318 - وعنه رضي الله عنه أن رجلا قال يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني وأحسن إليهم ويسيئون إلي وأحلم عنهم ويجهلون علي فقال لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم الملل ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك رواه مسلم وتسفهم بضم التاء وكسر السين المهملة وتشديد الفاء والمل بفتح الميم وتشديد اللام وهو الرماد الحار أي كأنما تطعمهم الرماد الحار وهو تشبيه لما يلحقهم من الإثم بما يلحق آكل الرماد الحار من الألم ولا شيء على المحسن إليهم لكن ينالهم إثم عظيم بتقصيرهم في حقه وإدخالهم الأذى عليه والله أعلم
319 - وعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه متفق عليه ومعنى ينسأ له في أثره أي يؤخر له في أجله وعمره
320 - وعنه قال كان أبو طلحة أكثر الأنصار بالمدينة مالا من نخل وكان أحب أمواله بيرحاء وكانت مستقبلة المسجد وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخلها ويشرب من ماء فيها طيب فلما نزلت هذه الآية { لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون } قام أبو طلحة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إن الله تبارك وتعالى يقول { لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون } وإن أحب مالي إلي ببرحاء وإنها صدقة لله تعالى أرجو برها وذخرها عند الله تعالى فضعها يا رسول الله حيث أراك الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بخ ذلك مال رابح ذلك مال ربح وقد سمعت ما قلت وإني أرى أن تجعلها في الأقربين فقال أبو طلحة أفعل يا رسول الله فقسمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمه متفق عليه وسبق بيان ألفاظه في باب الإنفاق مما يحب
321 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: أقبل رجل إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم فقال أبايعك على الهجرة والجهاد أبتغي الأجر من الله تعالى قال فهل من والديك أحد حي قال نعم بل كلاهما قال فتبتغي الأجر من الله تعالى قال نعم قال فارجع إلى والديك فأحسن صحبتهما متفق عليه وهذا لفظ مسلم وفي رواية لهما جاء رجل فاستأذنه في الجهاد فقال أحي والداك قال نعم قال ففيهما فجاهد
322 - وعنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ليس الواصل بالمكافئ ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها رواه البخاري وقطعت بفتح القاف والطاء ورحمه مرفوع
323 - وعن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الرحم معلقة بالعرش تقول من وصلني وصله الله ومن قطعني قطعه الله متفق عليه
الشَّرْحُ
هذه الأحاديث في بيان فضيلة صلة الرحم وأن الإنسان الواصل ليس المكافئ الذي إذا وصله أقاربه وصلهم ولكن الواصل هو الذي إذا قطعت رحمه وصلها فتكون صلته لله لا مكافأة لعباد الله ولا من أجل أن ينال بذلك مدحا عند الناس قال النبي صلى الله عليه وسلم ليس الواصل بالمكافئ يعني بالذي إذا وصله أقاربه وصلهم مكافأة لهم وإنما الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها وكذلك أيضا في هذه الأحاديث أن الرحم متعلقة بالعرش تقول من وصلني وصله الله ومن قطعني قطعه الله وهذا يحتمل أن يكون خبرا وأن يكون دعاء يعني يحتمل أن الرحم تخبر بهذا أو تدعو الله عز وجل به وعلى كل حال فهو دليل على عظم شأن الرحم وصلتها وأنها تحت العرش تدعو بهذا الدعاء أو تخبر بهذا الخبر ثم ذكر المؤلف حديث الرجل الذي كان يحسن إلى قرابته فيسيئون إليه ويصلهم فيقطعونه فقال النبي صلى الله عليه وسلم إن كنت يعني كما تقول فكأنما تسفهم المل والمل هو الرماد الحار وتسفهم يعني تجعله في أفواههم والمعنى أنك كأنما ترغمهم بهذا الرماد الحار عقوبة لهم ولا يزال لك من الله عليهم ظهير يعني عون عليهم مادمت على ذلك أي تصلهم وهم يقطعونك فكل هذه الأحاديث وما شابهها تدل على أنه يجب على الإنسان أن يصل رحمه وأقاربه بقدر ما يستطيع وبقدر ما جرى به العرف ويحذر من قطيعة الرحم
324