باب ما يقول إذا لبس ثوبا جديدا
813 - عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا استجد ثوبا سماه عمامة أو قميصا أو رداء يقول: اللهم لك الحمد أنت كسوتنيه أسألك خيره وخير ما صنع له وأعوذ بك من شره وشر ما صنع له رواه أبو داود، والترمذي وقال: حديث حسن
الشَّرْحُ
هذه الأبواب التي ذكرها المؤلف هي آخر أبواب كتاب رياض الصالحين فالباب الأول: جواز لبس الحرير لمن به حكة وقد سبق أن النبي صلى الله عليه وسلم نهي الرجال عن لبس الحرير وقال: إنما يلبسه من لا خلاق له وقال: من لبسه في الدنيا لم يلبسه في الآخرة لكن إذا دعت الحاجة إلى ذلك فإنه لا بأس به مثل أن يكون في الإنسان حكة يعني حساسية واحتاج إلى لبس الحرير فإنه يلبسه ويكون مما يلي الجسد لأن الحرير لين وناعم وبارد يناسب الحكة فيطفؤها ولهذا رخص النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الرحمن بن عوف والزبير أن يلبسا الحرير من حكة كانت بهما كذلك أيضا إذا كان الحرير أربعة أصابع فأقل يعني عرضه أربعة أصابع فأقل فإنه لا بأس به لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم رخص في ذلك يعني مثلا لو كان إنسان عنده جبة وفي فتحتها خيوط من الحرير أو تطريز من الحرير لا يتجاوز أربعة أصابع فإن ذلك لا بأس به وكذلك إذا كان الثوب مختلطا بين الحرير والقطن أو بين الحرير والصوف وكان الأكثر الصوف أو القطن يعني أكثر من الحرير فإنه لا بأس به فهذه ثلاثة أمور الأمر الرابع: إذا كان الحرب يعني التقى الصفان بين المسلمين والكفار فلا بأس أن يلبس الإنسان ثياب الحرير لأن ذلك يغيظ الكفار وكل شيء يغيظ الكفار فإنه مطلوب فهذه أربعة أشياء تستثنى: الأول: إذا كان لحاجة كالحكة ويكون مما يلي الجسد والحكمة في ذلك واضحة الثاني: إذا كان أربعة أصابع فأقل والثالث: إذا كان مختلطا والأكثر ظهورا سوى الحرير والرابع: في الحرب من أجل إغاظة الكفار فهذه المواضع الأربعة لا بأس فيها من الحرير أما الباب الثاني: فهو لباس جلود النمار والنمار جمع نمر وهو حيوان معروف فلا يجوز للإنسان أن يلبس فروا من جلود النمار وكذلك لا يجوز الإنسان أن يلبس فروا من جلود السباع كما يدل عليه الحديث الآخر لأن جلود السباع نجسة كل السباع نجسة وأخبثها الكلب لأن نجاسة الكلب مغلظة لا يكفي فيها إلا الغسل سبع مرات إحداها بالتراب أما ما سواه من السباع فهو نجس، لكن ليس بهذه الغلظة وعلى كل حال فجلود الذئاب وجلود النمور وأي جلود أخرى حرام كجلد الأسد مثلا يحرم لبسها وكذلك ويحرم افتراشها لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم نهي عن ذلك يعنى لو جعلتها مقاعد تجلس عليها فإن ذلك حرام أما جلود الضأن وجلود ما تحله الزكاة، فلا بأس أن يفترشها الإنسان ولا بأس أن يلبسها أيضا لأنها طاهرة والطاهر لا بأس باستعماله .
وأما الباب الثالث: فهو ما يقوله الإنسان إذا لبس ثوبا جديدا ولا شك أن الإنسان لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله ولا شك أن ما نأكله ونشربه ونلبسه من نعمة الله عز وجل وأنه هو الذي خلقه لنا ولولا أن الله يسره ما تيسر لو شاء تعالى لفقد المال من بين أيدينا فلم نستطيع أن نحصل شيئا ولو شاء الله لوجد المال بيننا لكن لا نجد شيئا نطعمه أو نلبسه ونشربه قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَن يَّأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَّعِينٍ فكل ما بنا من نعمة الله وحده ومن ذلك اللباس فإذا من الله عليك بلباس جديد قميص أو سروال أو غترة أو مشلح أو نحوها ولبستها فقل: اللهم لك الحمد أنت كسوتنيه وتسميه باسمه اللهم لك الحمد أنت كسوتني هذا القميص أنت كسوتني هذا السروال أنت كسوتني هذه الغترة أنت كسوتني هذه الطاقية أنت كسوتني هذا المشلح أي شيء تلبسه وهو جديد فاحمد الله قل: اللهم لك الحمد أنت كسوتنيه أسألك خيره وخير ما صنع له وأعوذ بك من شره وشر ما صنع له فربما يكون هذا سبب شر عليك ربما تأكل النار طرفه ثم تتقد حتى تشمل هذا اللباس وتقضي عليك أنت أيضا ربما تكون فيه أشياء سامة ما تعلم عنها شيئا فالمهم أنك تقول: اللهم إني أعوذ بك من شره وشر ما صنع له لأنه قد يصنع ويكون سببا للشر كأن يحمل صاحبه على الكبر والترفع على الناس أو قد يكون سببا للفتنة وهي من أعظم الشر والفساد كتلك الألبسة التي تتفنن النساء في صنعها مضاهاة لغيرهن من نساء الغرب الكافرات