418 - وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبي فإذا امرأة من السبي تسعى إذ وجدت صبيا في السبي أخذته فألزقته ببطنها فأرضعته، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أترون هذه المرأة طارحة ولدها في النار ؟ قلنا لا والله فقال: لله أرحم بعباده من هذه بولدها متفق عليه .
419 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لما خلق الله الخلق كتب في كتاب فهو عنده فوق العرش: إن رحمتي تغلب غضبي . وفي رواية: غلبت غضبي وفي رواية سبقت غضبي متفق عليه .
420 - وعنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: جعل الله الرحمة مائة جزء، فأمسك عنده تسعة وتسعين وأنزل في الأرض جزءا فمن ذلك الجزء يتراحم الخلائق حتى ترفع الدابة حافرها عن ولدها خشية أن تصيبه . وفي رواية: إن لله تعالى مائة رحمة أنزل منها رحمة واحدة بين الجن والإنس والبهائم والهوام، فبها يتعاطفون وبها يتراحمون وبها تعطف الوحش على ولدها، وأخر الله تعالى تسعا وتسعين رحمة يرحم بها عباده يوم القيامة متفق عليه . ورواه مسلم أيضا من رواية سلمان الفارسي رضي الله عنه، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن لله تعالى مائة رحمة فمنها رحمة يتراحم بها الخلق بينهم وتسع وتسعون ليوم القيامة . وفي رواية إن الله تعالى خلق يوم خلق السماوات والأرض مائة رحمة كل رحمة طباق ما بين السماء إلى الأرض فجعل منها في الأرض رحمة فبها تعطف الوالدة على ولدها والوحش والطير بعضها على بعض فإذا كان يوم القيامة، أكملها بهذه الرحمة .
421- وعنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، فيما يحكى عن ربه، تبارك وتعالى، قال: “أذنب عبدي ذنباً، فقال: اللهم اغفر لى ذنبي، فقال الله تبارك وتعالى: أذنب عبدى ذنبا، فعلم أن له رباً يغفر الذنب، ويأخذ بالذنب، ثم عاد فأذنب، فقال: أي رب اغفر لي ذنبي، فقال تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنباً، فعلم أن له رباً يغفر الذنب، ويأخذ بالذنب، ثم عاد فأذنب، فقال: أي رب اغفر لى ذنبي، فقال، تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنباً، فعلم أن له رباً يغفر الذنب، ويأخذ بالذنب، قد غفرت لعبدى فليفعل ما شاء” ((متفق عليه)) . (16)
422-
422 - وعنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا، لذهب الله بكم وجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله تعالى فيغفر لهم رواه مسلم .
423 - وعن أبي أيوب خالد بن زيد رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لولا أنكم تذنبون لخلق الله خلقا يذنبون فيستغفرون فيغفر لهم رواه مسلم .
424 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كنا قعودا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم معنا أبو بكر وعمر رضي الله عنهما في نفر فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم من بين أظهرنا فأبطأ علينا خشينا أن يقتطع دوننا ففزعنا فقمنا فكنت أول من فزع فخرجت أبتغي رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتيت حائطا للأنصار - وذكر الحديث بطوله إلى قوله: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اذهب فمن لقيت وراء هذا الحائط يشهد أن لا إله إلا الله، مستيقنا بها قلبه فبشره بالجنة رواه مسلم .
425 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم تلا قول الله عز وجل في إبراهيم صلى الله عليه وسلم: { رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي } . وقول عيسى صلى الله عليه وسلم: { إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ }، فرفع يديه وقال: اللهم أمتي أمتي وبكى فقال الله عز وجل: يا جبريل اذهب إلى محمد وربك أعلم، فسله ما يبكيه ؟ فأتاه جبريل فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم بما قال: وهو أعلم، فقال الله تعالى: يا جبريل اذهب إلى محمد فقل: إنا سنرضيك في أمتك ولا نسوؤك رواه مسلم هذه الأحاديث في باب الرجاء ذكرها المؤلف - رحمه الله - وهي كثيرة جدا منها: أن الله سبحانه وتعالى أرحم بعباده من الوالدة بولدها، ودليل ذلك قصة هذه المرأة التي كانت في السبي فرأت صبيا فأخذته وألصقته على صدرها وأرضعته، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أترون هذه المرأة طارحة ولدها في النار . قالوا: لا قال: فالله أرحم بعباده من هذه بولدها وهذا من تمام رحمته سبحانه وتعالى . وآيات ذلك كثيرة منها: هذه النعم التي تترى علينا، وأعظمها نعمة الإسلام، فإن الله تعالى أضل عن الإسلام أمما، وهدى عباده المؤمنين لذلك وهي أكبر النعم . ومنها أن الله أرسل الرسل إلى الخلق مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس حجة بعد الرسل . وكذلك ذكر المؤلف الأحاديث التي فيها أن رحمة الله سبقت غضبه، ولهذا يعرض الله عز وجل على المذنبين أن يستغفروا ربهم، حتى يغفر لهم ولو شاء لأهلكهم ولم يرغبهم في التوبة . وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِن دَابَّةٍ وَلَكِن يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى ولهذا قال في الحديث الذي رواه مسلم، قال: لو لم تذنبوا لذهب الله بكم، ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم . وهذا ترغيب في أن الإنسان إذا أذنب، فليستغفر الله، فإنه إذا استغفر الله عز وجل بنية صادقة وقلب موقن، فإنه الله تعالى يغفر له، { قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } . ومنها أن النبي صلى الله عليه وسلم لما تلا قول إبراهيم عليه الصلاة والسلام في الأصنام: { رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } وقول عيسى: { إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ }، رفع صلى الله عليه وسلم يديه وبكى، وقال: يا رب أمتي أمتي فقال الله سبحانه وتعالى لجبريل: اذهب إلى محمد فقل إنا سنرضيك في أمتك ولا نسوؤك . وقد أرضاه الله عز وجل في أمته، بأن جعل لهذه الأمة أجرها مضاعفا، كما جاء في الحديث الصحيح: أن مثل هذه الأمة مع من سبقها كمثل رجل استأجر أجراء من أول النهار إلى الظهر فأعطاهم على دينار دينار، واستأجر أجراء من الظهر إلى العصر وأعطاهم على دينار دينار واستأجر أجراء من العصر إلى الغروب وأعطاهم على دينارين دينارين، فاحتج الأولون وقالوا: كيف تعطينا على دينار دينار ونحن أكثر منهم عملا وتعطي هؤلاء على دينارين دينارين فقال لهم الذي استأجرهم هل ظلمتكم شيئا ؟ قالوا: لا . إذا لا لوم عليه في ذلك ففضل الله على هذه الأمة كثير . وقد أرضاه الله في أمته ولله الحمد من عدة وجوه منها كثرة الأجر، وأنهم الآخرون السابقون يوم القيامة، وأنها فضلت بفضائل كثيرة مثل قوله عليه الصلاة والسلام: أعطيت خمسا لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي: نصرت بالرعب مسيرة شهر، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي . فهذه الخصائص له ولأمته عليه الصلاة والسلام . فالحاصل أن هذه الأحاديث التي ذكرها المؤلف - رحمه الله - كلها أحاديث رجاء، تحمل الإنسان على أن يعمل العمل الصالح يرجو بذلك ثواب الله ومغفرته
الشَّرْحُ
426 -