52- باب فضل الرجاء
قال اللَّه تعالى إخباراً عن العبد الصالح: { وأفوض أمري إلى اللَّه إن اللَّه بصير بالعباد، فوقاه اللَّه سيئات ما مكروا } .
440- وعن أبي هريرة ، رضيَ اللَّه عنه ، عن رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم أَنَّهُ قال : « قالَ اللَّه ، عَزَّ وَجلَّ ، أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدي بي ، وأَنَا مَعَهُ حَيْثُ يَذْكُرُني ، وَاللَّهِ للَّهُ أَفْرَحُ بتَوْبةِ عَبْدِهِ مِنْ أَحَدِكُمْ يجدُ ضالَّتَهُ بالْفَلاةِ ، وَمَنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ شِبْراً ، تَقرَّبْتُ إِلَيْهُ ذِرَاعاً ، وَمَنْ تَقَرّبَ إِلَيَّ ذِراعاً ، تقَرَّبْتُ إليه بَاعاً ، وإِذَا أَقْبَلَ إِلَيَّ يمْشي ، أَقبلتُ إلَيه أُهَرْوِلُ » متفقٌ عليه ، وهذا لفظ إحدى رِوايات مسلم .
441- وعن جابِر بن عبدِ اللَّه ، رضي اللَّه عنهما ، أَنَّهُ سَمعَ النَبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم ، قَبْلَ موْتِهِ بثلاثَةِ أَيَّامٍ يقولُ : « لا يموتن أَحَدُكُم إِلاَّ وَهُوَ يُحْسِنُ الظَّنَّ باللَّه عزَّ وَجَلَّ » رواه مسلم .
442- وعن أَنسٍ ، رضي اللَّه عنه قال : سمعتُ رسولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يقول : « قال اللَّه تعالى : يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ مَا دَعوْتَني وَرَجوْتَني غَفَرْتُ لَكَ عَلى ما كَانَ مِنكَ ولا أُبَالِي ، يا ابن آدمَ ، لَوْ بَلغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السماءِ ، ثم اسْتَغْفَرْتَني غَفَرتُ لَكَ ، يَا ابْنَ آدَم ، إِنَّكَ لَو أَتَيْتَني بِقُرابٍ الأَرْضِ خطايا ، ثُمَّ لَقِيْتَني لا تُشْرِكُ بِي شَيْئاً ، لأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً » رواه الترمذي . وقال : حديث حسن .
« عَنَانُ السماءِ » بفـتح العين ، قيل : هو مَا عن لَكَ منها ، أي : ظَهَرَ إذَا رَفَعْتَ رَأْسَكَ، وقيلَ : هو السَّحَابُ .
و « قُرابُ الأرض»بضم القاف ، وقيلَ بكسرِها ، والضم أصح وأشهر، وهو:ما يقارِبُ مِلأَهَا ،واللَّه أعلم .
شروح الباب
شرح باب فضل الرجاء
باب الجمع بين الخوف والرجاء
استمع إلى باب الجمع بين الخوف والرجاء بصوت الشيخ أحمد القطان
53- باب الجمع بين الخوف والرجاء
اعلم أن المختار للعبد في حال صحته أن يكون خائفاً راجياً، ويكون خوفه ورجاؤه سواء، وفي حال المرض يُمَحِّضُ الرجاء. وقواعد الشرع من نصوص الكتاب والسنة وغير ذلك متظاهرة على ذلك.
قال اللَّه تعالى: { فلا يأمن مكر اللَّه إلا القوم الخاسرون } .
وقال تعالى: { إنه لا ييأس من روح اللَّه إلا القوم الكافرون } .
وقال تعالى: { يوم تبيض وجوه وتسود وجوه } .
وقال تعالى: { إن ربك لسريع العقاب وإنه لغفور رحيم } .
وقال تعالى: { إن الأبرار لفي نعيم وإن الفجار لفي جحيم } .
وقال تعالى: { فأما من ثقلت موازينه فهو في عيشة راضية، وأما من خفت موازينه فأمه هاوية } . والآيات في هذا المعنى كثيرة. فيجتمع الخوف والرجاء في آيتين مقترنتين أو آيات أو آية.
443- وعن أبي هريرة . رضي اللَّه عنه ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال : « لَوْ يَعْلَمُ المُؤْمِنُ مَا عِنْدَ اللَّهِ مِنَ العُقُـوبَةِ . ما طَمِعَ بجَنَّتِهِ أَحَدٌ ، وَلَوْ يَعْلَمُ الكافِرُ مَا عِنَد اللَّهِ مِنَ الرَّحْمَةِ ، مَا قَنطَ مِنْ جنَّتِهِ أَحَدٌ » رواه مسلم .