريقةٍ ، فَإِنْ استمتعْت بِهَا ، اسْتَمتَعْتَ بِهَا وفِيها عَوجٌ ، وإِنْ ذَهَبْتَ تُقيمُها كسرتَهَا ، وَكَسْرُهَا طلاقُها» .
قولُهُ : « عوجٌ » هو بفتح العين والواو .
274- وعن عبد اللَّه بن زَمْعَةَ رضي اللَّهُ عنه ، أَنه سمعَ النبيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يخْطُبُ ، وذكَر النَّاقَةَ والَّذِى عقَرهَا ، فقال رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « إِذِ انْبعث أَشْقَاهَا » انْبعثَ لَها رَجُلٌ عزِيزٌ، عارِمٌ منِيعٌ في رهْطِهِ » ثُمَّ ذكَرَ النِّساءَ ، فَوعظَ فِيهنَّ ، فَقالَ : « يعْمِدُ أَحَدكُمْ فيجْلِدُ امْرأَتَهُ جلْد الْعَبْدِ فلَعلَّهُ يُضاجعُهَا مِنْ آخِر يومِهِ » ثُمَّ وَعَظهُمْ في ضحكهِمْ مِن الضَّرْطَةِ وقال : «لِمَ يضحكُ أَحَدَكُمْ مِمَّا يفعلُ ؟ » متفق عليه .
« وَالْعارِمُ » بالعين المهملة والراءِ : هُو الشِّرِّيرُ المُفْسِد ، وقولُه : « انبعثَ »، أَيْ : قَامَ بسرعة .
275- وعن أبي هريرة رضي اللَّه عنه قال : قال رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « لا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً إِنْ كَرِه مِنها خُلقاً رضِيَ مِنْها آخَرَ » أَوْ قَالَ : « غيْرَهُ » رواه مسلم.
وقولُهُ : « يفْركْ » هو بفتحِ الياءِ وإِسكانِ الفاءِ معناه : يُبغضُ ، يقَالُ : فَركَتِ المرْأَةُ زَوْجَهَا ، وفَرِكَهَا زَوْجُها ، بكسر الراءِ ، يفركُها بفتحهَا : أَيْ : أَبغضهَا ، واللَّه أعلم .
276- وعن عَمْرو بنِ الأَحْوَصِ الجُشميِّ رضي اللَّه عنه أَنَّهُ سمِعَ النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم في حَجِّةِ الْوَداع يقُولُ بعد أَنْ حَمِدَ اللَّه تعالى ، وَأَثنَى علَيْهِ وذكَّر ووعظَ ، ثُمَّ قال: « أَلا واسْتَوْصوا بِالنِّساءِ خَيْراً ، فَإِنَّمَا هُنَّ عَوانٍ عَنْدَكُمْ لَيْس تمْلكُونَ مِنْهُنَّ شَيْئاً غيْرَ ذلِكَ إِلاَّ أَنْ يأْتِينَ بِفَاحشةٍ مُبيِّنةٍ ، فإِنْ فَعلْنَ فَاهْجُروهُنَّ في المضَاجعِ ، واضْربُوهنَّ ضَرْباً غيْر مُبرِّحٍ ، فإِنْ أَطعنَكُمْ فَلا تبْغُوا عَلَيْهِنَّ سبيلا ، أَلا إِنَّ لَكُمْ عَلَى نِسائِكُمْ حَقًّا ، ولِنِسائِكُمْ عَلَيْكُمْ حقًّا، فَحَقُّكُمْ عَلَيْهنَّ أَن لا يُوطِئْنَ فُرُشكمْ منْ تَكْرهونَ ، وَلا يأْذَنَّ في بُيُوتكمْ لِمن تكْرهونَ ، أَلا وحقُّهُنَّ عَلَيْكُمْ أَن تُحْسنُوا إِليْهنَّ في كِسْوتِهِنَّ وَطعامهنَّ».
رواه الترمذى وقال : حديث حسن صحيحٌ .
