باب كراهة الشرب من فم القربة ونحوها وبيان أنه كراهة تنزيه لا تحريم
762 - عن أبي سعيد الخدري رضى الله عنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اختناث الأسقية يعني أن تكسر أفواها ويشرب منها متفق عليه
763 - وعن أبي هريرة رضى الله عنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يشرب من في السقاء أو القربة متفق عليه
764 - وعن أم ثابت كبشة بنت ثابت أخت حسان بن ثابت رضى الله عنه وعنها قالت: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فشرب في قربة معلقة قائما فقمت إلى فيها فقطعته رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح وإنما قطعتها لتحفظ موضع فم رسول الله صلى الله عليه وسلم وتتبرك به وتصونه عن الابتذال وهذا الحديث محمول على بيان الجواز والحديثان السابقان لبيان الأفضل والأكمل والله أعلم
الشَّرْحُ
قال المؤلف رحمه الله تعالى: ( باب كراهة الشرب من فم القربة ونحوها وبيان أنه كراهة تنزيه لا تحريم ) من آداب الشرب ألا يشرب الإنسان من فم القربة أو السقاء لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك والحكمة من هذا أن المياه فيما سبق ليست بتلك المياه النظيفة فإذا صارت في القربة أو في السقاء فإنه يكون فيها أشياء مؤذية عيدان أو حشرات أو غير ذلك مما هو معروف لمن كانوا يستعملون هذا من قبل فلهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم: عن اختناث الأسقية يعني أن الإنسان يكسر أفواهها هكذا ثم شرب وذكر أن رجلا شرب مرة هكذا فخرجت حية من القربة وهذا لاشك أنه على خطر إما أن تلدغه أو تؤذيه لهذا ينهي عن الشرب من فم القربة وليس من ذلك الشرب من الصنبور أو من الجرار التي يخزن فيها الماء لأن هذه معلومة ونظيفة فهو كالشرب من الأواني لكن إذا كان هناك حاجة فلا بأس أن يشرب الإنسان من فم القربة مثل أن يكون محتاجا إلى الماء وليس عنده إناء فإنه يشرب من في القربة وعلى هذا فيكون النهي عن ذلك كما قال المؤلف رحمه الله للكراهة وليس للتحريم ويستفاد من الحديث الأخير: أنه يجوز أن يشرب الإنسان قائما إذا دعت الحاجة إلى ذلك مع أن النبي صلى الله عليه وسلم وعلي آله وسلم نهي عن الشرب قائما لكن إذا كان هناك حاجة فلا بأس كما في هذه الحالة القربة معلقة والمعلقة تكون عالية عن القاعد وليس عنده إناء فشرب النبي صلى الله عليه وسلم من هذه القربة المعلقة قائما وفي الحديث أيضا: دليل على جواز التبرك بآثار النبي صلى الله عليه وسلم وهو كذلك وقد كان الصحابة يتبركون بعرق النبي صلى الله عليه وسلم ويتبركون بريقه ويتبركون بثيابه ويتبركون بشعره أما غيره صلى الله عليه وسلم فإنه لا يتبرك بشيء من هذا منه فلا يتبرك بثياب الإنسان ولا بشعره ولا بأظفاره ولا بشيء من متعلقاته إلا النبي صلى الله عليه وعلى أله وسلم
باب كراهة النفخ في الشراب
765 -