72- باب تحريم الكِبْر والإِعجاب
قال اللَّه تعالى: { تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علواً في الأرض ولا فساداً، والعاقبة للمتقين } .
وقال تعالى: { ولا تمش في الأرض مرحاً } .
وقال تعالى: { ولا تصعر خدك للناس ولا تمش في الأرض مرحاً، إن اللَّه لا يحب كل مختال فخور } .
ومعنى { تصعر خدك للناس } : أي تميله وتعرض به عن الناس تكبراً عليهم.
و { المرح } : التبختر.
وقال تعالى: { إن قارون كان من قوم موسى فبغى عليهم، وآتيناه من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوة، إذ قال له قومه لا تفرح إن اللَّه لا يحب الفرحين } إلى قوله تعالى: { فخسفنا به وبداره الأرض } الآيات.
612- وعن عبدِ اللَّهِ بن مسعُودٍ رضيَ اللَّهُ عنه ، عن النبيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال : « لا يَدْخُل الجَنَّةَ مَنْ كَانَ في قَلْبِهِ مثْقَالُ ذَرَّةٍ مَنْ كِبرٍ » فقال رَجُلٌ : إِنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُه حسناً ، ونعلهُ حسنا قال : « إِنَّ اللَّه جَمِيلٌ يُحِبُّ الجَمالَ الكِبْرُ بَطَرُ الحَقِّ وغَمْطُ النَّاسِ » رواه مسلم .
بَطَرُ الحقِّ : دفْعُهُ وردُّهُ على قائِلِهِ . وغَمْطُ النَّاسِ : احْتِقَارُهُمْ .
613- وعنْ سلمةَ بنِ الأَكْوع رضي اللَّه عنه أَن رجُلاً أَكَل عِنْدَ رسولِ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم بشِمالِهِ فقال : « كُلْ بِيَمِينِكَ » قالَ : لاَ أَسْتَطِيعُ ، قال : « لا اسْتَطَعْتَ » مَا مَنَعَهُ إِلاَّ الكبْرُ . قال: فما رَفَعها إِلى فِيهِ . رواه مسلم .
614- وعن حَارثَةَ بنِ وهْبٍ رضي اللَّه عنه قال : سَمِعْتُ رسُولَ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يقولُ : «أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِأَهْلِ النَّارِ ؟ : كُلُّ عُتُلٍّ جَوَّاظٍ مُسْتَكْبِرٍ » متفقٌ عليه . وتقدَّم شرحُه في باب ضَعفَةِ المسلمينَ .
615- وعن أبي سعيدٍ الخُدريِّ رضيَ اللَّهُ عنه ، عن النبيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال : « احْتَجَّتِ الجَنَّةُ والنَّارُ ، فقالت النَّارُ : فيَّ الجَبَّارُونَ والمُتَكَبِّرُونَ ، وقالَتِ الجنَّةُ : فيَّ ضُعَفاءُ النَّاسِ ومَسَاكِينُهُمْ . فَقَضَى اللَّه بيْنَهُمَا : إِنَّكِ الجَنَّةُ رَحْمَتي ، أَرْحَمُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ وإِنَّكِ النَّارُ عذَابي ، أُعَذِّبُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ ، ولِكِلَيْكُما عليَّ مِلْؤُها » رواهُ مسلم .
616- وعن أبي هُريرة رضي اللَّه عنه أَن رسولَ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال : « لا يَنْظُرُ اللَّه يَوْم القِيامةِ إِلى مَنْ جَرَّ إِزارَه بَطَراً » متفقٌ عليه .
617- وعنه قال : قالَ رسُولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « ثَلاثةٌ لاَ يُكَلِّمُهُمُ اللَّه يَوْمَ القِيامَةِ ، وَلا يُزَكِّيهِمْ ، وَلاَ يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ ، وَلهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ : شَيْخٌ زانٍ ، ومَلِكٌ كَذَّابٌ ، وعائلٌ مُسْتَكْبِرٌ» رواهُ مسلم « العائِلُ » : الفَقِير .
618- وعنه قال : قال رسولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « قال اللَّه عزَّ وجلَّ : العِزُّ إِزاري ، والكِبْرياءُ رِدَائِي ، فَمَنْ يُنَازعُني في واحدٍ منهُما فقدْ عذَّبتُه » رواه مسلم .
619- وعنْه أَنَّ رسولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال : « بيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي في حُلَّةٍ تُعْجِبُه نفْسُه ، مرَجِّلٌ رأسَه ، يَخْتَالُ في مَشْيَتِهِ ، إِذْ خَسَفَ اللَّهُ بِهِ ، فهو يَتَجَلْجَلُ في الأَرْضِ إلى يوْمِ القِيامةِ » متفقٌ عليه .
« مُرجِّلٌ رَأْسَهُ » أَي : مُمَشِّطُهُ . « يَتَجلْجَلُ » بالجيمين : أَيْ : يغُوصُ وينْزِلُ .
620- وعن سَلَمَة بنِ الأَكْوع رضيَ اللَّه عنه قال : قال رسُولُ اللِّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « لا يزَالُ الرَّجُلُ يَذْهَبُ بِنفْسِهِ حَتَّى يُكْتَبَ في الجَبَّارينَ ، فَيُصِيبُهُ ما أَصابَهمْ » رواهُ الترمذي وقال : حديث حسن .
« يَذْهَبُ بِنَفْسِهِ » أَي : يَرْتَفعُ وَيَتَكَبَّرُ .
شروح الباب
شرح باب تحريم الكبر والإعجاب
باب حسن الخلق
استمع إلى باب حسن الخلق بصوت الشيخ أحمد القطان
73- باب حسن الخلق
قال اللَّه تعالى: { وإنك لعلى خلق عظيم } .
وقال تعالى: { والكاظمين الغيظ، والعافين عن الناس } الآية.
621- وعن أَنسٍ رضيَ اللَّه عنه قال :كانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم أَحْسنَ النَّاسِ خُلقاً .متفقٌ عليه.
622- وعنه قال : مَا مَسِسْتُ دِيباجاً ولاَ حَرِيراً أَلْيَنَ مِنْ كَفِّ رسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم ، وَلاَ شَمَمْتُ رائحَةً قَطُّ أَطْيَبَ مِن رَسُولِ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم ، وَلَقَدْ خَدَمْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم عشْرَ سِنينَ ، فَما قالَ لي قَطُّ : أُفٍّ ، وَلا قالَ لِشَيْءٍ فَعلْتُهُ : لِمَ فَعَلْتَهُ؟ ولا لشيءٍ لَمْ افعَلْهُ : أَلاَ فَعَلْتَ كَذا ؟ متفقٌ عليه .