قوله صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم « عوانٍ » أَيْ : أَسِيرَاتٌ ، جمْعُ عانِيةٍ ، بِالْعَيْنِ المُهْمَلَةِ ، وهى الأَسِيرَةُ ، والْعانِي : الأَسِيرُ . شَبَّهَ رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم المرْأَةَ في دُخُولَهَا تحْتَ حُكْم الزَّوْجِ بالأَسيرِ «والضرْبُ المُبرِّحُ » : هُوَ الشَّاقُّ الشديدُ ، وقوله صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً » أَيْ : لا تَطلُبوا طرِيقاً تحْتجُّونَ بِهِ عَلَيْهِنَّ وَتُؤذونهنَّ بِهِ، واللَّه أعلم .
277- وعن مُعَاويَةَ بنِ حَيْدةَ رضي اللَّه عنه قال : قلتُ : يا رسول اللَّه ما حَقُّ زَوْجَةِ أَحَدنَا عَلَيْهِ ؟ قال : « أَن تُطْعمَها إِذَا طَعِمْتَ ، وتَكْسُوهَا إِذَا اكْتَسيْتَ ولا تَضْربِ الْوَجهَ، وَلا تُقَبِّحْ ، ولا تَهْجُرْ إِلاَّ في الْبَيْتِ » حديثٌ حسنٌ رواه أَبو داود وقال : معنى « لا تُقَبِّحْ» أَى : لا تقُلْ قَبَّحَكِ اللَّه .
278- وعن أبي هريرة رضي اللَّه عنه ، قال : قال رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « أَكْمَلُ المُؤْمنين إِيمَاناً أَحْسنُهُمْ خُلُقاً ، وَخِياركُمْ خيارُكم لِنِسَائِهِم » رواه التِّرمذي وقال : حديثٌ حسنٌ صحيحٌ .
279- وعن إِياس بنِ عبدِ اللَّه بنِ أبي ذُباب رضي اللَّه عنه قال : قال رسولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: « لاَ تَضْربُوا إِمَاءَ اللَّهِ » فَجاءَ عُمَرُ رضي اللَّه عنه إلى رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم، فَقَالَ : ذَئِرْنَ النِّساءُ عَلَى أَزْواجهنَّ ، فَرَخَّصَ في ضَرْبهِنَّ فَأَطاف بِآلِ رسولِ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم نِساءٌ كَثِيرٌ يَشْكونَ أَزْواجهُنَّ ، فقال رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « لَقَدْ أَطَافَ بآلِ بَيْت مُحمَّدٍ نِساءٌ كَثيرِ يشْكُونَ أَزْوَاجَهُنَّ لَيْسَ أُولِئك بخيارِكُمْ » رواه أبو داود بإسنادٍ صحيح .
280- وعن عبدِ اللَّه بنِ عمرو بن العاص رضي اللَّه عنهما أَن رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال : «الدُّنْيَا مَتَاعٌ ، وَخَيْرُ مَتاعهَا المَرْأَةُ الصَّالحةُ » رواه مسلم .
شروح الباب
شرح باب الوصية بالنساء
باب حق الزوج على المرأة
استمع إلى باب حق الزوج على المرأة بصوت الشيخ أحمد القطان
35- باب حق الزوج على المرأة
قال اللَّه تعالى: { الرجال قوامون على النساء بما فضل اللَّه بعضهم على بعض، وبما أنفقوا من أموالهم. فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ اللَّه } .
وأما الأحاديث فمنها حديث عمرو بن الأحوص السابق (انظر الحديث رقم 276) في الباب قبله.
281- وعن أبي هريرة رضي اللَّه عنه قال : قال رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « إِذَا دعَا الرَّجُلُ امْرأَتَهُ إِلَى فِرَاشِهِ فلَمْ تَأْتِهِ فَبَات غَضْبانَ عَلَيْهَا لَعَنتهَا الملائكَةُ حَتَّى تُصْبحَ» متفقٌ عليه .
وفي رواية لهما : « إِذَا بَاتَتْ المَرْأَةُ هَاجِرَةً فِرَاشَ زَوْجهَا لَعنتْهَا المَلائِكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ ».
وفي روايةٍ قال رسولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : «والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا مِن رَجُلٍ يَدْعُو امْرَأَتَهُ إِلَى فِرَاشِهِ فَتَأْبَى عَلَيْهِ إِلاَّ كَانَ الَّذي في السَّماءِ سَاخِطاً عَلَيْهَا حَتَّى يَرْضَى عَنْها » .