باب ما يقوله من أيس من حياته
911 - عن عائشة رضي الله عنها قالت سمعت النبي صلى الله عليه وسلم وهو مستند إلي يقول اللهم اغفر لي وارحمني وألحقني بالرفيق الأعلى متفق عليه .
وعنها قالت رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بالموت عنده قدح فيه ماء وهو يدخل يده في القدح ثم يمسح وجهه بالماء ثم يقول اللهم أعني على غمرات الموت وسكرات الموت رواه الترمذي
الشَّرْحُ
قال المؤلف رحمه الله في كتابه رياض الصالحين باب ما يقوله من أيس من حياته .
اليأس من الحياة لا يعلم إلا إذا حضر الموت أما قبل ذلك فإنه مهما اشتد المرض فإن الإنسان لا ييأس وكم من إنسان اشتد به المرض حتى جمع أهله ماء تغسيله وحنوطه وكفنه ثم شفاه الله وعافاه وكم من إنسان أشرف على الموت في أرض مفازة ليس عنده ماء ولا طعام فأنجاه الله عز وجل ومن ذلك ما قال النبي صلى الله عليه وسلم إن الله أشد فرحا بتوبة عبده من أحدكم براحلته حين أضلها يعني ضيعها وعليها طعامه وشرابه وطلبها فلم يجدها، فاضطجع تحت شجرة ينتظر الموت أيس منها وما بقي عليه إلا أن يموت فبينما هو كذلك إذا بخطام ناقته متعلقا بالشجرة رد الله عليه ضالته حتى جاءت هذه الشجرة ترعاها فارتطم خطامها بها فأخذها الرجل وقال اللهم أنت عبدي وأنا ربك يريد أن يقول أنت ربي وأنا عبدك لكنه من شدة الفرح أخطأ فهذا الرجل أيس من حياته باعتبار صاحب الحال لأنه فقد طعامه وشرابه لكن اليأس الحقيقي هو ما إذا حضر الإنسان الموت وصار في النزع فحينئذ لا يمكن أن يحيى قال الله تعالى فلولا إذا بلغت الحلقوم وأنتم حينئذ تنظرون بلغت يعني الروح الحلقوم يعني الحلق وأنتم حينئذ تنظرون ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون الملائكة أقرب إلى الإنسان من حلقومه عند احتضاره { فلولا إن كنتم غير مدينين ترجعونها إن كنتم صادقين } من يستطيع هل أحد يمكن أن يرد روحه بعد أن بلغت الحلقوم أبدا أبداً إذا ييأس الإنسان من حياته إذا عاين الموت فماذا يقول تقول عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول اللهم اغفر لي وارحمني وألحقني بالرفيق الأعلى هكذا يقول الرسول صلى الله عليه وسلم عند موته وهو الذي غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ! من هم الرفيق الأعلى ؟ هم النبيون والصديقون والشهداء والصالحون وحسن أولئك رفيقا هكذا كان الرسول يقول عند موته وكان عنده إناء فيه ماء وقد أتي من شدة الموت وسكراته ما لم يؤت أحد لأنه صلى الله عليه وسلم يمرض مرض رجلين شدد عليه المرض شدد عليه النزع لماذا من أجل أن ينال أعلى درجات الصبر لأن الصبر يحتاج إلى شيء يصبر عليه فكأن الله قد اختار لنبيه صلى الله عليه وسلم أن يكون مرضه شديدا ونزعه شديدا حتى ينال أعلى درجات الصابرين صلى الله عليه وسلم .
فكان صلى الله عليه وسلم يضع يده في الإناء الذي فيه الماء ويمسح بذلك وجهه ويقول اللهم أعني على سكرات الموت أو قال على سكرات الموت أي أعني عليها حتى أتحمل وأصبر وأتروى ولا يزيغ عقلي وحتى يختم لي بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله لأن المقام مقام عظيم مقام هول وشده إذا لم يعنك الله عز وجل ويصبرك فأنت على خطر ولهذا كان يقول اللهم أعني على غمرات الموت وفي رواية أخرى يقول لا إله إلا الله إن للموت سكرات وصدق النبي صلى الله عليه وسلم { وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد } نسأل الله أن يعيننا وإياكم على غمرات الموت وأن يحسن لنا ولكم الخاتمة ويتوفانا على الإيمان والتوحيد وأن يتوفانا وهو راض عنا إنه على كل شيء قدير
باب استحباب وصية أهل المريض ومن يخدمه بالإحسان إليه واحتماله والصبر على ما يشق من أمره وكذا بالوصية بمن قرب سبب موته بحد أو قصاص ونحوهما
913 -