668 - وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فنزلنا منزلا فمنا من يصلح خباءه ومنا من ينتضل ومنا من هو في جشره إذ نادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة جامعة فاجتمعنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إنه لم يكن نبي قبلي إلا كان حقا عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم وينذرهم شر ما يعلمه لهم وإن أمتكم هذه جعل عاقبتها في أولها وسيصيب آخرها بلاء وأمور تنكرونها وتجيء فتنة يرفق بعضها بعضا وتجيء الفتنة فيقول المؤمن هذه مهلكتي ثم تنكشف وتجيء الفتنة فيقول المؤمن هذه هذه فمن أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتي إليه ومن بايع إمام فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه إن استطاع فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر رواه مسلم قوله: ينتضل أي يسابق بالرمي بالنبل والنشاب والجشر بفتح الجيم والشين المعجمة وبالراء وهي الدواب التي ترعى وتبيت مكانها وقوله يرفق بعضها بعضا أي يصير بعضها بعضا رقيقا أي خفيفا لعظم ما بعده فالثاني يرقق الأول وقيل معناه يشوق بعضها إلى بعض بتحسينها وتسويلها وقيل يشبه بعضها بعضا هذا الحديث ذكره المؤلف رحمه الله في باب وجوب طاعة ولاة الأمور عن ابن عمرو رضي الله عنه قال كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فنزلنا منزلا فنزل الناس فتفرقوا منهم من كان يصلح خباءه ومنهم من ينتضل ومنهم من هو في جشره كالعادة أن الناس إذا نزلوا وهم سفر كل يشتغل بما يرى أنه لابد من الاشتغال فيه فنادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الصلاة جامعة وهذا النداء ينادى به لصلاة الكسوف وينادى به إذا أراد الإمام أو الأمير أن يجتمع بالناس بدلا من أن يقول يا أيها الناس هلموا إلى المكان الفلاني . فاجتمع الناس فخطبهم النبي عليه الصلاة والسلام وأخبرهم أنه ما من نبي بعثه الله إلا دل أمته على خير ما يعلمه لهم وأنذرهم شر ما يعلمه لهم كل الأنبياء عليهم الصلاة والسلام كان منهم النصيحة لأقوامهم يعلمونهم الخير ويدلونهم عليه ويحثونهم عليه ويبينون الشر ويحذرونهم منه وهكذا يجب على أهل العلم وطلبة العلم أن يبينوا للناس الخير ويحثوهم عليه ويبينوا الشر ويحذروهم منه لأن علماء هذه الأمة ورثة الأنبياء فإن النبي صلى الله عليه وسلم ليس بعده نبي ختمت النبوة به فلم يبق إلا العلماء الذين يتلقون شرعه ودينه فيجب عليهم ما يجب على الأنبياء من بيان الخير والحث عليه ودلالة الناس إليه وبيان الشر والتحذير منه ثم أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن هذه الأمة يعني أمة محمد جعل الله عافيتها في أولها يعني أن أول الأمة في عافيه ليس فيها فتن ففي عهد النبي عليه الصلاة والسلام لم تكن هناك فتن وكذلك في عهد أبي بكر وعمر رضي الله عنه وحين قتل عمر رضي الله عنه قتله غلام المغيرة غلام يقال له أبو لؤلؤة وهو مجوسي خبيث كان في قلبه غل على أمير المؤمنين عمر فلما تقدم لصلاة الصبح ضربه بخنجر له رأسان وقيل إنه كان مسموما فضربه حتى قد بطنه رضي الله عنه وحمل وبقي ثلاثة أيام ثم مات رضي الله عنه ثم إن هذا الرجل الخبيث هرب فلحقه الناس فقتل ثلاثة عشر رجلا لأن الخنجر الذي معه مقبضه في الوسط وله رأسان فهو يقول به هكذا وهكذا ويضرب الناس يمينا وشمالا حتى ألقى عليه أحد الصحابة بساطا فقتل نفسه والعياذ بالله من ذاك الوقت بدأت الفتنة ترفع رأسها وأخبر النبي عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث أن تأتي فتن يرقق بعضها بعضا أي أن بعضها يجعل ما قبله رقيقا وسهلا لأن الثانية أعظم من الأولي كل واحدة أعظم من الأخرى فترفق ما قلبها ولهذا قال يرقق بعضها بعضا فتجيء الفتنة فيقول المؤمن هذه مهلكتي لأن أول ما تأتي يستعظمها فيقول من هنا نهلك . ثم تأتي الأخرى فترقق الأولى وتكون الأولى سهلة بالنسبة إليها فيقول المؤمن هذه هذه يعني هذه التي فيها البلاء كل البلاء نسأل الله أن يعيذنا من الفتن ولكن المؤمن يصبر ويحتسب ويلجأ إلى الله عز وجل ويستعيذ بالله من الفتنة وفي كل صلاة يقول أعوذ بالله من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال ثم قال النبي عليه الصلاة والسلام فمن أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر نسأل الله أن يميتنا على ذلك من كان يحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة وكلنا يحب ذلك فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر . وليأت إلى الناس ما يحب أن يؤتي إليه يعني يعامل الناس بما يحب أن يعاملوه به فينصح للناس كما ينصح لنفسه ويكره للناس ما يكره لنفسه فيكون هذا قائما بحق الله مؤمنا بالله واليوم الآخر وقائما بحق الناس لا يعامل الناس إلا بما يحب أن يعاملوه به فلا يكذب عليهم ولا يغشهم ولا يخدعهم ولا يحب لهم الشر يعني يعامل الناس بما يحب أن يعاملوه به فإذا جاء يسأل مثلا هل هذا حرام أم حلال ؟ قلنا له هل تحب أن يعاملك الناس بهذا إذا قال لا قلنا له اتركه سواء كان حلالا أم حراما مادمت لا تحب أن يعاملك الناس به فلا تعامل الناس به واجعل هذا ميزانا بينك وبين الناس في معاملتهم لا تأت الناس إلا بما تحب أن يؤتى إليك فتعاملهم باللطف كما تحب أن يعاملوك باللطف واللين بحسن الكلام بحسن المنطق باليسر كما تحب أن يفعلوا بك هذا هذا الذي يزحزح عن النار ويدخل الجنة نسأل الله أن يجعلنا منهم
الشَّرْحُ
669 -