باب تلقين المختصر لا إله إلا الله
917 - عن معاذ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة رواه أبو داود والحاكم وقال صحيح الإسناد
الشَّرْحُ
قال المؤلف النووي رحمه الله في كتابه رياض الصالحين باب تلقين المحتضر قوله لا إله إلا الله .
المحتضر هو الذي حضرت الملائكة لقبض روحه والله سبحانه وتعالى قد وكل بالإنسان ملائكة يحفظونه في حال حياته وبعد مماته قال الله تعالى له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله وقال الله تبارك وتعالى { حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا وهم لا يفرطون } والإنسان إذا حضر أجله نزل إليه ملائكة يقبضون روحه من يد ملك الموت فإن ملك الموت يتولى قبضها من البدن والملائكة معهم كفن وحنوط من الجنة إذا كان من المؤمنين جعلنا الله وإياكم منهم وأما إذا كان من الكافرين فملائكة العذاب معهم كفن من النار وحنوط من النار نعوذ بالله من ذلك فإذا احتضر الإنسان وعلمنا أنه في النزع وأنه ميت فإننا نلقنه لا إله إلا الله كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لقنوا موتاكم لا إله إلا الله قال العلماء فيلقنه برفق لا يأمره لا يقل قل لا إله إلا الله لأنه ربما إذا قال له قل لا إله إلا الله وهو في هذه الحال قد ضاق صدره وقد ضاقت عليه الدنيا فيقول لا لأنك ما تتصور ضيق الصدر في هذه الحالة إلا إذا كنت في هذه الحالة نسأل الله أن يشرح صدورنا وإياكم عند لقائه فتذكر الله عنده تقول لا إله إلا الله ترفع صوتك بهذا ليسمع فربما يمن الله عليه فيستحضر أنك تلقنه فيقول لا إله إلا الله فإذا قال لا إله إلا الله وكانت آخر كلامه من الدنيا دخل الجنة كما في حديث معاذ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم من أنه قال من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة قال أهل العلم فإذا قال لا إله إلا الله فليسكت ولا يقل شيئا فإن عاد المحتضر نفسه وتحدث في شيء مثل اسقوني أعطوني ماء أو أي شيء آخر فليعد التلقين ولكن إذا كان الإنسان والعياذ بالله كافرا مرتدا فهذا ربما نقول له بالأمر: قل لا إله إلا الله فإن من الله عليه وقالها فبها ونعمت وإن لم يقل فهو كافر لذلك لما حضرت أبا طالب الوفاة وهو عم النبي صلى الله عليه وسلم وأعمام النبي صلى الله عليه وسلم الذين أدركوا الرسالة أربعة اثنان أسلما حمزة والعباس أحدهما أفضل من الآخر حمزة أفضل من العباس واثنان ماتا على الكفر أحدهما أقبح كفرا من الآخر أبو طالب والد علي وأبو لهب والعياذ بالله من أشد الناس إيذاء للرسول صلى الله عليه وسلم ولهذا أنزل الله في ذمه سورة كاملة يقرأها الناس في الصلوات في الفرائض والنوافل { تبت يدا أبي لهب وتب ما أغنى عنه ماله وما كسب سيصلى نارا ذات لهب وامرأته حمالة الحطب في جيدها حبل من مسد } ولكن أبا طالب رغم كفره كان به حب على الرسول صلى الله عليه وسلم وحنان وشفقة ومدافعة وثناء عليه إلا أنه والعياذ بالله حيل بينه وبين الإسلام فعندما حضرته الوفاة وكان النبي صلى الله عليه وسلم عنده وعنده رجلان من قريش فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم يا عم قل لا إله إلا الله كلمة أحاج لك بها عند الله ولكن كان هذان الرجلان جليسي سوء قالا أترغب عن ملة عبد المطلب وكأنهما والله أعلم رأياه هم أن يقول لا إله إلا الله فقالا له أترغب عن ملة عبد المطلب فلما قالا ذلك أخذته العزة بالإثم فقال هو على ملة عبد المطلب وكان آخر كلمة منه كلمة الشرك والعياذ بالله ثم مات يقول الرسول صلى الله عليه وسلم إنه شفع له عند الله فخفف عنه العذاب فكان في ضحضاح من النار قد غاص به وعليه نعلان من نار يغلي منهما دماغه والعياذ بالله ودماغه أبعد شيء عن قدميه فإذا كان يغلي كالقدر فيه الماء تحته النار فما بالك بما هو أدنى من رأسه إلى قدميه لكان أشد قال النبي صلى الله عليه وسلم ولولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار والشاهد من هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له يا عم قل لا إله إلا الله ولم يذكر الله عنده فقط بل قال قل لا إله إلا الله فهذا من أفضل وأجل ما يكون هدية للمرء إذا لقنه أخوه عند الموت قول لا إله إلا الله فهذه تساوي الدنيا كلها فإذا حضرت أحدا وهو يحتضر فاحرص على تلقينه لا إله إلا الله امتثالا لأمر النبي صلى الله عليه وسلم وإحسانا لهذا الشخص وربما يلقنك الله سبحانه وتعالى عند موتك لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال والله في عون العبد مادام العبد في عون أخيه ختم الله لنا ولكم بالشهادة
باب ما يقوله بعد تغميض الميت
919 -