باب البكاء والخوف عند المرور بقبور الظالمين ومصارعهم وإظهار الافتقار إلى الله تعالى والتحذير من الغفلة عن ذلك
955 - عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه يعني لما وصلوا الحجر ديار ثمود لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا أن تكونوا باكين فإن لم تكونوا باكين فلا تدخلوا عليهم لا يصيبكم ما أصابهم متفق عليه وفي رواية قال لما مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحجر قال لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم أن يصيبكم ما أصابهم إلا أن تكونوا باكين ثم قنع رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه وأسرع السير حتى أجاز الوادي
الشَّرْحُ
قال المؤلف رحمه الله في كتابه رياض الصالحين باب البكاء عند المرور بقبور الظالمين والخوف من أن يصيب الإنسان ما أصابهم ثم ذكر حديث ابن عمر بمرور النبي صلى الله عليه وسلم بالحجر ديار ثمود وثمود هم قوم صالح الذين أرسل الله إليهم صالحا عليه الصلاة والسلام فذكرهم بالله ولكنهم كفروا به فقال تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ثم أخذتهم الصيحة والرجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين وكان الله تعالى قد أعطاهم قدرة وقوة في نحت الجبال وبناء القصور في السهول وأصبحوا أمة قوية ولكن الله تعالى أخذهم برجفة وصيحة فماتوا عن آخرهم مر بهم النبي صلى الله عليه وسلم في طريقه إلى تبوك فقال صلى الله عليه وسلم لا تدخلوا على هؤلاء إلا أن تكونوا باكين فإن لم تكونوا باكين فلا تدخلوا عليهم لا يصيبكم ما أصابهم ولهذا نقول لا يجوز لأحد أن يذهب لديار ثمود ليتفرج وينظر مساكنهم لأن ذلك وقوع في معصية الرسول صلى الله عليه وسلم إلا رجلا يريد أن يذهب للعبرة ويكون باكيا عند مروره بتلك الأماكن فإن لم يكن باكيا فإنه لا يجوز أن يدخل عليهم لأنه ربما يصيبه ما أصابهم ولما مر النبي صلى الله عليه وسلم بواديهم قنع رأسه يعني خفضه وأسرع السير حتى تجاوز الوادي وبه نعرف خطأ هؤلاء الجهال الذين يذهبون إلى ديار ثمود للتفرج والتنزه ويبقون فيها أياما ينظرون آثارهم القديمة فإن ذلك معصية للرسول صلى الله عليه وسلم ومخالفة لهديه وسنته فإنه صلى الله عليه وسلم لما مر بهذه الديار أسرع وقنع رأسه صلى الله عليه وسلم حتى جاوز الوادي وحذر من أن يسكن الإنسان في مساكن الذين ظلموا أنفسهم والذين أهلكهم الله في هذه الأرض خوفا أن يصيب الإنسان ما أصابهم من عذاب الله إما بكفره بالله عز وجل حتى يستحق هذا العذاب وإما بعقوبة يعاقب بها وإن لم يكفر وإذا لقي الله تعالى يوم القيامة فالله بصير بالعباد والله الموفق