491 - وعن عائشة رضي الله عنها قالت: ما شبع آل محمد صلى الله عليه وسلم من خبز شعير يومين متتابعين حتى قبض متفق عليه . وفي رواية: ما شبع آل محمد صلى الله عليه وسلم منذ قدم المدينة من طعام البر ثلاث ليال تباعا حتى قبض .
492 - وعن عروة عن عائشة رضي الله عنها أنها كانت تقول: والله يا ابن أختي إن كنا لننظر على الهلال ثم الهلال . ثم الهلال ثلاثة أهلة في شهرين وما أوقد في أبيات رسول الله صلى الله عليه وسلم نار . قلت يا خالة فما كان يعيشكم ؟ قالت: الأسودان: التمر والماء إلا أنه قد كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم جيران من الأنصار وكانت لهم منايح وكانوا يرسلون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من ألبانها فيسقينا متفق عليه .
493 - وعن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه مر بقوم بين أيديهم شاة مصلية . فدعوه فأبى أن يأكل وقال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من الدنيا ولم يشبع من خبز الشعير رواه البخاري . هذا الباب ذكره المؤلف - رحمه الله - بعد باب الزهد في الدنيا، يبين فيه أن على الإنسان ألا يكثر من الشهوات في أمور الدنيا وأن يقتصر على قدر الحاجة فقط كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك وذكر آيات فيها بيان عاقبة الذين يتبعون الشهوات ويضيعون الصلوات فذكر قول الله تعالى: فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاَةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا، إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ شَيْئًا قوله تعالى: { خلف من بعدهم خلف } أي: من بعد الأنبياء الذين ذكروا قبل هذه الآية، خلف من بعدهم خلف لم يتبعوا طريقتهم وإنما { أَضَاعُوا الصَّلاَةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ } وإضاعة الصلاة يعني التفريط فيها وفي شروطها كالطهارة، وستر العورة، واستقبال القبلة . وفي أركانها: كالطمأنينة في الركوع والسجود والقيام والقعود . وفي واجباتها: كسؤال المغفرة بين السجدتين والتسبيح في الركوع والسجود والتشهد الأول وما أشبه ذلك . وأشد من هذا الذين يضيعونها عن وقتها فلا يصلون إلا بعد خروج الوقت فإن هؤلاء إما أن يكون لهم عذر من نوم أو نسيان فصلاتهم مقبولة ولو بعد الوقت وإما ألا يكون لهم عذر فصلاتهم مردودة لا تقبل منهم، ولو صلوا ألف مرة . وقوله: { واتبعوا الشهوات } يعني ليس لهم هم إلا الشهوات، ما تشتهيه بطونهم وفروجهم فهم ينعمون أبدانهم ويتبعون ما تتنعم به الأبدان، ويضيعون الصلاة والعياذ بالله ثم قال تعالى مبينا جزاءهم: { فسوف يلقون غيا } وهذا وعيد لهم، لأن الجزاء من جنس العمل: { إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ شَيْئًا } . ثم ذكر المؤلف حديث عائشة رضي الله عنها في بيان عيش النبي صلى الله عليه وسلم وأنه ما شبع من خبز الشعير ليلتين تباعا لقلة ذات يده عليه الصلاة والسلام وأنه كان يمضي عليه الشهران في ثلاثة أهلة ما يوقد في بيته نار، وإنما هو الأسودان التمر والماء مع أنه صلى الله عليه وسلم لو شاء لصارت الجبال معه ذهبا ولكنه صلى الله عليه وسلم اقتصر من الدنيا على الضروري منها فقط وادخر حظه في الآخرة .
الشَّرْحُ
باب القناعة والعفاف والاقتصاد في المعيشة