باب استحباب التوسط في اللباس ولا يقتصر على ما يزري به لغير حاجة ولا مقصود شرعي
803 - عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده رواه الترمذي وقال: حديث حسن
الشَّرْحُ
عقد المؤلف رحمه الله في ( كتاب اللباس ) هذين البابين الباب الأول: في استحباب ترك رفيع الثياب تواضعا لله عز وجل والثاني: في التوسط في اللباس .
أما الأول: فعن معاذ بن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: من ترك اللباس يعني اللباس الجميل الطيب تواضعا لله عز وجل وهو يقدر عليه دعاه الله يوم القيامة على رؤوس الخلائق حتى يخيره من أي حلل الإيمان شاء يلبسها وهذا يعني أن الإنسان إذا كان بين أناس متوسطي الحال لا يستطيعون اللباس الرفيع فتواضع وصار يلبس مثلهم، لئلا تنكسر قلوبهم، ولئلا يفخر عليهم، فإنه ينال هذا الأجر العظيم أما إذا كان بين أناس قد أنعم عليهم ويلبسون الثياب الرفيعة لكنها غير محرمة، فإن الأفضل أن يلبس مثلهم لأن الله تعالى جميل يحب الجمال ولاشك أن الإنسان إذا كان بين أناس رفيعي الحال يلبسون الثياب الجميلة ولبس دونهم فإن هذا يعد لباس شهرة فالإنسان ينظر ما تقتضيه الحال فإذا كان ترك رفيع الثياب تواضعا لله ومواساة لمن كان حوله من الناس فإن له هذا الأجر العظيم أما إذا كان بين أناس قد أغناهم الله ويلبسون الثياب الرفيعة فإنه يلبس مثلهم ثم ذكر المؤلف رحمه الله الاقتصاد في اللباس وأن الإنسان يقتصد في جميع أحواله في لباسه وطعامه وشرابه لكن لا يجحد النعمة فإن الله تعالى يحب أن يرى أثر نعمته على عبده إذا أنعم على عبده نعمة فإنه يحب أن يري أثر هذه النعمة عليه فإن كانت مالا فإنه يحب سبحانه وتعالى أن يرى أثر هذا المال على من أنعم الله عليه به بالإنفاق والصدقات والمشاركة في الإحسان والثياب الجميلة اللائقة به وغير ذلك وإذا أنعم الله على عبده بعلم فإنه يحب أن يرى أثر هذه النعمة عليه بالعمل بهذا العلم في العبادة وحسن المعاملة ونشر الدعوة وتعليم الناس وغير ذلك وكلما أنعم الله عليك نعمة فأر الله تعالى أثر هذه النعمة عليك فإن هذا من شكر النعمة وأما من أنعم الله عليه بالمال وصار لا يرى عليه أثر النعمة يخرج إلى الناس بلباس رث وكأنه أفقر عباد الله فهذا في الحقيقة قد جحد نعمة الله عليه كيف ينعم الله عليك بالمال والخير وتخرج إلى الناس بثياب كلباس الفقراء أو أقل وكذلك ينعم الله عليك بالمال ثم تمسك ولا تنفق لا فيما أوجب الله عليك ولا فيما ندب لك أن تنفق فيه ينعم الله عليك بالعلم فلا يرى أثر هذه النعمة عليك لا بزيادة عبادة أو خشوع أو حسن معاملة ولا بتعليم الناس ونشر العلم كل هذا النوع من كتمان النعمة التي ينعم الله بها على العبد والإنسان كلما أنعم الله عليه بنعمة فإنه ينبغي أن يظهر أثر هذه النعمة عليه حتى لا يجحد نعمة الله
باب تحريم لباس الحرير على الرجال وتحريم جلوسهم عليه واستنادهم إليه وجواز لبسه للنساء
804 -