96- باب وداع الصاحب ووصيته عند فراقه لسفر
وغيره والدعاء له وطلب الدعاء منه
قال اللَّه تعالى:{ ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب: يا بني إن اللَّه اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون، أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا: نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلهاً واحداً، ونحن له مسلمون } .
وأما الأحاديث:
712- فمنها حَديثُ زيدِ بنِ أَرْقَمَ رضي اللَّه عنه الذي سبق في باب إِكرامِ أَهْلِ بَيْتِ رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قامَ رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم فِينَا خَطِيباً ، فَحَمِدَ اللَّه ، وَأَثْنى عَلَيهِ ، وَوَعَظَ وَذَكَّرَ ثُمَّ قال : أَمَّا بَعْدُ ، أَلا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أَنا بشرٌ يُوشِكُ أَنْ يَأْتِيَ رَسُولُ رَبِّي فأُجيب، وأَنَا تَاركٌ فيكُمْ ثَقَليْنِ : أَوَّلهُمَا : كتاب اللَّهِ ، فيهِ الهُدَى وَالنُّورُ ، فَخُذُوا بِكتاب اللَّه ، وَاسْتَمْسِكُوا بِهِ » فَحَثَّ عَلى كتاب اللَّه ، ورَغَّبَ فِيهِ ، ثُمَّ قال : « وَأَهْلُ بَيْتي ، أُذَكِّرُكُمُ اللَّه في أَهْلِ بَيْتي » رواه مسلم . وَقَدْ سَبَقَ بطُولِهِ .
713- وعن أبي سُليْمَانَ مَالك بن الحُويْرثِ رضي اللَّه عنه قال : أَتَيْنَا رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم وَنحْنُ شَبَبةٌ متَقَاربُونَ ، فَأَقمْنَا عِنْدَهُ عشْرينَ لَيْلَةً ، وكانَ رسولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم رَحِيماً رفِيقاً، فَظَنَّ أَنَّا قَدِ اشْتَقْنَا أَهْلَنَا . فسَأَلَنَا عَمَّنْ تَرَكْنَا مِنْ أَهْلِنَا، فَأَخْبَرْنَاهُ ، فقال : « ارْجعُوا إِلى أَهْليكم فَأَقِيمُوا فِيهِمْ ، وَعلِّموهُم وَمُرُوهُمْ ، وَصَلُّوا صَلاةَ كَذا في حِين كَذَا ، وَصَلُّوا كَذَا في حِين كَذَا ، فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلاةُ فَلْيُؤذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ ، وَلْيؤمَّكُم أَكبَرُكُمَ » متفقٌ عليه .
زاد البخاري في رواية له : « وَصَلَّوا كمَا رَأَيتُمُوني أُصَلِّي » .
قوله : « رَحِيماً رفيقاً » روِيَ بفاءٍ وقافٍ ، وروِيَ بقافينٍ .
714- وعن عُمَرَ بنِ الخطاب رضي اللَّهُ عنه قال : اسْتَأْذَنْتُ النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم في الْعُمْرَةِ ، فَأَذِنَ ، وقال : « لا تنْسنَا يَا أخيَّ مِنْ دُعَائِك » فقالَ كَلِمَةً ما يَسُرُّني أَنَّ لي بهَا الدُّنْيَا .
وفي رواية قال : « أَشْرِكْنَا يَا أخَيَّ في دُعَائِكَ » رواه أبو داود ، والترمذي وقال : حديث حسن صحيح .
715- وعن سالم بنِ عَبْدِ اللَّه بنِ عُمَرَ أَنَّ عبدَ اللَّه بنِ عُمَرَ رضي اللَّه عنهما كَانَ يَقُولُ لِلرَّجُلِ إِذَا أَرَادَ سفراً : ادْنُ مِنِّي حَتَّى أُوَدِّعَكَ كمَا كَانَ رسولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يُودِّعُنَا فيقُولُ: أَسْتَوْدعُ اللَّه دِينَكَ ، وَأَمانَتَكَ ، وخَوَاتِيمَ عَمَلِكَ ، رواه الترمذي، وقال : حديث حسن صحيح .
716- وعن عبدِ اللَّهِ بنِ يزيد الخَطْمِيِّ الصَّحَابيِّ رضي اللَّه عنه قال : كَانَ رسولُ اللَّهص إِذا أَرَادَ أَنْ يُوَدِّعَ الجَيْش قالَ : « أَسْتَوْدعُ اللَّه دِينَكُمْ ، وَأَمَانَتكُم ، وَخَوَاتِيمَ أَعمَالِكُمْ ».
حديث صحيح ، رواه أبو داود وغيره بإِسناد صحيح .
717- وعن أَنسٍ رضي اللَّه عنه قال : جَاءَ رَجُلٌ إلى النبيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم فقال : يا رسُولَ اللَّه، إِني أُرِيدُ سَفَراً ، فَزَوِّدْني ، فَقَالَ : « زَوَّدَكَ اللَّه التَّقْوَى » .
قال : زِدْني ، قال : « وَغَفَرَ ذَنْبَكَ » قال : زِدْني ، قال : « وَيَسَّرَ لكَ الخيْرَ حَيْثُمَا كُنْتَ» رواه الترمذي وقال : حديث حسن .
97- باب الاستخارة والمشاورة
قال اللَّه تعالى: { وشاورهم في الأمر } .
وقال تعالى : { وأمرهم شورى بينهم } أي يتشاورون بينهم فيه
718- عن جابِرٍ رضيَ اللَّه عنه قال : كانَ رسولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يُعَلِّمُنَا الاسْتِخَارَةَ في الأُمُور كُلِّهَا كالسُّورَةِ منَ القُرْآنِ ، يَقُولُ إِذا هَمَّ أَحَدُكُمْ بالأمر ، فَليَركعْ رَكعتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الفرِيضَةِ ثم ليقُلْ : اللَّهُم إِني أَسْتَخِيرُكَ بعِلْمِكَ ، وأستقدِرُكَ بقُدْرِتك ، وأَسْأَلُكَ مِنْ فضْلِكَ العَظِيم ، فإِنَّكَ تَقْدِرُ ولا أَقْدِرُ ، وتعْلَمُ ولا أَعْلَمُ ، وَأَنتَ علاَّمُ الغُيُوبِ . اللَّهُمَّ إِنْ كنْتَ تعْلَمُ أَنَّ هذا الأمرَ خَيْرٌ لي في دِيني وَمَعَاشي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي » أَوْ قالَ : « عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِله ، فاقْدُرْهُ لي وَيَسِّرْهُ لي، ثمَّ بَارِكْ لي فِيهِ ، وَإِن كُنْتَ تعْلمُ أَنَّ هذَا الأَمْرَ شرٌّ لي في دِيني وَمَعاشي وَعَاقبةِ أَمَرِي » أَو قال : « عَاجِل أَمري وآجِلهِ ، فاصْرِفهُ عَني ، وَاصْرفني عَنهُ، وَاقدُرْ لي الخَيْرَ حَيْثُ كانَ ، ثُمَّ رَضِّني بِهِ » قال : ويسمِّي حاجته . رواه البخاري.